أتمنى أن تتخيلوا المشهد كالتالى...
51 معتمر , من الاردن نصفهم من النساء جاءوا للعمرة بالطائرة ضمن مجموعة حجزت بفنادق خمس نجوم....
وبالتالى كانت هذه المجموعة مقتدرة ماليا ومثقفة وجلها من الناجحين باعمالهم الخاصة والمعروفة والمشهورة
محلاتها ومكاتبها بعمان والزرقاء مع عائلاتهم.....
وكان نصفهم فوق الخمسين من العمر والباقى بسن الثلاثين والاربعين من الشباب وزوجاتهم.....
وتجمعوا وركبوا باص لنقلهم من الفندق بمكة المكرمة للفندق بالمدينة المنورة , حيث أنهم أدوا العمرة بحمدالله
بعد وصولهم لجدة ومن ثم لمكة المكرمة ومكثوا خمس أيام بليالهن للعبادة والنسك....
والباص حديث والمكيف ممتاز والقرآن يصدح بأرجاء الباص والمعتمرين نفسياتهم وروحانياتهم رائعة نتيجة للحظات
العميقة التى تأثروا بها بالاجواء الروحانية التى تعم المدينة المقدسة....
هذا من طرف , والطرف الثانى سائق الباص المصرى الجنسية الاسمر الذى تدل سحنته أنه من الجنوب أى الصعيد
وابتسامته تدل على طيبته وسهولة معشره...
وبموعد انطلاق الباص تأخر قليلا كالعادة لبعض التأخير من هنا وهناك....
ولما جهزت الامور وحانت ساعة الانطلاق نحو مدينة الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم , طلب مشرف الرحلة
الغير مسافر معنا من السائق الانطلاق على بركة الله.... , وهنا طلب السائق انتظار سائق زميله بالفندق المجاور
ما زال باصه لم تكتمل أموره كى يسافران معا كما حضرا معا...
وهنا أصر المشرف على انطلاق الباص بالفور وعدم الانتظار ونزل المشرف من الباص وانطلق السائق على مضض...!
وهنا تبدأ المفارقات بعد تخيل المشاهد السابقة....
السائق يسير بالباص بسرعة بطيئة للغاية نتيجة عدم رضائه من الامر الصادر له....
المعتمرين حديثا (طازجة ! ) والمثقفين والقرآن يصدح بالاذان , لم يتحملوا الاستفزاز الناشىء من السائق
ولم تكن هناك فترة تصاعد للموقف نتيجة الحالة الروحانية الممتازة , بل الشرار انطلق بالفور....!!
فانطلق الجميع بالصراخ والوعيد والتهديد بالشرطة والشركة والاتصال على المشرف بالصراخ العالى...
والسائق عند أول شرطى أوقف الباص وطلب من الجميع النزول للشكوى لسيارة الشرطة , التى بالطبع أيدت
تصرف السائق لانه يسير حسب القوانين بسرعة 80 كم/ بالساعة وذلك للمحافظة على أرواح وسلامة الركاب...!!!
ورجع الركاب من الشرطة أكثر احتقانا من البداية والكل متضايق وبدأ أحدهم بمحاولة التهجم على السائق وضربه
والكل يهدد ويشتم والنساء تحرض...!!!
وحاولت من طرفى تهدأة الناس فلم يفلح فالتزمت الصمت وراقبت الموقف...!!
لماذا هذان الطرفان لا يصلان للتفاهم رغم الظروف الملائمة للتفاهم...؟!!!
من الروحانيات العالية والاجواء المحيطة والقران يقرأ على مسامع الجميع ونوعية الناس الغير عادية....!!
فقررت التدخل وذهبت للسائق وجلست بجانبه وقلت له...
هل تعلم أن ابتسامتك جميلة ؟ فشكرنى...
وقلت له ما اسمك ؟ قال محسن... فقلت محسن وتفعل هذا ؟!!
قال : أنا أقود حسب القوانين والانظمة...!! وانظر للعداد...
قلت له: دعنى من العداد والانظمة والشرطة والشركة والمشرف ومن الركاب حتى....
أنا أريدك أن تعامل الله وأن تتقى الله وأن تخزى الشيطان من نفسك وتنسى ما قال الناس والركاب وتخلص
النية لله وتنطلق ما يمليه عليك ضميرك وتحسن للناس بما يرضى الله واكسب الاجر بصيامك وصيامهم وأنت محسن...
فأنا سأعود لمقعدى وأظن أنك ستفعل ما يرضى الله عنك ....
فقال كلامك جميل وإنشاءالله خير...
وفعلا لحظات وانطلق بالباص كما يجب أن ينطلق....!
فهل هناك عجز عن أسلوب التواصل مع الاخرين خاصة بالازمات حتى ونحن بالمزاج العالى والرائق...؟!!!

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: