ثانية أعود إليها كغريب استوحش غربته وحنّت روحه لداره وأهله، ما الذي أسقطني في حبها هذه ـ الصنعاء ـ؟؟ كيف ستستقبلني في المرة الثانية؟ هل ستكون عذبةً، رحبة، صافية كما رأيتها أول مرةً ورأتني؟ خشيت ألاّ تكون قد اشتاقتني. أن تكون نسيت وجهي. صوتي، رقة مشاعري، وخطوتي التي لامست ترابها وعلق بعضه في تجاويف ملابسي. كيف لصنعاء أن تنساني. أنا التي تغرغرت بغيمها. تفيأت ظل جبالها. وشممت في أزقتها عطر أجداد أقدمين حملته معي وظل ينام في صدري. لن أخفي أمري. فقد كنت قلقة أن لا أجد وسادتي الأولى بانتظار زحام رأسي الذي تبدد عليها. هناك مثل يقول: «إذا تغيرت المخدة. تغيرت المودة» وقد لا تهديني صنعاء مخدة تشبه تلك التي توسدتها في زيارتي الأولى وشحنتها بتواريخ الأيام الجميلة ووعدتها أن أعود. هذا القلق الذي أحسسته ليس غريباً. فكل الذين يعشقون مدنا يكون للنظرة الأولى وهجها وسحرها. لكنه قد يبهت في الزيارة التالية لأن المدن لا تظل على حالها. يتغير وجهها بفعل التجديد والإضافات. هناك عمليات تجميل تُجرى على المدن كما على وجوه البشر وأجسادهم. فلا تكاد تعرف الملامح. ولا تتلمس عذوبة الروح فيها. ولا تجد حتى بعض ذكرياتك التي تركتها هنا. ودسستها هناك..
مثلاً: كانت بيروت أجمل المدن بالنسبة لي. عانقت طفولتي وصباي. لكنها تشوهت بالحرب ثم بنوها من جديد. تبدو الآن عروسة من الدرجة الأولى. لكنني انفصلت عنها بالروح.وأظل أبحث عن ـ تلك الدرجة العاشرة أو العشرين ـ التي استنشقت طعمها. وتذوقت عبيرها. وهكذا. وأنا أعود لصنعاء كنت قلقة أن أجد صنعاء قد تغيرت رغم أنني لم أغب عنها الاّ اشهراً قليلة. خشيت لسبب ما أن تكون خلعت رداءها البني المطرز بالآجر والجص الأبيض. أن لا أجد في أزقتها الضيقة بقايا الخطوات المتعبة. وأوراق الأطفال المتناثرة.
أن لا أجد ابتسامة الوجوه رغم شح الحياة وقسوتها. لكن صنعاء من دون كل المدن. ثابتةً راسخة لا تتغيّر ولا أهلها يتغيرون حتى لتتصور ـ كزائر ـ أن أحدهم لم ينظر إلى المرآة وأبقى على وجهه كما رأيته في المرة الأولى. حاملاً فرحه بك. محافظاً على صورتك داخل عينيه اللتين رأيت فيهما النظرة الخجلى ذاتها.. أو الحادة. أو البارقة بألوان السماء والطبيعة..
لا تلوموني. لو كتبت عن اليمن الشقيق بهذه العاطفة الحارة الصادقة. هذا البلد الذي ندمت أنه لم يكن على خارطة أسفاري كل العمر الذي مضى. ولهذا سبب غريب. إن أغلب البلدان التي زرتها. كانت رواسب التعب والمشاكل والهموم صغيرها وكبيرها تلاحقني، أحسها مندسة في تلافيف عظامي. توجعني. وتغض عليّ نومي. لكنني في اليمن أشعر بالسكينة. بالهدوء النفسيّ. فيه أتغلب على أوجاعي الجسدية التي تغلبني. يسترخي ذهني صافياً وكأنني أفرغته من كل زحامه وثقله. أشعر أنني خفيفة. حرة من كل شيء يعكّر مزاجي. ويفسد رغبتي في التأمل. إنه أشبه بالمستشفى «النفسيّ» الذي يحقنك بترياق عجيب.مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- رسالة الى تونسي و الشابي واهل تونس
- فنادق صنعاء واب الخضراء
- عائدات السياحة الأردنية تبلغ مليار دولار في أشهر
- تونس؟؟؟ تستاهل كلمة تونس الحضراء ولا؟؟ بصراحة
- المضياف للشقق الفندقية
- رحلتي الى دهوك شمال العراق
- ارجووو منكم المساعده
- عندما تناولنا غذاء نا فى مطعم كان زمـــان فى عمًــــان
- الوضع في صنعاء
- مطلوب معلومات عن ايران
- المقيم العراقي في السعوديه هل يحتاج فيزا إلى الأردن ؟
- جدول لمدة أيام
- تونس و ما رأيت الجزء الأول بالصور بعد التعديل
- الى الاحبة في الاردن
- التسوق في قطر
- سؤاا عن مكان في عمان ضروري الرد
- رحلتي إلى شيراز إيران
- الزي التونسي
- صور ساحره من مدينة طبرقة تونس
- ممكن حد من الاخوه يفيدنا
المفضلات