تحذيرات العاهل السعودي للسفارات تثير ردود فعل واسعة
تركت كلمة العاهل السعودي الأخيرة التي وجهها لسفراء بلاده في اللقاء الأخير معهم أصداءً واسعة، وألقت بظلالها على ملف أداء السفارات في التعامل مع مواطنيها، وجاءت تلك الكلمة عناوين رئيسة لوسائل الإعلام ليس فقط المحلية بل والعالمية وتصدرت اهتمامات الكتاب والإعلاميين.
من جهته أكد الكاتب خلف الحربي أن كلمة خادم الحرمين الشريفين "تعكس فعلاً القصور الموجود في السفارات السعودية في الخارج"، مضيفاً أن هناك تقصير وعدم تجاوب، خصوصاً في الدول التي فيها مبتعثين من الطلاب، وأيضاً تلك التي تعتبر وجهات سياحية مفضلة، بالإضافة للدول الأخرى التي يقيم فيها عدد كبير من السعوديين. يحدث تجاهل وتباطؤ في حل مشاكل المواطنين، كما أن هناك فوقية أيضاً في التعامل برغم أن السفارات ما وجدت إلا لخدمة المواطنين".مضيفاً أن "تركيبة الهيكل الإداري في السفارات سواء الموظفين الصغار أو الكبار أو في الملحقيات مهمته التجاوب مع المواطنين، ويفترض بالموظف أن يشعر أنه يمثل وطنه في خدمة المواطن وكلمة الملك واضحة في هذا التوجيه، .. أنا شخصياً عرفت الكثير من الدبلوماسيين وعملت في الخارج في فترة ما، ففي حين يقوم بعض الدبلوماسيين بذلك بمبادرة شخصية نجد الغالبية يتعامل بفوقية ولا يبادر .."وأشار "الحربي" إلى جانب أنه لا ينبغي ربط تفاعل السفارات بالتحولات السياسية والنظرة نحو السعوديين، "بل يفترض بالسفارات خدمة المواطنين حتى لو لم يسجل المواطن اسمه عند وصوله بالسفارة. فهذا لا يعفي الأخيرة من ذلك .. المسألة مسألة ثقافة. يجب على الدبلوماسيين التسلح بالمبادرات الشخصية وهم أنفسهم قد يتعرضون لهذه المواقف .."، مؤكداً "إذا أردنا الصدق والشفافية، فإن أغلب السفارات لا تقوم بواجبها وكلمات الملك وضعت يدها على الجرح ".وختم الكاتب خلف الحربي حديثه بالقول "نتمنى أن تكون هذه الكلمة فعلاً نقطة تحول .. ومن ناحية ثانية أن تفتح المجال للتطرق الإعلامي حول مجال كان يفضل عدم الخوض فيه لاعتبارات عدة. الحقيقة هناك تقصير وبعض المسئولين في السفارة يتعامل وكأنه الوزير شخصياً" .الشفافية العالية .. إصلاحمن ناحية أخرى اتفقت ثلاث صحف سعودية في كلمتها أمس الخميس على أن كلمة العاهل السعودية في الاجتماع الثاني مع سفراء المملكة ضمن سلسلة لقاءات وزارة الخارجية السعودية حول الإستراتيجية القادمة للسياسة الخارجية، أن تلك الكلمة اتسمت بالشفافية العالية وأن "العتب" كان يوحي بقوة الملاحظات التي وصلت العاهل السعودية عن إغلاق بعض السفارات السعودية أبوابها في وجوه المواطنين أو تأخير حل مشكلاتهم في العديد من دول العالم.فمن جهتها قالت الجزيرة السعودية في افتتاحيتها الخميس 15-4-2010 أن حديث العاهل السعودي كان مباشراً وهو "يعاتب" السفراء بعدم الاهتمام بالمواطنين السعوديين في الخارج" .مضيفة أنه دلل على ذلك بإقدام بعض السفارات السعودية بإغلاق أبواب السفارات في وجوه المواطنين الذين يقصدون السفارة لمساعدتهم في حل مشكلاتهم.واستطردت الصحيفة أن خادم الحرمين الشريفين كرر للسفراء وموظفي السفارات أن مهمتهم الأولى هي "خدمة المواطنين". مشيرة إلى أنه "وللأسف الشديد هناك بعض السفارات لا تجد من موظفيها أي اهتمام للمواطن، حتى أنهم لا يكلفون أنفسهم إبلاغ السفير عن شكاوى المواطنين السعوديين، بل إن بعضاً من الدبلوماسيين في بعض السفارات يمتنعون حتى عن استقبال المواطنين السعوديين والتحدث معهم رغم حاجتهم للمساعدة".أما صحيفة الرياض التي كتب كلمتها يوسف الكويليت فقد أكدت استشعار الملك عبد الله للدور الناقص للسفارات في الخارج، مؤكدة أن الملك استشعر الدور الناقص للسفارات مما يعتبر بحسب وصف الصحيفة "نقطة سوداء".وأضاف "الكويليت" أنه "لا يستطيع أحد أن يقلل من دور وزارة الخارجية، ولا ثقافة وإمكانات سمو الأمير سعود الفيصل وتجربته الكبيرة في هذا الميدان، وإنشاء شبكة علاقات على مستويات كل الدول التي ترتبط دبلوماسياً مع المملكة، إلا أن التركيبة القديمة للعمل الإداري الذي لم تخضع للتغيير كبقاء بعض السفراء في مناصبهم رغم رحلة العمر الطويلة التي تتوجب الإحالة للتقاعد، أو وجود أفراد لا يتمتعون بذات الكفاءة، هو ما أثار الشكاوى من المواطنين وغيرهم " .من جهة ثالثة قالت الندوة في عددها الأسبوعي إن "(الشعب وخدمته) هي الوصية الثابتة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله في كل لقاء له مع المسئولين في أي موقع كانوا .."، مؤكدة أن حرص العاهل السعودي هو التأكيد للسفراء على أن "أي فرد من أفراد الشعب السعودي هو ابنه وأن تقدير واحترام الشعب أمر واجب".
وفي سياق متصل تفاعل الكثير من الكتاب في وسائل الإعلام المختلفة مع تحذير العاهل السعودي من التقصير في خدمة المواطن في الخارج. حيث كتب خالد السليمان في عموده بصحيفة عكاظ: "أتمنى أن تعلق كلمة الملك أمس الأول للسفراء على باب كل سفارة سعودية في الخارج لتذكر السفارات دائماً بواجباتها تجاه مواطني المملكة في الخارج" .فيما قال عبد الله الحكيم "إذا أعدنا قراءة الخطاب الملكي مرة بعد أخرى، فقطعاً سوف نلمس في لغة الملك تواصلاً مع سفرائه ومع أبناء شعبه.. ولنا بعد ذلك كله أن نستلهم من خلال لغة الحث، وليس لغة الأمر، إذ قال إليهم الملك صراحة: أرجو منكم أن تستعملوا مع شعبكم الذي أنتم منه الرقة وفتح باب السفارة لا إغلاقها".
من جهته ثالثة صدّر الكاتب محمد العثيم حديثه بجملة الملك عبد الله ( إياي و إياكم ) قائلاً: "انطلاقاً من هذا التوجيه الكريم فإن السفارات المتهاونة بما دون مستوى كرسي السفارة من شؤون، ومشاكل المواطنين السعوديين، عليها أن تصلح أوضاعها، وأن تفتح الباب لكل من حمل الجواز السعودي، وتتفهم قضاياه وبالأخص عندما يقع المواطن في ملابسات خطيرة، فإن كان المواطن مخطئاً فإن ذلك لا يعفي السفارة من القيام بأداء مهماتها، فالسفراء لم يرسلوا للبلاد الأخرى لتسهيل أمور المسئولين الزائرين" .أما الكاتب بالاقتصادية السعودية علي الشدي فيقول: "حينما يتحدث الملك عبد الله بن عبد العزيز عن شأن يتعلق مباشرة بمصلحة المواطن تحس الحزم في عباراته وكأنه والد يحرص على مصلحة أبنائه".مضيفاً "لو خصص السفير ساعة واحدة في اليوم لاستقبال المواطنين لانتهت كثير من الإشكالات التي يعانيها المواطن العادي المراجع للسفارة بسبب (الباب المغلق) والذي وصلت أخباره إلى أعلى قمة في القيادة ".مضيفا "و تبقى بعد ذلك همسة في أذن المواطن وهي ألا يسكت على أي تقصير من قبل السفارات بل يبلغ عنه حال عودته. وللحق نقول إن هناك من سفرائنا ومن العاملين في القسم القنصلي أيضاً من عرف بمكتب مفتوح ".من جهته يرى الكاتب الصحافي أحمد العرفج في حديثه "للعربية.نت" أن "كلمة الملك لم تأت من فراغ.. من المؤكد أن هناك حالات تقصير دون تعميم لكنها وصلت لدرجة تحذير الملك منها".مضيفا "مشكلة السفارات والسلك الدبلوماسي أن بعض الحالات جعلت منه محطة لبعض المسئولين الكبار الذين قدموا جهدهم في مناصب كبيرة، ثم حان رحيلهم فتم تكريم بعضهم بمناصب سفراء، وبعضهم لا يعرفه أحد حتى في البلد التي هو سفير فيها، بالمقابل هناك على العكس سفراء عظام يتابعون كل صغيرة وكبيرة".
