إب.. خضراء اليمن وعاصمة الدويلات

سكانها يعشقون الزراعة والغربة




أطلق قديماً على محافظة إب، «اللواء الأخضر»، لما تتميز به هذه المحافظة من اخضرار دائم ومستمر يكسو أراضيها، بسبب هطول الأمطار بكمية غزيرة، فضلاً عن تميزها بأودية دائمة الجريان، وينابيع المياه الحارة الطبيعية، وتقع «إب» جنوب العاصمة صنعاء، بمسافة تقدر بـ193 كيلومتراً، على ارتفاع يصل إلى 1500متر فوق سطح الأرض، تحدها من الشمال محافظة ذمار، ومن الغرب أجزاء من أراضي محافظتي ذمار والحديدة، ومن الجنوب أجزاء من أراضي محافظتي الضالع وتعز، ومن الشرق أجزاء من أراضي محافظات ذمار والبيضاء والضالع.

وتعتبر تضاريس أراضي محافظة «إب» وعرة جداً، نظراً لوجود مرتفعات جبلية، تتخللها وديان عميقة، تجري في ممرات ضيقة، لها انحدارات حادة وطويلة، ومن أشهرها واديا «بنا» و«الدّر»، اللذان تغنى بهما عدد من الفنانين اليمنيين، لاخضرارهما وجمال تفاصيلهما، وأغلب هذه الوديان تصب في سهل تهامة غرباً، أمَّا الوديان التي تقع شرق محافظة إب فانها تصب في خليج عدن.

بينما تنقسم المرتفعات في «إب» إلى شمالية وجنوبية، ومن أشهر المرتفعات الشمالية جبال «يَرِيْم»، وأبرزها جبل «بني مُسلم»، الذي يرتفع ثلاثة كيلومترات عـن مستوى سطح البحر، إلى الغرب من مدينة «يَرِيْم»، ثم جبال «ظفار» الواقعة جنوب شرق مدينة «يَرِيْم»، وهي مقر الدولة الحميرية بعد مأرب، أما أبرز المرتفعات الجنوبية، فتأتي جبال «العُدَيْن»، التي تقع في الجهة الغربية من محافظة إب.

وتوجد في محافظة إب العديد من الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية، التي توارثها «الإبّيون» جيلاً بعد جيل، وتعتبر عامل جذب سياحي، ومن أهم تلك الصناعات، الفضية والفخارية والمعدات الزراعية، والتي تعرض في الأسواق الشعبية الأسبوعية المنتشرة في مديريات محافظة إب. ودخلت الأراضي التي تقع داخل محافظة إب التاريخ منذ القدم، حيث احتضنت أهم المراكز الاستيطانية من عواصم وحواضر الدولة اليمنية المركزية خلال فترات التاريخ القديم وعصر الدويلات الإسلامية، ومن ذلك الدولة «الحميرية» و«القرمطية» و«الصليجية»، والأخيرة كان آخر ملوكها، الملكة «السيدة الحرة أروى بنت أحمد»، التي عاشت في الفترة من 1085ـ 1138، وقد شهدت «إب» أثناء فترة حكم الملكة «أروى» مرحلة جديدة في النهوض الحضاري في كافة المجالات، فقد شيدت المساجد والجوامع الإسلامية، واهتمت بالتجارة والزراعة، وكانت أول من مهد الطرق في اليمن، لتسهيل شؤون التجارة ونقل المحاصيل.

وكانت مدينة «جبله» عاصمة الدولة «الصليحية»، وهي من المدن التابعة لمحافظة «إب»، ذات الطبيعة الساحرة والهواء العليل، وكانت تسمى مدينة النهرين، لوقوعها بين نهرين كبيرين، وترجع تسميتها بجبله إلى عبد الله بن علي الصليحي، الذي ابتناها في 1067، وسماها جبله، باسم يهودي كان يبيع الفخار في الموقع الذي بنيت عليه، وتقع جبله إلى الجنوب من مدينة إب، بمسافة ستة كيلومترات، وأصبحت عاصمة الملكة أروى، التي انتقلت إليها من صنعاء، وبقيت فيها حتى وفاتها في 1138، حيث تم دفنها في الجامع الذي شيدته.

ومن المواقع السياحية في محافظة إب، «دار العز»، وسميت «دار السلطنة»، وقيل إنها مكونة من 360 غرفة، على عدد أيام العام، وقد اتخذتها الملكة أروى مقرا لحكمها، وما زالت بقايا هذا الدار قائمة حتى الآن، إضافة إلى الحمامات الطبيعية العلاجية في مديرية «دمت» ومنطقة «الشعراني» في مديرية «العدين» وحمام «الاسلوم» بمديرية «الحزم» وحمام «القفر»، مع وجود عدد من الأودية الزراعية دائمة الخضرة والمياه الجارية، التي تشتهر بزراعة البن وقصب السكر والمانجو.

وهناك عدد من الحصون والقلاع، ويقع أبرزها في قمم الجبال بمحافظة «إب»، والتي شيدتها حضارات دويلات يمنية قديمة، مثل حصن وقلعة «سمارة» في مديرية «يريم»، وحصن جبل «حَب» في «بعدان»، وحصن «التعكرّ» في «جبله»، وتمتاز هذه الحصون بالفن والدهاء المعماري لقدامى اليمنيين، وتحتوي على «معاصر» الزيوت وآبار المياه، إلى جانب مخازن العتاد العسكري والغذائي. ويعمل أكثر من ثلثي سكان محافظة «إب» في الزراعة، يتركز معظمهم في مدينة إب والمدن التابعة لها، ويتميز سكان محافظة «إب» بحبهم للهجرة والاغتراب، فهناك عدد كبير من أبناء المحافظة مهاجرون في دول عربية ودول غربية، مثل السعودية ودول الخليج والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وبلغ عدد المهاجرين من المحافظة قرابة 200 ألف مهاجر، في آخر إحصائية للحصر السكاني في اليمن.

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: