بسم الله الرحمن الرحيم

بالأمس عدت من مدينة حمص الجميلة بأهلها و قد كانت رحلتي سياحية خيرية... الهدف منها الراحة و الاستجمام و تغيير الجو مع الاستمتاع بعمل الخير للفقراء و المحتاجين و قد كان سلاحي في هذه المهمة الجليلة صرة صغيرة من المال قد تزيد قليلا عن ال 20 ألف ليرة سوري إضافة إلى رجلين كريمين من أهل حمص لهم صلة و معرفة بالفقراء و المحتاجين ... ولا أخفيكم أن هذه الرحلة قد سبقتها رحلات كثيرة إلى حمص لكن هذه المرة طعمها مختلف بل ما زالت نكهة هذه الرحلات و الشعور الرائع الذي أحسسته وقت زيارتي للفقراء يلاحقني و ما زال صوت دعوات الناس يرن في أذني ...

الوقفة الأولى :

زيارتي كانت لعائلة فقيرة تتكون من أب و زوجة و أربعة أطفال مثل الورود ... أبوهم رجل فقير راتبه لا يزيد عن 5 آلاف ليرة شهريا و منزله مخالف و يتكون من غرفة واحدة و حمام و مطبخ فقط ... الأب المسكين كان يعمل حارسا لأحد ورش البناء و ذات ليلة من ليالي رمضان المنصرم 1430 هجري وقع هذا الرجل في حفرة عميقة تكسرت على إثر هذه السقطة رجلاه و ظهره ولا حول و لا قوة إلا بالله ....
الرجل الان ممدد على ظهره منذ شهر و نصف ولا يستطيع الحركة مطلقا ... كان منظر الرجل و عجزه يهيج على المرء دموعه ... واما أطفاله فقد كانت ابتسامتهم جميلة لكنها في نفس الوقت تثير الحزن العميق فهم لا يعلمون ما يعانيه أبوهم من المرض و العجز و الفقر و الحاجة ...
زرنا الرجل و دعونا الله له بالشفاء و العافية و تبرعنا له بمبلغ 5 آلاف ليرة سورية و ودعناه على خير و ليتكم سمعتم دعوات أم هذا الرجل العاجز ... و قد وعدناهم بحمد الله أن نحول لهم راتبا شهريا بنفس هذا المبلغ لمدة 9 شهور حتى يتشافى والد هذه الأسرة المسكينة....

الوقفة الثانية:

امرأة عجوز ضريرة لها من الأبناء و الأحفاء أكثر من 20 نفسا و كلهم يسكنون في بيت واحد أي أكثر من 4 أسر بداخل بيت صغير لا تزيد مساحته عن 90 متر مربع!
فرحت المرأة العجوز بزيارتنا و قدمنا لها مبلغ 5 آلاف ليرة سورية مع وعد بأن نحول لهم مثل هذا المبلغ كل شهر بإذن الله تعالى .. دموع المرأة و ابتسامة بناتها و أحفادها هي مكافأة عاجلة استمتعنا بها و نسأل الله تعالى أن يجزينا بها خير الجزاء في الدنيا و الآخرة ...

الوقفة الثالثة:

زيارة لعائلتين فقيرتين عندهم أيتام قد مات أبوهم و تبرعنا لهم بمبلغ 3 آلاف ليرة لكل عائلة وقد كان معي في السيارة ربطة خبز (هذه الربطة من الخبز السياحي الرائع اشتريتها صباحا عندما أفطرنا من محل الحمص المشهور شمسو ! )
أعطينا المرأة كيس الخبز وقد فرحت جدا عندما أخذتها فقد ذهبت صباحا عند الشيخ أحمد بن الشيخ محمود جنيد لاستلام نصيبها من الخبز لكن الفقراء في ذلك اليوم كانوا كثر بحيث انتهى الخبز مبكرا ولم تستطيع أن تحصل على ربطة خبز !

الوقفة الرابعة:

فقراء الشارع الذين نمر بهم تبرعنا لهم بمبلغ ألف ليرة لكل واحد منهم أي بحدود 6 آلاف ليرة وقد كنت أحاول أن أتخير الفقراء بحيث أعطي المحتاج فقط قدر الإمكان

هذا باختصار تقرير لرحلتي الخيرية الأولى و دائما البدايات تكون متواضعة لكن بإذن الله تعالى سيكون في المستقبل تنظيم أكثر و عمل للخير أشمل

وهذه المشاركة يشهد الله ليست للرياء فأنتم لا تعرفوني بل هي من باب الدعوة إلى الخير إن شاء الله و تأسيس عمل صالح لسياحة طيبة تجمع بين الاستمتاع بالإجازة مع عدم نسيان الفقراء و المحتاجين وأنا أعتقد أننا يجب أن نطوي صفحة السياحة البريئة و نرتقي إلى مفهوم أشمل و أسمى و لنطلق عليه السياحة الخيرية فهي تشمل البراءة و الفرح و الخير و الحمد لله أولا و آخرا ...

و لا أخفيكم سرا أن هذه السفرة هي أول سفرة أوفر فيها المال بشكل غريب فقد بارك الله بالمال الذي أحضرته للتمشية و المطاعم و المتعة الحلال فقد صرفت في سفرتي هذه بحدود 25 ألف ليرة خلال 8 أيام شاملة التنقل و السكن و المطاعم وكل شيء !! و أنا في العادة أصرف ضعف هذا المبلغ في رحلاتي السابقة كأقل تقدير !
كنت في العادة أستأجر سيارة من الشام بحدود 1500 ليرة يوميا لكن هذه المرة عزفت بشدة عن هذه الفكرة ولا أدري ما هو السبب! واستخدمت البولمان للتنقل بين المحافظات و التكاسي بداخل المدن ... كما أن أكلي في العادة يكون في المنتزهات و المطاعم الفخمة أما في هذه الرحلة فقد كانت ما بين حمص شمسو و فروج أبو فراس الشهير اللي على طريق الشام بل إنني في هذه الرحلة تم استضافتي في 3 مناسبات مناسف فاخرة كانت إحداها عند الشيخ عبد العزيز بن طراد الملحم شيخ الحسنة في حمص وعضو مجلس الشعب المعروف و قد كان حاضرا هو و ابنه الكبير نواف وقد استقبلونا بحفاوة بالغة بحمد الله تعالى ... طبعا هم لا يعلمون بخبر رحلتي هذه الخيرية لكن الله تعالى يعلم و هو سبحانه يبارك و ييسر الأمور ...

و لإعجابي الشديد بجهودكم جميعا و عملكم الصالح تمت كتابة هذه الرحلة المتواضعة و أنا لم أكن أعرف هذه البوابة الطيبة إلا بعد عودتي من حمص و أتمنى من الله تعالى أن يجعلنا ممن يعمل الخير فوالله الذي لا إله إلا هو إن أكثر من يستفيد من عمل الخير هو صاحب هذا العمل لا الفقير الذي تعطيه ...

و الحمد لله أولا و آخرا و أتمنى أن تقبلوني معكم عضوا في هذه البوابة الطيبة المباركة


هذه مشاركتي كنت قد كتبتها قبل يومين في منتدى حمصي فأحببت أن أشارك إخواني في العرب المسافرون بهذه الرحلة ..

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: