+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 120 من 170

الموضوع: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

  1. #61
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء


    علماً أن صور الجزء السادس ستكون بعد قراءة الجزء نفسه ..... لأهداف سياسية خخخخخ

    فنادق عطلات



  2. #62
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الجزء السادس



    أطلقنا سيقاننا للريح في يوم الجمعة هذا ، لنقوم بجولاتنا في أرجاء تلك المدينة النيوزيلندية الجميلة ، فلم يبقى مكان إلا وبروؤسنا أطلينا بداخله ، ولا تجمع وزحمة إلا "وحشرنا" أنفسنا فيها ، أنطلقنا في البداية "للسيتي فوكس" تلك المنطقة المتخذة من أحد تقاطعات وسط المدينة مقراً لها ، السيتي فوكس هو تلك القبة القماشية المرتفعة جداً فوق تقاطع شارعين ، لتلغي ذلك التقاطع فيصبح مكانٌ جميل بتصاميم جذابة تُعرض فيه عروض ترفيهية ، نافورةٌ على أحد جنباته زادته جمالاً ورونقاً ، مركز صغير سياحي على الجانب الآخر يتكون من غرفة واحدة تحوي موظفاً للإستفسارات السياحية، كان في زوايا السيتي فوكس العلوية زخارف وتصاميم ماورية الأصل أضفت جواً من التميز لهذا المكان الجميل ، عندما وصلنا لهذا الموقع كان على بداية أحد العروض اليابانية ، مجموعة من اليابانيين جالسين برفقة "طيرانهم" وخذ من أنواع الأزعاج "مايفقع مرارتك" قبل طبلة أُذنيك ، فعلاً كان الواحد منهم يضرب بكل ماأوتي من قوة (شوي ولا ينشق الطبل) ، بصراحة لم يكن من الجمهور أي شخص من "ربعنا" ، لأنه لو كان هناك أحدهم لرأيناه "يتسدح" برفقة "زاره" دون أدنى شك ، كانت عروض جميلة بغرابتها وليس بطريقة إتقانها ، كانت على أحد زوايا البنايات المرتفعة...طبعا في روتوروا البناية ذات الأربع أدوار تسمى "ناطحة سحب" مقارنة بالرياض عاصمة ناطحات السحب "الروحية" ، كان في تلك الزاوية المطلة على السيتي فوكس ستاربوكس ، طبعا ستاربوكس لا يلام بوصوله إلى روتوروا الصغيرة ، فهاورد شولتز (مالك سلسلة ستاربوكس) لا يهنأ له بال حتى يفتتح فرعاً كل يوم في مدينة ما من مدن العالم (سياسة ستاربوكس الشهيرة) ، رشفنا عدة رشفات من قهوتهم لننطلق بعدها مكملين رحلة السير على الأقدام ، هناك ماكدونالدز وفي الجهة المقابلة كنتاكي وفي الشارع الآخر برجر كينج ، محلات التحف والهدايا هنا وهناك ، الباصات الخضراء العامة الجميلة تغمر شوارع روتوروا ذهاباً وإياباً ، تُشابه نظام "خط البلدة" في دولتنا ، رغم وجود إختلاف طفيف جداً فقط في مسألة السعر ، فالسعر لديهم أربعة ريالات أما لدينا ريالان ، غير هذا الفرق من سابع المستحيلات أن تلاحظ شيء يختلف (حتى اسألوا الهنود اللي يركبون خط البلدة إذا مو مصدقيني !!) ، في وسط روتوروا لا يحتاج الناس إلى إشارات ضوئية رغم زحمة السيارات ، لقد كان نظام التقاطعات والدوارات هو البديل الأمثل ، كانت في نيوزيلندا أحدى صرعات الموضة التي يتبعها شباب روتوروا وفتياته ، فعندما تجد أحد الشباب ذو "التي شيرت" الأنيق و"الجينز" البراق فتنزل بنظرك لأسفل لتفاجىء أنه "حافي القدمين" أما الفتاة "حافية القدمين" !! ، بصراحة فهم لا يلامون ، لأن شوارعهم نظيفة وليس بإستطاعتك مهما كان مقدار زوايا دوران "رقبتك الموقرة" أن تجد وريقة (وليس ورقة) ملقاة على الأرض ، بالإضافة إلى أن روتوروا لا تعج بأغبرتنا فهي خضراء بكل مترٍ من أمتارها ، بالمناسبة قال لي أحد الأشخاص بأن أحد الشباب السعودي رجع من نيوزيلندا ليتجه لأحد المجمعات الكبرى في جدة بعد أن "تكشخ" ، فدخل بتلك الهيئة (حافي القدمين) ، ليهمس قريبه المجاور له بأذنه :
    - هل تعلم ماأقرأه الآن في نظرات من هم حولنا لي ..وليس لك فأنت أمرك مفروغ منه بالجنون ؟!!
    - ماذا ؟
    - شوفوا المجنون.. والأجن منه اللي يمشي معه أصلاً
    - قل والله !!!
    كانت فال العجوز ترى تلك المناظر (حفاة الأقدام) لتقول " الله يصلح بنيواتنا يكبرون ويفهمون " ، بصراحة في أحد المرات كنت بالقرب من المعهد لأرى ذلك الفتى الصغير فتجرأت أن أسأله لأُشبع فضولي :
    - أنت الحين ليش ماسك الجزمات بيدك وتمشي حافي .. لازم أمك تلبسك يعني ؟
    - آر يو إنديان ؟
    - أيوه صديق
    - ماعليك شرهه تسأل هالسؤال ..
    ليتركني وينطلق للحاق بصديقه وفوق رأسي عدة علامات تعجب !! ، لِأحني بعدها ظهري فأبدأ بجمع قطع من وجهي تناثرة هنا وهناك ، كان في روتوروا أيضاً تلك الوجوه الماورية التي كانت تَخفى عليَّ قصتها وحقيقتها ، لأقرر تلك اللحظة سؤال فال عن الماوريين ، أو بالأصح سؤالها عن تلك الأشكال الغريبة التي لم أعتد مشاهدتها إلا في أفلام الكاوبوي والهنود الحمر القديمة ، فأشكالهم مقاربة للهنود الحمر لكن ببناطيل ومن دون فؤوس وريش على رؤوسهم ، فجأة صرخ ناصر من خلفي "رايد السيارة !!" استيقظت من غفلتي على صوت صرير عجلات السيارة من خلف ظهري ، لأطبق لحظتها إحدى حركات "كابتن ماجد" فتراجعت بلمح البصر للوراء تاركاً قلبي في مكانه مواجها صدّامات قائد تلك المركبة النيوزيلندية ، وقفت ألتقط أنفاسي ليتحمد ناصر لي سلامة النجاة من ذلك الموقف المريع ، فعند خروج أقدامي من ممر المشاة للشارع التفتُ حسب شوارع سعوديتنا وتناسيت النظام النيوزيلندي المعاكس فحدث ماحدث !! ، وصلت بيتنا بعد عناء ذلك اليوم المثير بمشاهده ومواقفه ، جِهز العشاء فامتلأت طاولة الطعام بأفراد عائلة فال لأطرح ذلك التساؤل المفاجئ خلال قدومي اتجاههم :
    - الحين يافال أنتم ماوريين ولا كيويين ؟!!
    عم المكان الصمت لثوانٍ معدودة وتغيرت قسمات وجوه من على الطاولة للأسوء، تصبب العرق من جبيني ، ياإلهي ماذا قلت أنا ؟!! ، فخِفت أني بسؤالي هذا "طببت" في قاع المحظورات النيوزيلندية ، ألتفَتت فال يمنة ويسرة لمن حولها من أفراد العائلة ، لتبتسم ثم علت قهقهتها برفقة الجميع ، لتردف قائلةً :
    - أولاً الماوريين هم الكيويين والعكس صحيح ، فنحن في هذا البلد شعب واحد ، رغم إختلاف اللغة والعادات فيما بيننا..وأخذت فال بسرد كماً من المعلومات والحقائق حول الماوريين والكيويين ، لأُضيف فيما بعد بعض الحقائق التي اكتسبتها من المعهد على مااكتسبته من فال...
    فقد كان الماوريون مستقرين على الأراضي النيوزيلندية منذ غابر الأزمان ، يعيشون حياتهم البسيطة باأسلحتهم الأبسط تحت مظلة حكم القبائل ذات الزعيم المتسلط ، فقد كانوا يعدون منذ الآف السنين من " أكلة لحوم البشر" ولديهم عادات وتصورات خرافية كغيرهم من الشعوب ، ومع تقدم السنين وصل المستكشف البريطاني" السيد جيمس كوك" إلى الأراضي النيوزيلندية قبل مايقارب المئتين والخمسين عام لتطأ أقدامه هذه الأراضي الخضراء الفاتنة (كان قبله بمائة عام تقريباً شخص هولندي) ، فبدأت الهجرة من أوروبا لهذا البلد الواقع خلف المحيطات وسلاسل الجبال الشاهقة ليقطعوا تلك المسافات ليستقرون ويبدأون بالتكاثر والبناء فوق تلك الجزيرة الجديدة ، كانت نيوزيلندا تابعة لبريطانيا حتى أنفردت لتكوّن بعد ذلك دولة ذات عملة خاصة وإستقلالية في اللهجة والعادات شبه واضحة (طبعا تتبع للكومونويلث البريطاني) ، العاصمة أوكلاند...وهذا كان قبل 1865م ليُنقل مقر الحكومة إلى ويلنغتون (العاصمة الحالية) لتصبح العاصمة في مكانٍ إستراتيجيٍ يعد تقريبا في وسط الأراضي النيوزيلندية ، عدد سكان نيوزيلندا فقط أربعة ملايين نسمة ( اقل من أهل الرياض) ، 300 ألف منهم في العاصمة ويلنغتون ومايقارب المليون نسمة في أوكلاند (أكبر مدينة نيوزيلندية) ، أندمج الماوري مع هذه السحنات الجديدة عليهم ، طبعاً ليس بالسهولة التي يتصورها البعض ، فقد كان هناك حروب شرسة ، وإستغلال الأوروبيين للأسلحة التي كانت بالنسبة للماوري متطورة جداً ، ومن ثم تم عقد عدة معاهدات ليستقر الوضع فوق الأراضي النيوزيلندية ، فبدأ من تلك اللحظة مشوار التطور والنمو لهذه الأرض البكر ، كان يتميز الماوريين بتلك الخطوط الزخرفية على وجوههم ..التاتو (الوشم) أو مايعرف هناك بـ"الموكو" ، لقد كانت المرأة الماورية تضع تلك الخطوط على منطقة ماحول الفم الشيء البسيط على العكس تماماً من الرجل الذي كان يملأ وجهه بتلك الخطوط الزخرفية ، أما بالنسبة للتحية فقد كان أمرها مختلف لدى الماوري ، فهي أشبه بما يسمى "بحب الخشوم" إلى حدٍكبير ، فقد كان الماوري يُلصق جبهته وأنفه بالشخص الآخر لتبادل التحية معه ، وكانت هذه التحية لغرابتها تأخذ السائح الأجنبي لتطبيقها مع أحد الماوريين في مراكزهم السياحية التي يعرضون آثارهم وتاريخهم فيها ، أما عند تجولك في الشوارع النيوزيلندية ورؤيتك لأحد محلات التحف والهدايا عندها من المؤكد سيأخذك الفضول للدخول هناك ، ستجد دون أدنى شك ملامح الآثار الماورية على رفوف هذا المحل وباتريناته ، فستصادف تلك القلادات الغريبة التي ماأن تراها ستعلوك علامات التعجب والإستغراب ، فهذه العقود لو لاحظت نهاياتها ستجدها تختلف فيما بينها ، هذا العقد ماأن تعلقه على رقبتك لتتدلى منه تلك التحفة الفنية (بحجم قطعة النقود الحديدية الكبيرة) ، قد تكون نهاية هذه القلادة على شكل "فيش هوك" أو خطاف السمك فهذا يعني (لدى الإيدلوجية الماورية) القوة والتصميم ، وجلب السلام ووجود الصحة الجيدة بالإضافة إلى الرحلة الآمنة فوق الماء ، أما إذا كانت نهاية هذا العقد هي "السبيرال كورو" أو الكورو الحلزوني (شكل حلزوني) فهذا أن دل فيدل على البداية الجديدة والنمو والإنسجام مع كل ماحولك ، وستكون محظوظ عندما تكون نهاية عقدك هي "التريبل تويست" أو الثلاث التواءات متتالية فهذا ستأخذ منه عقد آخر لتعطيه لصديقك القريب وتوأم روحك ، لأنه يعني قوة رابطة الصداقة أو بالمعنى الحرفي روحين تصبحان بعد إندماجهما واحدة للأبد ، أما آخر ماستتقلده من تلك العقود هو ذلك العقد ذو النهاية المعقدة بشكل كبير، فعند تركيزك في شكله ستجد أنه يتكون من رأس طير متصل بطريقة ما بجسم رجل ليتصل جسم الرجل في النهاية بذيل للسمكة ، فرأس الطير رمزٌ للسماء والرجل للأرض أما ذيل السمكة فمؤكد سيكون للماء ، لذلك هذا العقد يمثل التوازن بين هذه الأشياء الثلاثة ( بقدرة الله سبحانه) وإكمالها لبعضها البعض لنستطيع العيش بأمان وأطمئنان ، ستجد أن هناك أنواع معينة تكون مادة صنع هذه النهايات ، هناك قلادات تُصنع نهايتها من العظام (أو مادة شبيه بذلك) فهذه تعد رخيصة ومنظرها عادي ، أما تلك المصنوعة من "الغرينستون" أو الحجر الأخضر وهو أحد أنواع الصخور القابعة تحت طبقات الأرض السفلى النيوزيلندية ، وهذا النوع لا يوجد إلا في مناطق معدودة كالصين وكندا وروسيا ونيوزيلندا ، وهو من الصخور التي تنتمي إلى القسم الثالث من أقسام صخور الأرض ألا وهي الصخور المتحولة (ليست الرسوبية ولا النارية) ، فمنظره الأخضر اللامع يشدك ويجذبك فكأنك تقف أمام أحد الأحجار الكريمة الثمينة ، يُعتبر هذا النوع من القلادات هو الأغلى فأسعار القلادة الواحدة التي تُصنع نهايتها من "الغرينستون" تبدأ من المائة وخمسين ريال وما فوق (قد تصل إلى الستمائة ريال) ، وهناك أحد المحلات المشهورة في روتوروا تجد أفخم هذه القلادات الماورية لديه ، فصاحب هذا المحل أفتتح محله في عام 1990م لينتشر بعدها في جميع المدن النيوزيلندية بدأً من "أوكلاند" نزولاً إلى "كرايستشرش" وتوقفاً عند "كوينز تاون" أما النوع الأول (المصنوع من العظام) فأسعاره من الخمسين ريال فما فوق ، ستلاحظ أيضا عند تجولك في محل التحف والهدايا على أحد الرفوف تلك الدمية (ولد كانت أم بنت) الماورية بلباسهم التقليدي البسيط ، بأحجام مختلفة ومن المؤكد لن تخرج إلا وبيدك واحدة (عاد لك أو لعيالك الصغار فهذا يرجعلك) ، ثقافة الماوري في تلك البلاد ترسم في مخيلتك أقوى صور الصمود والإصرار ، فذلك المجتمع الذي كان لا يتلذذ إلا بأكل لحوم البشر منذ زمن بعيد أصبح الآن قوي بتركيبته الفكرية قبل الجسمية ، على الرغم من أن نسبة الماوريين لا تتعدى الـ15% ، وعلى الرغم أيضاً أن إنحسارهم في الشمال النيوزيلندي بشكل أكبر من الجنوب إلا وتجد صدى أصواتهم مسموع ، ولم يعِد الماوري ذلك الشعب المتخلف الذي أستعمرت أراضيه بريطانيا وأنزلت فيه مئات الألوف من الأوروبيين ، فالماوريين أحتلوا مناصب في الدولة وحافظوا على تراثهم من الإندثار فتجد الأماكن السياحية يمتلكها الماوريين لينشروا فيها تاريخهم ، وأبقوا على لغتهم رغم وجود أقوى لغات العالم بينهم وهي الإنجليزية ، فتجد عند إمساكك بريموت التلفاز تلك القناة الماورية التي بصراحة مإن رأيتها أحسست بأهميتهم وقوة نفوذهم (هذا غير الإذاعات الماورية على موجات الراديو) ، وبالمناسبة ذلك اليوم خرج في قناة الأخبار النيوزيلندية صور عن أحد مدراء المدارس الماورية الإبتدائية ، وقد كان موجز الخبر أن ذلك المدير "الشاب" وضع على باصات مدرسته الملصقات الماورية بدلاً من الإنجليزية والتي تعني "باص مدرسة" أو "أحذر التوقف" معللاً عمله هذا بنشر الثقافة الماورية والكلمات العامة ليعرفها الجميع (وهذا حقاً من حقوق بني جلدته)، هذا بالإضافة أن عند دخولك أحد المدارس النيوزيلندية العامة ، ستجد معلمك أو معلمتك يتقن أساسيات اللغة الماورية رغم أنه أوروبي الأصل ، بالإضافة إلى أن طلاب الإبتدائي الإنجليز يتعلمون الحروف الماورية وبعض الجمل الشائعة أساساً، فذلك اليوم لاحظتُ أحد زوايا الطابق العلوي في منزلنا تحوي لوحة حروف أبجدية، وعند أقترابي منها أُصبت بالدهشة وتحسرت على دفعي كل هذه النقود لتطوير لغتي ، فأنا لم أفلح في معرفة حرف واحد من تلك اللوحة المعدة للأطفال، لتدخل فال بالصدفة لترى ملامح وجهي المتغيرة، لتضحك وتُطمأنني أن هذه ليست حروف أنجليزية بل ماورية ، الماوري و"الباكا" يعشقون "أوتياروا" عشقاً أبدياً ، فالماوري عرفتم حقيقتهم ومن هم ، أما "الباكا" فهم سكان نيوزيلندا الأوروبيين ، وبالنسبة لـ"أوتياروا" فهي تلك البقعة التي جمعتهم معاً وأقصد بها "نيوزيلندا" ، فالأسماء الآنف ذكرها جميعها ماورية كما تبين لكم ، وهناك (وأقصد في مدينتي روتوروا) غالبية الشوارع تحمل أسماءً ماورية هذا إن لم يكن جُلها ماوري الأصل !! ، أما عند إكمالك لجولتك في محل التحف والهدايا سترى أيضاً في أحد الزوايا ، ذلك الطائر الصغير بني اللون و"المدبدب" نوعاً ما، الذي يتواجد فوق الأراضي النيوزيلندية فقط !! ، ألا وهو طائر الكيوي ، الذي يُعرف الشعب النيوزيلندي بشكل عام والأوربيين بشكل خاص بالكيويين القاطنيين في بلاد الكيوي ، كانت إحدى المعلمات عند دخولها للكلاس في كل مرة تُعَد هي الأولى ، تبدأ بتوزيع تلك الورقة المعنونة بهذا العنوان "كيف تصنع كيوي من الكيوي" ، وهي طبعا نكتة طريفة لأن عند رؤيتك للخطوات ستجد أن رقم واحد هو صورة "لطائر الكيوي" ، ليتم تقطيعه ومسح أجزاء منه في الخطوات التالية فيصبح في آخر خطوة "فاكهة الكيوي" (ليس للسذاجة حدود في بعض الأحيان) ، كان طائر الكيوي شعار قومي نيوزيلندي يفتخر به جميع طبقات المجتمع النيوزيلندي ، وستلاحظ وجود ذلك الشعار في كل مكان إبتدائاً من المطار حتى وصولك إلى منزل فال ، أنتبه أن تتهور في مجرد التفكير في اصطياد هذا الطائر ، لأنك عندما تعرف عاقبة فِعلَتك هذه ستغير الوجهة "لإقتناص" رفيقك المجاور (يقولون أن ملكة نيوزيلندا اليزابيث الثانية تطير حمام ..قصدي كيوي !!) ، ستفاجئ أيضاً عند وجودك بين أسياب ذلك المحل بقمصان (وليس قصمان) الـ"أُوول بلاكس" ، فريق لعبة "الرغبي" المشهور عالمياً ، مُخطئ من أسماها لعبة أو رياضة بهذا اللفظ البريء ، لأنها بعيدةً كل البعد عن البراءة والأخلاق الرياضية ، فهذه الرياضة تقوم أساساً على مبدأ "شتني وأشوتك" (يعني حتى الكورة مالها دخل بيننا) ، فهي أشبه بلعبة الكرة الأمريكية ( بلباسها القتالي وخوذات الرأس) ، لكن "الرغبي" تفتقد لهذا اللباس الآمن ، فهم يلبسون لباس كرة القدم التقليدي ، بصراحة أكثر نستطيع وصف تلك اللعبة بالآتي ، مجموعةٌ من أبطال الأجسام يكشرون عن أنيابهم قبل بدأ المباراة بحركات غريبة ، ومن ثم يتحولون بعد صافرة البداية إلى مجموعة "ثيران" تتناطح "بشراسة " ، ويستمر "الرجف" بالركب ، و"السدح" بالأكواع ، و"الفقش" بالروؤس ..لآخر دقيقة وثانية من تلك المباراة ، يكفي عاصمتنا الرياض مجرد "لفة" في شوارعها من قبل هذه الفئة الشرسة ، لأنه تلك اللحظة سيتم محو جميع آثار "عرابجة الرياض وزاحفينها" عن بكرة أبيهم ، وخروج جيل جديد واعٍ وكاره لجميع أنواع "الإزعاج والفوضى" ، ولا ننسى أيضاً أن أفضل الدعوات التي ستدعوها لصديقك عند سفره لبلاد الكيوي هي "عدم مقابلة أحد لاعبي الرغبي" ، وإذا كان هذا الصديق "رافع ضغطك" فما عليك إلا بالدعاء المعاكس (أخوكم ممن نالهم الدعاء المعاكس) ، ليلة الجمعة تلك كان هناك على شاشة تلفاز الصالة أحد مباريات الرغبي ، لأكتشف عندها أن الشعب النيوزيلندي مهووس بتلك الرياضة الشرسة رغم لطافته ورقته ، لم أحتمل الجلوس أمام التلفاز لعدة أسباب ، فالسبب الأول كان .. التعب والإعياء الذي أنتاب جسمي بعد عناء هذا اليوم ، أما السبب الثاني فقد كان ... أن غداً يوافق السبت ، وأريد أن أخذ كفايتي من النوم لأن السبت مملوء بالجولات الإستكشافية من بداية شروق شمسه حتى غروبها ، والسبب الأخير .. خوفي أنه عند إنتهاء المباراة تجتاح "ماثيو" موجة من الحماس ليبدأ يمازحني على طريقة لاعبي الرغبي !! ، كان يوم السبت جميل بدفئه الذي غمر أرجاء روتوروا ، لتنتعش المنازل الكيوية ويخرج من بها لقضاء أوقات ممتعة من أطفاله ، كانت فال ذلك اليوم تستيقظ كأول شخص في المنزل حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحاً، أما أخر أفراد العائلة كان الحد الأقصى لنومه هو الساعة العاشرة صباحاً ، سألت فال ذلك الصباح قائلاً :
    - مابرنامجكم دائماً خلال عطلة الأسبوع ؟
    - بصراحة يارايد لا يوجد برنامج معين ، لكن في الغالب في هذا اليوم أذهب قبل الظهر للتسوق وشراء إحتياجات المنزل ، وخلال بقية اليوم قد أذهب إلى أمي لقضاء بضع ساعات معها ، وبالنسبة لبقية أفراد المنزل في الغالب يفضلون الذهاب معي وأحياناً يكون لكل منهم برنامج معين مع أصدقائه .
    - أأمك حية ترزق ؟
    - نعم وصحتها أفضل مني (ضاحكة).
    كانت وسيلة المسجات النصية هي الحل الأمثل لترتيب أمورك مع أصدقائك ، فهي مجانية خلال الويك إند وبالنسبة للمكالمات الهاتفية الأرضية فهي مجانية أيضاً مالم يخرج الرقم خارج حدود مدينتك ، رتبت أموري مع ناصر لتتجه فال بسيارتها نحو "جاكسون ستريت" حيث منزل ناصر ...
    - هذا جاكسون ستريت يارايد وهذا منزل صديقك رقم 3 .
    - حسناً سأنزل الآن وسأرسل مسج لأخبرك عن أمر عشائي الليلة .
    - أنا سأكمل مشواري للذهاب لشراء حاجيات المنزل ... أوقات ممتعة مع صديقك .
    غادرت فال بسيارتها لتتركني بين صدى أصوات تلك الكلاب الشرسة ، أنطلقت نحو منزل ناصر متناسياً (وليس ناسياً) تلك الأصوات لعلي أجد ناصر فأشعر بالأمان ، وقفت أما تلك البوابتين الصغيرتين ، كلا الأثنتين تحملان الرقم 3 لكن واحدة a والأخرى b ، ألتقطت جوالي بسرعة لأرسل مسج لناصر ليخرج ، فأنا لا أملك أي أستعداد لخوض مهمة الدخول من أحد البوابتين فقد يكون ذلك الصوت الشرس ينتظرني في الداخل ، قابلت ناصر وسلمت عليه لننطلق بعدها متخطين حديقتهم نحو المنزل...
    - الحين ورا بيتكم صغينون كذا ؟!!
    - ترى مافي إلا أنا والأبلة "ربيكا" ..شفيك شكلك نسيت !!
    - اها صح ... يابن الأيه ياناصر .
    - بس تصدق شكلي بغير الهوم ستاي حقي ، لأني مااستفدت شي منها أبداً ..هذا أصلا إذا شفتها من الأساس لأنها دايماً مع "البوي فريند" ماتمسكهم الأرض ، مرة طالعين الجنوب يتزلجون ومرة رايحين الشمال يتسوقون وأنواع الطلعات والمشاوير وأنا الضحية لأني ماحصلت أحد أسولف معه بالإنجليزي .
    - أجل وحداني ياناصر ..علشان كذا أشوفك من يومين ترسلي وتبغا تقابلني في الويك إند .
    - والله مثل ماتشوف الصالة مافيها أحد يتنفس غيري ، والتلفزيون واللاب توب حقات ربيكا هم اللي مسليني شوي .
    كان وضع ناصر كمن يسعى في الحصول على "صك إعسار" ، فهو يندب حظه الذي أتى به إلى هذا المنزل الخالي ، كانت ربيكا تُقل ناصر من المعهد وإليه يومياً ، فهي أحد معلمات المستويات التأسيسية ، ربما وُضعت في المستويات التأسيسية لأهداف دعائية ، لكي يعشق الطلاب اللغة ويجتهدون (واللبيب بالإشارة ) ، مما أبقى بصيص من الأمل لدى صديقي ناصر هو أنه خلال الأسبوعين القادمين سيصل طالب كوري يؤنس وحدته ويبعد الهم عنه ، قضينا فترة بسيطة في تلك الصالة ، لننطلق بعدها على الأقدام متوجهين نحو وسط المدينة ، قضينا هناك جولات بين المحلات والأسواق وأكلنا وجبة الغداء ثم أتجهنا نحو السينما لنتابع أحد الأفلام وقد كان مقبولاً نوعاً ما ، رغم أن عائق اللغة كان أحد أسباب عدم أستمتاعي بذلك الفلم ، ودّعت ناصر لأخذ أحد الباصات الخضراء مع حلول المغرب وأتجه نحو منزلنا ، وصلت المنزل وكانت فال تعد العدة للخروج وماثيو يجهز نفسه وأخته الكبرى لمحتها عند دخولي "تشفط" آخر مابقي من سيجارتها ، فالأم فال والأب رسَل أحرار في منزلهم فقد أصدروا منذ أن وقعت أبنتيهما في شباك التدخين ذلك القرار الذي ينص على " عدم شفط أو مز أي سيجارة داخل المنزل ومن يتعدى على هذا القرار سيتم توقيع قرار فصله من العائلة وإنهاء خدمته فوراً " ..
    - إلى أين يافال تعدون العدة ؟!!
    - إلى السيرك يابني (بلطافة لكي أقول أريد الذهاب معكم)
    في الحقيقة ماذا أفعل عند ذهابهم سوى مقابلتي للكتب التي ماإن بدأ الويك إند إلا وأنا راكنها جانباً في أحد زوايا الغرفة ، حشرت نفسي لأقول (بلقافة صارخة)
    - هل لي مقعد في السيارة معكم يافال ؟
    - بالطبع يارايد .
    - إذاً أمهليني دقائق أريد أن أجهز نفسي وأصلي صلاتي وأعود.
    صعدت لغرفتي بعدما خرجتُ من دورة المياه ، أغلقت باب غرفتي وبدأت بإبعاد آثار إرهاق يومي الذي قضيته برفقة ناصر ، كنت أصلي وإذ بباب الغرفة يُطرق عدة طرقات وأنا لم أفرغ من صلاتي بعد، فُتح الباب وإذ بصوت ماثيو الذي لم ينتظرني لأنتهي من صلاتي ، بل كان يتحدث معي كأني لا أصلي " رايد هيا فال وميلسا ينتظرون في السيارة " ، لم أتمالك نفسي عندما سلَّمت لألتفت إليه وعيناي تشتاط غضباً " أيها الدب عندما ترآني في هذا الوضع لا تنطق حتى أبدأ بالحديث معك " ، أشار برأسه بالإيجاب ليعيد جملته مرة أخرى فخرجت معه ، ركبنا السيارة وأنطلقنا نحو وسط المدينة ، وصلنا ذلك السيرك الذي كان يعقد في روتوروا بشكل سنوي ، أشترينا التذاكر ودخلنا من تلك البوابة لنتخذ من أحد الكراسي المرتفعة والأخيرة مقراً لنا ، كان الجميع يأتي برفقة أطفاله أو أصدقائه حتى أمتلأت تلك الخيمة المتواضعة بالعدد الكافي من الزوار ، كان السيرك ممتعاً لحدٍ كبير ، فتلك الحركات البهلوانية تكاد توقع قلبك من الخوف والرهبة ، خُتم ذلك السيرك بدخول ثلاثة شبان بلباسهم الرياضي الواسع ، فقد كانوا "يتناقزون" هنا وهناك حتى وصلوا لقمة ذلك العمود المرتفع وأحدهم وصل لقمة العمود الآخر ، والمهمة كانت هي المشي على ذلك الحبل الذي يربط بين العامودين ووصول كل واحداً منهم لمكان الآخر ، تسارعت دقات قلب فال وهي بجانبي لتتوقف عن "البلع" من "البوب كورن" المشترك بيني وبينها ، كنت تلك اللحظات أدعي بسقوطهم جميعاً من فوق ذلك الحبل لتكف فال يدها عن البوب كورن نهائياً ، أنطلق أحدهم من جهةٍ وأنطلق الآخر من الجهة الأخرى ، عم المكان تأوهات الجميع ، وأنا ميقن أنا هذه شغلتهم إذا لم يتقنوها فهذه مشكلتهم وليست مشكلتي (أنواع البرود) ، تقابل الأثنان فوق ذلك الحبل الرفيع والنحيل ، توقف الأثنان أمام بعضهما عندها بدأ الآخر بتسلق الأول فأطلق قدميه من على أكتاف صاحبه متجهاً بهما نحو الحبل... علت صيحات الجمهور الجنونية وماأن لامس بقدميه الحبل حتى "ضربت" فال لا شعورياً قرطاس البوب كورن وهو بين يدّي فسقط أرضاً وتناثرت حبات الفيشار لتتساقط دموعي عندها تحسراً على ذلك البوب كورن ، تحركت من مكاني لأجمعه بعيداً عن أقدام الجمهور لكي لا تطأه، ومن مقتطفات ذلك السيرك الطريفة هي دخول ذلك الإستعراضي برفقة أشرس الحيوانات المرَّبطة بالسلاسل والأغلال...فقد كانت تلك "العنز" وهي تتبعه تمثل منظراً يجعلك "تتسدح" من الضحك ، كانت دابة مطيعة بمعنى الكلمة تنفذ جميع الحركات البسيطة التي تُوجه إليها ..بالإضافة إلى وجود حيوان اللاما برفقتها ، كان العرض التالي ليس أقل من سابقه غرابة وطرافة، دخل المهرج المعتاد الذي يستخف دمه بحركات غبية تجعل "كومة" الأطفال المجاورة لي من الطرف الآخر وأقصد بها "ماثيو" (فهو كما قلت لكم ليس طفل بل مجموعة أطفال) ، ختم ذلك المهرج جولته بتوزيع البالونات على الأطفال ..ليعطى ثلاثة أطفال ممن كانوا برفقة أهاليهم ، ثم أراد أن يستغل الفرصة ليظفر "بقبلة" أحد الفتيات الموجودات في الحفل (وليست طفلة) ، أتجه لأحداهن وبرفقته بالونه الأخير ، عندما وصل إليها مد إليها البالون ثم مدت يدها ليُرجع يده بسرعة ويشير إلى خده (فيه بوسه...فيه بالون) ، كان الجمهور يصيح على تلك الفتاة وفال بجانبي تصيح بصوت أصم أذاني " لاااا تقبليه .. لاااا تقبليه " ، في تلك اللحظة كانت توسلات ذلك المهرج قد طالت والفتاة مصرتٌ على عدم إعطائه أي قبلة ، دخل اليأس وجه ذلك المهرج الساذجة ليغير وجهته نحو فتاة أخرى ليفاجئ أنها أشرس من سابقتها ، رجع ببالونه الأحمر للمنصة خائباً ذليل ليعطيه في آخر المطاف لأحد الأطفال القريبين منه، كانت ليلة جميلة مليئة بالضحك والإثارة لنخرج من السيرك نحو أحد المطاعم المجاورة لتناول وجبة العشاء ، خرجنا من ذلك المطعم بسيارتنا نحو منزل مليسا ، وصلنا ذلك المنزل الجميل الصغير ، وإذ بمليسا التي كنت أنصحها دائماً بالمشاركة في برنامج "الرابح الأكبر" تقفز بخفة من السيارة وتتجه نحو بوابة منزلها ، كان على "البلكونة" المطلة على الشارع من منزل مليسا تلك الفتاة ذات الشعر الأشقر ممسكة بسيجارتها وكأن هموم الدنيا فوق رأسها ، في الحقيقة هذا المنظر الكئيب كان دائماً متبدياً في وجه مليسا صديقتها الساكنة معها في نفس المنزل ، أشارت تلك الفتاة بيدها لفال مودعة أيانا بإبتسامة أصطنعتها تلك اللحظة ، أنطلقنا متوجهين نحو منزلنا وأنوار الشوارع تحاول رغم ضعف أنارتها إزالة آثار ظلام تلك الليلة الكالح ... بادرتُ فال متسائلاً :
    - هل لي بسؤال يافال ؟!
    - تفضل .
    - ماقصة ميلسا وطفلها الذي لم يكمل عامه الأول ..وماقصة هذا المنزل الذي تتشارك فيه ميلسا وصديقتها (مجرد فضول لا أكثر ..وقد يكون مخطط صهيوني جديد)
    - آه يارايد .. فهذه قصة حزينة أُبتليت بها أبنتي .
    - منزل مستقل وواسع ..وتقولي قصة محزنة ؟!!
    - سأخبرك بما حدث .. فأبنتي مليسا تعرفت على أحد شباب روتوروا ، عاشت برفقة ذلك الشاب أيام وليالي رائعة ، كانا يخططان على الزواج (رغم أن معطيات الزواج تحققت قبل الزواج) ، وبعد فترة تفاجئت مليسا بتغير ذلك الشاب ، ليتركها آخر المطاف وحيدةٌ تعاني الأمرين ، فراق المعشوق وآلام الحمل ، خرج ولدها الصغير "كونا" على هذه الدنيا قبل سنة تقريباً ، أما بالنسبة لذلك الشاب فقد كان يأتي كل أسبوعين أو ثلاثة للإطمئنان على "كونا" (خوش نظام!!)، للأسف يارايد هذه الأمور والتجاوزات المصيرية لم تكن تحدث على أيامي ، فقد كان الزواج يتم بشكل تقليدي وعقلاني وليس بهذه الطريقة الغبية ، ولكن تغير الحال وأصبح الوضع أكثر خطورة من ذي قبل ، ومازاد الأمر سوءٌ يارايد إلا أن الحكومة تدعم هؤلاء الفتيات بطرق كثيرة.
    - تقصدين أن هذا المنزل من الحكومة ؟!!!
    - نعم .. فالحكومة عند معرفتها بما حدث تقوم بالصرف على الطفل وأمه والتكفل براتب شهري يساعدها على إعاشة هذا الطفل .. لأن ليس له والد حقيقي يقوم على مساعدة أمه .
    - ومن المؤكد أن تلك الفتاة التي أشارت لنا كانت مآساتها لا تقل عن مآساة مليسا ألماً ومعاناة .
    - نعم يارايد فهذه صديقتها.. وكما ترى فمليسا من بعد تلك الحادثة تغيرت طبيعتها فلم تعد تلك الفتاة المرحة خفيفة الظل .. بل أصبحت حالتها تزاد سوءً حتى أصبحت بهذا الوجه الشاحب الكئيب وهذا الجسم المتهالك رغم ضخامته والذي أهلكه شرب السجائر بشكل غير طبيعي .
    قطع حديثنا الوصول إلى المنزل ولم ينقطع ذلك الحديث عن أفكاري ، فقد كنت أفكر بهذا الحال المزري الذي تبدى في قصة مليسا وصديقتها ، دخلتُ بعد أن أنهيت مكالمتي في الكراج مع أحد أصدقائي في السعودية ، قابلت صديقي الصدوق جاك لقد كان لتوه عائدٌ من منزل أبن عمه المستقر في روتوروا ، صعدت لغرفتي عندما كان الجميع يأكل من تلك البيتزا الشهية التي أتى بها رسَل وأبنته روشيل بعد نهاية دوامهما في بيتزا هت ، ودّعت ذلك اليوم وأنا أستعد لبداية الأسبوع الجديد لأن يوم الأحد من المتوقع أن أمكثه في المنزل أمام شاشة اللاب توب لقضاء بعض الوقت ...وأيضاً إستعداداً للعودة للمعهد من جديد .


    ودمتم

    فنادق عطلات


  3. #63
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أتمنى أنكم أستمتعتوا بقراء الجزء السادس ... وهذي الصور


    هذا أبو الشباب اللي ماحد أعطاه وجه :15:



    أشرس حيوانات السيرك



    ترى اقدر اسوي كذا



    المركز السياحي ..وهذا الباص البرمائي



    ملعب الرغبي



    جاك ...خايف من بلوتوث السعودية .. يدري أنهم مايرحمون



    منظر جميل



    قلتله بصورك ... علشان يصورني خخخخ ... صورتي الموجودة في الجزء السابق



    طبيعة



    كلاس أفترنون هذاك اليوم كان مشي



    هذي صور عيون الكبريت الحارة ..






    لاحظوا العشب الأخضر المحيط بالمستنقع البركاني



    فلم رعب على الطبيعة



    يتبع ...

    فنادق عطلات


  4. #64
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أوقات ممتعة


    الماوري والباكا ...




    وهذه صور لنهايات القلادات والعقود التي ذكرتها ... لا تنسوا حفظ معانيها علشان أسمع لكم خخخ


    Fish Hook



    spiral kuro



    Triple or Double Twist



    Manaia



    طائر الكيوي



    شعار فريق الرغبي الشهير ... All Blacks



    اللي فيه خير يقرب ...



    قال رياضة قال



    ...وماوكلي بعد



    الحركة المتداولة قبل المباراة .... الجنون النيوزيلندي



    وهذي خلفية للـ All Blacks اللي يحب الرعب والإثارة يخليها قدامه على الديسك توب ...
    http://www.days4ever.net/NZ/part6/bg.jpg

    فنادق عطلات


  5. #65
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة The Days


    أضواء المدينة (عبدالإله الرهيب)
    كلامك هو العسل .. وها أنا في تمام الساعة الحادية عشر والنصف مساءً أنهيت السطر الأخير من الجزء السادس .... يعد الأطول بين بقية الأجزاء ... أستعد لقراءته وإبداء رأيك يالغالي
    قد يكون دنو العيد حائلاً بيني وبين الجزء السابع ....فالإستعدادات قائمة على قدم وساق ...وطبعا الوضع هذا متواجد في جميع البيوت السعودية
    الأيام



    هلا اخوي الغالي

    والله هالجزء مشالله مابغيت اخلص منه :109: بس تسلم الايد الي قامت بكتابته:101:

    وبصراحه تقييمي لهذا الجزء فهو الاطول:24: ولامتع:24: والمزدحم بالمعلومات وبالذات عن الماوريين :24:

    وبالنسبة لدنو العيد انا اعطيك الضوء الاخضر لكي تأخذ راحتك في كتابت التقرير القادم (على كيفي الضوء الاخضر بالنسبة لي ) وانا اتمنى ان يكون قبل العيد (وانت حر تبيه قبل العيد عد العيد على كيفك:109: )









    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة The Days


    علماً أن صور الجزء السادس ستكون بعد قراءة الجزء نفسه ..... لأهداف سياسية خخخخخ



    ليس من عادتي ان اقرء التقرير قبل ان ارا الصور ولاكن في هذا الجزء يعلم الله انني قرئة الجزء ومن ثم رئيتو الصور (بس احسن شي هالمعزا وشلون علموها هالحركات هههههههه:109: )




    ودمتم بحفظ الله

    اخوكم عبدالاله:101:

    فنادق عطلات


  6. #66
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الله يسلمك اخوي عبدالإله

    كالعادة .... تواجدك رائع بمعنى الكلمة

    وشكراً على الضوء الأخضر

    فنادق عطلات


  7. #67
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء



    قمة الروعة الله يعطيك العافية ...

    متابعة معك من البداية ...

    وبالفعل الجزء الأخير ممتع جداً .. و عجبني ان الصور كانت بعد الاستمتاع بالقراءة لتوضيح وترسيخ المعلومة ...

    وأنا أتفق مع أخوي عبدالإله في منحك الضوء الأخضر عشان تكون عيديتنا جزء متكتك وصور ممتازة مثل ما تعودنا منك ...

    أما يوم تسأل فال هل هم ماوريين أو كيويين ولاحظت تغير وجهها .. تصورت انك بتكتب تعليق (كأني سألتها أنتم قبيليين أو خضريين) ... بس طلع تصوري خاطئ ...

    بأسأل سؤال مالـ أمه علاقة بالموضوع .. لكن أنا عجبتني طريقتك في وضع الفريم الخاص بك (ختم الجودة ) على كل صورة .. فحبيت أسألك كيف صلحته بالفوتوشوب .. هل هو Layer واحد تنسخه وتمططه حسب حجم الصورة أو أنك مصلحه ببرنامج ثاني ...

    الشيء الثاني .. صورة جاك ترى فيها ختم بدون فريم ...

    فنادق عطلات


  8. #68
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

    الغالي...The Days....الايام بالعربي

    هذا اليوم لقد استمتعت بالتواجد وقرائة الاجزاء السبعه ....مع الصور ..

    قد كانت في قمة الروعه ...والتفاصيل الماتعه ...واليوميات الجميلة...

    وما اضفى عليها جمالاً ...هي لمسات قلمكم الرائع الذي نثر ابداعاته عبر صفحات العرب المسافرون..

    مع ودي,,,,

    محبك
    عبدالعزيز

    فنادق عطلات


  9. #69
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    المستحيلة

    أسعدني تواجدك ... والله يقدرني على تجهيز جزء متكتك لك ولبقية الأعضاء

    وبالنسبة للفريم .. انا هوايتي العبث مع ادوات الفوتوشوب .. يعني الفريم تجميع .. عبارة عن اداة الخط المستقيم ورسم المربع ... وبالتعديل والترفيع والتسطيح على هاللايارات طلع كذا .. معليش انا عارف ان شغلي حوسه .. بس مثل ماقلتلك انا هاوي تعبث في البرامج ولا أملك اي طريقة نظامية أتبعها

    وبالنسبة للتصور ... كانت جملة " قاع المحظورات النيوزيلندية" تعبير غير مباشر عن تصورك

    واشوفك واشوف بقية الأعضاء على خير ..



    الأيام

    فنادق عطلات


  10. #70
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    عبدالعزيز .. بين قوسين إدارة الموقع الكبرى

    إن هذا الصرح الشامخ في خضم المنتديات العربية ...

    لولا جهود أعضائه المخلصين ..

    وتسطيرهم للإبداع الحقيقي في جنبات هذا المنتدى وأركانه...

    ورسمهم للطريق ليكون واضح الرؤيا أمامنا...

    وبحثهم وإستكشافهم لكل جديد وبالأخص المثير ..

    وإخلاصهم بإيصال الحرف الصادق قبل الكلمة ..

    لما وصل إلى ماوصل إليه الآن ...



    عزيزي عبدالعزيز ..

    كل ماسبق كان قصة إكمال مسيرة نجاح ..

    أما أنت فمؤلف هذه القصة بجميع فصولها ...

    أما أنت فهو من تضمحل الحروف على مشارف ذكره ..

    فلا تستطيع إيفاءه الحق الذي يستحقه ولا القدر الذي يتميز به ..


    المسافرون العرب جزء منك .. قبل أن تكون جزء منه ..



    تواجد شخصك الكريم في صفحتي شرف بحد ذاته ... فكيف يكون الحال عندما أرى صفحتي تزدان بحروفك

    وسام على صدري عُلق الآن ...



    دمت لروعة الحرف عاشقاً .. ودامت جهودك



    محبك
    الأيام

    فنادق عطلات


  11. #71
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أحبتي المتابعين ... سوف أغيب لظروف العيد السعيد على الجميع بإذن الله

    ورمضان الكريم أُزف على الرحيل .. من كُتب هنيئاً له .. ومن لم يكُتب أمد الله في عمره لرمضان القادم


    كل عام وأنتم بخير .. مقدماً


    ولي عودة إن شاءالله




    أشوفكم على خير ... للخليجيين

    وفوتكوا بعافيه ... لبقية الجنسيات العربية (مصر أم الدنيا)



    محبكم ... الأيام

    فنادق عطلات


  12. #72
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    ما شاءالله عليك أخوي الايام والله عشت معك لحظه بلحظه في هذا التقرير الأكثر من رائع وكل عام وأنت بألف خير

    فنادق عطلات


  13. #73
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    alsgr
    الله يقدرنا على إمتاعك في الأجزاء القادمة

    فنادق عطلات


  14. #74
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أهلاً بعشاق العرب المسافرون مرة أخرى

    لقد عدت مع مطلع هذا الأسبوع من العمق الشمالي النيوزيلندي..

    آسف أقصد العمق الشمالي السعودي

    بعد رحلة هروباً من أفران الرياض ...


    والجزء السابع جاهز الآن ولله الحمد ... والصور ستكون جاهزة خلال سويعات إن شاءالله



    أوقات ممتعة


    الأيام...

    فنادق عطلات


  15. #75
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    :101: هلا اخوي الايام كل عام وانت بخير

    فنادق عطلات


  16. #76
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الجزء السابع




    - بَثِرٌ مع مرتبة الشرف.
    - آي وانا دو سومثينق !!
    - من عرفتك في هالبيت وانت تقول كذا .. خلاص ياولد فال فارق عن اللاب توب وخلني اخلص شغلي.
    - أوكي .. بس شوي .
    - فآآل ( بصوت عالي) .
    - خلاص خلاص بطلع وأخلي اللاب توب لا تصَّوت لفال ولا لغيرها .

    كان "ماثيو" الشقي بتصرفاته وتدخلاته بشؤون الآخرين مزعجٌ في بعض الأحيان بشكل لا يُحتمل ، وكانت أمه تقول لي ولجاك دائماً "أن ماثيو أصغر أبنائي وولدي الوحيد ، وكنت أنا وأباه ندلله من حيث لا نعلم ونشعر ، حتى عرفنا الآن أننا مخطئون...لأنه بدأ يضايقنا ويضايق من في المنزل بتصرفاته ، وكل ماهو مطلوب منكما أن تناديان بأسمي عند مضياقته لكما" ، فهذا من حقها فهي خائفة أنَ في لحظة غضب تنمد أيدينا عليه ، كنا نحبس غيضنا ونصَّوت باسم فال عند الحالات الطارئة وكان هذا الحل سلمياً في جميع الأحوال، ولكن ماهي وجهة نظر فال عندما يتحول الحل إلى العسكري !!.. كانت تلك الليلة الدافئة بنيران موقد فال تختلف عن غيرها ، فقد كنت وجاك وفال نتحدث في غفلة من أمرنا ، حتى تبرع ماثيو ليستقر بجانب أمه الأيمن ،أندمجنا في حديثنا عن إختلاف ثقافات الشعوب وعاداتها، وكان ماثيو بين الحين والآخر يرمق جاك بتلك النظرات المليئة بالمزح ذو العيار الثقيل (رغم إنشغالنا بالنقاش) ، تحولت تلك النظرات لتصبح كلمات خفيفة "إستهبالية" ، بدأ جاك يتضايق... فشخصية جاك لا تحتمل المزاح بجميع أنواعه وخاصة الثقيل منه ، تمادى في آخر الأمر ماثيو لتنمد يده نحو جاك (كل هذا وفال في الوسط بينهما) وكانت بداية النهاية لدى جاك والذي كانت نيران الموقد تُدفئه من خلف ظهره ونيران ماثيو تزيده أشتعالاً من أمامه ، ثوانٍ معدودة إلا وصاحب اليد الممدودة أرتفع عن مكانه وأتجه نحو نيران الموقد ، كيف حدث ذلك لا أعلم !! لكن فعلها جاك عندما كسر جميع الحواجز النيوزيلندية بماثيو ، دوت صرخة فال تلك اللحظات الحرجة ، لتكون تلك الصرخة الحد الفاصل بين ذلك الطفل وأحتراق أجزاءٌ من جسده ، سقط ماثيو أمامنا بعد أن أفلته جاك عندما صرخة فال ، كنت عندها لا أعلم ماحل بصديقي الهادئ !!، ذلك الصديق الذي لم أكتشف جانبه الشرس إلا تلك اللحظات الحرجة ، علت فال علامات الهول والفزع فهي لا تعلم أيضاً مالذي أدى بجاك للقيام بفعلته تلك ...لينطق بعدها جاك وعلامات الرهبة والفزع واضحة على وجهه
    - فال أنا آسف ..آسف ..فعلا لم أشعر بما حل بي ..فقد انشلَ تفكيري طوال تلك اللحظات ..حتى عدتُ لوعيَّ علي صدى صرخاتك .. عندها فقط أنتبهت لماثيو وهو بين يدَّي وأطلقته مباشرةً .
    حاولت فال إخفاء خوفها وغضبها في الوقت ذاته ولكنها لم تستطع ، أما ماثيو الضحية فقد أطلق ساقيه مباشرةً نحو الدرج برفقة جميع أنواع نوبات البكاء ليتمتم بكلمات من المؤكد لم تكن تحمل إلا اللعنات النيوزيلندية على الحظ الذي جمعه بجاك ، كل شيء يبدأ صغيراً إلا المصيبة ... فهي تبدأ كبيرة ثم تصغر.. ليهدأ الوضع الحامي على نهاية توسلات جاك لفال بمسامحته على فعلته التي كادت أن تُؤدي بكارثة لولا لطف الله ، وقد كانت فال تردُ مبررة موقف جاك بشقاوة ماثيو وبدأه بممازحة جاك بطريقة إستفزازية ، ولكنها لم تجد مبرراً لجاك يوصله إلى إتخاذ هذا القرار الجنوني ...
    - فال أنا أعرف أني من المفترض أن أسيطر على أعصابي ... لكن فعلاً أنا لا أحتمل المزاح بطبيعتي ..وكثيراً مايتضايق أصدقائي مني بسبب هذه الصفة ..لا أعرف ماأقول ولكن أنا آسف وإذا أردتي أن أذهب لماثيو وأعتذر منه ..
    - لا لا ياجاك دعه في حاله فهو الآن يكفكف دموعه وإذا رآك مجدداً سيزداد الأمر سوءً ..ولعل هذه الحادثة تكون درساً له ليفكر مسبقاً قبل أن يتخذ إجراءته الغبية مع الآخرين..وأنت أيضاً يجب أن تكون صبوراً فهناك مستقبل ينتظرك ..والصبر دائماً يكون طريقاً للنجاح وتفهم مشكلات الآخرين .

    في الحقيقة لم يكن لي أي دورٍ سواء من فوق الطاولة أو تحتها ، وأيضاً لم أكن أدعم جاك لوجستياً ليبقى صامداً في معركته أمام الطفل النيوزيلندي لكني رغم هذا أنا المستفيد الأكبر.. فإحتكاك جاك بماثيو كان لا يمثل شيء بالنسبة لإحتكاكي بذات الطفل ..لذلك فأنا الآن أستطيع الإستفادة من ذلك الطفل دون أن يرتفع لي ضغط أو سكر !!
    أتجهتُ أخيراً لغرفتي الدافئة تلك اللحظات ، فقدكانت تلك الليلة الأخيرة في الويك إند تحمل في طياتها ساعات محدودة لتنقضي ، فجميع شوارع روتوروا كانت خالية بشكل شبه تام مع غروب الشمس إستعداداً للعمل والدراسة صباح الغد ، رفعتُ تلك الليلة سماعة الهاتف وأخرجت بطاقة "الإيزي كول" فهي إقتصادية لحد كبير ..تجعلك تشعر بأن هناك أشياء رخيصة ومهمة في روتوروا يجب أن تقف أمامها متأملاً ... التقطتْ أختي "سديم" ذات العامين كعادتها سماعة الهاتف رغم وجود جميع الثكنات العسكرية المحيطة بذلك الهاتف بقيادة الجينرال "زيودي" ذو الخمسة أعوام ...تحدثت سديم بسرعة قبل أن يُقبض عليها .. وكنتُ أحاول بذل جهدي لفهمها و"تفهيمها" ، خالجتني مشاعر الغربة من بداية أسبوعي الأول الغائب فيه عن هذه الطفلة الصغيرة ، فأنا لم أعتد أن يمر يومي دون رؤيتها سواء كنت ضاحكاً معها أو "متجهماً" في وجهها ، أحبِت .. بمعنى أحبك .. كانت تلك الكلمة الجميلة التي حرَّكت بها تلك الشقية مشاعري لتأخذني لعالم آخر تذكرتُ معه مطارداتي لها وفي بعض الأحيان "مطاردتها لي" ، فجأة ..أوقع بها الجينرال ليخطف السماعة دون سابق إنذار وتردد .. لتعلو توسلاتها المطالبة بمسك السماعة لمجرد المسك فقط وليس لأجل سماع صوت محبها !! ، أكملتُ مكالمتي مع والدتي العزيزة فطمأنتها على أحوالي وأحوال البرد الذي وعدتها بأخذ كميات منه لرياضنا المحترقة ، أنهيتُ تلك المكالمة على الرغم من أن طبول الحرب قد قُرعت في صالة بيتنا بين الجينرال وأعدائه !!

    كان أسبوعي الثاني قد سلك طريقاً آخر فبدايته لا تبشر بالخير أبداً ، ففي صبيحة يوم الإثنين استيقظتُ ولفحات البرد القارس تداعب عظامي، بالكاد تحركتُ بجسمي نحو باب الغرفة متجهاً لدورة المياه، قابلتُ جاك عند نزولي من الدرج لإكتشف أيضاً أن حبالي الصوتية قد قاربت على التلاشي، دخلتُ ذلك الصباح معهدي على الرغم من أن وضعي الصحي كان متدهوراً بشكل واضح للعيان فلاحظ الجميع هدؤي الغير معتاد ، جلستُ على كرسيِّ بعد أن ألقيت التحية بصوتي "المبحوح" على من في الكلاس ، بدأ الجميع الدرس مع سارة بنشاطهم المعتاد إلا أنا ، فقد كنت أترحم على صوتي الذي كان مع الوقت يزداد إنخفاضاً ، توقفت سارة تلك العجوز الأمريكية عن التحدث فجأة بعد أن أكملنا مايقارب النصف ساعة ، التفتت يمنة ويسرة متساءلةً عن صاحب الصوت المفقود لهذا اليوم ، لتجدني قابع في تلك الزاوية أُخرج آخر منديلٍ من علبتي الصغيرة التي أعطتني إياها فال..
    - أين أسئلتك اللاذعة يارايد هذا اليوم ؟!!
    - كما ترين ياسارة فموجات بردكم القارس حطت رحالها داخل جسدي ..ولا أملك النشاط الكافي لمجاراة بقية الطلاب.
    - ناولني علبة المناديل يابيبو .. فرايد اليوم وضعه أصعب من وضعك .
    أخذت سارة علبة المناديل من بيبو البرازيلي بعد أن وعدته بإحضار دواء "طبيعي" لعله يخفف من وطأة تلك الحساسية التي أصابة أنفه، فمناديل تلك العلبة لم تفارق أنفه الأحمر المتهالك بأحد الأمراض الجلدية ، بالإضافة إلى علبة المناديل التي وضعتها سارة أمامي (بعد أن كتَبت عليها أسمي وهي ضاحكة) أتت بسلة المهملات الصغيرة لتضعها على بعد متر من حافة الطاولة لتقول " الآن يمكنك ممارسة لعبة كرة السلة وأنت مريض (مبتسمة)" لأجيبها " شكراً ياسارة .. فهواية لعبة كرة السلة بالنسبة للسعوديين تأتي في المرتبة الثانية بعد هواية جمع الطوابع الشهيرة لدينا " ، كان الجميع متابعين لبقية الدرس..أما أنا فكنت تارةٌ معهم وتارةٌ مع كرة السلة حتى أنقضى درس ذلك اليوم ليزداد بعدها علي التعب والألم ، فماوصلت بيت فال حتى جمعت قواي لألفظ جملة واحدة " أريد الطبيب" التقطت فال مفاتيح السيارة وانطلقنا عبر شوارع روتوروا متجهين لأحد المستشفيات ..فهي أيضاً لاحظت إزدياد سوء حالي، أوقفنا سياراتنا في المكان المخصص ، كان المكان هادئ وأنواره خافتة هذا بالإضافة إلى الجو البارد الذي أجبرنا على الإسراع بخطواتنا نحو بوابة ذلك المركز الصحي الصغير ، دخلنا ذلك المكان الجميل..برائحته المعتادة ، كان هناك الشيء الكثير من ملامح الفخامة على واجهة الإستقبال بالإضافة إلى تلك الأسياب البرَّاقة ، كانت تلك العجوز "المتهندمة" تنتظرنا على الإستقبال بعد أن أنهت للشخص السابق أوراقه..
    - مرحباً
    - مرحباً
    - نحن نريد رؤية الدكتور فهذا الشاب يشكو من آلام فوق عينه اليمنى فهي بالتأكيد مضاعفات للإنفلونزا والزكام التي أصابته بشكل تدريجي الأيام السابقة .
    - حسناً سأخذ بياناته ومن ثم انتظروا مع البقية حتى يأتيكم الدور.
    كان في تلك الصالة الصغيرة عدد من الأشخاص، فكان في تلك الزاوية أحد النيوزيلنديات تحمل بين يديها طفلتها المريضة ..فقد كان حال تلك الطفلة لايقل عن حالي سوءً ، أما في الكرسي المقابل كان ذلك الشاب الماوري برفقة أخيه الذي لا يصغره كثيراً كلاهما يشكوان من أعراض الزكام ، أما ذلك النيوزيلندي الضخم فقد كان منظره يشعرك بالإشمئزاز ..فقد كان من المؤكد للتو قادماً من أحد المنشآت المعمارية فآثار "سطول البوية" و"الشورت" المتهالك والقدمان الحافيتان أكبر الأدلة الموحية على ذلك، انتظرنا حتى مللنا الانتظار ، ففال أنهت في صالة الإنتظار تلك مايقارب المجلتين ..أما أنا فقد أنهيت قراءة جميع ماكُتب بالإنجليزية على "لوحة الإعلانات " المعلقة بالقرب مني (طبعا بإستثناء ماكُتب بالماورية فسهولته المتناهية كانت تجبرني على تجاهله)، انتهى دوام الدكتورة المناوبة لتخرج من أمامنا ليلقي عليها التحية الدكتور القادم من الإتجاه المعاكس فدوامه الآن سيبدأ، وصلنا الدور عندها ..فدخلتُ لأجبر فال على الدخول معي..
    - مرحباً ... مما تشتكي يارايد ؟!!
    - آلام حول منطقة العين اليمنى بالإضافة إلى آلام في العضلات .
    - هذه مضاعفات لإصابتك بالزكام والبرد فأنتم في السعودية لم تعتادوا على هذه الأجواء.
    - بالفعل يادكتور.
    - سأصرف لك الدواء والتزم بالوصفة التي سأعطيها لك .
    - حسناً.
    - لم تقل لي يارايد ...أتشعر بالأمان هنا أكثر من هناك ؟! (الآن خرج الدكتور عن النص)
    - من المؤكد أن بلدي أكثر أمناً ولكن هنا أيضاً أمان ..فأنتم هنا "كافين الناس خيركم وشركم بعكس الحقير العم سام"
    - كيف تقول أكثر أمناً والتفجيرات أصبحت منذ فترة داخل بلادكم وضد بني جلدتكم وليس الأجانب.

    ضيَّقَ ذلك الدكتور الخناق عليَّ بجملته الأخيرة ، فهربتُ من سؤاله بالتحدث مع فال ..بعد أن كنت أدافع بحسن النية عن بلادي التي تغير حالها في الواقع عن ذي قبل لأتذكر فوراً بعدها والدي الذي أنقذته الرعاية الإلهية من أحد تفجيرات المباني الحكومية في الرياض ..فقد أخَّرته الظروف الطارئة عن الذهاب لعمله ذلك اليوم المشؤوم ولله الحمد، أستلمتُ "الروشتة" لأتجه للصيدلي ، جمعَ لي الأدوية المطلوبة وسلمني إياها ..."المبلغ الآن قارب على الثلاثمائة ريال " ذكَّرتني فال عندها بمسألة التأمين، وأنه يجب علي أخذ الفاتورة وتسلميها للمعهد لإرسالها إلى شركة التأمين لإسترجاع نقودي، أستيقظت صباح اليوم التالي (للمرة الأولى منذ قدومي لروتوروا) على طرقات جاك، كنت متعباً لدرجة عدم التحرك، قلت له أني لن أذهب اليوم بسبب وضعي الصحي، رفعتُ سماعة هاتفي لأخرج رقم المعهد من بطاقة الطالب..
    - صباح الخير أنا رايد.
    - صباح الخير أنا جولي.
    - أحببت إعلامكم أني متعبٌ للغاية..لذا لن أستطيع الحضور اليوم للمعهد.
    - حسناً يارايد جاك ورسَل لتوهما خرجا من مكتبي وأخبراني عنك...أتمنى لك الشفاء العاجل وألتزم بدواءك.

    تناولت دوائي ذلك الصباح لوحدي فجميع من في المنزل خرجوا لأعمالهم..لم أجد من النوم مفر تلك اللحظات، صحيت بعدها حوالي الساعة الحادي عشرة ظهراً لأنزل للصالة بعد أن مررت على المغسلة والمطبخ، جلست أمام التلفاز برفقة حليبي الساخن وعُلب أدويتي، مع مضي الوقت كانت صحتي تأخذ مسارها للتحسن، حتى اقترب المغرب لأشعر عندها بتحسن مقبول ولله الحمد، طُبخ العشاء تلك الليلة فوُضع على المائدة...
    - ماهذا يافال؟!!
    - إنه خنزير مشوي.
    - أنتي تعلمين أني لا أكله بسبب ديني بالإضافة إلى أني لا أحبه من الأساس ولم أعتد عليه.
    - نعم اعلم يارايد وذاك الصحن الموضوع هناك على طاولة المطبخ يخصك..فهو خالي من رائحة الخنزير أيضاً(ضاحكة).
    أخبرتني فال أيضاً في تلك اللحظة بعشق أبنتها روشيل لهذا النوع من اللحم، وفعلاً كانت روشيل تأكل بإجتهاد وإخلاص (أفلام رعب وخنزير!!)، أما رسَل الأب ذو الشعر الأبيض كان ممسكاً بذلك العظم بكلتا يديه لينتزع اللحم منه بشراسة، رفع بصره نحوي ليقول..
    - جَّرب يارايد ولن تخسر شيئاً
    - لا شكراً..
    - لا تخف لن نخبر أحداً (بتلقائية قالها)..
    بالكاد أكملت لقمتي، فلا أدري أاضحك على سذاجة جملته، أم احزن على جهله بحقيقة عقيدتنا فلا ذنب له بذلك الجهل لا من قريب أو بعيد، كان جاك بعد العشاء مستلقي في مكاننا المعتاد لحل الواجب أمام موقد نار الصالة، من الواضح أنه كان في وضعٍ يصعب تداركه مع ذلك الواجب الصعب!!، نهض من مكانه بعد أن لم شمل أوراقه المتناثرة في شنطته البنية، وقف ليقول لي بعد تنهدات صوته المنخفض "أنت محظوظ بغيابك لهذا اليوم"، ضحكت في وجهه ضحكة الساخر بعد أن أثّبتُ له أني أتمتع بكمال مزايا حسن الحظ (رغم إثبات الواقع دائماً عكس ذلك لي)، كانت فال مستمتعتاً بأجواء ذلك البرنامج المختص بأصحاب الأوزان الثقيلة وكيفية التخلص من شحومهم المتراكمة بطريقة إستضافة من لهم تجارب في الحياة مع هذه المشكلة المنتشرة بشكل كبير على المستوى العالمي، أما مشكلتي التي كنت أفكر تلك اللحظات في حلٍ لها هي الحلاقة والحلاقين !!... فقد أكملت السبعة أيام ومن المفترض أن أمرَ الحلاقة قد قُضي ليلة البارحة، لم أستطع الإنتظار حتى نهاية البرنامج، حاولتُ لفت إنتباه فال بإستئذاني لها وفعلاً نجحت...
    - ماذا تريد يارايد؟!
    - آراكي مندمجة للآخر...لا تُلامي فالبرنامج مفيدٌ جداً لكِ.
    - للأسف نعم (ضاحكة) ..
    - فال أتمنى من أحدكم أن يأخذني غداً للحلاق فـ"سكسوكتي" بدت تختفي ملامحها عن العيان !!
    - حسناً يارايد موعدنا غداً بعد خروجك من المعهد.

    استقَّبلتُ يومي التالي بصحة أفضل، واستقبلني اصدقاء المعهد بابتسامة هي الأفضل..كما أن "الأرواح جنود مجندة..." كان هناك من يتخفى خلف قناعه فالنفس البشرية مرَّكبٌ غير مستقر بطبيعة الحال، كان هناك مجموعة من الطلاب التاهيتيين قد وصلوا هذا الصباح، فُتح الباب بعد طرقتين سمعناها ونحن قعودٌ في الفصل، لقد دخل أو بالأصح دخلت..لا لا لقد دخل.."بصراحة مدري دخل ولا دخلت"..المهم اتجه ذلك الإنسان (مجهول التصنيف حتى إشعار آخر) لتلك الزاوية بخطواته الهادئة وإبتسامته الغامضة، بينما كان منشغلٌ بفتحِ شنطته كان البقية ترتسم فوق رؤوسهم علامات الإستغراب والتعجب بما فيهم سارة العجوز الأمريكية، كان الطلاب "يتساسرون" فيما بينهم حول ماهية هذا الشخص...ويرددون كلمتين فقط " هِي أور شِي !!"، أشارت سارة لنا بأنها ستتأكد بنفسها من الحقيقة، أتجَّهتْ نحوه وحدثتـ(ـه)ـها قليلاً ثم أدارت بظهرها لتتجه إلينا مجدداً تحمل على شفاهها إيماءات تشيرُ إلى كلمة "هِي"، كان ذلك الفتى التاهيتي "أرجْوىَ " قدِمَ ليلة البارحة من تاهيتي، تلك الجزيرة التي ترفرف فوق مراكزها الأعلام الفرنسية، فمعظم من يقطِنوها ذوي أصول فرنسية، لم يلبث ذلك الفتى طويلاً حتى أصبح يشارك بتميز بين بقية الطلاب رغم ملامحه الطفولية، مرت الدقائق والساعات حتى ودعّت ناصر وبقية أصدقائي..أتجهت لذلك المقعد الخشبي اليتيم أمام المبنى، جلست هناك واضعاً يدي على خدي، ألتفتُ نحو شبابيك صالة الكومون روم، فقد كان جاك متسمراً برفقة أنقوتو القط وليون على أحد الطاولات المستديرة التي أهتزت إثر ضرباتهم المتتالية وهم يلعبون بورق البلوت، رجعتُ مرة أخرى ببصري إلى الشارع..لقد رأيتها من بعيد.. هاهي سيارة فال قادمة بعجلاتها التي تحتاج إلى شيءٍ من "الترصيص"، أشرتُ لجاك وركبنا مع فال لننطلق إلى الحلاق الذي طال إنتظاري للقائه .. كانت فال خائفة أن ينتهي دوام الحلاق قبل وصولنا، أوقفنا سياراتنا لننزل بإتجاهه، فتحتُ باب الحلاق لأرى ذلك المنظر أمامي..تصّلبت في مكاني فيدي حتى الآن ممسكةً بمقبض الباب !!...
    - مابك يارايد ؟!
    - اقتربي قليلاً ..أريد أن اهمس لك بسؤال بدأت جولة مصارعته مع نفسه هذه اللحظة !!
    - نعم ماذا تريد ؟!!
    - كيف يحَّلق شعرَ وجهي من لا ينبِتُ الشعر في وجهه ؟؟
    - لا تخف فالمسألة ليست جراحة قلب أو عظام ياعزيزي.
    كانت الحلاَّقة ممسكة بمقصها ومشطها تنتظر تقدم فال، بالفعل تقدمت فال وتحدثت معها قليلاً لتعود مرة أخرى بالقرب مني، كانت ملامح خيبة الأمل قد ظهرت على وجه فال قبل أن تقول " للأسف يارايد فأنت غير مرحب بك إلا في يوم الجمعة"، تبين أن أيام الجمعة فقط يأتون من يريدون حلاقة "دقونهم" تحت أيدٍ رجالية فهذه الفتاة تحلق شعر الرأس، حجزتُ موعدي للجمعة القادمة وركبت السيارة بعد أن مررت على المحل المجاور..فقد أخذت ماكينة برفقة موس حلاقة لأتسلى بها !!.
    علت ضحكات ناصر في اليوم التالي بعدما رأى مارأى من آثارٍ للحفريات وتبعاتها على وجه صديقه..قاطعت ضحكاته قائلاً "لا تلام ياصديقي فقد كنتُ أتسلى ليلة البارحة بعنف"، ذكَّرته بأن لا ينسى أن نشاطنا اليوم مع المعهد هو الذهاب إلى "الريدوود"، لسوء الحظ كان سائق المعهد العجوز "جراهم" متعب ذلك اليوم، لا أخفيكم سراً فـ"جراهم" كان يضفي على نشاطات المعهد نكهة خاصة، فحركاته الإستهبالية وخفة دمه وتعليقاته على هذا وذاك كانت عوامل دعم لنشاطات المعهد، أما من ناب عن جراهم وأخذ محله فكل الصفات السابقة بعيدة كل البعد عن شخصيته، أنه أو بالأحرى أنها كريس، نعم كريس المديرة تلك الشخصية التي تجلب سوء الطالع بقدومها، وهذا ماتم عند وصولنا للريدوود، نزلنا من ذلك الميكروباص الذي بالكاد حملنا نحو غابات روتوروا، كان منظر الأشجار الشاهقة وجذوعها السميكة تثير مشاعرك نحو الطبيعة وخالق تلك الطبيعة ومتقنها!!، كانت الأخشاب النيوزيلندية تعد من أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، فقد كانت نيوزيلندا تُصَّدِر تلك النبتات الصغيرة التي نراها هناك بعيداً في أحد الأماكن المحمية لشتى دول العالم، أنطلقنا خلف كريس بين تلك الأشجار العملاقة دون توقف لمعرفة ماهية الأشجار وشرح موجز لها (لنحصل بعد عدة أسابيع على نفس الرحلة لكن برفقة جراهم عندها تمت الإستفادة)، "السيلفربين" تلك الشجرة ذات الأصول النيوزيلندية..فهي الشعار القومي للقنوات التلفزيونية وأيضاً شعار لفريق الرغبي الشهير "أُول بلاكس"، كان مايميز تلك الشجرة هي تلك الأوراق التي تحملها فوق أغصانها، فقد كان لونُ تلك الأوراق أخضر من الأعلى ..أما أسفلها فقد كان رمادياً !!، كنا نتبع كريس بين تلك الأشجار ونصدح بأصواتنا الشجية على وقع كلمات أماكن أبا نوره..لتنفُر العصافير من أعشاشها عندئذٍ !!...تسائلت مديرتنا تلكم اللحظات قائلة..
    - أهذا من الرود العربي ؟!
    - على العكس تماماً...فهذا مما يلفظ أنفاسه الأخيرة في عالمنا الثالث وسيوَّدعنا عاجلاً أم آجلاً ..فقنواتنا الفضائية استوردت تلك الأجساد التي غزتها عمليات التجميل والترسيم، وتفرَّدت بنشر كل ماهو قبيح ومثير للشهوات لا للعقول، هز للوسط يستمر بلا توقف..قد يُوقف في الشهر الفضيل بحجة أنه فضيل..ولكن في الواقع هو راحةٌ واستعداد لموسم جديد، فدفة القيادة الآن تحت رحمة بنت وهبي والعجرمية ناسني ومن شابههن...حتى تسَّمر أمام تلك الكليبات الهابطة الكبار قبل الصغار، وحفظ كلماتها الساذجة الشياب قبل الشباب، فالهدف هدم في جسد أمة متهالكة توقفت إنجازاتها مع توقف أيدي شعوبها، فقد كنا في غابر الأزمان نقود العالم الأول... أما الآن فالعالم الثالث ليس سوى أكذوبة قد تشحذ الشيء القليل من هممنا..
    أدرتُ تلك اللحظات جهازي الصغير لأستمع للكلاسكية الإنجليزية بكلماتها الساحرة (ولإلتقاط الكلمات الجديدة)، فذلك النوع له رواده ومتابعيه على الرغم من إنتشار الرود الواسع...تذكرت تلك اللحظات سارة العجوز عندما ذكرَ أحد الطلاب بمحض الصدفة أسم مغني الهيب بوب والراب الشهير "أمنيم" الذي لا تنعطف بسيارتك مع شارع من شوارع الرياض حتى ترى أسمه المتشقلب أمامك..فهذا المغني ومن هم على شاكلته كانت سارة تحتقرهم لدرجة عدم ذكر أسمائهم ..فقد كانت تتحدث عن أمنيم وتقول " إن .... سيء للغاية، وإن ...... لا يستمع له إلا من أصيب بالجنون والهلوسة، وإن .....يعد مرجعاً للحقارة والدناءة" فقد كانت سارة تشير بإصبعها بعد "إن" لأحد الطلاب ليذكر أسم "امنيم" في كل مرة تريد التحدث عنه !!. كانت جولة جميلة في الريدوود رغم سرعة خطوات مديرة المعهد العجوز كريس، عدنا أدراجنا بعد أن مررنا على أحد البحيرات الجذابة في روتوروا، فقد كانت مناظر الأشجار المتراصة على جنبات الجبال ومنظر البحيرة في الوسط يمثلان إمتزاج لوحة فنية تجعلك تقف متأملاً ومندهشاً طوال الوقت، وصلنا المعهد على إشارة ساعتي إلى الخامسة..لتقف تلك اللحظة فال بسيارتها فنزلتُ من هنا لأركب هناك.
    أما ليلتي تلك فقد كانت رائعة بروعة قصة "اللاست ساموراي"..فقد خرجتُ في أيامي السابقة برفقة المعهد لمكتبة روتوروا العامة، أوقفنا سيارتنا في المكان المخصص، دخلنا عبر بوابة المكتبة العامة التي ماإن تدخلها حتى تشعر بنهم هذه الشعوب للقراءة والثقافة، فقد كانت تلك المكتبة تظفر بزوارها بكل قسم من أقسامها إبتداءً من الآداب الإنجليزية والتاريخ الأوروبي والأمريكي مروراً بالكتب العلمية من كتب الفلك والكيمياء والكمبيوتر وإنتهاءً بالفنون الموسيقية والأفلام الوثائقية والسينمائية، ولا ننسى قسم الأطفال المجهز بكل ماهو مناسب لمراحل نمو عقولهم، كان كل ماعليك القيام به عند دخولك للمرة الأولى هو التوجه لذلك الموظف، ومن ثم الجلوس أمامه لخمس دقائق فقط، عندها سيكون قد أخذ منك المعلومات المطلوبة وسلمَّك بطاقة المكتبة الإلكترونية الخاصة بك، في حقيقة الأمر تلك البطاقة الشبيهة بصرافات سامبا والراجحي ماهي إلا سِجلٌ كامل عن أعداد وأسماء الكتب والأقراص الليزرية التي استعرتها والتي رددتها وتواريخ إنتهاء المُهل المعطاة لشخصك الكريم عند تأخرك..الخ، كل هذا مقابل مبلغٌ زهيد أخجل من ذكر عدد دولاراته!!، تجولت ذلك اليوم فما وجدت أختياراً أمامي غير الأفلام لأنها ستطور من لغتي وتكسبني مهارة الإستماع..لكن أي فلم سأخذ ؟؟، بدأت المهمة وكلي أمل أن أجد أحد الأفلام العالمية الذي سمعتُ به من أصدقائي أو قرأت عنه ولم تتسنى لي الفرصة لمشاهدته، أنطلقت بين العناوين حتى وقعت عيني على "اللاست ساموراي" أو "الساموراي الأخير"، ذلك الفلم الذي استفرد ببطولته "توم كروز" حيث تجَّلت إبداعاته السينمائية بشكل واضح في كل مشهد من مشاهده، وجدتُ نفسي تلك الليلة أنادي على صديقي جاك ليتكرم بزيارة غرفتي والإستمتاع بالمشاهدة معي..لا أخفيكم فالحقيقة هي أني كنت أريد من جاك مساعدتي لما في ذلك الفلم من جملٍ جزلة وصعبة...فهذا الفتى لا أحبذُ نداءه إلا بـ"الولد الكندي"..فهو قد أمضى أربع سنوات من بداية عمره في كندا برفقة عائلته، المهم بدأ الفلم واستمر العرض على شاشة حاسوبي المحمول وكنت أندمج مع مشاهده بشكل تدريجي وخيالي، استمر العرض واستمر حتى تمنيت أن لا نهاية تكون لهُ، الساموراي هي تلك الجماعات التي تُمثل أحد أجزاء التاريخ الياباني العريق، فقوة تلك الجماعات نبعت من إيمانها بمنهج الشجاعة المتناهية، وأن من السهولة قذف الرعب في قلوب الأعداء مهما تملكوا من عدة وعتاد، فرجال الساموراي ليسوا إلا دروع حديدية يمتطون صهوات جيادهم فينطلقوا بها نحو الهاوية..عندها لا تملكُ حيلة إلا الدعاء لأرواح أعداءهم فهم موتى لا محالة، كانت تدريبات رجال الساموراي التي يتلقونها منذ نعومة أظافرهم هي السر لتلك القوة المهيبة، فمشاهد القتل وقطع الأعناق والمحاربة لأجل العيش هي مادفعهم ليصبحوا بتلك الشراسة، كانت قصة الفلم تدور حول نهاية تلك الجماعات على أيدي القوات اليابانية التي تلقت كامل الدعم من الأمريكان، وكان توم كروز ينخرط في صفوفهم (الساموراي) عبر مشاهد الفلم حتى أصبح واحد منهم يحارب معهم ولأجلهم، كان فارس الساموراي في الحقيقة يملك سلاحين الأول لأعداءه وهو السيف الضخم .. أما الآخر فقد كان خنجر حاد يستخدمه لقتل نفسه في أحدى الحالتين، الأولى عندما يمسك به الأعداء فهو يفَّضل قتل نفسه قبل أن يقتلوه، والثانية هي عندما يشعر الزعيم بتخاذل هذا الفارس على أرض المعركة فيأمره بقتل نفسه...وإن قَتْلَ نفسه وأخرج من حنجرته تأوه بسيط كان سيف السياف بالمرصاد لعنقه مباشرةً !!!، كانت ثقافة جاك اليابانية عالية نوعاً ما فقد كان يشرح لي بعض الأمور الغريبة التي حدثت في الفلم هذا بالإضافة إلى شرح بعض الجمل اليابانية ونُطقها مرة أخرى لعلي أحفظها (ولكن هيهات ياصديقي جاك)، هذا بالإضافة إلى أن الطبيعة التي كانت في مشاهد اللاست ساموراي قد صُورت فوق المروج النيوزيلندية !!، قبل خلودي للنوم تلك الليلة طمأنني جاك بأن لا ساموراي متواجد فوق التراب فليس من المفترض أن أتحلم بهم "تالي الليل" !!.
    جَّهزتُ العدة صباح الغد، فهذا اليوم سأذهب لموعد الحلاق، لعلي هناك اظفر بعمليات "ردم" لما تبقى من الحفريات، قضيتُ بعض الوقت مع ناصر حتى أتى وقت العودة، رجعتُ للمنزل ففال كانت مشغولة تلك الليلة لأستقل السيارة برفقة رسَل الأب نحو الحلاق، دخلنا وقد كان هناك شابين نيوزيلنديين برفقة زبائنهم، وصلني الدور لأجلس على ذاك الكرسي، حاولت إيصال الفكرة لصديقي الحلاق الشاب وفَهِمَها نوعاً ما، فحِلاقة "السكسوكة" لم تكن منقرضة لديهم لهذا الحد، أخرجتُ صورةً لي لعل الفكرة ترسخ في ذهنه، للأسف لم أرى في وجه ذلك الشاب إلا خيبة الأمل فقد "تبققت" عيناه عندما رأى الصورة، فقد كانت تلك الحلاقة المرسومة بدقة الموس التركي تمثل حاجزاً يصعب على ذاك الشاب تخطيه مهما أوتي من تركيزٍ وخفة لليد، بدأ وليته لم يبدأ !!، كانت جولات الحلاقة تلك ليست إلا حمامات دمٍ بالنسبة لي، فقد كان يأتي من جهة بموسه...ليغير رأيه فيأتي من الجهة الأخرى وهكذا استمر الحال حتى رفع موسه عني وألتقط منشفته ليمسح ما تصبب من عرق جبينه بعد أن أنهى المهمة المستحيلة، أنتهينا لأفتح عيناي وارفعهما نحو المرآة...ماهذا يابن الكيوية ؟!! ما حقل التجارب هذا الذي افتتحتهُ في وجهي أيها المجرم ؟!!، استسلمتُ لتلك المجزرة التي تمت على أراضي "دقني" لأقف بعدها أندب حظي وأرددُ " ليتني تسليتُ في بيت فال لكان الأمر أفضل والنتائج أرحم"...مما زاد الأمر سوءٌ أن أسعارهم كانت مرتفعة وإن لم أدفع سيتم "تدفيعي بالعافيه" فأنا بينهم وعلى أراضيهم.. لذا اتجهت بكل أدب نحو المحاسب مطأطأ رأسي ولا حيلة لي إلا الدفع رغم كل جراحي..فجأة ابتسم المحاسب ليشير بيده ويقول "لا تدفع ياسيدي فالحلاق الذي حلقك هذا أسبوعه الأول..نتمنى زيارتك مرة أخرى"، في الحقيقة كان لسان حالي يقول " ايه هين ازوركم بعد هالمرة"، يبدو أن رسَل الأب متاضيق لطول الفترة التي قضاها على كراسي الإنتظار لذلك بادرني قائلاً " لما لا تحلق كل شيء " .. في الحقيقة كنت مؤيداً لكلامه في بادئ الأمر، فالمسألة أصبحت جزر وسلخ..لم أبرح حتى أصبحت معارضاً بشدة لرأيه لأقول " أين السيارة يارسَل لقد تأخرنا !!".

