الموزاييك الدمشقي تحف فنية عريقة

**alifun** · 01-15-2015, 07:28 AM

الموزاييك الدمشقي تحف فنية عريقة وسعر القطعة بين 50 ألفاً و مليون ليرة2009-10-15

نوبلزنيوز: عندما تتجول في منطقة باب شرقي أو باب توما أو الحميدية أكثر ما يلفت انتباهك تلك القطع الفنية المميزة للموزاييك الدمشقي هذه الصناعة العريقة والقديمة التي تميزت بها دمشق منذ عام 1880 م واكتست بها بيوتها فأضفت عليها جمالاً لا تجده في أي صناعة أخرى.
ونظراً لروعة هذه الصناعة والتقنية العالية التي يتمتع بها الصناع الدمشقيون أكتسبت رواجاً كبيراً بين السوريين والأجانب وخاصة في موسم الأفراح.
وقال أحد الحرفيين في باب شرقي إنه يمارس هذه المهنة منذ 40 عاماً بينما تمارسها عائلته منذ 150 عاماً تقريباً لافتاً إلى أن هذه الصناعة تتكون من مادة الخشب الملون التي يتم الحصول عليها من اللوز والجوز والكمثرى والورد والليمون والزيتون والكينا والمشمش البلدي من أجل القشر والزان الذي يستخدم في الهيكل وليس في التطعيم ويتم تجميعها بأشكال ورسوم هندسية تتداخل مع بعضها لتعطي لوحة فسيفسائية جميلة.
وبين أن هيكل أي قطعة يتشكل من خشب الجوز المحلي، بعدها يتم تجهيز صفائح الموزاييك بأخذ قضبان خشبية منتظمة ذات مقطع مربع أو مثلث بطول وسطي25 سم تجمع ثم تشرح على شكل رقائق متعددة الأشكال ويتم لصقها على الهيكل بواسطة الغراء الطبيعي.
وأشار إلى أنه يستخدم أنواعاً متعددة من الخشب في صناعة رقائق الموزاييك كخشب الورد والكينا والليمون، إضافة إلى الصدف البحري الذي يأتي به من دول آسيوية عدة كاليابان وتايوان مؤكداً أن عمله يتم بشكل يدوي بالكامل والقطعة الواحدة تحتاج إلى أكثر من شهرين لتكون جاهزة.
وفي النصف الثاني من القرن الحالي طرأ على هذه الصناعة تطور هام بفضل صانع دمشقي يدعى جرجي البيطار الذي أصر على خلق الإيحاء الذاتي ودمجه بالعمل اليدوي والمتعة الحرفية والتقنية بصيغة مركبة تتداخل فيها العناصر اللونية والصدفية البيضاء والخشب المطعم والسطوح الملساء المصقولة انتظمت فيها الخطوط والأبعاد بطريقة فريدة بعدها استطاع صناع أخرون الارتقاء بها أكثر من خلال استخدام العظم والعاج بزخارفهم فزادت جماليتها في النفس.
وقال حرفي آخر في سوق الحميدية إن إقبال المواطنين على هذه الصناعة من جهة أخرى وزيادة الطلب عليها من قبل السائح الأجنبي والعربي أسهم بازدهارها وبدأنا بإنتاج روائع من التحف التي تدهش الناظر بدقتها وزخرفتها.
ولفت إلى أن هذه الصناعة لم تقتصر على إنتاج القطع الصغيرة بل أنتجت القطع الكبيرة مثل المكاتب وخزائن الكتب والكراسي والقلاطق وبات بإمكان المرء الحصول على أساس غرفة استقبال كاملة لافتاً إلى أن اللون الأحمر يوءخذ من خشب الورد والأصفر من خشب الليمون.
وأضاف أن عظام الخيل كانت تستخدم في السابق وكانت جميع هذه القضبان من أسرار المهنة اذ كان المعلم هو الذي يقوم بهذه العملية في سقيفة المصنع ولا يسمح لأحد بمشاهدته.
دوره أوضح الحرفي يوسف قسيس أن الموزاييك يختلف عن الأرابيسك لأن الموزاييك يتعامل مع أوجه ملساء مصقولة والأرابيسك بأوجه ورسوم نافرة ومصقولة ولكلا الفنين متذوقوه مشيراً إلى أنه يعمل في هذه المهنة منذ 30 عاماً ويستخدم الخشب البلدي والمستورد وتدخل الماكينة في ترتيب العمل بدقة متناهية لكن المرحلة الأهم في العمل تسمى الكولتي وهي آلية تطهير القطعة وبناء عليها يحدد سعرها فهناك قطع يتراوح سعرها بين 50 ألفاً والمليون حسب نوع القطعة وقدمها ودقتها وأحياناً تجد القطع الكبيرة والصغيرة بنفس السعر.
وأضاف أن هناك نوعين من الموزاييك لكل منها تاريخ معين فالنوع القديم هو الموزاييك الحجري أو ما يسمى المشقق الحجري عرف منذ نحو ألف سنة تقريباً وما زالوا الى الآن يعملون فيه ونشاهده في البحرات المزينة والأرضيات والصالات الكبيرة والمساجد أما الموزاييك الخشبي فهو المتعارف عليه حالياً ويتخلله مادة الصدف الطبيعي وعمره نحو ثلاثمئة سنة.
ولفت إلى أن طريقة العمل تحتاج إلى مهارة وتعتمد على الرسمة الأولى وهي الخطوة الأصعب إذ يتم العمل وفق الميول والأشكال الهندسية في الرسم على طريقة الخط العربي وتتوافر أحجام متعددة لعلب الموزاييك وأبرزها علب الخواتم الصغيرة وسعرها 30 ليرة والحجم الوسط يتراوح سعره بين 100 و150 ليرة لكن إذا أتى الشكل متداخلاً مع الصدف يتراوح السعر بين 200 و300 ليرة فيما يتراوح سعر صندوق للمجوهرات بدون صدف بين 300 و 500 ليرة إضافة لصواني الموزاييك التي غالباً ما تكون طقماً بثلاث أو خمس قطع يتراوح سعرها بين 400 و1000 ليرة بينما يتراوح سعر طاولات الزهر المصنوعة من الموزاييك بين 500 و10000 ليرة إذ تلعب طريقة التفنن والرسم ونوعية الصدف المتواجد على القطعة دوراً كبيراً في تحديد السعر.
ومن أجمل المنتجات طاولة البيزك وهي مركبة من أربعة أشياء طاولة زهر ورقعة شطرنج ورقعة لعب وغرف السفرة والصالون والمكاتب ويعد بيت نظام ومكتب عنبر وقصر خالد العظم والسباعي والقوتلي من أشهر البيوت الدمشقية المزينة بهذه المادة على الإطلاق.
وباتت هذه المهنة اليوم تعاني من صعوبات عدة أهمها عدم تسجيل العاملين فيها بالتأمينات الاجتماعية وتدهور أحوالهم الاجتماعية بعد أن دخل عليها التجار الكبار إضافة إلى عدم وجود جمعية حرفية تحميهم وتحافظ على هذه الصناعة من الغش بعد أن تم حلها منذ أكثر من عام .
سانا