جاءنا الخبير الفرنسي بأمور البيئة, البروفيسور لوران قادما من العاصمة التركية اسطنبول في محطة عمله الثانية و حل ضيفا علينا , في مهمة عمل تستغرق يومان، و تم إسنادي أنا كمدير للعلاقات الخارجية بالشركة بمهمة مرافقته و تنظيم برنامج عمل مشترك على امتداد يومين عمل , و إرسال تقرير للإدارة فيما بعد يتضمن نتائج الزيارة و فعالياتها .
تم استقبال الدكتور لوران في اليوم الأول , بمقر الشركة حيث قام السيد لوران بإلقاء محاضرة تدريبية للسادة المهندسين و قمت أنا بمهمة الترجمة , تلا المحاضرة اجتماع مع أعضاء مجلس الإدارة , و تم بعدها إتمام بعض الأمور المستندية و الورقية في مكتبي الخاص . و بهذا انتهت فعاليات برنامج عمل اليوم الأول بنجاح , و عاد الدكتور لوران للفندق من اجل اخذ قسط من الراحة , و ذهبت إليه مساء من اجل اصطحابه بجولة ترفيهية مسائية
طبعا السيد لوران كان منتظرا في قاعة اللوبي الخاصة بفندق الميريديان حسب الموعد تماما و حضرت أنا بسيارتي من اجل اصطحابه و حسب الموعد المتفق عليه .
حسب برنامج الجولة الذي وضعته مسبقا , فيجب اصطحاب السيد لوران للاماكن المميزة لمدينة دمشق و التي تظهر تميزها و جمالها , فتوجهنا في البداية لجبل قاسيون حيث يمكن له التمتع بالمنظر العام لمدينة دمشق من أعلى سفح الجبل , و فعلا لحظة وصولنا للأعلى أبدى السيد لوران إعجابه الشديد بالمنظر العام لمدينة دمشق من أعلى , فمنظر الأضواء مساء كان جميل جدا و مساحة المدينة التي تأخذ بالاتساع و المنظر العام يعطي راحة نفسية للناظر, و تم اقتراح فكرة تناول طعام العشاء في احد المطاعم المطلة على سفح الجبل و بالتالي رحب السيد لوران بالفكرة و بدت علائم الرضا على وجهه , و فعلا قمنا باختيار مطعم مميز و تم اختيار طاولة مميزة أمام النافذة و جلس السيد لوران و الابتسامة على وجهه دليلا إعجابه بالجلسة .. و فجأة يظهر أمامي موظف بوجه لئيم و كريه ليقول لي ( عفوا أبو الشباب فهذا المكان مخصص للعائلات فقط !!) فقلت له : و ماذا يعني هذا الكلام ؟ فأجابني بغباء : يجب أن ترافقكم فتاة من اجل السماح لكم بالجلوس !! فقلت له مستغربا : و هل يبدو علينا علائم التخلف أو البله حتى ترفضوا استقبالنا بهذا المكان ؟ فانا موظف بشركة محترمة و لدي ضيف أشقر من بلد أوروبي وهو بروفيسور و من المعيب جدا الطلب منا المغادرة بعد أن جلسنا و بدءنا بالاستمتاع بالمنظر الجميل قبل أن تفاجئني بمنظرك! ماذا سأقول لضيفي ؟ كيف سأبرر الموقف ؟ فأجابني و أحسست نفسي أواجه كتلة من الغباء و الغلاظة : يمكنك الجلوس و الاستمتاع هناك و أشار بإصبعه إلى مكان مقابل يخلو من أي منظر !! فهنا مخصص للعائلات فقط !!
اسقط من يدي فانا اكره الحوار مع الأغبياء و لا أحب جدال الطرشان !! و طلبت من ضيقي القيام !! و دار الحوار التالي بيننا وباللغة الإنكليزية :
السيد لوران : ما المشكلة مع هذا الرجل ؟؟ لماذا غادرنا المكان ؟؟
قلت له : آسف هو يدعي أن المكان مخصص للعائلات و لا يمكننا الجلوس فيه !!
السيد لوران : ماذا يعني هذا ؟؟هل من الممكن أن تشرح لي وجهة نظره ؟؟
قلت له بارتباك : يجب أن ترافقننا فتاة على الأقل ليسمح لنا بالجلوس !!
السيد لوران : هههه و يتمتم ببعض العبارات الفرنسية و يقول لي : ما العبرة من اصطحاب فتاة من اجل لسماح لنا بالجلوس ! نحن سنقوم بتسديد قيمة الفاتورة و لدينا المال الكافي لذلك !! ما الفرق ؟؟
فقلت له : هذه هي القوانين هنا !! لأنهم يظنون أننا سوف نقوم بالنظر إلى الفتيات الجالسات على الطاولات المجاورة و إحراجهن مع أقربائهن أو أزواجهن لأننا لا نملك أنثى معنا على الطاولة !!
السيد لوران مستغربا : What !!! ماهذا المنطق السخيف ؟ هل يعني هذا أننا إذا دعونا أي فتاة سيقومون بالسماح لنا بالجلوس ؟
فقلت له : نعم يا سيدي !! هذا هو الواقع !! فهم يعتبرون أوتوماتيكيا بان أي مجموعة من الشبان لا يضمون إناثا ضمن تشكيلتهم مجموعة من الزعران و المعتوهين’ و ظاهرة يجب مكافحتها!! حتى و لو كانوا مجموعة خبراء كحضرتك !!
السيد لوران : من غير المعقول أن تفكرون بهذا المنطق !! ماذا عن احترام الإنسان ؟؟ هل من المنطق افتراض ذلك ؟؟
فقلت له : هم يفكرون ولست أنا !! أنا مستغرب مثلك !!
السيد لوران : و ماذا عن خدمة الزبائن , ماذا عن رضى الزبون . ماذا عن الدعاية للمحل , أهكذا يعامل الزبون !
قلت له : خدمة الزبائن و قياس رضى العميل تكون لدى بداية أي بيزنس لدينا , أما في حالة انطلاق العمل و رواجه فلا أهمية للزبائن , المهم فقط تحصيل المال من الزبائن !! و الزبون الذي يصطحب فتاة سيقوم بالدفع محرجا مهما علت قيمة الفاتورة حفاظا على بريستيجه أمام فتاته !!
و تفشل مهمة دعوة العشاء و نغادر المكان و سحنة الموظف اللئيمة تتابعنا و تتأكد من مغادرتنا للمحل , و السيد لوران يقوم بقراءة بعض التمائم باللغة الفرنسية و أظنه يقول وباللغة الفرنسية و استنادا لحاستي السادسة و بديهتي ( اناس بلهاء حقا !!!!) عرضت عليه اختيار مطعم آخر فقال لي: لا فقد اكتفيت !!
المهم حان وقت الجولة الثانية و ستكون ضمن دمشق القديمة , نزلنا بالسيارة إلى منطقة دمشق القديمة , و حمدا لله لم يحدث معي إرباك هناك , قمت بإيقاف السيارة في مكان مخصص , و بدءنا سويا بالمشي على الأقدام و استعراض جمال البلدة القديمة و عراقتها , مررنا بالمنازل العربية الخشبية القديمة , و بدت علائم الاهتمام على وجه الدكتور لوران و أنا اشرح له ما تيسر لي من معرفة حول مدينتي و أهلها , و فجات أصادف شابا واقفا أمام احد المنازل و كان يراقبني و أنا اشرح للضيف و باللغة الانكليزية ... قاطعنا بأدب و عرف عن نفسه و بلغة انكليزية طليقة و بكل احترام وطلب مني السماح له بالتدخل من اجل شرح أفضل عن المدينة القديمة فكلامي ينطوي على بعض الأخطاء . و بدا علينا الاهتمام بهذا الشاب و فوجئنا بدعوته لنا بالدخول إلى المنزل من اجل احتساء شاي و استعراض أفضل للمنزل من الداخل . و سبقنا للداخل من اجل إخبار أهله بقدوم ضيف, و دار بيني و بين الدكتور لوران الحوار الودي التالي :
الدكتور لوران : هل حقا بان هذا الشاب يدعونا لدخول منزله ؟؟
قلت له و بكل بساطة : نعم
الدكتور لوران مستغربا : و لكننا لا نعرفه و لا يعرفنا !!
قلت له : و المشكلة في ذلك , نحن شعب مضياف و نحب الضيف و نكرمه
الدكتور لوران : ما الذي دفعه لدعوتنا ؟
قلت له: يريد أن يقدم لك شرحا أوفر عن المدينة القديمة , و يطلعك على المنزل من الداخل .
الدكتور لوران : و ما مصلحته بذلك ؟
قلت له : لاتوجد مصلحة و إنما يوجد انتماء و فكر عال .
الدكتور لوران : كيف ؟
فقلت له : ببساطة يريد أن يعطيك أجمل انطباع عن البلد و أهله .
الدكتور لوران : حقا انه شعب ودود و لطيف و مثقف و محترم .
قلت له : شكرا , نحن فعلا كذلك و ابتسمت بقرارة نفسي عندما لاحظت أن آثار القرف الذي تركها موظف المطعم قد زالت لدى الضيف .
- دخلنا المنزل بعد أن تقدمنا الشاب بوجهه البشوش , و استقبلتنا أمه و جدته بوجه بشوش أكثر و أبيه الذي بدا يتكلم و بلغة انكليزية ركيكة و ظريفة : يو ويلكوم يو ويلكوم !
- بدأنا بالتجوال في أركان المنزل العريق و بدا الشاب يشرح لنا عن المنزل و أقسامه و مميزاته و نحن ننصت له باهتمام و كأني اسمع تلك المعلومات و للمرة الأولى , بينما انصرفت أخت الشاب من اجل إعداد الشاي و تهيئة قطع الحلوى .
- و بعد أن فرغنا عدنا للجلوس مع العائلة بترحيب متواصل بنا من قبلهم و بنظرات حنونة و باسمة من قبل الأم و الجدة تعطي ارتياحا و راحة نفسية للضيف الذي بادلهم بنزع قبعته تحية للنساء على الطريقة الأوروبية الكلاسيكية الراقية , ووالد الشاب الطيب يكرر العبارة الركيكة الظريفة : يو ويلكوم يو ويلكوم , و شربنا الشاي و أكلنا قطع الحلوى , و غادرنا منزل الكرام ضمن معمعة كلامية ودودة بهدف إبقاءنا من اجل العشاء , و ابتسامات الاستقبال نفسها رافقتنا لدى الوداع و كما رافقتنا عبارات الوالد الطيب الظريفة نفسها : يو ويلكوم يو ويلكوم .
و استمرت الجولة و مررنا بالجامع الأموي و مررنا بمقهى النوفرة , و توقفنا لدى بائعي الفول النابت و عيون أهل بلدي تنظر إلينا برفق و ابتسامة و ترحب بي و بالضيف دون كلام و الذي بادلهم بنفس الابتسامة و التحية .
توقفنا من اجل تناول العشاء في احد مطاعم دمشق القديمة في باب توما , و الحمد لله , بادرتنا إدارة المطعم باستقبال جيد و عرضوا علينا الجلوس و انتقاء طاولة حسب اختيارنا , المطعم كان معدا و مهندسا بطريقة ذكية و التراث الدمشقي العريق كان ظاهرا من خلال الديكورات الداخلية . استمتعنا بالعشاء و استمتعنا بعروض الميلوية و عزف العود و الأغاني التراثية اللطيفة التي كان يؤديها شاب محترف .
بعد الانتهاء , عدنا إدراجنا مشي على الأقدام و كانت ساعات الليل الأولى قد حلت و بدا واضحا سحر الشوارع و هدوءها و الأمان التي تتمتع به مدينتنا حتى في ساعات الليل المتاخره , فالناس قد هدأت حركتهم بشكل ملفت و المارة أصبحوا ندرة و اغلبهم بدت علائم النعاس على وجوههم , و لكن الابتسامات لا زالت هي نفسها !!
عدنا لمكان توقف السيارة , و طلب مني الدكتور لوران التوجه إلى الفندق فلدينا يوم عمل حافل غدا !!
عدت إلى فندق الميريديان و تقصدت إطالة الطريق و قيادة سيارتي ضمن شوارع دمشق الراقية , و ابدى الدكتور لوران إعجابه بجمال المدينة و حداثتها , فالشوارع نظيفة و مضاءة و الامتداد العمراني للمدينة بدا واضحا و ملفتا و الحركة مستمرة بالمدينة رغم الساعة المتأخرة من الليل , و ساحاتها مضاءة و مطاعمها مليئة , ودار بيننا الحوار البسيط التالي :
الدكتور لوران : لقد زرت دمشق من قبل و لمدينتكم سحر خاص يجذبني لها , فهي ليست بمستوى تطور باريس طبعا و لكنها فعلا جميلة .
أنا : هناك تطور عمراني و حضاري مستمر ببلدنا و نحن نتقدم بشكل مستمر .
الدكتور لوران : هذا واضحا و جليا , فلديكم بعض من الشوارع لا تقل بمستواها عن شوارع أرقى العواصم العالمية و من الواضح أن حركة العمران مستمرة و هناك نشاطا و توجه مستمر و دائم للارتقاء لمستوى التنظيم و الهندسة المدنية الموجود بدول آسيا المتطورة كهونغ كونغ و سنغافورة و ماليزيا , انتم لم تصلوا بعد للمستوى الذي أتحدث عنه و لكنكم ستصلون يوما ما ,و الأبنية الإسمنتية التي تنتظر الاكتساء خير دليل على هذا التوجه الجاد .
أنا : و الشيء المميز هو التناغم ما بين التراث القديم و ما بين العمران الحديث , و هذا يعطي سحرا خاصا لدمشق
الدكتور لوران : سوف لن أجاملك كثيرا !! هناك بعض السلبيات موجودة و يمكن تلافيها بشي من التخطيط و العمل .
أنا : ماهي على سبيل المثال ؟
الدكتور لوران : أعداد السيارات الحديثة في تزايد مستمر و هذا ينذر بأزمة مواصلات , و لديكم أزمة حقيقية في ركن السيارات ! انظر كيف أن السيارات مركونة بطريقة فوضوية !! انظر إلى هذا الشخص الذي ركن سيارته بطريقة غبية بحيث انه احتل مكانا مخصص لثلاث سيارات , انظر إلى هذا الباص و الذي يبلغ طوله 6 أمتار على الأقل !! هل من المنطقي ركنه على الرصيف بهذا الشكل!! لماذا تركن السيارات على الرصيف و هو مخصص للمشاة ؟؟ أين المواقف الطابقية الخاصة و التي يجب أن تعد و تجهز لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السيارات ؟؟ لماذا لا يخطط المكان الخاص لتوقف السيارة بحيث يلتزم السائق بركن سيارته ضمنه ؟؟ لماذا هذا التبعثر العشوائي ؟؟ و من ناحية أخرى أين محطات الوقود ؟ انظر إلى محطة الوقود تلك , إنها مزدحمة و بخط سيارات على امتداد أكثر من 25 متر و نحن في ساعة متأخرة من الليل !!
أنا مقاطعا : فعلا إنها سلبيات و لكن أتوقع بأننا سنتجاوزها قريبا , فهي كما قلت بحاجة لقليل من التفكير و الجهد , و لكن يبقى الشيء المميز لبلدنا , و هو طيبة أهله و وودهم و حبهم للغير و استعدادهم لتقديم العون لأي محتاج و بأي وقت و اهتمامهم بالآخر , على عكس بعض المجتمعات التي يتصف أهلها ببعض الانطوائية و السلبية في التعامل مع الآخرين
الدكتور لوران : أنا اتفق معك تماما بهذه الفكرة .
- أوصلت الدكتور لوران للفندق , لقد قمنا بجولة مسائية ناجحة و علائم السرور و الرضا واضحة عليه و اتفقنا على اللقاء في صباح اليوم التالي و بوقت معين من اجل القيام بجولة عمل ميدانية في ضواحي دمشق !!!!!
جاء صباح اليوم التالي, و حضرت لفندق الميريديان و استقبلني الدكتور لوران بقاعة الفندق بوجه بشوش و باسم يعبر عن مدى سعادته بليلة الأمس ,. و انطلقنا سويا بسيارتي متجهين إلى خارج حدود المدينة !! و توقفنا بمحطتنا الأولى بمنطقة متطرفة و ركنا السيارة و بدءنا بالسير من اجل الوصول للمعمل المراد زيارته .
و هنا بدأت الصورة بالتغير شيئا فشيئا !! لقد استبدلت ملامح مدينة دمشق البهية بملامح كالحة تعكس إهمال التنمية الريفية !! شوارع محفرة !! أبنية عتيقة !! أطفال صغار يلعبون يالحارات و يركضون بالحجارة وراء القطط !! و يراوغون سيارات مسرعه داخل الحارات و بحركات اكروباتيه !! أين الأماكن المخصصة للعب الأطفال ؟؟ لماذا يلعبون هكذا بالشارع و يعرضون أنفسهم للخطر ؟؟ أين أهل هؤلاء الأطفال ؟؟ لماذا اختلفت الصورة بهذا الشكل ؟؟ أسئلة فوضوية متبادلة كنا نطرحها على بعضنا البعض أنا و الدكتور لوران .... حتى فاجأنا كيس قمامة اسود اللون كان قد قذف من شرفة طابق عال و استقر على بعد خطوات منا و لم يصيبنا و الحمد لله و لكن السوائل التي كانت فيه و التي طرشت و جهنا و ملابسنا دلت على محتوياته !! فالكيس كان يحوي طبخة قديمة مخلوط بشي من عصارة بطيخ أو نوع فاكهه معين !! لا ادري!! و لكنه من المؤكد انه يحتوي على مواد عضوية و دل على ذلك مجموعة القطط التي هرعت من اجل البحبشة فيه و التقاط بعض محتوياته !!
أكملنا المسير و لكن الحظ لم يحالفنا في المطب الثاني !! ليفاجأ مسيو لوران بسيل من المياه غير المعقمة أبدا تنصب فوق رأسه و تلوث قبعته و تنساب على سترته مرورا بياقة قميصه و ربطة عنقه !! نظرت إلى الأعلى فوجدت سيدة تقوم بغسيل حافة شرفة منزلها بسطل ماء !! و من خلال ملاحظتي للون الماء الكالح الذي انصب على راس الدكتور لوران! يبدو أن هذا السطل كان قد استخدم لأغراض مسح بلاط قبل أن يندلق علينا!!! , و الغريب أن تلك السيدة كانت تتحدث مع جارتها حين قيامها بمهمة رشمنا!! , و لم تكن منتبهة أو مكترثة للمارة أسفل شرفة منزلها , نظر الدكتور لوران للأعلى غاضبا و قبل أن يعترض فوجئنا بسطل آخر و قد اندلق من نفس الشرفة و لكن و بحركة بهلوانية بارعة تمكنا من تلافيه و الابتعاد عنه , و بالنتيجة زاد غضب الدكتور لوران و لكنني و بحكمة متناهية تمكنت من امتصاص غضبه و المضي للأمام دون طلب أي اعتذار من راشمة المياه وإلا اعتبروها تحرشا و يمكن أن يؤدي هذا لمشكلة مع سكان الحي تتطور لقتالة و يمكن أن تتطور لجريمة شرف !!!! و لاحظت الدكتور لوران يقول بعض التمائم و باللغة الفرنسية و أظنه يقول و اعتمادا على بديهتي و حاستي السادسة ( اللعنة !!!)
مضينا إلى المعمل المذكور و استقبلنا عناصر إدارته بحفاوة و كرم يماثل حفاوة و كرم العائلة الكريمة التي استضافتنا بالليلة الماضية , و انتهينا و عدنا باتجاه السيارة و عندما وصلنا لنفس المكان أسرعنا خشية تلقي قذيفة مشابهه و الحمد لله لم نتلقى قذائف , ووصلنا للسيارة و قبل أن استقلها لاحظت وجود خدش عرضي على باب السيارة الجديدة مزيل بتوقيع استعمل فيه بسمار معدني أو مفتاح !!! طبعا أنسم بدني و لكنني أخفيت انسمام بدني خشية وقوع معركة تتحول إلى كارثة مع سكان الحي فيما إذا اعترضت على الأذى المقصود الذي حل بسيارتي .
مضينا بالسيارة متوجهين لمعمل أخر يبعد حوالي الخمسة كيلومترات عن المعمل الأول , و على الطريق الإسفلتية المغطاة بطبقة طينية نتيجة لهطول زخات مطر بسيطة بدأت الصورة تزداد سوءا و تخلفا !!
أكوام من الزبالة المتنوعة بأشكالها و روائحها على يمنة و يسرة الطريق , هذه الأكوام قد زينت بأكياس نايلون ترفرف مع الرياح وكأن قاذف هذه القمامة ليس لديه الوقت الكافي لوضعها في أكياس نايلون مخصصة لها فقام بقذف القمامة و إرفاقها بكيس النايلون الخاص بها حيث تقوم البلدية فيما بعد بوضع قمامة كل منزل بالكيس المرفرف أعلاها !!
و دار بيني و بيني الدكتور لوران الحديث التالي :
الدكتور لوران : لقد اختلفت الصورة تماما عن الشوارع التي كنا نسير بها الليلة الماضية !! لماذا هذا الإهمال؟
أنا : نعم فنحن الآن في الريف !! و غادرنا المدينة !!
الدكتور لوران : So What؟؟ ماذا يعني هذا ؟؟ هل الخدمات لديكم تقدم للمدن دون الريف ؟؟
أنا : ليس بالمعنى الصحيح , و إنما تلك المناطق تعتبر مناطق فقيرة !
الدكتور لوران : حتى لو كانت فقيرة ؟, فالتنمية يجب أن تكون بعملية أفقية , أي المدينة و الريف معا , نحن في أوروبا نقطن بالأرياف و يكون مركز عملنا المدن !! يجب أن تكون خدمات الريف هي نفسها المقدمة للمدينة
أنا ساخرا : التخديم لدينا يكون فقط بالمناطق التي يقطنها أغنياء و الناس المهمين , أما هنا فالناس فقراء ولا داعي للعناية بتلك المناطق !! يكفي أن لديهم كهرباء وبعض الخدمات الضرورية !!
الدكتور لوران : ماهذا المنطق ؟؟ أيختلف الإنسان القاطن في الريف لديكم عن الإنسان القاطن بالمدينة ؟ ما الفرق ؟؟ الجميع مواطنون و الجميع معنيون ببناء المجتمع !!
أنا : قد يختلف بمنظور بعضهم !!
الدكتور لوران : هذا جواب غير منطقي !! انظر إلى فوضى الشوراع !! انظر إلى هذه الحافلة ( و يقصد مكرو) كيف توقف و بشكل مفاجيء من اجل أن يقل احد الركاب , و تسبب بأزمة مرورية , اسمع هذا الزمير المتواصل !! يا رجل راسي تصدع من شدة الزمير !! اشعر و كأني انتقلت إلى بلد يختلف عن البلد الذي كنت فيه بالأمس !!
قلت له ممازحا : في الواقع هذا فولكلور لدينا !! و هذا الشارع شبيه بطريق جسر البوسفور الموجود بتركيا و اظنك مررت به في محطتك السابقة , و الذي يصل مابين قارتي آسيا و أوروبا هههه , اعتبر نفسك تعبر جسر البوسفور الآن هههههه , هذا اسمه طريق خط ميكرو البوسفور !! ههههههههههههههههههههههه !!!! و نظرت إليه من اجل استدلال معالم وجهه بعض تعليقي و مزاحي !!
الدكتور لوران : فولكلور !!!! خط ميكرو بوسفور !!!!! هههههههههههههههههههه !! ضحكة صفراء مقنعه !! ليعود وجهه للجمود فورا و يتمتم ببعض العبارات وباللغة الفرنسية و اظنني و بفضل سرعة بديهتي و حاستي السادسة قد فشلت بمهمة مزاحي معه !!
- دخلنا بطريق فرعي , ذو اتجاه واحد , لأفاجأ بسيارة بيك أب يسير سائقها مسرعا و باتجاه معاكس و كاد أن يصدمني , و لكنه مر بجانبي و شتمني !!! نظرت ورائي نحو هذا المخلوق الذي انتهك حرمتي على الرغم من كونه مخالفا و مخطئا !! لأفاجأ بصرخة من الدكتور لوران يقول بها مذعورا :
Watch up , watch up !! look out look out !!! aoh my god !!!
و بحركة لا إرادية نظرت للامام و ضغطت على فرامل السيارة و أنا أراها مندفعة باتجاه سيدة تدفع عربة معبأة بطفلها الصغير !! لمنتصف الشارع و بطريقة تدل على عدم اكتراث !! و هي تنظر لي بغباء منقطع النظير ! و تقارن المسافة التي تفصل مابين صدام السيارة و صدام عربة طفلها !! و تسرع دافعة العربة للطرف الآخر من الطريق , و طبعا شتمتني هي الأخرى !! على الرغم من كونها مخطئة خطئا فادحا !! و اذكر بعض العبارات منها : العما بقلبك !! مالك طاسس !!العين تطرقك !! و حركات و إشارات كنت اتابعها من خلال النظر بالمرآة الخلفية للسيارة بينما كنت أتابع سيري .
و عاد الحوار ليدور بيني و بين الدكتور لوران مرة أخرى :
الدكتور لوران : ماذا تفعل هذه السيدة ؟ هل من المعقول أن تعرض حياة ابنها للخطر بهذا الشكل ؟؟
قلت له : كانت تريد عبور الطريق , و هي تدفع عربة طفلها أمامها من اجل أن تضعني أمام الأمر الواقع و تجبرني على التوقف !!
الدكتور لوران : و ماذا فيما لو لم تتمكن من التوقف ؟ من المؤكد بأنك سوف تصدم العربة الصغيرة ؟
قلت له ساخرا و كأنه قد اسقط من يدي مرة أخرى : لا تخف يا سيدي فان عربة الطفل الصغير مجهزة بصدام مماثل لصدام سيارتي , و من المؤكد بان الأضرار ستكون طفيفة !! ههههه , اعتبرها فولكلور محلي هههه
الدكتور لوران عابسا : هههههههه !! فولوكلور هههههههه و يعود لبعض التمائم الفرنسية !!!
أحسست براحة نتجت عن حالة استسلام , فهناك بعض من المظاهر السيئة لا تقبل التبرير , هو لن يصدقني إذا حاولت تبريرها , و هي غير قابلة للتبرير أصلا !! و يبقى الأسلوب الساخر هو البديل !!
بفي أمامنا مسافة بسيطة للوصول للجهة المقصودة , أريد الوصول بأي شكل و العودة و إنهاء هذه المهمة ... لكن الموضوع ليس بهذه البساطة !! هناك ظاهره غريبة ستصادفنا !!
حيث توقفت حافلة نقل ركاب ( ميكرو ) فجأة أمامي تماما , و اضطررت للوقوف أيضا حيث أنني كنت أقود سيارتي وراء الميكرو تماما , و بدأت بانتظار سائق الميكرو بان يتحرك حيث أن زمير السيارات خلفي بدا بالهدير فورا .. و لكن سائق الميكرو لم يتقدم ...!! ماذا حدث؟؟ بدا هيكل الميكرو بالاهتزاز أمامي و بحركة أفقية و ثم شاقولية و يعود لاهتزاز أفقي تارة و شاقولي تارة أخرى !! مترافق مع كتلة غبار نتجت عن الحركة و كأني أرى سجادة تتعرض للنفض !! كنت أراقب الميكرو باندهاش !! و يشتد الاهتزاز !! و ينفتح باب الميكرو , و يسقط منه مجموعة من الركاب على الأرض و هم يتلاكمون و يترافسون !!! لا اعلم كم كان عددهم !! سبعة ؟, ثمانية , تسعة !! كتلة بشرية انبثقت عن الميكرو في حالة مشاجرة عنوانها ضرب و رفس و لكم فوق الحزام و تحته !!
الدكتور لوران : ما هذا ؟؟ ماذا يحدث ؟ لا تقل لي أن هذا فولكلور أيضا !!
أنا : ماذا ؟؟ لا ادري !! بالطبع ليس فولكلور !! أنا لا اعلم ما يجري !!
توقف كل من المتصارعين على قدميه حيث أن معظمهم كان ملقى على الأرض نتيجة الاندلاق من الميكرو!! و توجه كل منهم باتجاه خصمه اللدود بجرأة و تياسة منقطعة النظير و التحم الجمعان و بدأت عمليات الركل و الرفس و اللكم و الخرمشة و العض و كأن كل منهم يواجه عدوا لدودا يريد إيقاع اشد أنواع الأذى به و لا يواجه مواطنا من أبناء جلدته و أخ له يعيشون ببلد واحد !!!
الدكتور لوران : ماهذا !!! لماذا يتشاجرون ؟؟
أنا و بهدوء غريب : إنها مشاجرة جماعية يا سيدي !!! من الواضح أن هناك سوء فهم أو خلاف بالرأي ما بين مجموعة أفراد داخل الميكرو , و هم الآن يزيلون سوء التفاهم هذا على طريقتهم !!
الدكتور لوران : و هل يزول الخلاف بالرأي على هذه الشاكلة , انظر كيف يتعاركون بطريقة همجية !!
أنا : هم يتبعون المقولة الشعرية : السيف اصدق أنباء من الكتب ... هههه
الدكتور لوران ( طبعا لم يفهم مقولتي الشعرية ) : هذا ليس تحضرا !! هناك الكثير من الحلول يمكن إتباعها للالتقاء بالرأي قبل التوصل لنقطة الالتحام بالأيدي !! هذا لو فرضنا انه أسلوب مقبول !!!
أنا : حسب الفولكلور الخاص بنا فإنهم يبدؤون من النهاية , و بمعنى آخر فإنهم سيتبعون أسلوب الحوار و النقاش و الأساليب الدبلوماسية بعد أن ينتهوا من القتالة !! و يمكن بعدها أن يتفقون و يتصالحون و لا تستغرب بان تراهم يعقدون حلقة دبكة أيضا !!
و يشتد العراك بالخارج و يقوم الدكتور لوران بالتأكد من أن أبواب السيارة مقفلة من الداخل , و يشتد زحام السيارات خلفنا !! و حظي العاثر جعلني بمقدمة السيارات و جعل السيد لوران يشاهد الاستعراض بشكل كامل !! و حيث أن بعض العقلاء تدخلوا لمحاولة فض الشجار و تلقى بعضهم شيئا من اللكمات و الرفسات ! جاء دور العراك الكلامي الذي امتزج مع عراك الأيدي , فلقد جاء دور كل منهم بشجب و ندب شجرة عائلة الآخر , ابتدءا من أفراد العائلة نفسها و انتهاء بالجد الرابع عشر للخصم!! , طبعا السيد لوران لم يفهم عبارات الشتم باللغة العربية , و لكن حظي العاثر جعل المتعاركين يشرحون لبعضهم و بإشارات اليد و الأصابع ماذا يقصد كل منهم و يريد تنفيذه للآخر !!! من اجل أن يستوعب الدكتور لوران فحوى الشتائم!
طبعا الشحاطات البلاستيكية الخاصة بالمتعاركين قد تناثرت , و يبدو انه من الصعب على كل منهم إيجاد فردة شحاطته بعد الانتهاء من العراك !! و القمصان قد خرجت من مواضع تثبيتها بالبنطال و احد المتعاركين كاد أن يفقد بنطاله نفسه !! شرطي المرور اكتفى باستعمال صفارته من بعيد خشية التدخل و فقدان شي من ملابسه الرسمية !!
الدكتور لوران : ماهذا ؟؟ أين البوليس ؟؟ يجب إنهاء هذه المهزلة فورا !!
أنا : من المؤكد أن دورية الشرطة في طريقها إلينا و لكنها قد توقفت ضمن خط زحام السيارات ورائنا و ستصل بعد انقضاء المشكلة و تحرك عجلة السيارات من جديد !!
ولفت نظري شاب قصير القامة , يقفز للأعلى عدة مرات و أمامه احد العقلاء يحاول منعه و يقول : اتركوني عليه اتركوني عليه !!
احد المتعاركين كان يتعارك مع خصمه و سيجارة الحمرا القصيرة بطرف فمه , و آثار دخانها الذي تسرب لعينيه واضح من خلال إغماض إحدى عينيه أثناء المعركة و إبقاء الأخرى مفتوحة , و استفاد من تدخل احد العقلاء من اجل أن يسحب رشفة سيجارة و ينفس دخانها و يعود لالتحام مرة أخرى !!
و احدهم كان قد توجه بسائل فموي تجاه الآخر ,أصاب شيء منه زجاج السيارة , و قمت بتحريك ماسحات الزجاج عدة مرات لإزالته !!
الحلقة غير المفهومة أبدا , كانت سيدة قد شلحت شحاطتها و انهالت بالضرب على ولدها الصغير !!! لا اعرف لماذا ؟؟ يبدو أن الحال أخذها هي الأخرى و أرادت المشاركة و لو معنويا !!!
تمتمت بصوت عال : الله ايمرق هالنهار على خير بقى !!
الدكتور لوران : اوه شانتيه سوفاج جودوي لافو اختفو !! ديماج تراسميون لافي !!!
هدأت المعركة أخيرا و تفرق المتعاركون , و هدأت حركة السب و الشتم و تحرك السير من جديد , حيث أن الميكرو توقف على يمين الطريق فاسحا المجال أخيرا لخط السيارات المتراكم بالمرور // حيث أن سائقه كان قد اشترك بالمعركة أيضا !!// , مضيت بالسيارة ولا اعلم ماذا حدث بعد الخناقة و لكن من المؤكد أنهم تصالحوا !! و تنفست الصعداء و لكنه اسقط من يدي مرة أخرى و أنا على يقين بان الصورة الجميلة لرحلة الأمس قد تبعثرت !!
و صلنا أخيرا للجهة المقصودة !! و لفت نظري الدكتور لوران و هو يمشي حذرا خشية الاحتكاك بأحدهم و الدخول معه بمعركة غير متكافئة !!
انتهينا !!!!!! و عدنا !!! وودعنا البروفيسور لوران , حيث أن موعد طائرته كان في مساء نفس اليوم .
بقي علي التقرير الذي يجب أن أوجهه للإدارة و سوف استبدله بتقرير آخر سوف أتوجه به للسادة المسؤولين – و أنا أكن لهم احتراما عاليا - من هذا المنبر الحر و المحترم العرب المسافرون على شكل أسئلة سألها الدكتور لوران , سأختصرها و ساصيغها حسب طريقتي الخاصة :
أنا و كمغترب عدت حديثا لأرض الوطن , أجد نفسي محبا لبلدي و غيورا على مصلحته , و لاابالغ بقولي باني من اشد الناس حبا بهذا البلد و شعبه الذي هو أهلي و ناسي و أخوتي بالله و أصدقائي , و هو يستحق ذلك
1- ألا يستحق الريف اهتماما يتناسب مع الاهتمام بالمدينة !! و هو اكبر حجما و اتساعا و يكتظ بالغالبية من السكان ؟؟
2- لماذا لا يأخذ سكان الريف حقهم بالتنمية كما هو الحال بالمدينة , فالإنسان هو نفسه هنا و الإنسان هو نفسه هناك ( لحم و دم و أيدي و أرجل و شعر ) – مع قناعتي بان الريف يتميز بسكانه عن المدينة ! فالإبداع و التفوق الدراسي و النجاح الفردي بسكان الريف أكثر منه في المدينة ؟؟
3- لماذا لا تسن و تطبق و تنفذ !! قوانين تمنع العراك بالأيدي ؟ و يطبق جدول عقوبات مادية(غرامات) تطبق على المعتدي على الآخر ؟ فالإنسان له حرمة و كرامة و اعتبار وأمر منافي للمنطق و الطبيعة توجيه صفعة للوجه من اجل خلاف معين !! فكيف بضرب و لكم و رفس !!! لماذا لا يكون القانون رادعا قويا لمن تسول له نفسه التطاول على الآخر .؟؟
أنا أكاد أصادف مشاجرة بشكل أسبوعي تتطور لاحتكاك بالأيدي أسبابها تكاد أن تكون تافهة !! ابتدءا من خلاف على تسعيرة عداد تكسي أو أسلوب قيادة سيارة ارعن مرورا بشاب تحرش بفتاة تلبس لباسا فاضحا و مثيرا !! و انتهاء بخلاف من اجل زورة أو نظرة مابين شابين !! لماذا لا يتم وضع حد لهذه الأمور؟ لماذا تلقون اللوم على شاب تحرش بفتاة ؟ و لا تلقون باللوم على الفتاة نفسها بطريقة لباسها و إغرائها للشاب , لماذا لاتكون هناك شرطة نسائية من اجل مخالفة الفتاة التي ترتدي لباسا مخالفا للحشمة و الأدب ؟ و يكون القانون رادعا للفتاة أيضا لا للشاب وحده؟؟ كما هو الحال بارقى المجتمعات !!
إننا كشعب نكاد نتفوق على شعوب كثيرة , فلدينا تاريخ و انتماء و فكر و قدرة على العمل و الإبداع و المسؤولين في بلدنا هم خيرة المجتمع و لا تنقصهم الخبرة و العلم و الثقافة , و إنما قد ينقصهم النزول للشارع و الاحتكاك مع الناس!! نحن نحترمكم و نقدر حجم مسؤوليتكم , فدعونا نعمل يد بيد من اجل الظهور و التميز و لا تسمحوا لكلمة ( عوجا ) أن تتسلل لثقافة مجتمعنا !! و تحبطه !! فالأعوج يمكن تقويمه بالعمل .
ملطوووووووووووووووش
المفضلات