ما هَكَذا يُعَامَلُ الضَّيفُ يا أهلَ الشَّام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.

فقد آلمني خبرٌ طالَعتنا به بعض وسائل الإعلام مفاده: أن كثيراً من النساء العراقيات اللاتي أُرغِمن على الهجرة إلى سورية مع عوائلهن وأطفالهن هرباً من ظلم ما حلَّ بهنَّ من عدوان الغريب والقريب، وتحت وطأة ضغط الحاجة والفقر، وسد رمق جوع الأطفال في بلد المهجَر .. يُرغَمنَ على بيع أنفسهن وأجسادهن لتجار الدعارة ومواخيرها وأوكارها ـ الذين راج سوقهم، وراجت تجارتهم في ظل حكم البعث النصيري الإباحي الفاسد ـ مقابل ثمن بخس من المال يُعطَونَه ليسدوا به رمق وحاجيات أطفالهن!
أيُعقل أن الشَّامَ ـ شام الخير ـ يُضامُ فيها الضيف وابن السبيل إلى هذا الحد ..؟!
أيُعقل أن الناسَ في سورية ـ إلا من رحم الله ـ قد وصل بهم الشح والأنانية إلى هذا الحد ..؟!
أإلى هذا الحد ماتت المروءة والغيرة والرحمة في نفوس الناس ..؟!
أإلى هذا الحد بلغ الفساد في الشام مبلغه ..؟!
أي مصاب وبلاء أصابك يا شام بعدَنا ..؟!
أتفهَّم الأثر السيء الذي يُمكن أن يُحدثه النظام الحاكم ـ طيلة هذه العقود العِجاف من حكمه ـ في طبائع، وأخلاق، وقيم وسلوك الناس من أبناء الشام .. لكن أن يصل الحال إلى أن يرى المسلم ابنة سبيل؛ قد هامت على وجهها مذعورةً وأطفالها تنشد الستر، والأمن والسلامة .. ثم هو يُسلِمها للوحوش الآدمية من تجار البغاء والدعارة الذين تضخموا وتسمَّنوا في ظل النظام الحاكم .. ليستغلوا ضعفها وحاجتها وجسمها في الحرام .. فهذا لم أكن أتصور وقوعه في شام المعطاء والكرم والخير!

يا أهل سورية .. يا أهلي وأهل الخير في بلدي .. نزول ابن السبيل ـ من أهلِ العراق ـ في ساحتكم باب من أبواب الخير فاغتنموه قبل أن يُغلَق .. وقبل أن يرحل عنكم ابن السبيل وقد تركتم في نفسه الأثر السيء الذي لا يُنسى، والجرح البليغ الذي لا يندمل!

أين أنتم من قول الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}البقرة:215.
ومن قوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}الحشر:9.
ومن قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}البقرة:245.
ومن قوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}البقرة:272.
ومن قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}آل عمران:92.
أين أنتم من قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" ترى المؤمنين في تراحُمِهم وتوادِّهم، وتعاطُفِهم، كمثلِ الجسدِ إذا اشتكى عضواً تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إذا اشتكى رأسَهُ اشتكى كلُّه، وإن اشتكى عينَهُ اشتكى كلُّه ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفَعُهم ـ أي أنفعهم للناس ـ وأحبُّ الأعمال إلى الله –عزّ وجل- سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، أو تَكشُفَ عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تَطرُدَ عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحبَّ إلي من أن أعتكِفَ في المسجد شَهراً ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" أفضلُ الأعمالِ أن تُدخِلَ على أخيكَ المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تُطعمَهُ خُبزاً ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" ما مِن عبدٍ أنعمَ اللهُ عليه نعمةً فأسبغها عليه، ثم جعلَ من حوائجِ الناس إليه فتبرَّمَ؛ فقد عرَّضَ تلك النعمةَ للزوال ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" إنَّ لله أقواماً اختصَّهم بالنَّعمِ لمنافع العبادِ، يُقرُّهم فيها ما بذَلوها، فإذا مَنعُوها نزعَها منهم؛ فحوَّلها إلى غيرِهم ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" إن اللهَ كريم يحبُّ الكُرمَاء، جَوادٌ يحبُّ الجوَدَةَ، يحبُّ معالي الأخلاقِ ويكره سَفْسَافَها ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" خيارُكم من أطعمَ الطعامَ ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" من كان يُؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" لا خيرَ فيمن لا يُضِيف ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" إنَّ الصدقةَ لتُطفئ عن أهلها حرَّ القبورِ، وإنما يَستظلُّ المؤمنُ يومَ القيامة في ظلِّ صدَقتِه ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" إيَّاكُم والشُّحُّ فإنما هلَكَ من كان قبلكُم بالشُّحِّ: أمرَهُم بالبُخلِ فبَخِلُوا، وأمرَهُم بالقطِيعة فقطَعُوا، وأمرَهُم بالفجورِ ففجَروا ".
ومن قوله -صلى الله عليه وسلّم-:" لا يجمعُ الله في قلبِ امرئٍ مسلمٍ الإيمانَ، والشُّحَّ جميعاً ".


المقال منقول .. من أحد المنتديات وهو نداء من طالب علم شرعي

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: