قدس بلغاريا

درة البلقان وقدس بلغاريا تختال على
بقية المدن وتجمع بين الجمال والتاريخ والطبيعة.

تعد مدينة "فاليكو تيرنوفو" التي تقع على ضفاف نهر "يانترا" من اقدم واجمل المدن البلغارية التي تجمع فصولا تاريخية متعددة محفورة ومرسومة على صخورها الجميلة وسمائها ومياهها وهى تكاد تكون هدية من الطبيعة وغنية بتاريخها وحضارتها والمراجع الثقافية.
ومدينة "فاليكو تيرنوفو" هي ثالث اكبر المدن البلغارية واقدمها واول عاصمة لدولة بلغاريا القديمة وتقع على بعد 250 كيلو متر شمال شرق العاصمة الحالية صوفيا ويبلغ تعداد سكانها 74800 نسمة وترتفع عن سطح البحر بمائتين وعشرة مترا.
وقال استاذ التاريخ والحضارة البلغارى البروفسور بلامن بوتوشاروف ان اسم المدينة يعود في الاصل الى الكلمة السلافية "تيرن" ومعناها "الحصن" وحورها التراكيون الى "تيرنوفو" ثم اطلق عليها بعد تحرير بلغاريا من الامبراطورية البيزنطية "فاليكو تيرنوفو" أي "الحصن العظيم".
واضاف ان المدينة موروثة عن الثقافة التراكية التاريخية القديمة والتي تعود للعصور الوسطى ابان عهد الامة التراكية التي تمثل اقدم الامم والشعوب في منطقة البلقان والتي تعود اصولها الى اسيا الوسطى كما ان المدينة تعد مركزا للحياة السياسية والصناعية والثقافية للدولة البلغارية الكبرى في العصور الوسطى.
وذكر ان الموقع الجغرافي المتميز للمدينة قد اعطاها خصوصية استراتيجية على المستوى السياسي والعسكري والتجاري حيث تم انشاء المدينة فوق حوائط قلعية صخرية ضخمة في اعلى هضاب ثلاث "تسارفيتس" و"ترابيزيتسا" و"سفيتا جورا" اضافة لنهر "يانترا" المجاور وبذلك اصبحت احد اكبر المدن في منطقة اوروبا الشرقية ولتشتهر في الفترة ما بين القرن الـ 12 والـ 14 بـ "روما الثالثة" او "كوستانطيننوبول" الثانية (نسبة الى اسطنبول الحالية) او "القدس" البلغارية.
بينما يشير المؤرخ البغارى دانيل اسباروخوف الى ان اول اثار الحياة في مدينة "فاليكو تيرنوفو" والذي تم اكتشافه فوق احدى هضابها الثلاث يعود الى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد في العهد الذي اطلق عليه "العهد البرونزى" وان اول توطين سكاني في المدينة كان في القرن الـ 13 قبل الميلاد عندما وطأتها قوافل الامة التراكية الزاحفة من وسط اسيا والتي تعد اول الشعوب الذي سكنت واقيمت في هذه المنطقة.
واضاف المؤرخ اسباروخوف ان الآثار الاخرى التى تم اكتشافها بعد مرحلة الامة التراكية كانت تعود للقرن الثاني قبل الميلاد للامبراطورية البيزنطية والتى انتشر سكانها فوق الهضاب الثلاث للمدينة وقاموا بتحويلها الى مركز تجارى وادارى واطلقوا عليها مع بداية القرن الخامس وحتى نهاية القرن السابع اسم "زيكيديفا" والتي اصبحت اكبر المدن للامبراطورية البيزنطية في المنطقة الاقليمية.
وقال استاذ التاريخ في جامعة صوفيا البلغارية البروفسور يوردان بييف ان احدى جوانب اللمسات الجمالية في المدينة كانت تتمثل في الهندسة المعمارية التي اسست بها العدد الكبير من الكنائس التي انتشرت فوق هضابها الثلاث وكانت ابرها كنيسة "سفتي ديميتر" والتي اتخذها الاخوان حسن وبيتر مقرا ليقودا منه الانتفاضة الشعبية الناجحة لتحرير بلغاريا من السلطات البيزنطية عام 1187 م.
وبعد عام من التحرر تم اعلان المدينة عاصمة للدولة البلغارية الكبرى لتتحول خلال القرنين الثالث والرابع عشر الى مركزا سياسيا واداريا واقتصاديا وثقافيا هاما في اوروبا وشهدت نهضة متطورة في الصناعات اليدوية مع انتعاش تجارى وتطور في الجمال العمراني حتى سقطت المدينة مرة اخرى في 17 يوليو 1393 تحت الاحتلال العثماني.
وقال البروفسور بلامن بوتوشاروف انه بعد تحرر المدينة من الاحتلال العثماني في السابع من يونيو عام 1877م عادت المدينة مرة اخرى الى نهضتها الثقافية والتجارية والاقتصادية وعقد فيها اول اجتماع لاول برلمان للدولة البلغارية والذي اقر في 16/4/1879م اول دستور وصف بأنه اكثر الدستاتير ديمقراطية في هذا الوقت واطلق علية "الدستور التيرنوفي" نسبة للمدينة.
وعلى الرغم من انه بعد توحيد شطري بلغاريا عام 1885م قد تم اختيار مدينة صوفيا عاصمة جديدة لبلغاريا الكبرى الموحدة الا ان "فاليكو تيرنوفو" ظلت وبقت رمزا للنضال والجمال والنهضة البلغارية حيث ان اغنى ما في هذه المدينة هو تاريخها الذي سجل لها دورها الهام في كونها كانت مركزا للنهضة السياسية والثقافية والاقتصادية لبلغاريا اليوم.

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: