[align=center]في الساعة السابعة صباحا استيقظنا من النوم و تجهزنا لمغادرة الشقة ثم ودعنا أصحابها إذ لم نستطع تحمل الجلوس فيها لليلة أخرى بسبب شدة برودتها كما ذكرت آنفا ....
و اتجهنا بعد ذلك لمطعم أبو خليل لبيع الحمص و الفول و يقع في وسط السوق فأفطرنا و حمدنا الله تعالى ثم ركبنا سيارتنا لزيارة أم فلان و هي امرأة من العرب الفواعرة تمتهن الخطابة و تيسير أمور الزواج للراغبين و يرجع سبب زيارتنا لها إلى أنها هي المرأة التي زوجَت صاحبي أبو ناصر من البنت الحمصية التي ذكرتها في أول الرحلة.
دخلنا عند أم فلان الخطابة و تكلمنا معها في موضوع طلاق أبو ناصر و بعد الانتهاء من الحديث معها خرجنا من عندها و توجهنا للبدء برحلة و جولة جديدة في ربوع الريف الحمصي الجميل ..
فانطلقنا بسيارتنا متجهين إلى منطقة الوعر و غوطتها الجميلة و مزارعها الرائعة ذات المناظر المنعشة للنفس و الروح و البدن ،و هذا المكان زرته مرارا و لكني في رحلتي هذه أريد أن أرى كل شيئ من جديد لأن سوريا في الشتاء تختلف عنها في الصيف ...
فبعض الأراضي التي كنت تراها قاحلة تراها الآن معشبة خضراء تسر الناظرين و بالعكس أيضا فأشجار الخوخ المورقة بالأزهار و المحملة بالثمار اللذيذة تراها خالية تماما كهيكل خشبي متهالك ...
و بعد استمتاعنا بمنظر المروج الخضراء رأينا مياه نهر العاصي و كانت تتدفق بقوة في الشتاء و استمتعنا عندها حتى بعبق رائحة التربة السمراء الخصبة ...
عند ذلك انطلقنا في طريقنا إلى مصايف حمص ...
انطلقنا متجهين على طريق طرابلس و بعد مسافة 30 كم تقريبا من حمص سلكنا طريق بلدة شين و كان الجو و المناظر هناك تثير شاعرية الحما....! فضلا عن الإنسان و واصلنا الطريق إلى بلدة برشين و سكان هاتين البلدتين من الفلاحين العلوية و في الطريق إلى بلدة عيون الوادي مررنا بسلسة من الجبال الرفيعة العالية الخضراء و رأيت منظرا لم أر مثله في حياتي ، كنا نسير بسيارتنا فندخل في الغيم إن صعدنا الشرف و إذا نزلنا قليلا رأينا الدنيا خضراء جميلة ثم نصعد مرة أخرة و نغيب في الغيم ثم ننزل فنرى الغيم فوق رؤوسنا منظر لا أنساه أبدا ...
و في ظهرة القصير و التي أسميها أنا و صاحبي برأس الجبل كان البرد هنا دوما يزداد شدة و ضراوة و أحببت الاطلاع على النبعة التي اكتشفتها و صحبي عام 1992 برفقة خال المدام و أسميتها منذ ذلك اليوم بنبعة فلان على اسمي :101: و تجدها عند مفرق الثكنة العسكرية في القصير بوسط الغابة فرأيناها تنبع بالماء العذب الزلال و لكن نظرا لقوة اندفاع الماء منها و هذه عادة الينابيع بالشتاء تركت الشرب منها لاختلاط الماء بالتراب و غيره بسبب قوة اندفاع الماء ...
ثم وصلنا إلى عيون الوادي و هي بلدة جميلة جدا و هي تختلف عن بلدة وادي العيون الرائعة فقد زرت الثنتين في رحلات سابقة ،بعد ذلك مررنا على عين حلاقيم و وصلنا أخيرا إلى مشتى الحلو و هو جبل ينسب لعائلة الحلو و فيه منتجع فخم و إذا كنت متزوج من فتاة سورية فالسكن فيه رخيص إذ سيكون الدفع بالليرة و ليس الدولار :107:
و نزلنا هناك أنا و صاحبي أبو ناصر و قررنا السير على أقدامنا يتبعنا السائق بالسيارة و كان المطر ينزل رذاذا خفيفا و بعد عمل الرياضة و الاستمتاع بالجو ركبنا سيارتنا و اتجهنا إلى الكفارين و هي جمع كفر و كفرون و معناها البلدة ...
خريطة الطريق الذي سلكناه :
و بعد أخذ جولة جميلة في هذه المنطقة اتجهنا صوب مرمريتا و معنى مار مارتيا يعني قديسة القديسين و هي بلدة سكانها من النصارى و هي تبعد عن حمص حوالي 60 كم و عن طرطوس حوالي 50 كم و يمكن ان يطل الناظر من على شرفات منازلها على ميناء طرابلس من جهة و قلعة الحصن من جهة اخرى و برج صافيتا من جهة ثالثة و على اجمل ما بدعه الخالق من مناظر طبيعية من كل الجهات
و هذه صورة لها :
ثم انطلقنا إلى دير مار جرجس في طريقنا إلى قلعة الحصن الرائعة و الدير المذكور قديم يعود إلى عصر الإمبراطور البيزنطي جوستنيان في القرن السادس الميلادي. و يضم الدير حالياً كنيستين قديمة بنيت في القرن الثالث عشر الميلادي و حديثة بنيت في القرن التاسع عشر والعديد من المساكن ...
و منها انطلقنا إلى قلعة الحصن و كان الجو رائعا و المنظر الجميل الذي لا أكاد أنساه هو منظر رجال و نساء بلدة قلعة الحصن و هم أظهروا القدور الكبيرة خارج منازلهم الموضوعة على أغصان الأشجار المشتعلة بالنار و يطبخون فيها بعض أنواع الحبوب و أظنها الفريكة ثم ينشرونها على أسطح بيوتهم و لذلك ترى أسطح بيوتهم مفروشة بالحصير و عليها هذه الحبوب منشورة للتجفيف ..
و للأمانة فإني لا أذكر تاريخ هذا المشهد هل كان في الشتاء أي في رحلتي هذه و التي كان تاريخها 24-2-1997 أو في أوقات أخرى ؟
و بعد وصولنا للقلعة استمتعنا بمنظرها البهي و ارتفاعها العلي :
و تبعد هذه القلعة عن حمص مسافة و قدرها 60كم و قد عرفت باسم حصن الأكراد بسبب أن بنو مرداس الكلابيون بنوها أول مرة عام 1031م وأسكنوها الأكراد لحماية الطريق.
ونظراً لأهمية موقعها الإستراتيجي فقد احتلها الصليبيون عام 1109م وعدلوا في بنائها ووسعوها لتخدم أغراضهم العسكرية. و منذ ذلك الحين عرفت لدى الأوربيين باسم Crac des chevaliers و تعد قلعة الحصن نموذجاً كاملاً للقلاع العسكرية المحصنة.
حاصر هذه القلعة نور الدين وصلاح الدين رحمهما الله تعالى وقت الحروب الصليبية ، ثم حررها الملك الظاهر بيبرس رحمه الله عام 1271م بعد أن نصب حاصرها و نصب عليها المجانيق و بعد تحريرها سمح للفرنجة المقيمين بها بمغادرة البلاد.
ومنذ عام 1927 تم إخلاء القلعة من سكان القرية المجاورة لها وأصبحت مزاراً سياحياً بعد أن تمًّ ترميمها.
كما زرنا في طريقنا لهذه الأرياف الجميلة بلدات كثيرة و لا أدري إن كان منها بلدتي مصياف و دريكيش و قد زرت هاتين البلدتين كثيرا و لكني لست بمتأكد إن كنت زرتهما في رحلتي هذه التي أدونها أم لا فالله أعلم :114:
رجعنا بعد ذلك إلى حمص العامرة و تعشينا في مطعم غازي ثم زرنا أخونا أبو خالد و بتنا في بيته و استمتعنا عنده بالدفئ الذي فقدناه في ليلتنا السابقة .....
[/align]
و سأواصل الحديث عن رحلتي في حلقات قادمة إن شاء الله تعالى
المفضلات