أصبح من الممكن الآن الحديث عن مطاعم متحركة على سفن عائمة بالمغرب، مطاعم على شاكلة "لو كانيف" "لو شالون" أو "لا تيمونري" بباريس. إذ تم مؤخرا إحداث سفينة عائمة على ضفاف وادي أبي رقراق تابعة لمطعم "لابينيش" القائم بعين المكان.
يقوم الراكب على مدى ساعة كاملة بجولة حول ضفاف الوادي على ظهر السفينة "العوامة"، سفينة جهزت بتصميم بسيط ومتناسق، كراسي من القصب نسجتها بإتقان أيادي حرفيين مغاربة ووضعت على أرضية خضراء وستائر من الحرير الأحمر، تصميم لا يمكن أن يكون إلا بسيطا لأن الفضاء أُثث له بماء وخضرة وهدوء ساحر يغني عن أي زخرفة مصطنعة.

خلال الجولة يتناول الزبون وجبة من الوجبات حسب ذوقه، أطباق مختلفة من السمك وأكلات من المطبخ المغربي الأصيل ووجبات فرنسية أيضا. مقابل 45 درهما (نحو 4.5 دولار اميركي) بالنسبة لفئة الكبار فيما يؤدي الصغار 25 درهما (نحو 2.5 دولار اميركي) مع إمكانية تخفيض السعر حين يتعلق الأمر بأفواج من السائحين. وغالبا ما يخصص الصباح لرحلات مدرسية استكشافية فيما تحجز العوامة أيضا للاحتفال بأعياد الميلاد أو بإحدى المناسبات السعيدة. ويوفر المطعم المتحرك أجواء تنشيطية حسب المناسبة وحسب الطلب، إذ يتم جلب فرق موسيقية غربية وعربية لإضفاء مسحة من المرح والاحتفالية على المكان.

غير أن الظلام الكثيف الذي يغطي وادي أبي رقراق يحرم الرواد من متعة العبور ليلا على ظهرالعوامة، لهذا تحديدا تنتهي الرحلات الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر. تقول صاحبة المطعم إن هناك تفكيرا جديا في جلب كشافات لتسليط الضوء على ضفاف الوادي وتمديد أوقات الرحلات استجابة لطلب كثير من رواد المطعم. حينها سيكون من الممكن الحديث عن عشاء رومانسي على ضفاف وادي أبي رقراق.
معظم رواد المطعم من الوفود والبعثات التابعة للسفارات، وبعض المغاربة، أما السياح الأجانب فهم قلة. تقول صاحبة المطعم "للأسف لا يقصد السياح الرباط كثيرا كما هو الشأن في مدن أخرى كمراكش وفاس مع أن المدينة جميلة. سلا كذلك كان من الممكن أن تكون قبلة لأعداد كبيرة من السياح لو أنها لقيت العناية الكافية".

صاحبة المطعم تملك مطعما آخر في باريس واكتسبت تجربة مهمة في مجال المطاعم أثناء إقامتها في فرنسا ولكن فكرة مشروع العوامة كانت وليدة الصدفة. تقول صاحبة المطعم "الاستثمار بالمغرب والعودة إلى أرض الوطن كان يراودنا منذ زمن بعيد لكن مشروعا بهذه المواصفات جاء بمحض الصدفة، كنت أشاهد برنامج طالاسا الذي تبثه إحدى القنوات الفرنسية في حلقة خاصة عن المطاعم المتحركة، قلت حينها إن سفينة عائمة على وادي أبي رقراق ستكون رائعة. بدا الأمر كالحلم ولكنه الآن حقيقة".
إنجاز المشروع تطلب مني الإصرار والصبر الشيء الكثير إذ أنجز على مراحل استغرقت في مجملها أربع سنوات تقريبا "في البداية خلنا الأمر مستحيلا، فالإجراءات الإدارية وحدها استغرقت ثلاث سنوات كاملة، وجلب سفينة من فرنسا إلى المغرب لم يكن بالأمر اليسير، كما أن عدم تمكنها من الإبحار لكبر حجمها وعدم ملاءمتها وعمق الوادي، أصابنا بالخيبة، لولا أن إصرارنا على إنجاح المشروع شجعنا على جلب سفينة أصغر سميناها السفينة العوامة. الغريب أن إجراءاتها الإدارية لم تتعد الثماني والأربعين ساعة على عكس السفينة الاولى التي احتفظنا بها كمطعم ثابت".

فكرة مشروع كهذا صادرة ولا شك عن عقلية مغامرة، فالمغاربة يحتاجون إلى وقت كي يستسيغوا ويصدقوا فكرة تناول وجبة من الوجبات على ظهر سفينة وفي فضاء مفتوح ومتحرك يوفر من الهدوء ما يلزم لنسيان صخب المدينة ولو مؤقتا، فهم تعودوا على مطاعم بفضاءات مغلقة، مزينة بصور وزخارف ثابتة وكثير من الفوضى.
تقول صاحبة المطعم "كلفنا المشروع مليوني درهم (الدولار الاميركي يعادل 10.5 درهم مغربي) ولا يمكن أن نتحدث بخصوص نجاحه أو فشله الآن، فالناس لم يتعودوا بعد على فكرة سفينة عائمة، إنها فكرة جديدة بالنسبة لهم، والجديد غالبا ما يثير تخوف المغاربة لأن الفضول ينقصهم كثيرا، وهم يحتاجون إلى الاحساس بالأمان ويحتاجون أيضا لوضع الثقة في المستثمر المغربي، فهو أيضا قادر على القيام بمشاريع ناجحة، وهو أيضا قادر على احترام معايير الجودة التي تصدر عن إحساس بالمسؤولية وتتحقق بالمراقبة المستمرة لنوعية الطعام المقدم والخدمة عموما، وبالتفرغ والانضباط الكامل في العمل. فقط علينا تشجيعه وتبسيط الاجراءات الإدارية".



** منقول للفائدة **

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: