الحلقة الثامنة
فما كان من صاحبي صاحب ( التاكسي ) إلا أن قدم إعتذاره الشديد , وأسفه البالغ
عما بدر منه , تجاهي أن كان أساء إليّ , فقلت له : حصل خير .
يوجد الصالح والطالح في كل بلاد الدنيا , والشقي والتقي , وأخبرني أنه لم يسبق له زيارة المملكة , فوجهت إليه دعوة مفتوحة يحددها هو متى شاء في أي وقت يشاء , على حسابي الخاص لمدة خمسة أيام , أفرغ نفسي خلالها له , بجولة سياحية لبعض مدن المملكة الرئيسية , وعلى سيارتي الخاصة , كمكة والمدينة والرياض والدمام , وادعوه لزيارات اجتماعية , ليرى حياتنا الإجتماعية , عن قرب
فتوادعنا بوعد منه أن يفكر بالموضوع بشكل جدي , وكنت قد أعطيته عنواني وهاتفي بالرياض , ولكنه لم يتصل , ربما صار عنده ظرف او بدا له أمر , عموما ارجو أن يكون بخير وصحة وعافية , ثم إني تجولت في منطقة حلبوني وفي مكتباتها وهي تعج بالناس من طلاب علم ومثقفين , فدخلت في مكتبة البيروتي ووجدت صاحبها جالسا فيها يتصفح له كتاب , وكان عمره في الخمسين , ويجلس على مكتبة المحاسبة شاب في العشرين من عمره , فسلمت عليهما , فردا السلام عليّ ورحبا بي , فسألت الشاب عن ديواني شعر , الأول للطغرائي , والثاني لمعروف الرصافي , الشاعر العراقي , فأتاني بالثاني ولم يأتني بالأول , وكنت شديد الحرص على ديوان الطغرائي , فشعر بأني حريص عليه , فنظر في وجهي قائلا :
يبدو أنه عزيز عليك يأستاذ , فقلت : نعم .
فقال : صاحب المكتبة , ابحث له عنه عند جارنا , فذهب وجلت انا في المكتبة وأخذت اتصفح الكتب , فما شعرت بالوقت إلا والشاب يقف عندي مبشرا بأنه وجد
نسخة مصورة , أي مجرد اوراق موضوعة بعضها فوق بعض فشكرته على ما قام به , من مجهود , وشكرت صاحب المكتبة وكانت فرحتي عظيمة بلقيا هذا الكتاب .
فعدت عند المساء بعد جولة مرهقة , إلى تربة الدحداحة مقر إقامتي منهك القوى
فأخذت دشا باردا , حتى استرد بعض نشاطي , لأستعد للجولة المسائية السياحية
حيث يبقى الإغراء في جبل الشموخ قاسيون , وجلساته الحميمية , الرائقة
وهو يطل على الشام ( دمشق ) في منظر بديع خلاب للألباب تبارك الله أحسن الخالقين .
إلى في الحلقة القادمة وهي الأخيرة .
المفضلات