+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 120 من 156

الموضوع: وشربت من نيلهــا

  1. #61
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485









    khd7sas
    مشاء الله علي اسلوبك في السرد
    اخذت اقراء بنهم واتمعن في الكلمات والمعاني وكانها شريط ذكريات صورتيه وسرتيه لنا .
    لا زلت في الصفحة رقم 2 وانا استمتع بما قرأت واترقب الباقي فاذا كانت هذه البدايه فالبقيه لا تقل جمالا بل تكون مسكا .
    حمدا لله علي سلامتك في حلك وترحالك .
    ارجع لاستمتع بما يغذي ذهني ومخيلتي ويرشبع عيني ..



    الحمدلله الّذي يوفّقني إلى أرضائكم وإمتاع أذهانكم بحلو السّرد، وأهلاً بك متابعًا جديدًا للموضوع...
    حفظك الله.






    ALHARTHE2002
    ما شاء الله تقريرك رائــع والصور أروع



    وتعليقاتكم والله أروع

    تحيّاتي إلى جميع من لم يسطّر رأيه بعد...

    فنادق عطلات



  2. #62
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    مسافر مع ابوه
    مبروك على تثيبت الموضوع -وان جاءت متأخرة-
    حلقة اليوم مشوقة
    كما هي الحال مع سابقاتها من الحلقات الاخرى
    في انتظار بقية روائع لبناننا
    متـــابع بشغف




    بارك الله فيك وأهلاً بتواجدك الدّائم...

    الجزء الجديد يُطْبخ على نار هادئة فتابعني :222:

    فنادق عطلات


  3. #63
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مبارك لك تثبيت الموضوع الذي يفيد بلا شك كل قاريء راغب بالإستفادة ...

    متابعين لك حتى النهاية التي نتمنى أن لا تكون قريبة :101: ...

    إلى الأمام :113: ...




    فنادق عطلات


  4. #64
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مساء الفل

    لا لا لا لا

    دا الموضوع كبير

    باين كبير أوي

    والزلزال الي بيحصل لنا

    كل يوم

    مش ممكن

    داحنا

    ادمنا تقارير ليالينا

    ليالينا

    مابتنزلش تقارير

    لا

    ياخوانا

    ليلتك فل

    فنادق عطلات


  5. #65
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    استمتعنا معاك الله يعطيك العافيه

    فنادق عطلات


  6. #66
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    :smile002:

    لمْ أصدّقْ ما أبصرَتْهُ عيناي، لِذَا أخضعتُهما لعمليةِ فركٍ متواصلٍ، علّني أنجحُ في إزالةِ هذِهِ الغمامةِ الّتي صوّرَتْ لهما ما لا يمكنُ تصوّرُه. وبعدَ الفرْكِ، الإغلاقِ والفتحِ، التّحديقِ والتّغاضي... ظلَّ ما أمَامِي هَوَ هَوَ، وَلَمْ يتغيّرْ فأيقنْتُ حينَها أنّني دخلْتُ زمنًا ليس بزمنِي، فشرعَتْ دموعي تنهمرُ متقطّعةً كأنّها تجهلُ سبب نزولِها؛ أهيَ فرحتِي بِما أنا فيه، أمْ خوفِي على ما أنا فيه، أمْ صدمتِي ممَا أنا فيه!!!

    :suprise:

    خرجَ صوتي ترافقُه بحّةٌ، وسؤالِي تساندُه غصّةٌ: أأنا في حضرةِ ثاني ملوكِ الأسرةِ الرّابعةِ في مصرَ القديمةِ؟ أأمامَ " خنم خواف لي" أي "المعبود خنوم الّذي يحميني"؟؟ أمحظيّةٌ أصبحْتُ من محظيّاتِ ابنِ قريةِ "منعت خوفو" أي "مرصّعة خوفو" وبلدة "بني حسن" حاليًّا؟؟؟ أسجينةُ من أرسلَ البعثاتِ قديمًا إلى "وادي المغارة" لإحضارِ الفيروزِ؟؟؟؟ أأتكلّمُ مَع مَنْ حكمَ طبقًا لبردةِ "تورين" حوالي ثلاثٍ وعشرينَ سنة امتدّتْ من 2590 و2568 ق.م.؟؟؟؟؟

    :36_1_44:

    ثمَّ وجدْتني وجهًا لوجهٍ أمامَ السؤّالِ الأصعبِ، فكدْتُ أبتلعُ لسانِي وأنا ألفظُ كلماتِي هذهِ: أَأُخاطِبُ الملكَ خوفو باني "أخت خوفو" أي "أفق خوفو" أضخمِ بناءٍ حجريٍّ في عصرِه، الهرمِ الأكبرِ في منطقةِ الجيزةِ عام 2650 ق.م.!؟!؟!؟



    وسقطْتُ مغشيّةً عليَّ، ولم أستعدْ رُشدِي إلاَّ على صوتٍ أجشَّ يأمرُ حرّاسَه بحملِي إلى غرفةِ التّحقيقِ لأخذِ أقوالي في تهمةٍ أضحكَتْ سنِّي على رغمِ دقّةِ الوضعِ الّذي أنا فيه!
    توجَّه إليّ الملكُ خوفو والعبوسُ يتصدّرُ وجهَه بالكلامِ قائلاً:

    - ماذا تعرفينَ عن الهرمِ الأكبرِ؟
    - عفوًا ولكنْ من أَجَازَ لَكَ أن تختطفَنِي، ومِن ثَمَّ تستجوبَنِي بأسئلةٍ تاريخيّةٍ لا تقدّمُ معرفتي بها ولا تُؤخّرُ؟ ومن أينَ ظهرْتَ، وكَيفَ عدْتَ إلى دنيانا؟!
    فمَا كانَ منه إلاّ أن عالجَني بضربةٍ من صَوْلَجَانِه اهتزّتْ لها أوصالِي، فأدركْتُ حينَها مقدارَ الورطةِ الّتي وقعْتُ فيها، وجِدّيةَ المأزِقِ الّذي يكبّلُ وجودِي...

    :36_6_7:

    - ماذا تعرفينَ عن الهرمِ الأكبرِ في الجيزةِ؟ عادَ صوتُه يرنُّ في أذنيّ ودوارٌ رهيبٌ أصابَني، فتمالكْتُ نفسي ووقفْتُ من جديدٍ وأذْعَنْتُ لإصرارِه، وَأنَا مأخوذةٌ بلحيتِه المستعارةِ الّتي تُحملُ على ذقنِه ويربطُها خلفَ أذنيْهِ، رمزِ قوّتِه وسِمةِ إلَهيتِه، مجيبةً إيّاه:

    درسْتُ في مادّةِ الرّياضيّاتِ أنّ الهرمَ (Pyramid)، هو شكلٌ هندسيٌّ كثيرُ السّطوحِ، وأحدُ أوجهِه مضلّعٌ، يُسَمّى قاعدةَ الهرمِ. والهرمُ النّاتجُ عن ربطِ زوايا قاعدةٍ رباعيّةِ الأضلاعِ بنقطةٍ واحدةٍ تُسَمّى القمّةَ، والشّكلُ الأشهرُ للقاعدةِ هو القاعدةُ المربّعةُ.



    - أنا ما قصدْتُ تعريفَ الهرمِ بشكلٍ عامٍ إنّما أقصدُ الهرمَ الأكبرَ في الجيزةِ؟
    - فأردفْتُ قائلةً:
    الهرمُ الأكبرُ يمتدُّ مساحةَ خمسةِ "هك" (ضلع 231م) ويتكوّنُ من حوالي 2,3 مليون قطعةٍ حجريّةٍ تزنُ بَيْنَ طنّينِ وثلاثةِ أطنانٍ، فِي حينِ يصلُ البعضُ الآخرُ إلى أربعينَ طنًّا...



    فصدرَتْ عن "كيوبس"، أي الملكِ خوفو زفرةٌ تردّدَ صدَاها بين أقبيةِ السّردابِ، وصرخَ بِي:
    - لقد عيلَ صبرِي منكِ يا فتاةُ... أخبرينِي ماذا تعرفينَ عن الهرمِ الأكبرِ في الجيزةِ؟؟؟
    وعندمَا لمحْتُ أنيابَه الّتي كشّرَ عنها معلنًا الشّرَّ، جلْتُ سريعًا في خبايا عقلِي علَّنِي أهتدِي إلى مقاصدِه، وأنَا أقرأُ في سرِّي الآيةَ الكريمةَ:

    {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ويَسِّرْ لي أمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} طه25،،،

    :suprise:

    والله قريبٌ يُجيبُ دعوةَ السّائلِ متى دعاهُ... فمَا كانَ منْهُ سبحانَه إلاّ أنْ أنارَ بصيرتِي وأطلقَ لسانِي إلى ما فيهِ سلامتِي، فأَسْنَدْتُ طولِي، واستجمعْتُ شجاعتِي، لأطلقَ نظرِي مباشرةً في وجهِ الملكِ خوفو:



    - أعرفُ أيُّها الملكُ المنبعثُ إلى الحياةِ من جديدٍ، أنّكم قومٌ كنتم تؤمنونَ بالحياةِ ما بَعدَ الموتِ وبعودةِ الرّوحِ بعدَ حِيْنٍ... لذلكَ بنيتُمُ الأهراماتِ كمقابرَ ومدافنَ لبعضِ فراعنتِكم مِمَّنْ راقبوا شروقَ الشّمسِ وغروبَها فاستنتجُوا أنَّ الشّرقَ هو البعثُ وأنّ الغربَ هو الموتُ، لذا شيّدْتمُ الأهرامَ غربًا، وذلكَ تسهيلاً لعودةِ أرواحِكم كلَّ مساءٍ لتتجدّدَ مَعَ كلِّ صباحٍ وهكذا دواليْكَ...



    - وكنْتم تدفنونَ الفرعونَ في غرفةٍ بيضاويّةِ الشّكلِ بدايةً، ثُمَّ تطوّرَتْ لتصبحَ غرفةً تتّسعُ لجثمانِهِ، تحوطُها أغراضُه الشّخصيّةُ من مأكلِه ومشربِه وكنوزِه وغيرِها، حتّى إذا ما عادَ إلى الحياةِ وجدَ ما يقتاتُ منْهُ ليصبِرَ على عمرِه الجديدِ...



    وأعلمُ أيضًا أنّكمُ اعتبرْتمْ أنفسَكُمُ الآلهةَ في حياةِ المصريّين القدامى؛ أنتمُ الفراعنةُ مَنْ تبنونَ و تشيّدونَ، وأنتمُ الّذينَ تحكمونَ بين النّاس، وتنظّمونَ الحياةَ الاجتماعيّةَ،،، إذًا أنتمْ المسؤولونَ عن إدارةِ حياةِ الأفرادِ، رغمَ أنّكم تكلّفونَ مَنْ ينوبُ عنكمْ فِي تصرِيفِ هذه الأعمالِ... كلٌّ بحسَبِ مهمّتِه وقدراتِه...



    كنْتُ أُسهبُ في الكلامِ، والملكُ خوفو يعتلِي كرسيَّهُ الذّهبيَّ ويسْرحُ بنظرِه هنا وهناكَ وهنالِكَ، دونَ أن يلتفتَ إليّ، فاستنتجْتُ أنّني بعدُ لمْ أصلْ إلى بيتِ القصيدِ الّذي من أجلِه تمَّ اختطافِي واستجوابِي، وأحسسْتُ أنَّ الأرضَ تلفُّ بي دوراتٍ سريعةً تكادُ تتخطّفُ نبضَ قلبِي...

    :36_1_17:

    وأَضَفْتُ: ونحنُ أيُّها الملكُ، نعجبُ من نسبةِ ذكائِكم في تصّورِ الأمورِ... وخيرُ دليلٍ على كلامِي اختيارُكُمْ شكلَ الهرمِ لاعتقادِكم بأنَّه يسهّلُ عمليةَ صعودِ الرّوحِ إلى السّماءِ... فاسمحْ لي أنْ أنحنيَ أمامَ فكْرِكُمْ وذكائِكُمْ وعلومِكُمْ وحساباتِكُمْ كما معتقداتِكم الّتي لأجلِها وُجِدَتْ تلكَ الآثارُ الخالدةُ شاغلةَ بالِ علمائِنا، ومؤرّقةَ مضاجِعهم...

    :36_1_6:

    وإذا ما انحنيْتُ أمامَ عقولِكم فأنا أنحني أمامَ صلابتِك أنتَ دونَ غيرِك، وأمامَ دماغِك الفتّاكِ الّذي فتكَ بقدرتِنا على استيعابِ فكرِك، وألهانَا بدراسةِ أعجوبتِك منذُ وفاتِك إلى اللّحظةِ الّتي أقفُ فيها بيْنَ يديكَ، ولم نصلْ إلى رأيٍ قاطعٍ ولا فيصلٍ في كيفيّةِ بناءِ هرمِك أيُّها الهرمُ الخالدُ بخلودِه...

    :36_6_2:

    تنحنحَ الملكُ خوفو وتلاطمَتْ طيّاتُ خدّيهِ وانبعثَتْ منه رائحةُ غرورِه طربًا لمديحِي فانتهزْتُها فرصةً للنّجاةِ بروحِي مضيفةً:

    - نقوشُكمُ الّتي وصلتْنا والّتي عملْنا على فكِّ طلاسِمها أخبرتْنا أنّك أمرْتَ ببناءِ هذا الهرمِ الجبّارِ، وبعضُ المؤرخينَ أخبرونَا أنَّ عمليةَ البناءِ استمرّتْ قرابةَ العشرينَ عامًا، بالإضافةِ إلى عشرِ سنواتٍ صُرِفَتْ في بناءِ الممرّاتِ السّفليّةِ وَأَجْزَائِهَا...



    يَا لَهَذَا الابداعِ وهذه الهمّةِ! ويا لَبطشِك بأرواحِ الآلافِ ممن قَضَوا وهم يَسْحبونَ الحجارةَ العملاقةَ ذاتَ الأطنانِ، والّذينَ تنتشرُ مقابرُهم حولَ الهرمِ كيفَما تجوّلْنَا حولَه! فلا يسعُنا إلاَّ الوقوف للحظاتٍ ملجومي الألسنةِ أمامَ أرواحِهم المبدعةِ وسواعدِهم الشّمشوميّةِ...



    بربِّكَ سيّدي أخبرْني كيفَ استطعتُم جرَّها وايصالَها إلى مكانِها المناسبِ ورصَّها بهذهِ الطّريقةِ المتْقنَةِ البديعةِ الغريبةِ العجيبةِ!!؟؟ فأنا مُذْ وقفْتُ تحتَ أقدامِ هرمِك تملّكَني شعورٌ بالهتاف عاليًا: كيفَ تمَّ هَذا؟ ولماذا؟



    ضربْتُ على رأسي أحاولُ إيقاظَ عقلِي من سُباتِه، أحاولُ استثمارَ نِسَبِهِ غيرِ المستخدمةِ لحلِّ هذه المعضلةِ الّتي أتعبَني غموضُها! حجارةٌ من هنا وهناكَ!



    باللهِ عليكَ كيفَ أتتْكَ الفكرةُ باستجلابِ حجارةِ الكساءِ الخارجيِّ من منطقةِ جبلِ طرّه والحجارةِ الجرانيتيّةِ المستخدمةِ فى الغرفِ الدّاخليّةِ من محاجرِ أسوانَ؟ وكيفَ كنتُم تنقلونَها على ضخامتِها



    وكمْ واحدةً كنتم تحملونَ في اليومِ الواحدِ؟ وكم رجلاً كانَ يقضِي نحبَه كلَّ غروبٍ؟ وكمْ؟ وكمْ؟ وكمْ؟ أصحيحٌ أنّكم كنتم تأتونَ بها عن طريقِ نهرِ النّيلِ الّذي كانَ يصلُ إلى منطقةِ الهرمِ في ذلكَ الوقتِ!



    وللمرّةِ الأُولى، ابتسمَ خوفو ابتسامةَ النّصرِ أمامَ جهلي ولهفتِي، وتنحنحَ استعدادًا للكلامِ مفتتحًا مداخلتِه بنهرِيْ وبقوّةٍ:

    :36_6_8:

    - أَوَلَسْتِ من يُشيعُ بوجودِ كائناتٍ فضائيّةٍ ساعدَتنا في بناءِ الهرمِ؟ أولسْتِ المسؤولةَ عن إشاعةٍ مفادُها أنَّ الهرمَ هبطَ على أرضِنا على شكلِه الحاليِّ؟؟ أوَلمْ تُشكِّكِي بقدراتِ شعبي وسواعدِ بُناةِ الهرمِ؟؟
    عندئذٍ، وعيْتُ السّببَ الرّئيسيَّ الكامنَ مِن اختطافِي، والتّحقيقِ معِي، وسؤالي عن معلوماتِي عن الهرمِ وبانِيهِ...
    نعَم لقد ساءَ خوفو ما سمعَه من أفكارٍ حائرةٍ تطايرَتْ شذراتُها من عقلِي العاجزِ عن الوصولِ إلى رأيٍ حاسمٍ في مَا سَبَق. فما كانَ من كرامتِه إلاّ أن استُفزَّ فأمرَ باقتيادِي مرغمةً لا طواعيّة...



    بعدَما فهمْتُ الأمرَ، تمدّدَتْ أعصابِي المتشنّجةُ، وتدحرجَتْ دموعِي الصّادقةُ وبادرْتُه بالأسفِ، مبرّرةً إساءتي له عن غيرِ عمدٍ، إنّما لعجزِ بصيرتِي عن فهمِ كُنْهِ هرمِهِ...

    - اسمعِيني واصغِي إليَّ: كانَتِ الحجارةُ تُقطَعُ وَتُفْصَلُ عن بعضِها، عن طريقِ ثَقْبِ فتحاتٍ على مسافاتٍ متقاربةٍ في قطعِ ِالحجارةِ المرادِ قطعُها. ثمَّ يتمُّ دقُّ بعضِ الأوتادِ الخشبيّةِ فيها، والطّرقُ عليها مع بلِّها بالماءِ، وكلَّما تشرّبَ الخشبُ بالماءِ، ازدادَ حجمُه داخلَ قطعةِ الحجرِ. ومَع استمرارِ الطَّرْقِ عليها، تنفصلُ عن بعضِها، فيتمُّ تهذيبُها وصقلُها باستخدامِ نوعِ حجرٍ أقوى مثلِ الجرانيت أو الدّيوريت.



    ثُمَّ أضافَ: وكنّا نستخدمُ طريقًا رمليًّا لبناءِ الأهراماتِ حيثُ تُوضعُ قطعُ الحجارةِ على زحافاتٍ خشبيّةٍ أسفلها جذوعِ النّخلِ المستديرةِ تعملُ كالعجلاتِ ويتمُّ سحبُ الزّحافاتِ بالحبالِ والثّيرانِ مع رشِّ الماءِ على الرّمالِ لِتَسْهُلَ عمليةُ السّحبِ، وكلّما زادَ الارتفاعُ، زدْنا في الرّمالِ حتّى قمّةِ الهرمِ... ثُمَّ يتمُّ كساءُ الهرمِ بالحجرِ الجيريِّ الأملسِ من أعلى إلى أسفلَ، وإزالةُ الرّمالِ تدريجيًّا.



    فلمْ أشعرْ بيديَّ إلاّ وهي تصفّقُ بقوّةٍ على ما سمعْتُه من خوفو، ولم أتوقّفْ إلاّ بعدما رأيْتُ العُبوسَ يعترِي وجهَه...
    - اعذرْني أيُّها الملكُ، لكنّني أعجزُ عن تقبّلِ هذا المشهدِ الّذي يعودُ إلى سبعةِ آلافِ سنةٍ، فلو كانَ في يومِنا -هذا مع وسائِلنا المتطوّرةِ- لكانَ الأمرُ أقلَّ من عاديٍّ، لكنّك تتكلّمُ عن عصورٍ مضَتْ، حيثُ لم يكنْ للتّكنولوجيا بعدُ أيُّ أثرٍ ولا لوسائلِ البناءِ المتطوّرةِ أيّةُ حياةٍ!!



    - أنتِ فتاةٌ لا تستحقِّينَ المثولَ أمامِي، ولا أن أصرفَ وقتي على محادثتِك لأنّك بعدَ كلِّ ما تقدّمَ، ما زلتِ تشكّكينَ بقدراتِنا المهولةِ الّتي أعجزتْكم، أيُّها القومُ المبدعونَ فقط بهندسةِ الحروبِ وإبادةِ الشّعوبِ!
    تناثرَتْ حُبيباتُ خجلِي، واعتلَتْ جبينِي ورقبتِي، فأنا أعلمُ بيني وبينَ نفسي أنَّ أقلَّ تفصيلةٍ من تفاصيلِ ذاك البناءِ هي في حدِّ ذاتِها أعجوبةٌ؛ فواجهاتُه الأربعُ تواجهُ الجهاتِ الأصليّةَ، وحجارتُه ثُبّتتْ بتفريغِ الهواءِ في مَا بينها...



    فإنْ قلْتَ برعوا في الهندسةِ، فهذا قليلٌ. وإن قلْت برعوا في علمِ الحسابِ والفلكِ، فهذا ظلمٌ، بل قلْ برعوا في علمِ الحياةِ والإعجازِ وبرعوا في شغلِنا ببراعتِهم، وبرعوا في لفِّنا بِحَيْرَةٍ ما بَعْدهَا حَيْرة...
    - حضرةُ الملكِ خوفو لِمَ لمْ نعثرْ لكَ على تماثيلَ تمجّدُ عظمتَك على غرارِ خلاّنِك، ما عدا تمثالاً عاجيًّا صغيرًا لم يبلغِ الحُلمَ، بل وصلَ إلى 7.5سم تقريبًا؟؟
    - لأنّني آثرْتُ أنْ أبقى غامضًا لأشحذَ مخيّلاتِكم في تصوّرِي جبّارًا على شاكلةِ هرمِي، عظيمًا كَعَظَمَتِهِ...



    - يا لَغطرستِك وعنجهيتِك! أوَلا يكفيكَ أنَّك أجبرَتْ من يدخلُ عليكَ سابقًا ومنْ يأتيكَ لاحقًا أن ينحنيَ أمامَ جبروتِك، فأمرْتَ ببناءِ السّقوفِ منخفضةً حتّى نالَني ما نالَني من تعبٍ وألمٍ واضطرابٍ، وأنا أهبطُ إلى غرفةِ دفنِك؟!



    ولكنَّ الحقَّ يُقالُ يليقُ بك ما فعلْتَ، وللهِ الحمدُ أنّنا استطعْنا إيجادَ ذاكَ التّمثالِ لنُشبعَ فضولَنا برؤيةِ وجهِك والتّعرّفِ إلى عقلِك المشعِّ أفكارًا، كما استمتعْنا بمشاهدةِ تماثيلِ مهندسِ هرمِك، ذاكَ الفنّانُ العبقريُّ الأميرُ "حم أيونو" وأفرادُ عائلتِه بوجوهِهم الواضحةِ المرحّبةِ بنَا...



    - إذًا أنتِ تصدّقينَ أنَّ السّببَ الرّئيسيَّ وراء بنائِي للهرمِ هو اعتقادُنا بالبعثِ ما بعدَ الحياةِ؟
    - نَعَمْ أصدّقُ وأؤمنُ بهذا المعتقدِ، فهو الأقربُ إلى المنطقِ...
    - ما قولُك أيّتُها الزّائرةُ المشكّكةُ المتطفّلةُ لو أزحْتُ السّتارةَ أمامَك عن السّرِّ الكامنِ وراءَ بناءِ الهرمِ الأكبرِ، فهل ستكفّينَ عن التّشكيكِ بحقيقةِ بناتِه؟

    عقدَتِ الدّهشةُ لسانِي من جديدٍ، فيا لَيومِي هذا! ويَا لَكثرةِ مفاجآتِه الّتي ما عدْتُ مؤهّلةً على تلقّيهَا فهي أشبهُ بصفعاتٍ مدوّيةٍ تكادُ تدخلُني في غيبوبةٍ لا رُشْدَ بعدَها!...

    :36_11_6:

    ارتميْتُ أرضًا، معلنةً استسلامِي، ورحْتُ أنتحبُ على مصيبتِي، فاقتربَ مني الملكُ خوفو ومسحَ دموعَ يأسِي، وقادَني إلى غرفةٍ بالكادِ تسَعُ اثنين، وقدّمَ لي عصيرًا لذيذَ المذاقِ، ثمّ تحسّسَ لحيتَه المستعارةَ وعدّلَ من جلستِه، وشرعَ يروي لي قصّةً لم أسمعْ أكثر منها غرابةً...

    :36_13_3:

    :smile001:

    تصبحونَ على خيرٍ.

    :36_15_17:

    فنادق عطلات


  7. #67
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    made in kuwait
    مبارك لك تثبيت الموضوع الذي يفيد بلا شك كل قاريء راغب بالإستفادة ...
    متابعين لك حتى النهاية التي نتمنى أن لا تكون قريبة :101: ...
    إلى الأمام :113: ...



    بارك الله فيك أخي وشكرًا لدعمك المتواصل
    النّهاية قريبة للأسف ولكن بفضل تشجيكم أعمل على تأخيرها ولو لحين









    علوان باشا$

    مساء الفل

    لا لا لا لا

    دا الموضوع كبير

    باين كبير أوي

    والزلزال الي بيحصل لنا

    كل يوم

    مش ممكن

    داحنا

    ادمنا تقارير ليالينا

    ليالينا

    مابتنزلش تقارير

    لا

    ياخوانا

    ليلتك فل



    أخجلتني يا باشا كثير عليّ هذا المديح وقليل عليكم ما أكتبه...

    بانتظار تعقيبك على الفصل العاشر

    تحيّاتي

    فنادق عطلات


  8. #68
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    mr.q
    استمتعنا معاك الله يعطيك العافيه



    وبدوري مستمعة بالكتابة وبتعليقاتكم

    عافاك الله

    فنادق عطلات


  9. #69
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مساء الفل

    عالناس الفل

    أحلى ليالينا

    لا لا لا

    اسمحيلي بجد المرة دي

    انا كشفتك على حقيقتك

    معليش ماهو أنا الباشا

    والباشا بيفهم برضو

    انتي واحدة من اتنين مافيش 3

    اما انك ساحرة والكلمات الجن بتاع حضرتك

    بيسرحو بينا حسب الموجة

    أو انتي روائية من الدرجة الاولى
    ولك عدد من الروايات المشهورة

    وحصلتي على جائزة افضل عمل فني روائي
    (بيفرقوا ايه يعني اسلوبك مسحهم باستيكه على فكرة)

    اما ترجيحي للمسأله

    فهي
    احم احم

    ليالينا
    اسمحي للباشا

    يمارس عليك علمه
    في تحليل الشخصيه
    من خلال كلامك

    هي الأديبة الروائية المتربعة على كرسي الرواية
    وسحرت أعضاء المسافرون العرب
    بالكلمة والخيال الرهيب
    وسهولة انتقال من فكرة الى فكرة باقل من لمح البصر
    باروع اسلوب
    تمزج ليالينا فيها الحقيقة بالخيال
    فتسحرنا وتأسر عقولنا
    فتجعلنا مريدين في الحضرة
    الساحرة


    اسمحيلي
    احلل الشخصية لأنها واضحة جدا جدا :
    انتي بتموتي في الألوان الفاتحه
    بتقدسي الحرية
    احلامك في النوم ان لم تكن كلها فالغالب منها
    طيران وتحليق فوق البيوت والغابات
    رقيقة جدا جدا جدا
    حبك للسفر والتنقل يؤثر في طبعك المنفتح . أنت بارعة في نقل الكلمة
    الصحيحة كما أنك مستمعة بارعة ومنتبهة لمن يحيط بك .
    تتجهين أيضاً نحو الوسطية .
    أنت تتحلين بروح القيادة كما أنك في الوقت نفسه , ساحرة , طموحة ,
    ومبتكرة . تعتمدين جميع الوسائل لنيل النجاح ولاتتراجعين أمام المصاعب
    التي تعترض

    باين انك اجتماعية بشكل رهيب

    أنا اجزم ان كل كلمة هنا
    في مكانها
    وتعني معناها


    مع تحيات الباشا:24:

    فنادق عطلات


  10. #70
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    صراحة تقرير ممتع إلى حد الجنون



    صياغة الجمل والكلمات بشكل أكثر من رائع

    فنادق عطلات


  11. #71
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مساء الفل

    عالناس الفل

    اختي لبناننا

    لكن يضل ابداعك

    ماحصلش

    يعني كبار الشخصيات بيغلطوم

    يعني جت عالباشا

    الغلبان

    دانا غلبان

    ودمتم

    معلش مرة تانيه

    فنادق عطلات


  12. #72
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    جزء عاشر ممتع يحمل بين طياته اديبة في بداية مشوار طويل نتمني ان يحالفها الحظ لتواصل الطريق كما حالفها الحظ وحقق لها احد احلامها بذهاب الى ام الدنيا ..!!

    ودمتي بخير

    فنادق عطلات


  13. #73
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485


    :smile002:



    اعتدلْتُ في جلستي وأصلحْتُ هندامي الّذي تعفّرَ بترابِ الأرضِ، ووضعْتُ مسامعِي تحتَ إمرةِ لسانِ الملكِ خوفو الّذي أطلقَ العنانَ لسرِّهِ فقالَ:

    منْ صغرِي وأنا أراقبُ اهتمامَ أبي الملكِ "سنفرو" ببناءِ هرمِه الخاصِّ، ولم أنسَ ذاكَ اليوم عندما أخطأَ المهندسُ في تقديرِ درجةِ زاويةِ الهرمِ ممّا أدَّى إلى انحنائِه، فعفْتُ هذا الأمرَ وصرفْتُ اهتمامي عنْه، وقرّرْتُ أن أشذَّ عن خطِّ مسارِ والدي ومن قبلِه أجدادِي و ألاّ أخلّفَ ورائي هرمًا يُعرفُ بهرمِ خوفو....



    وكان لي ابنُ عمٍّ درجَ معي منذ طفولتِي كصديقٍ مقرّبٍ مني يصحبُني في تجوالي، أقاسمُه أفكاري وهمومِي، وكان معروفًا بميلِه الشّديدِ إلى فنِّ العمارةِ والهندسةِ، وكثيرًا ما كنّا نتناقشُ فِي هَذَا الموضوعِ، حتّى أفصحْتُ له عن رغبتِي في أن يصبحَ مديرَ أعمالي وكاتمَ أسرارِي فوافقَ الأميرُ "حم إيونو"...



    وكبرْنَا وتوالَتِ الأيّامُ وهو إلى جانبِي حتّى تُوفّيَ والدي الملكُ سنفرو، فتولّيْتُ العرشَ كوريثٍ له وانتقلْتُ إلى قصري الجديدِ في الجيزةِ مع زوجتي "مريت ـ إيت إس" والملكةِ "حنوت سن" وأمِّي الملكة "حتب ـ حرس"‏.‏ وانصرفْتُ إلى إدارةِ شؤونِ مملكتي إلى أن كانَ يومٌ شديدُ الحرارةِ حيثُ بسطَتِ الشّمسُ سطوتَها على هضبةِ الجيزةِ وكأنَّها تتقصّدُ أن تتحدَّى عظمتي وهيبتي، فكنّا نتلوَّى كالأفاعي من سَوطِهَا الّذي تجلدُنا به، ونضيقُ ذرعًا من لهيبِ الأرضِ الّتي تنفثُ نارَها تحتَ أقدامِنا كالبركانِ الغاضبِ...

    إلى أن دخلَ علينا الحارسُ برسالةٍ شفويّةٍ، مفادُها أنَّ زوجةَ ابنِ عمِّي الأميرِ "حم إيونو" طريحةُ الفراشِ جرّاءَ صداعٍ ألمَّ بها... فانطلقَتْ زوجتي الحبيبةُ لعيادتِها، والاطمئنانِ إلى صحّتِها وما كانَ منها إلاّ أنْ غابَتْ منبسطةَ الأساريرِ فآبَتْ والشّررُ يكادُ يتطايرُ من عينيْهَا، وأرسلَتْ تستدْعِيني على جنحِ السّرعةِ إلى غرفةِ المباحثاتِ العائليّةِ الخاصّةِ!...



    سرْتُ الهوينَى في محاولةٍ مني لكسبِ الوقتِ قبلَ المثولِ في حضرةِ ملكتي في الوقتِ عينِه الّذي كنْتُ أعملُ على استدرارِ معلوماتِي، علّنِي أصلُ إلى سببٍ مقنعٍ قد أدَّى إلى انزعاجِها وثورتِها تلكَ...
    ما إِنْ ولجْتُ بابَ الغرفةِ حتّى انتصبَتْ زوجتي لتستقبلَني بعينٍ حَمِئَةٍ، وراحَتْ تصبُّ حممَها في وجهي دونَ توقّفٍ وأنفاسُها الحارّةُ تحرّقُ أهدابي:

    - أَوَتَدْرِينَ أنَّ ابنَ عمِّك قد ابتنى لزوجِهِ هرمًا صغيرًا جميلَ التّكوينِ، غريبَ التّنظيمِ يقيها حرَّ الصّيفِ وبرودةَ الشّتاءِ، تعتلي هضبتَه كأنَّها ملكةُ عصرِها وزمانِها، تتباهَى به والغرورُ يرصِّعُ جِيدَها؟؟!!
    - هدّئِي من روعِك عزيزتِي، فأنتِ أعلمُ النّاس بالأميرِ، وعشقِه لعلومِ الهندسةِ والعمارةِ!
    - وكيفَ لي أنْ أهدأَ أو يهنأَ لي بالٌ، وأنا الفرعونةُ الأمُّ الإلهةُ، لم يُقَمْ لي صرحٌ يشهدُ على عظيمِ مكانتي ورفعةِ نسبِي!



    ولمْ أدرِ كيفَ نجحْتُ في إقناعِها أنْ تنامَ على أملٍ أن أبتَّ في الأمرِ مع بزوغِ الفجرِ. وما إنْ أسدلَ اللّيلُ ستائرَه، وبينما كنْتُ أغطُّ في نومٍ عميقٍ سمعْتُ دويَّ صوتٍ ينهرُني هاتفًا:
    - خوفو.. نائمٌ..؟
    فقمْتُ مفزوعًا كمن لَسَعَتْهُ حيّةٌ وتوجّهْتُ إلى زوجتي بالسّؤالِ:
    - ما بالُك حبيبتي لماذا تصرخينَ عليّ هكذا؟ صباحًا سآمرُه بهدمِ ما بناهُ!
    - طبعًا نائمٌ ومرتاحٌ وأنا الغيرةُ تقضُّ مضجعِي! الآنَ وليسَ غدًا عليكَ أن تعملَ على إرضائِي حتَّى لا أحوّلَ حياتَك جحيمًا وأنتَ تعِي جيّدًا مَقْصَدِي... وكُنْ على علمٍ، فأنا لا أصبو إلى هدمِ هرمِ زوجِهِ بلْ أطمحُ إلى تحقيرِ مبناهَا وتصغيرِه أمامَ ما سيكونُ من أجلي...



    واتّقاءً لسيولِ حنجرتِها، أرسلْتُ في طلبِ المهندسِ "حم إيونو"، وعنّفتُه على بنائِه هرمًا لزوجِه أعلى من شأنِها، بَيْنَمَا سيّدتُها تهوجُ وتموجُ غضبًا وحسرةً، وأمرتُه ببدءِ رسمِ خرائطَ هرمٍ ما رأتِ الأممُ له مثيلاً، وبالإسراعِ بإرسالِ أسطولٍ إلى "ببلوس" أي لبنــانَ لجلبِ خشبِ الأرزِ وبناءِ المراكبِ الخاصّةِ بالهرمِ لتُوضعَ في خاصرتِه...

    قفلَ "حم إيونو" عائدًا من حيثُ أتَى، وكرامتُه تجرّرُ ذيولَ كبريائِها، وارتمَى في أحضانِ زوجِهِ المريضةِ، وأجهَشَ بالبكاءِ مفرغًا شحنةَ عجزِه عن الانتصارِ لكرامتِه ... ثمَّ انطلقَ قاصدًا عمّالَه، فنهرَهم لنومِهم ملءَ جفونِهم عمّا يُحاكُ من قِبَلِ الملكةِ، وأمرَهم بسرعةِ التّوجّهِ إلى أسوانَ لجلبِ الحجارةِ المناسبةِ، وجمعِ العدّةِ والعتادِ، معلنًا حالةَ استنفارٍ تامٍّ في المملكةِ، ليباشِرُوا العملَ مع ولادةِ الشّمسِ على قدمٍ وساقٍ في سبيلِ إرضاءِ الملكةِ واسترضائِها وليعمَّ السّلامُ فِي قَصرِ خوفو وبالتّالي على أطرافِ حدودِ عرشِه...



    وهكذا كانَ، انطلقَتْ ورشةُ بناءِ الهرمِ وكانَتْ زوجتي الملكةُ تُشرفُ بنفسِها عليها وتنهرُ الملك خوفو أي أنا كلّما تقاعسَتْ سواعدُ العمّالِ وخفَّتْ وتيرةُ عطائِهم، ليخرجَ بدورِه وينهرَ ابنَ عمِّه مهندسَ الهرمِ، ليعنّفَ هذا الأخيرُ رئيسَ العمّالِ الّذي ينهرُ عمّالَه من كبيرِهم إلى صغيرِهم، وهكذا دواليْكَ بدءًا من الملكةِ، مرورًا بالملكِ فمهندسِه، فرئيسِ عمّالِه، فعمّالِه، وخدمِه، وحرّاسِه، وحشمِه...



    ثمَّ ابتسمَ الملكُ خوفو وهو يُضيفُ:
    - أعلمْتِ الآنَ أيّتُها الأنثى لِمَ قالوا إنّ وراءَ كلِّ عظيمٍ امرأة! لأنَّها الحقيقةُ الّتي لا مناصَ من معاندتِها؛ فخلْفَ كلِّ عظيمٍ امرأةٌ تنهرُهُ وتحثُّه على تحقيقِ مطامحِها ومطالبِها، لينصرفَ جاهدًا إلى إرضائِها حبًّا بها واتّقاءً للسانِها، فيسمو ويلمعُ نجمُه ليكونَ في الواجهةِ ولتكونَ هي مَنْ يحرّكُ خيوطَ اللّعبةِ خلفَ الكواليسِ...
    وأنا هذا العظيمُ المتربّعُ على عَرْشِ حضارةٍ أذهلَتْ أممًا على مرِّ العصورِ، وباني أكبرَ هرمٍ أجهدَ عقولَ العلماءِ للحينِ...



    خلفِي كانَتْ زوجتِي الّتي دفعتْني -مدفوعةً بِغَيْرَتِها من زوجةِ المهندسِ- لإقامةِ ما يمجّدُ حكمِي، ويخلّدُ اسمِي، ويُعلي من شأنِي ويحوّلُني إلى محطّةٍ تتقاطرُ إليها الشّعوبُ من شتَّى أنحاءِ المعمورةِ وألسنتُها تتّحدُ على تفرّدِي في إبداعي...



    الملكُ خوفو يروي ويعلّقُ وأنا مأخوذةٌ بكلامِه أتابعُ نبرةَ صوتِه الّتي تعلو تارةً فتعلو بي الهضابُ، وتُسفِلُ طورًا لتُسفلَ بي الوهادُ... أتأرجحُ على أوتارِ سردِه أقتحمُ زمنَه أدنو من زوجتِه أُباركُ صنيعَها أشدُّ من أزرِها...وكنْتُ أشعرُ كأنَّ جسميَ بأرضٍ وفؤاديَ ومالكيهِ بأرضٍ!



    استدعى الملكُ خوفو حرّاسَه بعد أنْ ودّعتُه وشكرْتُ له اختطافِي، فحسبي أنّي نهلْتُ من بحرِ تاريخِه الحيِّ الحاضرِ المتجدّدِ...

    اقتادنِي الحرّاسُ عبرَ السّردابِ الطّويلِ، وأنا معصوبةُ العينينِ كما أحضرونِي، فضحكْتُ عندما تذكّرْتُ إجابةَ خوفو عن سؤالي فيمَا يخصُّ تكتّمه على ممراتِ الهرمِ السّريّةِ ليجيبَنِي بغرورِه المعتادِ: تركْتُ لكُمْ ما يدغدِغُ فضولَكم ويستنزفُ عقولَكم لكشفِ الغطاءِ عن عظمتِي وإبقائِي متصدّرًا لائحةَ اهتمامِكم وتمحيصِكم!



    بهرني نورُ الشّمسِ باستقبالِه عيوني العائدةَ مِن ظلماتِ الماضي السّحيقِ، وخرجْتُ أترنّحُ سكرى مما سمعتُه، متخمةً مما اكتشفتُه لأجدَ أمَّ مشهورٍ تبكي غيابِي، وأبا مشهورٍ يمسحُ المكانَ برفقةِ مرشدينَ سياحيّينَ بحثًا عنّي!



    وقفْتُ أمامَ الهرمِ الكبيرِ، والدّموعُ تترقرقُ في عينيّ. كمَنْ يودّعُ حبيبًا عزيزًا ولا يقوى على فراقِه، فتوجَّهَ إليّ أبو مشهورٍ بالسّؤالِ إنْ كنْتُ على ما يرامِ وما هي وُجهتي،



    فأجبْتُه وأنا هناكَ بعيدًا: لا ألوي على شيءٍ عدا إيصالِ أمانةٍ حُمِّلْتُ بها إلى أبي الهولِ!!!



    ثمَّ أسرعْتُ الخُطى صوبَ ذلكَ الأسدِ ذي الوجهِ الآدميِّ، رمزِ القوّةِ والحكمةِ، وقفْتُ قبالةَ العنيدِ الرّابضِ قربَ الأهراماتِ، المخلصِ الّذي ما فارقَها يومًا على رغمِ تقلّباتِ الأيّامِ وظروفِها، فألقيْتُ عليهِ السّلامَ وتحيّةً من الملكِ خوفو ليبقى على عهدِه في حراسةِ الأهرامِ والسّهرِ عليها،



    ثمَّ ودّعْتُ ذرّاتِ ترابِ الفراعنةِ ولم أعرفْ كيفَ وصلْتُ إلى سريرِي لأغرقَ في نومٍ عميقٍ لم أصحُ منه إلاّ وأنا على أعتابِ المتحفِ المصريِّ حاضنِ إبداعِ تلكَ الأمّةِ.



    تصبحونَ على خيرٍ.


    فنادق عطلات


  14. #74
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    ولد الشرق
    جزء عاشر ممتع يحمل بين طياته اديبة في بداية مشوار طويل نتمني ان يحالفها الحظ لتواصل الطريق كما حالفها الحظ وحقق لها احد احلامها بذهاب الى ام الدنيا ..!!
    ودمتي بخير



    أهلاً بك ولد الشّرق وتشجيعك دفعًا لي لأمضي قدمًا في عالم الكتابة بإذن الله...
    فليرافقك الخير...






    طلخان
    والله بااخى مشكور ع حبك لينا واحنا بعد نحبك اكثر ويارب نشوفك تانى بمصر



    حبّ مصر يسكن قلبي وأهلها هم أهلي ومن الأكيد سأعاود زيارتها أخي الكريم
    تحيّاتي.







    علوان باشا$
    مساء الفل
    عالناس الفل
    اختي لبناننا
    لكن يضل ابداعك
    ماحصلش
    يعني كبار الشخصيات بيغلطوم
    يعني جت عالباشا
    الغلبان
    دانا غلبان
    ودمتم
    معلش مرة تانيه



    والله أنت الفلّ يا باشا
    وتعليقاتك مئة فلّ
    وخطأك باسمي فلّ يا فلّ
    :8888:








    جسوم الولهان
    صراحة تقرير ممتع إلى حد الجنون
    صياغة الجمل والكلمات بشكل أكثر من رائع



    الحمد الله على نعمِه وتقبّلكم أسلوبي من نعمِه عليّ...
    ما أجمل الجنون في الفنون

    تحيّاتي إلى جميع الأخوة.

    فنادق عطلات


  15. #75
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مساء الفل

    عالناس الفل

    كل حاقة آخر حلاوة
    وتقرير مية فل وعشرة
    بس اول حاقة جاوبيني بكل صراحة
    الوله اللي في الصورة الأخيرة هو مين ؟؟

    وفيه حاقه طالعة من شعرو هي ايه؟؟

    والحبل الي مربوط براسه لغاية الناس
    ايه موضوعة

    ايه كل دا
    فيه ايه؟؟
    الرجاء سرعة الرد
    الباشا مش حينام
    حتى يتم الرد المباشر
    بدون لف ولا دوران

    فنادق عطلات


  16. #76
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    شكراً يا لبنانا على هذه الموسوعة التاريخية الرائعة :24: ...

    وفقك الله وإلى الأمام :113: ...




    فنادق عطلات


  17. #77
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    بمثل هذا فليكتب الكاتبون
    الله على جماللك على ابداعك على روعتك
    تقبلي تحياتي اختي العزيزة

    فنادق عطلات


  18. #78
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مساء الفل

    عالناس الفل

    أنا قلت كدا برضو

    بس انا واخد موقف من المعلمات

    عشان كدا انا لازم اخد منك موقف

    وكله كوم والطعمية كوم تاني

    دي هي فطورنا وغدانا وعشانا

    وتفتكروم بنحلّي بايه؟

    مزبوط طعمية برضو

    فنادق عطلات


  19. #79
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    حقيقه تقرير يشد الانتباه ويسرق الوقت ويسارع الخطى الى الجهاز ليرى هل من جديد اشكرك اخي على هذا التقرير الرائع والجميل والشيق

    فنادق عطلات


  20. #80
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مشكوووووره علي التقرير المميز
    بارك الله فيكي

    فنادق عطلات


  21. #81
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    عزيزتي لبناننا...

    مذ زمن بعيد, لم اقرأ أدبا عربيا, و ها أنا اقرأ زيارتك لمصر الحبيبة, كعمل أدبي مكتمل البناء, متشبع تاريخا.
    كل كلمة طبعتها أناملك, ملكت حواسي, نكهتها لا تزال تلدغ حنيني الأبدي لمصر, وطن الحضارات و الثقافات, وطن الطيبة و خفة الظل, وطن نملك فيه شعبا أب إلا أن يغمرنا بماضيه و يسقينا حاضره..

    سلمت يدك, ودمتي
    .

    فنادق عطلات


  22. #82
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    Oneday2day
    مشكوووووره علي التقرير المميز
    بارك الله فيكي




    كلّما قرأت اسمًا جديدًا كلّما فرح قلبي أكثر بازدياد قرّاء هذا التّقرير
    أهلاً بك وبمتابعتك ودمت بخير...







    shnaz
    عزيزتي لبناننا...
    مذ زمن بعيد, لم اقرأ أدبا عربيا, و ها أنا اقرأ زيارتك لمصر الحبيبة, كعمل أدبي مكتمل البناء, متشبع تاريخا.
    كل كلمة طبعتها أناملك, ملكت حواسي, نكهتها لا تزال تلدغ حنيني الأبدي لمصر, وطن الحضارات و الثقافات, وطن الطيبة و خفة الظل, وطن نملك فيه شعبا أبى إلا أن يغمرنا بماضيه و يسقينا حاضره..
    سلمت يدك, ودمتي



    الله ما أجمل هذا التّوصيف لحبيبتنا مصر، وما أرقّ هذه المشاعر تجاه بلد نعشق ترابها ونتوق إلى احتضان مدنها...

    أهلاً بك متابعًا معنا رحلتنا إلى قاهرتنا...
    [/COLOR]

    فنادق عطلات


  23. #83
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485


    :smile002:



    كنْتُ قدْ لاحظْتُ أثناءَ وجودي في حضرةِ الملكِ خوفو غيابَ الفراعنةِ من ملكاتٍ ووزراءَ وأطبّاءَ وعمّالٍ، ولمْ أرَ غيرَ الحرّاسِ الّذينَ اقتادونِي أسيرةً...



    وعندمَا توجّهْتُ بالسّؤالِ إلى الملكِ، كانَ جوابُه أنَّهم قصدُوا ميدانَ التّحريرِ في قلبِ القاهرةِ حيثُ مُتْحَفُ مِصْرَ للاطمئْنَانِ إلى آثارِهم وأملاكِهم، وهو طقْسٌ من طقوسِهمُ اعتادُوه مرّةً كلَّ شهرٍ، وذلكَ لخوفِهم الشّديدِ على ما خلّفُوه من أيدِي العابثينَ واللّصوصِ، كما من أحداقِ الفضوليّينَ وحسدِهم...



    وكانَتِ المفاجأةُ الكبرى، عندما أضافَ أنَّ الفراعنةَ أخيرًا، اتّخذُوا قرارَهم بإرجاعِ كلِّ ما نُقِلَ إلى المُتحفِ من غيرِ رضاهم، وذلك لتكونَ أغراضُهم تحتَ أنظارِهم، وفي حمايتِهم قربَ معبدِهم العملاقِ في متحفٍ جديدٍ سيتمُّ افتتاحُه قريبًا...



    لذا كانَ لا بدَّ لي من الإسراعِ للانضمامِ إليهِم، لتكتملَ الصّورةُ في ذهنِي عن تلكَ الحضارةِ الرّائعةِ؛ فكيفَ يُمكنُ لأيِّ زائرٍ أنْ يزورَ الأهرامَ مبنى العظمةِ، ورمزَ الخلودِ، وقاهرَ الظّروفِ، دونَ أنْ يجولَ بنظرِه على ما أُثِرَ من مقتنياتٍ كانَتْ مخبّأةً هنا وهناكَ بين جنباتِه، وفي سرادِيبِه الطّويلةِ المظلمةِ، وفي حنايا ممرّاتِه السّرّيّةِ الّتي دأبَ خوفو على التّعتيمِ عليها، وإبقائِنا على أبوابِ البحثِ والتّنقيبِ الّذي ما يزالُ مغْلَقًا على كبرياتِ مجاهلِ الفراعنةِ وتقصّدِهم تصغيرَ معارفِنا أمامَ إنجازاتِهم؟!...



    وللحالِ حملنِي تصميمِي على اللّحاقِ بالفراعنةِ، لأكونَ شاهدةً على عزيمةِ أولئكَ الجادّينَ وإصرارِهم في حفظِ تراثِهم، ولمِّ شملِه بإعادتِه إلى منابتِه الأصليّةِ.



    وإلى ميدانِ التّحريرِ، شدَدْتُ عصَا التّسيارِ، لأجدَ نفسِي أمامَ بناءٍ يعودُ تاريخُه إلى سنةِ 1896، -صُمِّمَ على النّمطِ الكلاسيكيّ المُحدثِ ليتناسبَ مع الآثارِ القديمةِ والكلاسيكيّةِ- على يدِ المهندسِ الفرنسيِّ "مارسيل دورنو"...



    وقفْتُ قبالةَ حاضنِ حضارةِ المصريّينَ القدماءِ المتمثّلةِ بما يقاربُ مائةً وستّةً وثلاثينَ أثرًا فرعونيًّا، فلم يفتْني أنْ أستذكرَ فضلَ "محمّد علي باشا" في منعِ إخراجِ هذه القطعِ خارجَ الحدودِ المصريّةِ، وإنشائِهِ دارًا للحفاظِ عليها في "الأزبكيّةِ" في منزلِ "الدّفتردار".



    ومن بعدِه "عبّاس الأوّل" الّذي أمرَ بنقلِ ما تبقّى إلى القلعةِ، إلى موفدِ السّفارةِ الفرنسيّةِ المنقّبِ عالمِ الآثارِ السّيّدِ "مارييت" أو "مارييت باشا" كما عُرِفَ فيما بعد،



    والّذي كانَتْ لهُ جهودٌ في العثورِ على الكثيرِ من القطعِ، وعلى الرّغمِ من نقلِه ما تيسّرَ لهُ منْهَا إلى فرنسا إلاّ أنَّه جمعَ عددًا لا بأسَ بِه نُقِلَتْ إلى مخازنَ أُعِدَّتْ في "بولاق"...



    ألقيْتُ نظرةً خاطفةً إلى ناووسٍ يقبعُ في مدخلِ المُتْحَفِ حيثُ يغطُّ "مارييت باشا" بنومٍ عميقٍ، وأرسلْتُ لهُ ابتسامةَ امتنانٍ ثمَّ استسلمْتُ بكلّيّتِي إلى المتحفِ؛



    وكانَ جلُّ اهتمامي ينصبُّ بدايةً على ملاقاةِ الفراعنةِ، والتّملّي من وجوهِهم السّمراءِ الحادقةِ، وسواعدِهم الجبّارةِ ناحتةِ الصّخرِ، رافعةِ الحجرِ...



    ومضيْتُ أحتضنُ كلَّ ركنٍ من أركانِ مدخلِ المُتْحفِ، فتفتحُ لي التّماثيلُ أجنحتَها، وتضمُّني مرحّبةً بقدومِي، عارضةً أمامي براعةَ صنعِها، ودقّةَ نقلِها لوجوهٍ بعيدةٍ تنتمِي إلى زمنٍ بعيدٍ بُعدَ الشّمسِ، بُعد القمرِ والنّجومِ...



    فكيفَما تلفَّتُّ كانَتْ نظراتِي تصطدمُ بمجموعاتٍ مزروعةٍ في حديقةِ المُتْحَفِ، تفوحُ منها رائحةُ الإبداعِ والغرورِ والفخرِ،



    لكنّني كنْتُ أبحثُ عمّن جئْتُ للتّقرّبِ من جباهِهم الأبيّةِ الّتي ترشحُ جهدًا وعملاً ولا تعرفُ للكسلِ سبيلاً، ولمحْتُهم فوقَ البسيطةِ كالنّملِ يصطفّونَ بنظامٍ وتأهّبٍ تحتَ إمرةِ قائدٍ قاسي الملامحِ صَلْبِ الإرادةِ، لا يحيدُ نظرُهُ يمنةً ولا يسرةً، بل يُرْسِلُ إشاراتِه في خطٍّ مستقيمٍ غيرَ آبهٍ بما يتأرجحُ حولَهُ...



    وللوهلةِ الأولى، راعَنِي حشدُ التّماثيلِ المتمركزةِ على ضخامتِها في الحديقةِ، وراحَتِ الأفكارُ تسحبُني تارةً مع مدِّها، وطورًا مع جزْرٍها؛



    فكانَ القلقُ يُساورُ نفسي على أنّها هربَتْ من بينِ جدرانِ المتحفِ تَنْشُدُ الحرّيّة، تتنسّمُ رائحةَ الأهراماتِ الّتي حُرِمَتْ من دِفْئِهَا؛ فهي لها كالأرضِ لنا: أمُّنا الّتي منها جئْنا وإليها نعودُ...



    وبعدما صرفْتُ وقتًا معها في الخارجِ أُهَدْهِدُ شوقَها لتلك الأرضِ السّمراءِ الأبيّةِ، أمسحُ عبراتِ حنينِها إلى سراديبِ الأهراماتِ وغرفِه الّتي كانَتْ تضيقُ على إبداعِها، آنئذٍ وَدّعْتُهَا بسيلٍ منَ الإشفاقِ على حالِها ووعدْتُها المرورَ بِهَا، ثمُّ تجرّعْتُ قسطًا من الهواءِ، وشدَدْتُ أعصابَ همّتِي، وطرقْتُ بابَ المُتْحَفِ، والعرقُ يتصبّبُ من جبهتِي مهابةَ أُسَرٍ مصريّةٍ فرعونيّةٍ عريقةِ النّسبِ والأثرِ، قديمةٍ!!!



    ومضيْتُ والأرضُ تدورُ دورتَها الكاملةَ كلِّ دقيقةٍ، وما إن عبرْتُ عتبةَ البابِ، حتّى أحاطَتْنِي مجموعةٌ من الحرّاسِ وراحَتْ تُتمْتِمُ بلغةٍ أجهلُها، فما كانَ من يدِ أحدِها إلاّ أن امتدّتْ واختطفَتْ حقيبتي المتوسّدةَ خصرِي، فصرخْتُ فيه أَنْ أرجعْهَا، فعالجني بضربةٍ على رأسِي، أفقدتْني الوعيَ من جديدٍ -كما في المرّةِ الأولى-



    لأصحوَ على جلبةِ عمّالٍ يستعدّونَ لِدَهْنِ جسدِي بعد تثبيتِه بحبالٍ تشدُّه إلى الأرضِ، يستعدّونَ لدهنِهِ بمادّةٍ سوداءَ سميكةٍ، في غرفةٍ تموجُ بجثثٍ محنّطةٍ عرفْتُ لاحقًا أنّها مُتْحَفُ المُومْياءِ...



    تصبحونَ على خيرٍ.



    :11ight:

    فنادق عطلات


  24. #84
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    اشكرك واشكر مجهودك الوافر وابداعك المتواصل

    متابع ومتواصل مع الابداع الذي لاينتهي:101::101:

    ملاحظه (( ما شاء الله عليك كل هذي الصور عن المتحف من الخارج اذا دخلتي المتحف متى راح تخلصين .... :109::109: ))

    فنادق عطلات


  25. #85
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    :101:لبناننا التحفة الرائعة التي تقدميها جزء بعد جزء أسرت فيها عيون و قلوب متابعينك لما تحوية من كنوز فن التعبير و التصوير و كأن الواحد منا كان مرافق لك في رحلتك شكرآ لك
    وأنت عندما تحدثت عن امتحانات الترم ظننت انك لا زلت تدرسين
    متابع معك
    دمت بود
    :101::101:
    :24:

    فنادق عطلات


  26. #86
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    بعد ان اصبحت الشخص الوحيد الذي انهاء اختباراته مبكرة ...

    ... وبعد ان اصبحت الاخ المنبوذ في من قبل اخوتي لا لشيء
    سوى تمتعي بالاجازة مبكرة ...على غير العادة



    قررت ان امضي فسحة وقتي في الاستمتاع بتتبع بقية الرحلة



    متابع بشغف

    فنادق عطلات


  27. #87
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485




    ما شاء الله تقريرك رائــع والصور أروع

    زاد عشقي لمصر

    بعد هذا البداع


    ربي يحفظك

    فنادق عطلات


  28. #88
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    محمد5599
    ما شاء الله تقريرك رائــع والصور أروع
    زاد عشقي لمصر
    بعد هذا البداع
    ربي يحفظك



    وأنا ازداد عشقي للكتابة من جرّاء تشجيعكم المستمرّ وتعليقاتكم المفرحة
    أدامك الله وأهلاً بك






    ابوألاء
    أختي الكريمة لازالت الإبدعات والروايات تتواصل عبر الفن الخيالي للقصة وعن سؤالك هل سأكون من قرائك لو كتبت كتابا أقول لك وبكل صدق نعم .. نعم .. نعم .. سأقرءه لإن لديك حس رائع في الرواية وأسلوبك اللغوي أيضا رائع كما أن حبك للتاريخ الفرعوني جعلك تتواصلي في الإبداع في هذا اللون وفي غيره طبعا . تحياتي لك ومتابع معاك ما تبقى من تقريرك المميز .



    الحمدلله ربّ العالمين على نِعمِهِ والحمدلله على تواصلكم وتشجيعكم وصدق مشاعركم وإكرامكم لأسلوبي الأدبيّ من خلال القراءة والمتابعة والثّناء...

    وعهد عليّ متى أبصرت محبرة قلمي النّور سأهديك نتاج مخيّلتي
    :101:








    abukareem
    لبناننا موضوع احلي من الياقوت و أغلي من الذهب عندالقراءة يعيش الواحد حالة خاصة يري من خلالها الماضي بوصف واسلوب ادبي ندر وجودة في الوقت الحالي سلمت يداك
    والله يكون في العون بالنسبة للأمتحانات و التصحيح و يعطيك العافية
    و الصحة اللهم امين و شكرآ لك علي اهتمامك بتكملة الموضوع و الرد علي المداخلات وعلي فكرة احنا عندنا عطلة يوم الأثنين أيضآ
    دمت بود



    وكلامك زمرد ومسك وعنبر، ولو رأيت قلمي لدى قراءة تعليقك لوجدته يزغرد حبرًا ويرصّع الصّفحة البيضاء بجزء جديد من التّقرير
    :109:

    الحمدلله انتهت الامتحانات وأنجزت التّصحيح وعادت الرّتابة إلى ما قبل الإمتحان
    لا تغبْ وابقَ سندًا لتقريري

    أتقدّم بالشّكر إلى العيون كلّها الّتي تطالع صفحات تقريري تعلّق أم تقفل عائدةً من حيث أتت وبدون أن تترك أثرًا على الرّمال...


    عمتم مساءً



    فنادق عطلات


  29. #89
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485



    :smile002:



    بَعدَ عودتِي من المُتحفِ، كانَتِ الأفكارُ الغريبةُ تشوبُ قدرتي على استيعابِ الأممِ الّتي اقتحمْتُ عوالمَها، وتحسّسْتُ تاريخَها، وما فلحْتُ بالالتحامِ بها بلْ بقيتُ قابَ قوسيْنِ منها؛



    أتأرجحُ ما بينَها وبينَ عالمِي الممهورِ بالحروبِ والصّراعاتِ، المزدانِ بدماءِ الأطفالِ والنّساءِ، المرصّعِ بالحقدِ والكراهيّةِ والفتنِ، المثقلِ بالمكائدِ والجرائمِ، المعصوبِ بالشّهداءِ من شتّى البقاعِ ومختلفِ الألوانِ والأعمارِ...



    أنهكتْني هذهِ التّناقضاتُ الّتي عشْتُها وأعيشُها خلالَ أيّامِي المعدوداتِ هذه في القاهرةِ، وشعرْتُ بحاجتِي الملحّةِ إلى الاستسلامِ لسباتٍ عميقٍ تلتئمُ فيه ثغراتُ عجزي وذهولي لمرأَى مَا رأيْتُ فأذهلَنِي وأصابَني بحالةٍ من الضّبابيّةِ...



    راحَتْ أحلامِي تتخبّطُ ذهابًا وإيابًا ما بين الأهراماتِ والمتحفِ، وكانَ الملكُ خوفو حاضرًا وبقوّةٍ ورنينُ ضحكاتِ المومياواتِ تصدّعُ آذاني فتلهبُ طبللاتِها جزعًا، والّتي استحالَتْ فجأةً ضرباتٍ واقعيّةً على بابِ المنزلِ، فهبَّتِ الصّغيرةُ ابنةُ أبي مشهورٍ من نومِها لتعودَ مسرعةً إليَّ وأيقظتْنِي قائلةً: "خالتِي، على البابِ رجلٌ غريبُ الأطوارِ سلّمَني رسالةً لكِ!"...



    فركْتُ عينيَّ ظنًّا منّي أنَّني ما زلْتُ أحلمُ، ومن ثمَّ أدرْتُ ظهرِي، وأسدلْتُ جفوني فعادَتِ الصّغيرةُ تهزُّني وتدغدغُ وجهي بالورقةِ الّتي تحملُها وتلوِّحُ بِها عاليًا...



    حينئذٍ أيقنْتُ أنّني في اليقظةِ، وما عدْتُ أسبحُ في فضاءِ الأحلامِ. قمْتُ أفضُّ الرّسالةَ، وأنا أتساءلُ عن مصدرِها فَمَنْ سيُراسِلُنِي وأنا في إجازتِي وخارجَ حدودِ وطني!



    وقبلَ أن أقرأَ منها حرفًا بحثْتُ عنِ التّوقيعِ علّنِي بعد معرفةِ المُرسلِ أهدأُ وأطمئنُّ، حتّى كانَتِ المفاجأةُ الّتي نزلَتْ على رأسِي كدلوِ ماءٍ باردٍ خدّرَ أعصابي، رؤيتي توقيعًا آتيًا من البعيدِ وبِخَتْمِ "صلاحِ الدّينِ الأيوبيّ" بعينِه!!!



    التهمْتُ فحوَى الرّسالةِ وأنا أرثي لحالِي، فقد أتعبتْنِي هذهِ المفارقاتُ الخارجةُ عن المألوفِ، والّتي ما انفكّتْ تلاحقُني منذُ جئْتُ أهلاً ووطئْتُ سهلاً حتّى أصبحَ احتمالُ إصابَتِي بمكروهٍ ما، أمرًا مسلّمًا بِهِ!



    " عليكِ الحضورُ سريعًا معَ انحسارِ اللّيلِ، أمامَ تثاؤبِ الشّمسِ للمثولِ أمامِي، وتخلّفُكِ نعدُّهُ تمنّعًا تتحمّلينَ عَواقبَهُ...".



    التفتُّ إلى الصّغيرةِ فاحتضنْتُها، وهدمْتُ سدًّا رُفِعَ أمامَ عبراتي الّتي ما فَتِئَتْ ترسّخُ ملوحتَها بدءًا منْ محجرِي وصولاً إلى ذقنِي، وكأنَّها كانَتْ تنتظرُ فرصةَ انطلاقتِها خارجَ أسوارِ سجنِها...



    بكيْتُ حتّى أفرغْتُ شحنةً تمازجَ فيها الألمُ بالفرحِ؛ فيها مرارةُ ما أمرُّ بهِ من غرائبَ، وبهجةُ تميّزي عَنْوةً عن الخليقةِ كلِّها بفرصةِ العودةِ إلى عصورٍ سالفةٍ...



    قمْتُ إلى ملابسي أرتديها ببطءٍ، وأنا أفكّر بحيِّ "القلعةِ" وإحدى رُبى "جبل المقطّم" المنفصلةِ عن حضنِه وقدرتِهما على احتمالِ بناءٍ تاريخيٍّ أيوبيٍّ بهذه العظمةِ والفخامةِ! وماذا يريدُ مني فاتحُ القدسِ، ذلكَ القائدُ المقدامُ العنيدُ؟! وأنّى لي الشّجاعة للمثولِ أمامَه؟ وكيفَ عرِفَ أصلاً بوجودي في قاهرةِ المعزِّ أسرِّحُ ضفائِرَها التّاريخيّةَ الخالدةَ؟!



    ولم يقطعْ علاماتِ استفهامي تلك إلاّ بوقُ أبي مشهورٍ يستعجلُني النّزولَ للانطلاقِ قاصديْنِ ربوةَ "الصّوة" حيثُ كانَ قدْ عزمَ الأيوبيُّ على تشييدِ قلعتِه الشّامخةِ بعدما هدمَ ووزيرُه "بهاءُ الدّينِ قراقوش الأسديُّ" القبورَ والمساجدَ الّتي كانَتْ قائمةً على رأسِها في العامِ 572هـ/1176م...



    كانَتِ السّيّارةُ تنهبُ الإسفلتَ نهبًا، وكانَتْ الحيرةُ تنهبُ سكينتِي نهبًا؛



    وكنْتُ خائفةً من المجهولِ الّذي ينتظرُني، "من مزيلِ الدّولةِ الفاطميّةِ" الّذي يهدّدُني إذا ما تأنّيْتُ في ملاقاتِه، من هادمِ صغارِ الأهراماتِ في الجيزةِ ليرفعَ بحجارتِها سورًا يحيطُ بالقاهرةِ والقلعةِ وقناطرِ الجيزةِ!!!



    أَجَلْ، الخوفُ كانَ رفيقَ دربي القريبةِ البعيدةِ بُعْدَ غرابةِ الأحداثِ الّتي تطوّقُني مذْ تنسّمْتُ أريجَ أمِّ الدّنيا... حتّى صرْتُ وعن غيرِ قصدٍ مني أهشُّ أفكارِي المجنونةَ الّتي تنخرُ عقلي وبدونِ هوادةٍ!...

    وما إنْ لاحتْ بشائرُ القلعةِ، حتَّى هوَى قلبي من هولِ ما رأى حيثُ ارتسمَتْ أبراجُها أمامَ ناظريَّ أشباحًا تحاولُ سحبي إليها عَنْوةً،



    فأشحْتُ برأسِي بعيدًا، أتلهّى بمرأى كشكٍ يفترشُ الرّصيفَ هنا، ونساءٍ يسرْنَ الهوينَى هناكَ، يقصدْنَ الأسواقَ المتراميةَ الأطرافِ على أرصفةِ الحياةِ،



    إلى أنْ توقّفَتِ السّيّارةُ فترجّلْتُ منها، ووقفْتُ أناظرُ قلعةً شهدَتْ أسوارُها أحداثًا ململمةً من أحقابٍ تاريخيّةٍ شتَّى: كالأيوبيّةِ، والمملوكيّةِ، وصولاً إلى زمنِ الحملةِ الفرنسيّةِ على مصرَ سنة 1798م...



    وعبرْتُ تاريخًا ولَّى، فاستقبلتْني الحجارةُ بسّامةً مرحّبةً عارضةً أبهى نقوشٍ توسّدَتْ سقوفَهِ،



    أبهجَتْ فؤادِي وأنستْنِي قلقِي وأثقلَتْ خطواتِي، فما عدْتُ مرتعشةً مسكونةً بالجزعِ والآهاتِ...



    وبعدَ جولةٍ لطيفةٍ، موجزةٍ قوامُها التقاطُ صورٍ من هنا وهناكَ تقدّمَ مني رجلٌ وسلّمَنِي قصاصةَ ورقٍ خُطَّ عليها خطُّ سيري لبلوغِ علّيّةٍ تُشرفُ منافذُها على القاهرةِ برمّتِها...



    فأيقنْتُ أنّ صلاحَ الدّينِ على أهبّةٍ لاستقبالِي، وأنَّه لا بدَّ ممّا ليسَ منْه بدُّ!!!



    تحيّاتِي لكُم وتُصبحونَ على خيرٍ.



    يتبـع

    :36_15_17:

    فنادق عطلات


  30. #90
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    هذا ليس موضوع ..





    هذا كتاب في أدب الرحلات ..


    جميل ... مبهر ... كرائحة الفل وأزهار القرنفل


    شكراً لبناننا ...

    :113:

    فنادق عطلات


  31. #91
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    علوان باشا$
    مساء الفل
    عالناس الفل
    لبناننا
    مش ممكن
    الي بتعمليه دا
    كتير كتير
    ودا بيدل
    على طاقة جامحة داخل
    لبناننا
    تتفجر كالبركان الثائر
    فتلهب صدر كل من
    دخل وشاف
    اااه
    يالبناننا
    لك الشكر كله
    عالمجهود الجبار
    لي طلب خاص
    ماتعيديش حكاية
    اخر التقرير
    خليك معانا
    انشالله
    نرغي سؤال وجواب
    بدون صور



    أنت فين يا راجل كلامك وحشني وتعليقاتك كمان والأهمّ من ده ودي توصياتك لي ما بتخلصش يا باشا
    وأنا معاكم يا خويا هو أنا حروح فين بصور وبدون صور موجودة بإذن الله وبأمرك ندردش زي ما أنت عايز
    :109:






    mido 2
    Bravo 3aliki
    طريقة سرد رائعة,اسلوب ساحر,والصور معبره.
    استمتعت جداً بقراءة تقريرك
    في انتظار المزيد .....
    Thanks again.



    وكم استمتعت أنا أيضًا بوجودك لأنّني للمرّة الأولى أقرأ اسمك وهذا يسعدني كثيرًا
    أدامك الله وحفظك من كلّ سوء







    ابوألاء
    أختي الكريمة ونحن نتجهز لنقرء الجزء الرائع من قصصك ينتهي ونحن لم نرتوي فياليتك تزيدين الجرعة لكي نرتوي من أدبك الرائع ولك تحياتي .



    أهلاً وسهلاً بأبي آلاء ركن من أركان تقريري هذا والّذي أتفاءل خيرًا بتعليقاته....

    أعذرني تأخّرت عليكم اليوم لأنّه عيدٌ وغدًا لنا لقاء مع جزء جديد بإذن الله







    عاشق هواها
    استمتعت جداً بقراءة تقريرك



    الحمدلله الّذي وفّقني على إرضاء أذواقكم على اختلاف أنواعها
    ويا أهلاً بك أخي الكريم أسعدني مرورك


    تحيّاتي لكم جميعًا

    فنادق عطلات


  32. #92
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رائع يا لبناننا
    رائع عن جد حبيبتى

    فنادق عطلات


  33. #93
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    تقرير فريد

    تقرير غني بالصور الأدبية من الأديبة لبناننا

    أعجز عن الرد برد يليق بمقام هذا الموضوع

    جماله بمفرداته الرائعة ، بفصاحته ، بخيال كاتبه ، بكل حرف كتب ... بكاتبته نفسها

    تقرير فريد وهنيئاً لنا بك

    أشكرك

    فنادق عطلات


  34. #94
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مرحبا مرة أخرى أختي لبناننا وشكرا لك على زيادة الجرعة عن سابقتها ولا زال الإبداع الأدبي والقصص الرائعة تنور منتدى البوابة المصرية والشرح التاريخي كان وافيا وكافيا لإن الإطالة من بعض الأعضاء بالشرح يفقد التقرير قيمته ويجعل القارئ يمر عليه مرور الكرام . تحياتي لك ومتابعا بقية إبدعك الأدبي .
    هناك ملاحظة : القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي بطاش مع أعدائه حنونا وعطوفا مع أصدقائه.

    فنادق عطلات


  35. #95
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    أشكرك على هذه التحفة الأدبية

    يعطيك العافية

    فنادق عطلات


  36. #96
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    يعطيك مليون عافية ؟أختي علي التقرير

    مشاء الله عليك أسلوبك جميل في طرح الموضوع


    صور رائعة وتاريخ رجال أفعلهم باقية

    فنادق عطلات


  37. #97
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    مصر للطيران
    تقرير ولا أروع
    فقط أسجل إعجابي الشديد بهذا التقرير الفريد
    وانا ما زلت بالصفحة الثانية
    وبارك الله فيك على المجهود الطيب



    الحمدلله الّذي وفّقني إلى إرضاء ذائقتكم الثّقافيّة وأهلاً بك متابعًا جديدًا للتّقرير.








    abukareem
    لبناننا يقف لساني عاجز عن القول او الوصف حلقة اخري من الابداع و التميز مصحوبة بصور رائعة لتاريخ ولي و مضي
    حمدآ لله علي سلامتك و عافاك الله من كل شر اللهم امين متابع



    سلّمك الله وعافاك من كلّ سوء
    ومتابعتك تدخل السّلام قلبي حتّى بتت أتفاءل باسمك...

    فنادق عطلات


  38. #98
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    بعضي
    يا الهي ..!
    اين أنا من هذا الجمال ..؟؟!!
    تباً لـِ ألأـأخير عن هكذا إبداع قد لا يتكرر النظر إلى مثله ..!!
    هل أوصف التقرير وسلاسة الأسلوب وجمال المفردات ..؟؟!!
    ام أصف تقنية الصور وجمال رونقها وجاذبيتها ..
    حقاً هُنا تحفة فنية .. لا يُليق بها سوى السحاب ..
    شكراً سيدي .. وليتها تفيّ وتكفي لما أمتعتنا بهِ .
    ارق التحايا ،،،



    بعضي وماذا أقول بعد هذا البعض من كلامك!
    أسعدتني زيارتك وأفرحتني هديّتك،،،
    فكم تروق لي هدايا الحروف والكلمات...

    أهلاً بك متابعًا جديدًا






    شكراً سيدي .. وليتها تفيّ وتكفي لما أمتعتنا بهِ .



    ملاحظة لست شابًا بل آنسة
    :106:

    فنادق عطلات


  39. #99
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    أديبتنا لبناننا :
    غبت خمسة أيام عن المنتدى لأعود وأرى إبداعا جديدا من إبدعاتك .
    حقيقة أنا زرت المتحف الحربي كثيرا منذ ما يقارب العشرين عاما مضت ولكن لم أجمع أو أستوعب هذا الإرث التاريخي مثل تقريرك المصور . لك تحياتي وأحترامي ومنتظرين جزء السجون المصرية القديمة وباقي قلعة صلاح الدين الأيوبي ودمتي بود .

    فنادق عطلات


  40. #100
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485


    :smile002:

    أصرَّتْ أمُّ مشهورٍ على أنْ نقصدَ مُتْحَفَ الشّرطةِ القوميِّ حيثُ تُعرضُ صورَتَا كلٍّ من الأختيْنِ السّفّاحتيْنِ "ريّا وسكينة" للوقوفِ على شكليْهما وقراءةِ قصتَيْهما مع نساءِ اسكندريّة... ولكنَّ الحظَّ لمْ يكنْ حليفِي في هذا المقصدِ، إذْ إنَّ بابَ المتحفِ كانَ قدْ أغلقَ مصراعَيْه عندَ السّاعةِ الرّابعةِ!
    فسرْتُ والخيبةَ، وتوجّهْتُ نحوَ متحفِ السّجونِ فكانَتْ خيبةٌ أخرَى تُزادُ إلى رصيدِي؛ الأبوابُ موصدةٌ في وجهِ الزّوّارِ!!!
    مِلْتُ إلى "أبي مشهورٍ" أستصرخُ همّتَه للإتيانِ بفعلٍ مَا حتَّى أختتمَ بهِ جولتِي بزيارةِ سجونٍ حاضرةٍ على عذاباتِ مَنْ أذنبَ ومَنْ لمْ يُذنبْ...
    ومِنْ جديدٍ، كانَتِ الجنيهاتُ، سيّدةَ الموقفِ والحلَّ الّذي يُذلّلُ الصّعوباتِ الّتي تعترضُ مسارَ رحلتِي الاستكشافيّةِ؛ فقَدْ همسَ "أبو مشهور" في راحةِ يدِ الشّرطيِّ بعشرةِ جنيهاتٍ ففُتِحَ البابُ أمامَنَا وفُرشَتِ الأرضُ تحتَنَا بالرّملِ،
    واستُقْبِلْنَا بالتَّرْحابِ والتّأهيلِ والتّسهيلِ، وصحِبَنَا دليلٌ مع شَرْحٍ وافٍ لتطوّرِ السّجونِ عبرَ العصورِ!
    مَا إنْ ولجْتُ البابَ، حتَّى اقشعرَّ بدنِي لمرأَى الممرِّ الضيّقِ الطّويلِ، ورحْتُ أسمعُ صدَى تأوّهاتٍ ما انفكَّتْ تتردّدُ منذُ أجيالٍ حتَّى لحظةِ وقوفِي، وكأنِّي بهَا أرواحُ مَنْ قُيّدَتْ حرّياتُهم وكُمَّتْ أفواهُ آرائِهم وأُلجمَتْ ألسنةُ منطقِهم!
    ففِي العصريْنِ الأيوبيِّ والمملوكيِّ كانَ السّلاطينُ يستخدمونَ بعضًا من دهاليزِ هذهِ القلعةِ وأبراجِها كسجنٍ لذوي الجرائمِ أو المتمرّدينَ على السّلطةِ والمناهضينَ للحكمِ آنذاك أو القانونِ...
    وراحَ الشّرطيُّ ينقلُ لنَا معاناةَ مَنْ سكنُوا تلكَ الغرفِ الأشبهِ بجحورٍ متقوقعةٍ على جدرانِها الباردةِ، فكنْتُ في كلِّ مرّةٍ أمدُّ رأسِي من طاقةِ ذاتِ أعمدةٍ حديديّةٍ وآسفُ على قساوةِ الإنسانِ على أخيهِ الإنسانِ أيًّا كانَ ما اقترفتْه يداه...
    فهنَا مسجونٌ من العصرِ الإسلاميِّ، وهناكَ آخرٌ من العصرِ الأيوبيِّ، وههنَا منْ آثامِ الاحتلالِ الإنكليزيِّ الّذي بنَى الزّنزاناتِ الحاليّةَ الموجودةَ في هذهِ القلعةِ وذلكَ في أواخرِ القرنِ التّاسعِ عشرِ الميلاديِّ، وجلُّ استخدامُها كانَ للقضايا السّياسيّةِ...
    الزّنزانةُ عبارةٌ عن مساحةٍ أرضيّةٍ مطاولةٍ ضيّقةِ الجدرانِ تكادُ تتّسعُ لرجلٍ واحدٍ ممدّدٍ أرضًا!
    واللاّفتُ في الأمرِ، أنَّ كلَّ مسجونٍ كانَ يرتدِي الزّيَّ المناسبَ للعصرِ الّذي ينتمِي إليه، ومنْهم مَنْ كانَ يقرأُ ممّا يساعدُ على معرفةِ خلفيةِ الحقبةِ الزّمنيّةِ الّتي يجسّدُها هذا المقيّدُ أو ذاكَ...
    وهذا ما يُشكَرُ عليهِ وزيرُ الدّاخليّةِ الأسبقِ "أحمد رشدي" الّذي أمرَ بتحويلِ تلكَ الجحورِ إلى متحفٍ بتماثيلَ تحاكِي الواقعَ الأليمَ المنصرمَ...
    جولتُنا سريعةٌ كانَتْ بينَ جنباتِ هذا المتحفِ؛ فهو على خلافِ سابقِيهِ لمْ يبعثِ الفرحَ في قلبِي ولا الدّهشةَ من حضاراتٍ عظيمةٍ، إنّمَا صاحبَنِي شعورٌ بالحزنِ العميقِ، ولفَّ لهفتِي سوادٌ مدلهمٌّ مَا لبِثَ أنْ أطفأَ اندفاعِي وطمسَ على حماسِي، فرحْتُ أتململُ وأتأفّفُ كمنْ أُطبِقَ على أنفاسِه...
    فكلّمَا نظرْتُ إلى الكرةِ الحجريّةِ المهولةِ الّتي تتعلّقُ بقدمِ السّجينِ، أحسُّ بصخرةٍ من صخورِ الهرمِ تربضُ فوقَ صدرِي، فأحتاجُ إلى زفيرٍ عميقٍ وشهيقٍ متواصلٍ، لأستعيدَ توازنَ عمليِةِ تنفّسِي...
    في ذلكَ الوقتِ كانَ "أبو مشهورٍ" متولّيًا تصويرَ المتحفِ بتوصيةٍ منّي، إذ إنّني ما كنْتُ مرتاحةً بما يكفِي لألتقطَ صورًا لعذاباتِ رجالٍ مضَوا، وربّما قضوا فوقَ تلكَ البقعةِ من الأرضِ حيثُ أنظرُ!
    وبينَما كنَّا نستعدُّ للخروجِ، سمعْتُ نداءً خفيفًا يسرِي في أذنيّ وكأنَّه يتقصّدُني، فمَا أوليْتُ أوهامِي اهتمامًا بلْ تابعْتُ مسيرِي، إلاّ أنَّ الصّوتَ عادَ ليستقرَّ واضحًا جليًّا في مسامعِي فاستوقَفَنِي:
    - أرجوكِ يا آنستِي هلاّ اقتربْتِ منِّي لبرهةٍ؟
    رحْتُ أتلفَّتُ يمينًا ويسارًا، أبحثُ عن مصدرِ الصّوتِ، فما اهتديْتُ إليهِ، فتابعْتُ تقدّمِي وأنا أضحكُ من نفسِي وألومُها على انجرافِها وراءَ تهيّؤاتٍ أوجدَها وقعُ الحزنِ الّذي ظلَّلَنِي. لكنَّ الصّوتَ عاودَ النّداءَ وبإلحاحٍ منْهُ عليَّ كي أستجيبَ، فوقفْتُ للحظةٍ أحاولُ التقاطَ ذبذباتِ الصّوتِ المتطايرةَ مع الهواءِ وتقدّمْتُ بخفّةٍ نحوَ زنزانةٍ ظننْتُها الهدفَ، وأطلَلْتُ برأسِي من نافذتِها الضّيقةِ، فلمْ ألحظْ ما يُشيرُ إلى ظنونِي،
    عندَها أيقنْتُ أنَّ الجوعَ قدْ بدأَ يضربُ تفكيرِي فيعجزُه عن التّركيزِ، فأطلقْتُ ضحكةً دوَّتْ في الفضاءِ الرّحبِ، وأسرعْتُ لألحقَ بمنْ سبقونِي عندَها استوقفَتْني أنّةٌ سمّرتْني في مكانِي وجحظَتْ لها أحداقِي:
    - أرجوكِ آنستِي اقتربي قليلاً!...
    أسرعْتُ الخطى، وتوجّهْتُ نحوَ الأنينِ المنبعثِ من جدرانٍ باردةٍ تآكلَتْ خدودًا نديّةً فرشحَتْ قهرًا ودموعًا وآهاتٍ، ورأيْتُه يقبعُ في زاويةِ نسيانِه يمسّدُ الأرضَ براحتِه المهترئةِ، يتقلّدُ في قدمِه خلخالاً حجريًّا يزنُ اللآلافَ، ويُتيحُ لهُ اللّصوقَ المستمرَّ ببلاطٍ ذِي لسعاتٍ كوخزِ الأبرِ...
    ثيابُه الرّثةُ ضاعَتْ معالمُ ألوانِها، فمَا عدْتَ تفرّقُ بينَ لونِها الحقيقيِّ، وألوانِ السّنواتِ السّحيقةِ، وعظامُ جسمِه تقوّسَتْ لقلّةِ استقامتِها، حتَّى احدودَبَتْ قبلَ أوانِها فغدَا كسنديانةٍ عتيقةٍ استحالَتْ لوحًا لنقشِ أسماءِ العشّاقِ فوقَ جيدِها...
    - إنَّ روحِيَ تتوقُ لنسيمِ الحرّيّةِ فهلاّ ساعدْتني لأتنشّقَ رحيقَها عبرَ لسانِك؟!
    - صدّقْني إنَّك لمحظوظٌ لوجودِك هنا بعيدًا عن رياحِ الظّلمِ الّتي تعصفُ بعالمِنا، فتقلبُ الأبيضَ أسودَ والحقَّ باطلاً!
    أوتصدّقُ أنَّ الجبنَ والغبنَ والاستسلامَ والشّرهَ إلى دماءِ الأبرياءِ واستعبادَ الأحرارِ أضحَتْ صفاتٌ يتغنَّى بِها رجالُنا اليومَ!!! والشّجاعةَ والإقدامَ والجهادَ في سبيلِ اللهِ والحقَّ والصّدقَ والرّحمةَ والعفوَ والإنسانيّةَ صارَتْ علاماتٍ، أعرافًا، منْ شذَّ عنْها نُبِذَ وأُفرِدَ إفرادَ البعيرِ المعبّدِ!...
    فترقرقَتْ عيناهُ حسرةً على ضياعِ عمرِه هباءً في سبيلِ إعلاءِ الحقِّ،،، فالمسكينُ كانَ يظنُّ أنَّ سجنَه وزملاءَه ليسَ إلاّ كبش فداءٍ لمَنْ يحملُ القضيةَ وينطقُ باسمِها خارجًا...
    ابتعدْتُ عنْهُ، وتركْتُه لحسرتِه، وبينَما كنْتُ خارجةً لمحْتُ مبنًى متساقطَ السّقفِ
    ثمَّ اقتربَ منّي الرّجلُ وأشارَ بإصبعِه صوبَ قبوٍ دونَ أنْ ينبسَ ببنتِ شفةٍ، مما جعلَني أتساءلُ عن قصدِه، فمضيْتُ متّبعةً خطَّ سيرِ أصبعِه، فرأيْتُ قبوًا عُلّقَتْ في سقفِه بقايا مشانقَ، فاهتزَّ كيانِي لمرآهَا، وأقفلْتُ مِنْ حيثُ جئْتُ إلى أنْ استوقفَنِي قائلاً: لمْ ننجزْ بعد، انظرِي إلى هذا القبوِ التّالِي!
    وكانَتِ الدّماءُ متشبّثةً بجدرانِ القبوِ، تسيلُ منْهَا صرخاتُ منْ رحلُوا ضربًا بالنّارِ، عملاً بأوامرِ الطّغاةِ العاجزينَ عن إسكاتِ الحقِّ إلاّ بالقتلِ...
    عافَتْ نفسِي مَا رأَتْ، وانسحبْتُ أبحثُ عنْ مكانٍ مفتوحٍ بعدَ إحساسِي بالاختناقِ والقرفِ والغضبِ، فكانَ السّطحُ مَنْ تلقّانِي وحمامةٌ بيضاءُ ترحّبُ بوصولِي... رنوْتُ إليها، مسحْتُ على رأسِها ثمَّ حملتُها وأطلقتُها فوقَ القاهرةِ ذاتِ المآذنِ الألفِ،
    ووقفْتُ على الحافةِ أتأمّلُ سفرَ الشّمسِ خلفَ الأهراماتِ، ومنْ قريبٍ يلوحُ لي جامعُ "محمّد عليّ" كأنَّه يجدّدُ حلمِي بلقاءِ بانِيهِ والجلوسِ في حضرتِه وسماعِ صوتِه الجهوريِّ بملامحِه القاسيةِ، ملامحِ الرّجلِ الحقِّ...
    أشحْتُ بنظرِي، وجرجرْتُ أذيالَ حنقِي، وأطلقْتُ طرفِي نحوَ السّماءِ صارخةً بصوتٍ بُحَّ منَ الظّلمِ، زلزلَ وجودِي: "الرّحمةُ يا الله" ...
    نزلْتُ الشّارعَ وأنَا لا ألوِي على أمرٍ سوى الهروبِ إلى سريرِي لَعَلَّ النّومَ يُعيدُ إليّ ثباتِي، فتبسّمَ لِي فضاءُ القاهرةِ مترجمًا صرختِي إلى شفقٍ أحمرَ اجترحَ الغيومَ فأدمَاها...
    إلى اللّقاءِ معَ جُزْءٍ جديدٍ!
    تُصْبحونَ على خيرٍ.

    فنادق عطلات


  41. #101
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    ابداع متجدد...
    و طريقة عرض رائعة

    .
    .


    و لكــنه في هذه الحلقة اخذنا في اروقة السجون و غياهبه المظلمة


    تقرير جميل... بعكس المكان الذي نبع منه التقرير



    تحياتي لك...



    فنادق عطلات


  42. #102
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
    إنني حقيقة من التابعين لهذا المنتدى الرائع
    منذ زمن ليس بالقريب

    فنادق عطلات


  43. #103
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    ali85
    تقرير رائع وجميل
    يعطيك العافيه



    أهلاً علي مرحبًا بك
    تواجدك أجمل عافاك الله.

    علوان باشا أين أنتَ؟؟؟
    أبخير؟

    فنادق عطلات


  44. #104
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    كتابتك حلوه جدا وتعبيراتك غايه في الروعه:113::113:
    كما جرت العادة جئت الآن لأطمئنّ على التّقرير ولأطرب بتعليقاتكم الّتي تّحفّزني على الاستمرار قدمًا وتدفعني على شحذ أفكاري أكثر فأكثر، فكانت صدمتي حيث لم أجد للتّقرير من أثر!!! وبسرعة قلت في نفسي من المتوقّع أن يكون في الصّفحة التّالية لأنّ بوّابة مصر حيويّة وتقاريرها يوميّة... وبعد انتقالي للصّفحة التّالية وعدم لمحي أذيال تقريري راح قلبي يتخبّط توتّرًا وعقلي يحاول أن يعرف لمَ اختقى وأين اختفى وما الّذي حصل لتكون المفاجأة أّنه ثُبّتَ
    :24: :24: :24:

    أختي الكريمة قبولكم لقلمي المتواضع بين أقلامكم، ولمشاعري الصّادقة في حبّ مصر مع مشاعركم، ولتقريري في بوّابتكم هو في حدّ ذاته هديتي الّتي بها أعتزّ...

    لك ولجميع العاملين على هذا المنتدى الشّكر والاحترام ولقرّاء التّقرير كلّ المحبّة

    شكرًا لكم وبإذن الله الآتي أجمل.
    تحيّاتي [/color][/size][/font][/center][/b][/quote]

    فنادق عطلات


  45. #105
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    الحمد لله على السلامه


    ومشكور على الموضوع

    فنادق عطلات


  46. #106
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    لو كنت اتابع فيلما لما شعرت بكل هذا التشوق والمتابعه بجرعه واحده فنحن يجمعنا شوق دائم لتلك الارض التي ما زلت ابحث كلما زرتها عن ذكريات جميله من زيارات ايام الطفوله
    اشكرك من كل قلبي على التقرير الرائع الذي يعيد ويزيد الحنين
    بارك الله فيكي

    فنادق عطلات


  47. #107
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    هذا المساء ابتداءت رحلتي في الشبكة العنكبوتية عبر هذا التقرير
    ومن خلال هذه الحلقة الرائعة

    .
    .


    تحياتي لك...

    فنادق عطلات


  48. #108
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    abukareem
    لبناننا بالهنا و الشفا ان شاء الله روعة في الوصف للحظة شعرت بالعطش بس فعلآ كما قلت عصير القصب يروي العروق وهو واحد من عصائري المفضلة و الخوف كل الخوف انك سوف تتركينا عطشي لهذة النوعية من التقارير والتي قلما وجودها معاك متابع
    دمت بود



    والله يا أخي حاولت مدّ عمر هذا التّقرير ولكن الشّيخوخة قدر لا مفرّ منه وها هي الخاتمة قد آنت ويبقى عزائي الوحيد إقبالكم عليه وشغفكم في متابعته وإطراءكم أسلوبي على أمل اللّقاء قريبًا بتقرير جديد من بلد جديد بإذن الله...

    تحيّاتي لك

    فنادق عطلات


  49. #109
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485


    :smile002:

    كانَ ميعادُ عودتِي إلى وطنِي الحبيبِ قدْ أَزِفَ، ولمْ يعدْ في مقدورِي أنْ أتجوّلَ وأستكشفَ، وأستمتعَ برؤًى وآثارٍ وتحفٍ تُدهشُ العينَ وتسحرُها... وفي سهرةٍ عائليّةٍ على ضفافِ النّيلِ الجوادِ، حيثُ ظلَّلَنِي القمرُ ضحّاكَ السّناءِ، توجّهَ "أبو مشهورٍ" إليَّ بسؤالٍ كنْتُ أنتظرُه منْ حينٍ:
    - ما المكانُ الّذي ترغبينَ في زيارتِه في وداعِ القاهرةِ؟

    :114:

    فكانَتْ كلمةُ "ترغبينَ" لا تحملُ بين طيّاتِها ما أحملُه في ثنايا فؤادِي من توقٍ وشوقٍ ولهفةٍ وشغفٍ لزيارةِ مكانٍ لطالمَا حرّضَني إلى الوثوبِ بينَ أحضانِه!!!
    أطلقْتُ بصرِي في فضاءِ القاهرةِ الرّحبِ وهمهمْتُ:
    - الحارةَ، الحارةَ، الحارةَ...
    - أتقصدينَ الحارةَ المصريّةَ الّتي تشاهدينَها في الأفلامِ؟! وهلْ ستتركينَ القاهرةَ بكلِّ ما تحفلُ بهِ من محافلَ، ومصرَ بكلِّ ما تزخرُ به من كنوزِ الحضاراتِ المتنوّعةِ لتقصدِي حارةً ضيّقةً لا رأسَ لها ولا عقب!؟

    :55654:

    - الحارةَ بأمِّ عينِها هي ما أحلمُ بهِ؛ بدخولِها، والاختلاطِ بناسِها، والوقوفِ على أجوائِها، والتّأكّدِ من ماهيتِها، ومقدارِ صدقِ من ينقلُها لنا وأمَانَتِهِ من أرضِ الواقعِ إلى شاشةٍ خياليّةٍ... الحارةُ هي مطلبِي ومقصدِي وهدفِي مذْ هبطَتْ بيَ الطّائرةُ في مطارِ القاهرةِ... وهَا أنتَ اليومَ يا أخِي العزيزَ تسألُني ما أشتهِي فهلْ ستُسْكِتُ شهيّتِي بمَا تستطيبُه؟

    :sofa:

    وفي الحالِ سحبَنِي من يدِي وطارَ بِي إلى حارةٍ تتناسبُ وتطلّعاتِي... ما إنْ أطلَّتْ سيّارتُنا منْ بابِ الحارةِ حتَّى راحَ قلبِي يخفقُ كحصانٍ شاردٍ جمحَ من قبضةِ صاحبِه، ومَا عدْتُ أقوَى على كبحِ جماحِهِ والعرقُ يتصبّبُ من أوصالِي المتهدّجةِ تهيّبًا للموقفِ الّذي وجدتْني فيهِ رغبةً مني وطاعةً لإرادةِ أشواقِي!..

    الظّلمةُ تُنيرُ شارعَ الحارةِ الضّيّقِ وعربةُ "الكبدة" ترحّبُ بالزّوّارِ ممنْ يؤمّونَها ليلَ نهارَ؛ وها هي بقيادةِ شيخِها الّذي يقفُ على ناصيتِها يعتاشُ من سَعةِ صدرِها وصبرِها على ضمِّ قطعةٍ منَ اللّحمِ تقِي جوعَ الجائعينَ...



    تقدّمْنَا وصفَفْنَا السّيّارةَ جانبًا، ثمَّ ترجّلْتُ لتطأَ قدماي أرضَ مسرحٍ عُرِضَتْ فوقَ ترابِه مشكلاتُ مجتمعٍ بأكملِه، يقبعُ في زوايا هذهِ الحَاراتِ النّابضةِ بعَرَقِ شعبٍ مكافحٍ لغزواتِ الفقرِ والجوعِ والمرضِ والعوزِ...

    ففي محلّةٍ تدانَتْ مساكنُها نشأَ وترعرعَ شبابٌ من العباقرةِ والأذكياءِ وطالبِي العلمِ والمعرفةِ ممنْ تصدَّوا لواقعِهم المرِّ بنورِ المثابرةِ والجدِّ والاجتهادِ؛ فكمْ من طبيبٍ ومهندسٍ وعالمٍ وأديبٍ وكاتبٍ وشاعرٍ وملحّنٍ ونائبٍ ووزيرٍ وقائدٍ انطلقَ من جنباتِ حارتِه إلى العالمِ الأوسعِ، ووسمَ تاريخَه المتواضعَ بمستقبلٍ مشرقٍ وإنجازاتٍ انحنَتْ أمامَها رؤوسُ الأحياءِ الفاخرةِ!..

    :bounce8:

    ما إنْ دلفْتُ من السّيّارةِ حتّى اشرأبَّتْ أعناقُ أهلِ الحارةِ تستطلعُ هذهِ الزّائرةَ الغريبةَ المتحمّسةَ لالتقاطِ صورٍ للتّاريخِ؛ ههنَا قربَ شيخِ الحارةِ الّذي يتوسّطُ رجالَ الحيِّ بنراجيلِهم الفوّاحةِ بمختلفِ صنوفِ المعسّلِ، وفاتَ هذهِ الزّائرةُ أنَّ التّصويرَ قدْ يجرُّ عليها مشكلاتٍ بحسبِ ما أفهمَها أبو مشهورٍ الّذي كانَتْ يدُه سريعةً في صدِّ العدسةِ،،، فوقعْتُ أسيرةَ خيبةٍ ما بعدَها خيبةٌ!!!

    :36_11_13:



    كيفَ لِي أنْ أقفَ على أعتابِ المكانِ الحلمِ، وأعجزَ عن تصويرِ لوحاتٍ أُمنّي النّفسَ لأكونَ لونًا من ألوانِها، ورسمًا من رسومِها، وفردًا من أفرادِ هذهِ الحارةِ الّتي تستيقظُ صباحًا على صوتِ الباعةِ فتلتقطُ الوعاءَ وتُسرعُ إلى الفوّالِ لتحضرَ فطورَ العائلةِ، ثمَّ تعرّجُ على بائعِ الخبزِ الطّازجِ لتشتريَ العيشَ السّاخنَ اللّذيذَ، ولسانُها يلهجُ بتحيّةِ الصّباحِ تردُّها لمنْ حيَّاهَا بها: بائعُ الخضارِ والجزّارُ وصبيُّ القهوةِ ومؤجّرُ الدّرّاجاتِ الهوائيّةِ "العجلاتي" وبائعُ الكبدةِ والطّعميّةِ ووو...

    :110:

    وهلْ سيفوتُني تصويرُ جريمةِ سرقةٍ وقعَتْ أمامِي وأنا مدهوشةٌ؛ فقدْ مرّتْ امرأةٌ واشترَتْ أرغفةً من الخبزِ، ورمَتْ الثّمنَ في طبقٍ حديديٍّ، ثمَّ أكملَتْ طريقَها، بعدَها وصلَتْ أخرى واختارَتْ ما طابَ لها من الخبزِ، وضربَتِ الأرغفةَ بعضَها ببعضٍ، ثمَّ وضعتْها في كيسٍ تحملُه وبدلاً مِن أنْ تنقدَ صاحبَ الدّكّانِ ثمنَها، نظرَتْ يمنةً ويسرةً، ثمَّ التقطَتْ نقودًا منَ الطّبقِ وولَّتْ هاربةً!!!
    وغرقْتُ أنا في عاصفةٍ من الضّحكِ والصّدمةِ...

    :36_11_6:

    وأنَّى لِي أنْ أعودَ أدراجِي منْ غيرِ أنْ أشهدَ مشاجرةً بينَ جاراتٍ يحللْنَ في مبنًى واحدٍ، ويقفْنَ لبعضهنَّ البعضِ من فتحاتِ مشربيّاتٍ لو نطقَتْ لأخبرَتِ الكثيرَ عن عهودٍ مضَتْ ووجوهٍ ولّتْ...

    كانَتِ العتمةُ تمنعُنِي من استكشافِ خبايا تلكَ الحارةِ، والخجلُ يلجمُني من أنْ أصرَّ على العودةِ إليها صباحًا حيثُ تفرشُ الشّمسُ نورَها على جدرانٍ معفّرةٍ بأتربةِ الطّريقِ غيرِ المعبّدِ!!!

    :36_1_10:

    ومَا إنْ ركبْنَا لنخرجَ حتَّى تناهَى إلى مسامِعي هَرْجٌ وَمَرْجٌ فصرخْتُ غيرَ واعيةٍ: هذا حفلُ زواجٍ،،، أرجوكُم دعونِي أنزلْ،،، أيعقلُ أنْ أحقّقَ كلَّ ما أتمنَّاهُ في ساعةٍ واحدةٍ لا غيرَ!!!
    سارَ "أبو مشهورٍ" وحيدًا، وبعدمَا اطمأنَّ للوضعِ، عادَ وصحبَنِي إلى آخرِ الشّارعِ الضّيّقِ حيثُ تعزلُ الحفلَ عن الخارجِ ستارةٌ من قماشٍ باليةِ الألوانِ، فوقفْتُ خلفها ومددْتُ يدِي وأزحْتُ قطعةً منها فشهقْتُ من عفويّةِ ما رأيْتُ!!!

    لوحةٌ زيتيّةٌ برتقاليّةُ الألوانِ رسمتْها نساءٌ يرتديْنَ فساتينَ من البرتقاليِّ والأحمرِ والأخضرِ فاقعةً وكأنّهنَّ يأتينَ من أفريقيا وشعورُهنّ غيرُ مسرّحةٍ، ورجالٌ بجلاليبَ مصريّةٍ بيضاءَ وعلى رؤوسِهم تيجانٌ قماشيّةٌ كتلكَ الّتي يعتمرُها العمدةُ وشيخُ الغفرِ... أمّا الأطفالُ فكانُوا يتأرجحونَ بمقعدي العروسيْنِ الّلذيْنِ ما وصلا بعد...

    أحسسْتُ بدوارٍ يلفُّ بِي الأرضَ، وبألوانٍ تتماوجُ أمامَ ناظريّ فتكادُ تبتلعُنِي، وبأحداقٍ استدارَتْ تتفحّصُني، والأسئلةُ تتقافزُ من أهدابِها كأنّي بها تحتجُّ على وجودِي بينها واقتحامِي خصوصيّتَها والتّلصلصِ على عالمِها البسيطِ العفويِّ، عالمِ الحارةِ الّذي أعيشُه في يوميّاتِي التّليفزيونيّةِ!

    :36_3_2:

    راحَ قلبِي يضربُ ضرباتِ الجزعِ والتّوتّرِ، وتخيّلْتُ نفسِي محاصَرةً بين تلكَ الجموعِ الّتي تزحفُ نحوِي، ترجمُني بدويِّ صيحاتِها ثمَّ ترفعُنِي لتقيّدَنِي وسطَ طبقٍ دائريٍّ يحملُه شابٌ ويدورُ على المدعوّينَ، يوزّعُ عليهم أكياسًا بيضاءَ بحجمِ راحةِ اليدِ أجهلُ ماهيّتَها!

    أسدلْتُ السّتارةَ مكانها وطلبْتُ العودةَ سريعًا إلى السّيّارةِ لأشعرَ بالهدوءِ النّفسيِّ، وأنجحَ في الجمعِ ما بينَ توتّرِي وفرحِي بالمغامرةِ الّتي عشْتُها لهنيهاتٍ..

    ضمَمْتُ آلةَ التّصويرِ إلى حضنِي، ورحْتُ أمسحُ عليها، أسترضِيها، وأهدهدُ دموعَها لحرمانِها من اختزانِ روائعَ لن تصادفَها ثانيةً في حياتِها...

    :112:

    ألقيْتُ نظرةً وداعيّةً على حارةِ "الجيّارة" الّتي ما أظنُّ تذوّقَتْ أرضُها الزّفتَ يومًا ولا سكنتْها مستوعباتُ القمامةِ ولا زارتْها العنايةُ والدّرايةُ من قبلِ البلديّةِ... وأقفلْتُ نافذةَ شبّاكِي فإذ بعجوزٍ تجاوزَتِ العقدَ العاشرَ من عمرِها، محدودبةٍ يكادُ وجهُها يقبّلُ الأرضَ، تطلُّ منَ النّاصيةِ، فاغرورقَتْ عيناي لضياعِ فرصةٍ لا مثيلَ لها وهي الجلوسُ معها، والاستماعُ إلى حكايا غريبةٍ عجيبةٍ، وتصويرُها فهي إرثٌ تاريخيٌّ حيٌّ متنقّلٌ ومؤرّخٌ لا مصدرَ بعده ولا مرجعَ قبلَهُ...

    :m9:

    وقفَ في وداعِي في مدخلِ عمارةٍ صغيرةٍ جرذانِ نزلا من الطّوابقِ وهما يتزاحمانِ مَنْ يرعبُني قبلَ الآخرِ، فتنفّسْتُ الصّعداءَ لوجودِي داخلَ السّيّارةِ، وعلى الرّغمِ مِن هَذَا، صرخْتُ وبالعاميّةِ اللّبنانيّةِ: "يا ويلي شو هالرّعب هيدا جردونين عا باب البناية! كيف كنت بره! والله بحياتي ما بقى أدعس أرض هالحارة هيدي، دخيلك عجّل وطلّعني من هون"... فمَا كانَ من صحبتِي إلاّ أنْ ضحكوا من كلامي وعلّقَ أبو مشهورٍ على لفظِ "جردون" وهو يقولُ "عرسة" هيدا عرسة...

    :yuk:

    كمْ أنَّ المخرجينَ أمناءُ على نقلِ صورةِ الحارةِ كما هي دونَ تجميلٍ أو ألوانٍ، وكم نعشقُ تلك البقعَ السّكنيّةَ المصريّةَ الصّغيرةَ بتفاصيلِها الحلوةِ والمرّةِ!...

    أثناءَ عودتِنا إلى المنزلِ ركنَ أبو مشهورٍ سيّارتَه جانبًا أمامَ محلٍّ تحتَ اسمِ "الشّبراويّ" والتفتَ إليّ بقولِه: "زيارةُ الحارةِ لن تكتملَ دونِ أَنْ تتذوّقِي الفولَ والطّعميّةَ"... فما كانَ منْ كفّيّ إلاّ أنْ صفّقَا تهليلاً للخبرِ، والحماسُ يرفرفُ على أطرافِ لسانِي وعزفُ سمفونيّةِ الجوعِ يتصاعدُ شدوًا من معدتِي وصولاً إلى حَنْجرتِي... الطّعميّةُ تلكَ الدّائرةُ البنيّةُ الّتي وقفْتُ أراقبُها في حيِّ "الحسينِ" ونفسِي تشتهِي تذوّقَها. ها أنا اليومَ قابَ قوسيْنِ أو أدنَى من التهامِها والتّلذّذِ بطعمِها.

    :1076:

    ووصلَ رغيفٌ يضمُّ بينَ دفّتيْهِ فولاً مِصريًّا، بطلاً رئيسًا في الأفلامِ كلِّها وظلاً للمصريِّ المكافحِ ومسكتًا لصفّارةِ بطونٍ تطلقُها قطاراتُ الجوعِ من تثاؤبِ الشّمسِ حتّى أفولِها... الفولُ رفيقُ دربِ الفقيرِ، والحصنُ المنيعُ أمامَ هتافِ موعدِ الطّعامِ... ونحنُ في لبنانَ لطالمَا نتساءلُ: كيفَ يمكنُ لهذا الشّعبِ أنْ يتناولَ الفولَ يوميًّا؟! وكيفَ لأمعائِهم أنْ تطحنَ هذهِ الحبوبَ وتهضمُها! إذْ إنَّ الفولَ عندَنا وجبةٌ دسمةٌ متعبةٌ لا نقْربُها إلاّ يومَ الأحدِ أي في العطلةِ، ونبقى عليها حتّى المساءِ غيرَ قادرينَ على ابتلاعِ جرعةِ ماءٍ بعدها!!!

    :36_1_47:

    تناولْتُ الرّغيفَ، فألهبَ راحتِي لحرارةِ سلامِه عليَّ في محاولةٍ منهُ في استعطافِي لأصفحَ عنهُ ولا أُنزلُ فيهِ حكمَ الإعدامِ مضغًا تحتَ أسنانِي، فتجاهلْتُ محاولاتِه وأدنيتُه من فمِي، فتعَالَى أنينُه بخارًا، وقضمْتُه... ولمْ تُتَحِ الفرصةُ لأسنانِي أنْ تمزّقَه تمزيقًا لأنّي سريعًا ما استنكرْتُ طعمَه هاتفةً:

    - ما هذا يا أخي؟ أهذا هو الفولُ الّذي تقبلونَ عليه ضاحكينَ؟
    - أَوَلَمْ يعجبْكِ؟
    - بالطّبعِ لا! إنَّه جافٌ؛ أينَ الحامِضُ وأينَ الزّيتُ وأينَ المِلْحُ؟؟؟ كما أنَّ الفولَ لا يؤكلُ إلاّ في طبقٍ سابحٍ بزيتِ الزّيتونِ الأصليِّ، وبالحامضِ وإلى جانبِه في طبقٍ آخرَ الخضارُ من خسٍّ وبندورةٍ ونعناعٍ وبصلٍ وكبيسٍ وزيتونٍ...



    فناولتْنِي أمُّ مشهورٍ رغيفًا ثانيًا، وهي تبتسمُ، فما كانَ مني إلاّ أنْ قدْتُ نظرِي إلى داخلِه لأطمئنَّ إلى محتوَاه، فكانَتِ الطّعميّةُ تغطُّ في نومٍ عميقٍ وتتلحّفُ قطعًا من الخسِّ والبندورةِ لترسمَ لوحةً بديعةَ الألوانِ... وكانَتِ القضمةُ الأولى والجميعُ قد قطعوا أنفاسَهم بانتظارِ حكمِي على ما أبتلعُ!



    - اللهُ، ما ألذَّ هذهِ "الفلافلَ" وما أطيبَها!!! إنّها أكثرُ حلاوةً منَ الّتي في بلدِي!
    فما إنْ أتمَمْتُ كلامِي حتّى دوَّتْ عاصفةٌ من التّصفيقِ في السّيّارةِ وأقبلْنَا جميعُنا على تناولِ الأرغفةِ الّتي بينَ أيادِينَا كلصوصٍ فُتِحَتْ لهم مغارةُ "علي بابا"...



    وإلى الآنَ ما زالَ طعمُ تلكَ الطّعميّةِ يقبعُ في ثنايا حلقِي وأشتهِي رغيفًا منها، ولكمْ أحببْتُ لو أستطعْتُ أن أحملَ منها معِي إلى لبنانَ كما حملْتُ عشراتِ الأرغفةِ "العيش" لتعلّقِي بها، ناهيكَ عن العددِ الّذي التهمْتُه دونَ هوادةٍ!...



    رغيفَا "فلافلٍ" أو "طعميّةٍ" استقرّا في معدتِي فما عدْتُ قادرةً على التّنفّسِ، وما إنْ فهْتُ بحمدِ الله لتدومَ النِّعَمُ علينا، حتَّى استدارَ أبو مشهورٍ وفي يمناه علبةٌ بلاستيكيّةٌ بيضاءُ، وفي يسراه ملعقةٌ قائلاً: هاكِ "الكوشري" اقضِي عليهِ!

    :36_1_51:

    عقدْتُ حاجبيَّ استنكارًا لهذا الهجومِ المفاجِىءِ والّذي حلَّ في غيرِ موعدِه المناسبِ؛ فمعدتِي تصرخُ من الفلافلِ، وأنَّى لها أنْ تستقبلَ الكوشرِي؟ لكنَّ لهفتِي على استكشافِ هذهِ الأكلةِ الّتي كانَتْ تسرحُ بها "فاطنة" على عربةٍ والّتي كانَ يُقبلُ عليها "عبد الغفور البرعيّ" فيسمحُ الطّبقَ، ويزيلُ ما فيهِ بضراوةٍ لينصحَها بأنْ "تُسأسِىء" الأرزَّ أكثر تحتَ النّارِ، هذا كلُّه دفعنِي إلى خوضِ التّجربةِ فمِنْ غيرِ المعقولِ أنْ أعودَ إلى لبنانَ وما عرفْتُ الكوشريَّ ولا فككْتُ طلاسمَه!



    ما إنْ أخذْتُ العلبةَ والملعقةَ حتَّّى لاحتْ لي حبّةُ حِمَّصٍ، فعافَتْ نفسِي ما بينَ يديَّ، واعتذرْتُ عنها إذْ إنّني لا أطيقُ الحِمَّصَ في الطّعامِ،،، ولكنْ معَ إصرارِ أبي مشهورٍ تذوّقْتُ ملعقتيْنِ فقط، بعدما نحّيْتُ جانبًا الحِمَّصَ، فأحسسْتُ بنارٍ قد أُوقدَتْ في فمِي ولهثْتُ خلفَ قربةِ الماءِ، أُخمدُ حريقًا ما أقوى عليه ألا وهو "الحرّ" باللّهجةِ اللّبنانيّةِ أي "الشّطّة" بالمصريّةِ.. وهكذا فشلْتُ في إقامةِ صداقةٍ مع الكوشريِّ والفولِ لأنجحَ في توطيدِها مع الطّعميّةِ...

    كانَ يومًا رائعًا ما زالَتْ صورُه تتراءَى لي كلّمَا تأمّلْتُ في صفحاتِ رحلتِي هذهِ، وجلَّ أمنياتِي كانَتْ تتلخّصُ في استئجارِ بيتٍ في حارةٍ ما لمدّةِ شهرٍ واحدٍ!

    :36_3_1:

    زرْتُ "كرداسة" ليلاً فكانَتْ محلاّتُها مقفلةً للأسفِ،



    كما زرْتُ شارعَ "محمّد عليّ" وابتعْتُ من هناكَ عودًا صغيرًا علّقْته في غرفتِي، وتعرّفْتُ إلى التّرعةِ والغيطِ والفدادينِ. ولشدّةِ انبهارِي بما كنْتُ أراهُ أضعْتُ الكثيرَ من فرصِ التّصويرِ ليبقى عزائِيَ الوحيدَ عقلِي الّذي خزّنَ مشاهداتِ عيونِي إلى الأبدِ...

    :baaa2:

    هذه كانَتْ رحلتِي إلى أمِّ الدّنيا أرضِ الكنانةِ والقاهرةِ الّتي لا تنامُ... ونلتقِي غدًا مع الخاتمةِ لنستودعَ ونودّعَ التّقريرَ...

    :gathering

    صباحُ الخيرِ.

    :36_3_16:

    فنادق عطلات


  50. #110
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    لبناننا متقوليش أن التقرير هيخلص

    بصراحة تقريرك هو أخر شىء أحب اقرأة وأنا على وشك الخروج من المنتدى
    بحس براحة غريبة وأنا أتنقل من جملة لأخرى
    وفى النهاية متابعن معك نهائيات تقرير تشعرين بداخلة
    أنك عاوزة تحضنى بلدك سواء كانت بعيوبها أو بحسناتها

    فنادق عطلات


  51. #111
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485


    أفاه فاغرة
    عيون شاخصة
    قلوب منبهرة
    أرواح مستمتعة
    ثم

    ... ونلتقِي غدًا مع الخاتمةِ لنتودّعَ ونودّعَ التّقريرَ...

    فما رأي كاتبتنا؟!:8888:

    فنادق عطلات


  52. #112
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    :smile002:

    بعدَما أقفلَتْ "كرداسةُ" أبوابَها في وجهِي لتأخّرِ الوقتِ ليلاً عدْتُ إلى البيتِ وبدأْتُ أوضّبُ حقيبتِي وأتأكّدُ منْ لائحةِ الاحتياجاتِ المطلوبةِ سواء لِي أمْ لعائلتِي.

    :114:

    يدايَ تعملانِ بحركةٍ لا إراديّةٍ، وغيومُ الحزنِ متلبّدةٌ في سماءِ روحِي، أغالبُ دمعتِي الحارقةَ، وتغالبُني حتّى تعلنَ انتصارَها على قيودِها، وتحرّرَها من محجرِها... نعم، خطَّتْ وجهِي دمعةٌ حرّاقةٌ على فراقِ قاهرتِي الّتي عشقْتُها؛ وما المحبوبُ إن بعُدَ عن حبيبِه، فكأنَّ فؤادَه شُطِرَ وزُلْزِلَتْ روحُه بين ضلوعِه!

    :36_3_10:

    كانَ عليَّ أن أقصدَ المطارَ صباحًا في العاشرةِ، وجافانِي النّومُ ليلتها ورقدْتُ أسترجعُ شريطَ أيّامِي المعدودةِ الّتي على الرّغمِ منْ قِصَرِها كانَتْ طويلةً، وعلى ازدحامِها كانَتْ هادئةً وعلى مفاجآتِها كانَتْ ممتعةً...

    :36_1_6:

    ما إنْ تململَتِ الشّمسُ في سريرِها، حتّى قفزْتُ إلى الشّرفةِ أشكو مرارةَ الفراقِ للهرميْنِ الّلذيْنِ يختالانِ أمامِي، فلمحْتُ قطراتِ ندًى ترشحُ من رأسيْهما عبراتٌ ودّعانِي بها غامزيْنِ لي بالعودةِ ثانيةً...

    :36_1_47: :36_1_39:

    كانَتْ عجلاتُ السّيّارةِ تلسعُ إسفلتَ شارعِ الهرمِ بكرابيجَ سرعتِها وعقاربُ السّاعةِ تلسعُ كيانِي بسرعةِ دورانِها...

    :36_7_14:

    في المطارِ كانَ الزّحامُ خانقًا على شبّاكِ شركةِ "الميدل إيست" فاقترحَ "أبو مشهورٍ" أن أنفذَ إلى شبّاكِ شركةٍ أخرى فقُوبِلَ اقتراحُه بتعجُّبِي، إلاّ أنَّي أذعنْتُ له، وتقدّمْتُ صوبَ شرطيٍّ وطرحْتُ لهُ جوازَ سفرِي، فمنعَني منَ التّقدّمِ، وطلبَ إليّ العودةَ من حيثُ أتيْتُ، فالنّظامُ نظامٌ لا تجاوزٌ لحدودِه...

    :36_7_1:

    تعلّقَ نظرِي مستغيثًا بأبي مشهورٍ أستنجدُ بهِ، فضحكَ وأشارَ إليَّ بأنْ أغمزَ كفَّ الشّرطيِّ بما تيسّرَ لي منْ جنيهاتٍ، وأمورِي ستسيرُ على ما يرامُ! وهكذا كانَ، فُتِحَتْ أمامِي السّدودُ وفُرِشَتِ الدّروبُ بالتّأهيلِ والتّسهيلِ وحُمِلَتْ حقيبتِي إلى ما لا نهاية...

    :36_7_12:

    وقفْتُ وِقْفَتِي الأخيرةَ ألوّحُ لأبي مشهورٍ بيدِي وأتمتمُ آياتِ الشّكرِ والعرفانِ والامتنانِ على حُسْنِ ضيافتِه وكرمِه ورفعةِ ذوقِه وزوجِه وابنتِه؛ الطّفلةُ الرّائعةُ الّتي طعّمَتْ رحلتِي بطعمِ البراءةِ والدّفءِ، وأدخلتْنِي فيلمًا مِصْريًّا بفضلِ طلاقةِ لسانِها باللّهجةِ المصريّةِ المحبّبةِ إلى قلبِي...

    :36_3_9:

    في الطّائرةِ ومن وراءِ زجاجِ النّافذةِ السّميكِ، نظرْتُ، فأطلْتُ النّظرَ وأنا أرتفعُ عن مستوى أرضِ القاهرةِ فلمْ أستطِعْ كبْتَ مشاعرِي، فأجهشْتُ بمرارةِ الرّحيلِ بعيدًا عنْهَا، وأنا أُجاهدُ أشواقِي وأبتلعُها كَيْلاَ أثيرَ التّساؤلاتِ من حولِي،،،

    :36_1_4:

    وظلَلْتُ على ذلكَ الحالِ حتّى حطَطْتُ الرّحالَ في مطارِ بيروتَ لأخرجَ، وأجدَ الأمطارَ تغرقُ الرّصيفَ، فتوجّهْتُ إلى السّماءِ مبتسمةً شاكرةً لها تعاطفَها، مستقبلةً دموعَها بكيانِي ولم يقطعْ عليَّ انصهارِي معَ الطّبيعةِ الباكيةِ سوى سماعِي لاسمِي عبرَ عاملةِ الاستعلاماتِ الّتي تستعجلُ ضرورةَ توجّهِي إلى مكتبِ الأمنِ العامِ!

    :36_13_1:

    جررْتُ حقيبتِي ومضيْتُ نحوَ المكتبِ فاستقبلَنِي الضّابطُ مرفوعَ الحاجبِ، وطلبَ جوازَ سفرِي، ليختمَ عليهِ بالأحمر: "تُرحّلُ إلى القاهرةِ في الحالِ!!!"...

    :36_1_15:

    رنوْتُ إليهِ مدهوشةً، ومئاتُ الأفكارِ الشّيطانيّةِ تعيثُ فسادًا في رأسِي، علّنِي أهتدِي إلى سببٍ قويٍّ منيعٍ استدعَى عودتِي! وقبلَ أنْ أنطِقَ لأستوضحَه الأمرَ، أردفَ قائلاً: استعدِّي لمفاجأةِ عمرِك؛ أمامِي أمرٌ بالقبضِ عليكِ وإحضارِكِ للمثولِ أمامَ "محمّد عليّ باشا"!!!

    :36_11_13:

    ... عقبَ جملتِه هذهِ، ارتعدَتْ فرائصِي، وابتلعْتُ لسانِي، ثمَّ وقعْتُ مغشيّةً عليَّ!...

    :baaa2:

    انتهــــــى

    :36_1_37:

    إلى اللّقاءِ غدًا مع الإهداءِ والشّكرِ...

    :36_1_38:

    تُصبحونَ على خيرٍ.

    :36_3_16:

    فنادق عطلات


  53. #113
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    وأنتى بألف خير حبيبتى
    ونهاية جميلة لقصة أجمل أو تقرير أجمل
    لنا معكى لقاء عن قريب بأذن الله فى مدينة جديدة من مدن مصر

    فنادق عطلات


  54. #114
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    خان الخليلي
    اختي لبناننا
    عشت معك لحظات جميله اسلوبك يجبرني على المتابعه رغم قلة الصور
    انا عكسك تمامآ الكشري من الأطباق المفضله لدي في مصر
    جزء رائع



    آسف على رأيي الصّريح بالكشري لكنّ مشكلتي الحقيقيّة هي مع الحمّص فإذا ما رأيته في الطّعام أعلنت الصّيام :109:

    وصحّة على قلبك خان الخليليّ







    علوان باشا$
    مساء الفل
    تحطيم الأرقام القياسية في فن التقارير
    وبس
    اصلو مافيش كلام بعد كدا



    أهلاً بك أين أنت يا رجل قاطعت التّقرير واختفيت حتّى ظننتك في ضيافة الملك خوفو
    :24:







    المقاتل/الفنان
    لا (لإنهاء التقرير)!

    أفواه فاغرة
    عيون شاخصة
    قلوب منبهرة
    أرواح مستمتعة
    ثم
    ... ونلتقِي غدًا مع الخاتمةِ لنتودّعَ ونودّعَ التّقريرَ...
    فما رأي كاتبتنا؟!



    يعزّ عليّ أيّها المقاتل الفنّان أن أضع نهايةً للقصّة ولكن جعبتي فرغت من الصّور وتقرير بدونها لا يلاقي استحسانًا من القرّاء، فمهما كان هذا منتدى سياحي عماده الصّورة قبل الكلمة
    :108:
    ليبقى عزائي في رحلة جديدة الشّهر القادم مع عطلة الفصح بإذن الله...






    رسامة مصرية
    لبناننا متقوليش أن التقرير هيخلص
    بصراحة تقريرك هو أخر شىء أحب اقرأة وأنا على وشك الخروج من المنتدى
    بحس براحة غريبة وأنا أتنقل من جملة لأخرى
    وفى النهاية متابعن معك نهائيات تقرير تشعرين بداخلة
    أنك عاوزة تحضنى بلدك سواء كانت بعيوبها أو بحسناتها



    لقد تركت كلماتك الصّادقة هذه الأثر البليغ في نفسي واعذريني العذر كلّه فأنا مضطرّة أن أقول: انتهى التّقرير :110:

    أوطاننا بأرواحنا نفتديها نحتضن عيوبها نلملمها بأعمالنا الصّالحة لتستحيل حسنات نتغنّى بها أمام أنفسنا قبل غيرنا...

    رسّامة مصريّة هلاّ ناداك لبنان يومًا؟






    رسامة مصرية
    وأنتى بألف خير حبيبتى
    ونهاية جميلة لقصة أجمل أو تقرير أجمل
    لنا معكى لقاء عن قريب بأذن الله فى مدينة جديدة من مدن مصر



    سلّمك الله وحفظ مصر من شرور الدّاني والقاصي
    ولن أنسى تثبيتك للتّقرير الأمر الّذي أعطاه دفعًا فزاد تألّقًا ولمعانًا...



    فنادق عطلات


  55. #115
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    الذيب الشمالي
    الله يمتعك بالصحة والعافية
    تقرير جميل وممتع



    وحفظ الله صحّتك وأهلاً برأيك الممتع

    فنادق عطلات


  56. #116
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    مرحبـــــــ لبناننا ــــــــــاً






    http://up2.m5zn.com

    فنادق عطلات


  57. #117
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    [center][color="RoyalBlue"]يعطيك العافية,ربي:x1:
    من أجمل التقارير التي قرأت:24:
    وناطرينك

    فنادق عطلات


  58. #118
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    [b]ما أصعب أن يفارق المحبوب محبوبته فكم حزنا معك بساعات القاهرة الأخيره وكلنا نشعر معاك نفس الشعور عندما نغادر أم الدنيا لكن عزاءنا دائما بالعودة مرة أخرى لكي يلتقي المحب بمحبوبته .
    تقرير أكثر من رائع وأسلوب راقي رفيع أستمتعنا به طيلة الايام الماضية وياليتنا نستطيع أن نستقي من أدبك الراقي لكي نصمم تقاريرنا مثل ما قمت به ولكن ما كل مجتهد مصيب .
    تحياتي لك أختي الغالية لبناننا على هذا الإبداع ودمت بخير .
    لي رجاء منك أن تكتبي تقرير مبسط عن لبنان الحبيبة على قلوبنا في بوابة لبنان لكي يكون مرجع لمن أراد السفر إلى لبنان العزيزة .ودمتي بخير دائما ( حفظ الله لبنان وشعبها من كل مكروه )[/b]

    فنادق عطلات


  59. #119
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    الف شكر أختي الكريمة على مجهودك الرائع ..وأسلوبك الراقي الممتع

    ... أول مرة أعرف أحد يكره (( الحمص))

    فنادق عطلات


  60. #120
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485






    المقاتل/الفنان
    يعطيك العافية,ربي:x1:
    من أجمل التقارير التي قرأت:24:
    وناطرينك

    عافاك الله وحفظك وقريبًا لنا لقاء جديد مع تقرير جديد إن سمح ربِّ

    لا أخفيك سرًّا فأنا بدأت أشدّ الرّحال لأداء فريضة العمرة قريبًا

    :24:







    ابوألاء
    ما أصعب أن يفارق المحبوب محبوبته فكم حزنا معك بساعات القاهرة الأخيره وكلنا نشعر معاك نفس الشعور عندما نغادر أم الدنيا لكن عزاءنا دائما بالعودة مرة أخرى لكي يلتقي المحب بمحبوبته .
    تقرير أكثر من رائع وأسلوب راقي رفيع أستمتعنا به طيلة الايام الماضية وياليتنا نستطيع أن نستقي من أدبك الراقي لكي نصمم تقاريرنا مثل ما قمت به ولكن ما كل مجتهد مصيب .
    تحياتي لك أختي الغالية لبناننا على هذا الإبداع ودمت بخير .
    لي رجاء منك أن تكتبي تقرير مبسط عن لبنان الحبيبة على قلوبنا في بوابة لبنان لكي يكون مرجع لمن أراد السفر إلى لبنان العزيزة .ودمتي بخير دائما ( حفظ الله لبنان وشعبها من كل مكروه )



    إنّها لقاسية لحظات الوداع... فهذا التّقرير أصبح جزءًا من يوميّاتي آتيه من عملي بلهفة المشتاق لأطالع ردودكم الدّافئة وتعليقاتكم المحفّزة للإستمرار والتقدّم بمحبّة...

    أمّا عن تقرير لبنانيّ مفصّل فطلبك على العين والرّأس وسأبحثه متى تثنّى لي الوقت...
    معرفتك أجمل ما أهداني إيّاه هذا التّقرير وحبّذا لو بقينا على تواصل ولي الشّرف في ذلك...

    أهلاً بك وتحيّاتي لك أخي الكريم

    فنادق عطلات


+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
X