    كان اليوم هو أول يومَّي الويك إند، رتبت أمر لقائي بناصر كالعادة، قضيت بعض الوقت في منزله وتبادلنا أطراف الحديث...
    - أتدري يارائد ؟
    - بماذا ياصديقي ؟!
    - ليلة البارحة أتى لهذه الصالة ثلاثة أشخاص بالإضافة إلى ربيكيا وصديقها..
    - ومالغريب في الأمر ؟!
    - كان برفقتهم أحد كتبهم الدينية المقدسة..وعندما شعرت أنه سيتم إفتتاح موضوع ديني بعد قليل أخبرت ربيكيا بأن الوضع لا يناسبني..فاتجهت للمطبخ
    - وعندما انتهوا من قراءة مواعظهم وطقوسهم مالذي حدث بعدها ؟!
    - عدتُ مرة أخرى لأجلس وكانت بينهم واحدة ماإن عرفت أني مسلم حتى بدأت تتحدث معي وكان في حديثها شغف للإسلام .. فهي تعرف أشياء بسيطة وتريد معلومات أكثر..
    - وأخبرتها ؟
    - نعم أخبرتها بمعلومات ليست بالقليلة ولم أنتهي من الحديث معها حتى أنتهت جلستهم تلك..وتركتني وذهبتْ على أن أمدها بمعلومات أكثر خلال الأسابيع القادمة .
    - شيء جميل ياصديقي فالفضول بعض المرات يكون مفيداً...هيا دعنا نصلي صلاتنا وننطلق بعدها للداون تاون فالوقت داهمنا..

    انطلقنا فوق أرصفة روتوروا النيوزيلندية، فروح الطبيعة قد أخترقت حتى شوارع تلك المدينة الهادئة، وهاهي نسمات الهواء العليلة تداعب أنفاسنا، فالوقت يمضي والنكهة في واقع الأمر كانت تبقى وتبقى وتبقى!!، لا أدري من أين سأبدأ في الوصف وبأي شيء سأختم، أشك بأن الحروف ستصطفُ من تلقاء نفسها..باغيةً إيفاء روتوروا حقها الذي هضمته ريشتي، لمحتهُ من بعيد بحقيبته المعهودة ابتسم وأشار بيده من بعيد ملقياً التحية علينا..كان يوجي الياباني من المؤكد عائداً من متحف روتوروا للتو، أكملنا طريقنا المعتاد، سلكنا وسط المدينة مروراً على أحد العروض في السيتي فوكس، اتجهنا نحو بحيرة روتوروا الساحرة، كانت تلك البحيرة تحتل مكانة خاصة في قلوب "الروتوروين"، فقد كانت هي أحد أقرب المتنفسات الطبيعية لهم، على جنبات تلك البحيرة كانت العوائل النيوزيلندية تمرح وتلعب برفقة اطفالها، انطلق من امامنا ذلك الطفل الصغير من بين أحضان جده العجوز راكضاً نحو البحيرة، توقف فجأة قبل السياج القصير ليرمي مابيده لأزواج البط تلك، التفتَ الطفل مجدداً على جده ليطلقَ ضحكاته الطفولية على ذاك الإنجاز الذي حققه، وما كان من الجد إلا أن يضحك بدوره على براءة حفيده الصغير، تأملنا تلك الجزيرة الواقعة في وسط البحيرة، كانت "موكويا" خالية من السكان، فهي تنتظر أحد السواح ليتجول في أرجاءها، فكل ماعليك هو القيام بالحجز من ذلك المكتب الصغير، والإستعداد لجولة في غاباتها لمدة ثلاث ساعات، تقطف ما شئت من ثمارها الدانية، وتطرب لسماع نغمات عصافيرها وطيورها، ودعنا تلك البحيرة على أمل اللقاء مرة أخرى، شدتنا في طريق العودة بوسترات ذلك الفلم فوق صالة السينما، فآدم سانلدر بالنسبة لي "نكتة تمشي على الأرض"، جلسنا ننتظر ونرسم قصة الفلم في مخيلتنا، بدأ العرض وكانت أحداث الفلم تدور في قالب كوميدي مضحك..وكان الجميع يضحك مع تطور الأحداث، حتى وصلنا لذلك المشهد..كان الجميع يتابع بحماس فالمشهد حتى الآن لم يأتي بما يدعو إلى الضحك..ولكن لسوء الحظ علت ضحكتي برفقة ناصر لوحدنا تلك اللحظة لتكسر حاجز صمت بقية الحضور !!، اتجهت الأعين صوب مصدر الضحكات الوحيد...تغيرت ألوان وجوهنا لدرجات مختلفة، الآن عرف الجميع أننا عرب...فذلك المشهد كان هو المشهد الوحيد العربي..عندها تقوقعنا في أماكننا وفضَّلنا الصمت فمن يعلم ربما كان أحدهم ذو اصول "أيلولية" !!.
    خرجنا بعدها لننطلق بين شوراع روتوروا، كان ناصر يحمل خبراً غريباً تلك اللحظات ولكن حتى الآن لم يصَّرح به...
    - ماجديدك ياعزيزي ؟!
    - لا أدري ولكن هناك مالا يسر صديق ولا عدو..
    - ماذا تقول !!
    - نعم يارائد..فهناك من هم من بني جلدتنا قادمون لروتوروا خلال الأيام القلائل القادمة..
    - ومالمشكلة في ذلك ؟!!
    - المشكلة ياعزيزي أن هؤلاء ليسوا ببشر..فهؤلاء أخبارهم وصلتني ولا تحمل إلا الهم والغم..
    - اتقصد أنهم سيعيثون في الأرض فساداً..وسيمثلوا بلدنا "خير" تمثيل !!
    - نعم .. هذا مااقصد فالأمر لا يعجبني..فنحن من أهداف قدومنا هو رسم التصور الصحيح عن بلدنا ..صحيح أننا لم نستطع داخل حدودنا..ولكن على الأقل خارج حدودنا وأمام الشعوب الأخرى يجب أن نغير من حالنا..

    كانوا غزاة لروتوروا من أحد المدن الصغيرة والتي تبعد الثلاث ساعات تقريباً، خرجتْ أحد العوائل لتشتكي للمعهد حالها..فأبنهم السعودي لا يأتي إلا في ساعات متأخرة من الليل على الرغم من أن حدَّه الأقصى كان الساعة السادسة مساءً (بما أنه تحت الـ 18 سنة)، أما العائلة الأخرى فقد كانت تشتكي من رمي أبنهم لقاذوراته الورقية عبر نافذة الحمام حتى "تكومة" تلك الأوراق برائحتها المنتنة في الحديقة الخلفية..ليُفسدَ عليهم ذلك اليوم حفل الشواء !!!، أما صاحب أحد المطاعم خرج على مجموعة منهم "بساطورته" بعد أن رفعوا ضغطه بتفاهاتهم !!، أما ذلك اليوم عندما كانوا مجتمعين في أحد صالات معهدهم، توقفتْ تلك الفتاة اليابانية أمام مدفئة الصالة ومن ثم قررت الإنحناء (وليتها لم تنحني تلك اللحظة) بعد أن شعرت بشيء من الدفء، ماكان من تلك "الشلة" إلا الغمز واللمز فيما بينهم حول ماظهر من جسد تلك اليابانية، فجأة علا صوت أحدهم ليقول " ياعيني على البـ...."، فصديقنا الموقر نسى أن هذه القطعة الداخلية بالذات ماهي كلمة إنجليزية أساساً...لتزداد المصيبة مصيبتين وتصل أخبارهم جلاجل النيوزيلندية !!، بعد هذا الموقف لم يستطع أحد السعوديين (المنفرد لوحده وقادم قبلهم) تحمل الوضع..فقرر أخذ إجازة مدة مكوث هذا القروب وكانت مدة إجازته اسبوعين، أما مدير معهد تلك المدينة فقد ضاق بهم ذرعاً ولم يستطع تحمل سخافاتهم للحظة واحدة..ليقترح بعدها عليهم التوجه إلى روتوروا بعد أن نسَّق مع مديرة معهدنا، وماكان من مديرتنا الشرسة إلا تجهيز العدة والعتاد لإستقبال هذا الوفد وتحَّمل أسوء النتائج المتوقعة والغير متوقعة!!، غربت شمس روتوروا بعد أن أخذنا الحديث وغفلنا عن الوقت، ماكان مني إلا أن أودَّع ناصر وأطلب أحد تكاسي المدينة، ركبت برفقة ذلك التاكسي ليبدأ تلك اللحظات المطر بالهطول ويزداد الجو برودة، كنت أتأمل منظر حبات المطر وهي تبلل شوارع مدينتي واضعاً رأسي على الزجاج وأفكر بما سيحدث خلال الأيام القادمة وكيف سنتعامل معها أنا ومحمد وناصر، نستطيع .. لا نستطيع..نستطيع .. لا لا من المؤكد لن نستطيع عمل أي شيء..فلا سلطة لنا عليهم ولكن سنحاول أن نكون عقلانيين رغم سوء التبعات، فهؤلاء لا ذنب لهم...الذنب كل الذنب على أولياء أمورهم، فكيف يرسلونهم أساساً من دون أي تأكيدات وتوصيات وتعليمات؟!، وأي مشرف هذا الذي معهم...قد يكون مؤيداً لأفكارهم أو قد يكون صفراً على الشمال مهمته فقط هي تسهيل إجراءتهم (بما أن أعمارهم دون الثامنة عشر)، وأي مكتب هذا الذي كان أكبر همه جمع الأموال دون أدنى إهتمام بما كان يحصل عبر المحيطات، قطع عليَّ حبل أفكاري تلك اللحظة تساءل صاحب التاكسي عن جنسيتي .. لأطرح نفس سؤاله على نفسي !!، هل أخبره أم أقول "آم إنديان وبس" !!، لا لا سأخبره..ولكن أنا خائف في الحقيقة!! فالظلام أسدل أستاره تلك اللحظات..والشوارع كانت خالية من المارة..وزخات المطر التي علت أصواتها لم تزد المشهد إلا رعباً وإثارة !!، سأضحي وأخبره في سبيل أن أعرف مايعرفه هو عن سعوديتي !!
    - ألن تقول لي من أين أنت ياسيدي ؟!
    - أنا من السعودية
    - اها سوديا آريبيا...
    - وماتعرف أنت عن سوديا آريبيا (سألته بسرعة قبل أن يخطط على أي شيء!!)
    - مممممم... الخيمة والجمل والصحراء (متباهياً بمعلوماته)
    - ماذا تقول أنت ؟!!(بعد أن جحظت عيناي)
    - وطبعا قبل كل هذا برميل البترول المجاور لخيمتكم (بابتسامة صفراء قالها)
    - ويحك ياهذا !!
    - ماذا تقول ؟؟؟
    - أقول ياخسارة المملكة والفيصيلة اللي طايرين فيها..
    - لم افهم بعد ياسيدي..
    - سأقول لك الآن مااعرفه أنا عن تلك البلاد...فأنا منها وليس أنت!!

    وبدأت بمنقاشته تلك اللحظات وإعطائه رؤوس أقلام لضيق الوقت، فقد بدأت حديثي معه من الصفر، فقد كنت أخبره أن زمن الخيام قد ولى وأنقضى، فأصبح من التراث الذي نعتز به، والجمال أصبحت وظيفتها هي الرعي فقط، أما بالنسبة لمساكننا الآن فنحن نسكن في بيوت تكلفتها أكثر من بيوتكم الخشبية هذه بمئات المرات، ولا ننسى أن هناك وزارات ضخمة تدير مشاريع بمليارات الدولارات سنوياً، فمدارس أبنائنا أصبحت في كل حي، والمستشفيات والمستوصفات في كل شبر، أما مراكز الشرطة فهي تعمل ليل نهار على حفظ أمننا وإستقرارنا، أما البنايات الشاهقة فلدينا على أقل تقدير أطول مما لديكم !!، هذا بالإضافة إلى الطرق السريعة التي لن تستطيع القيادة فيها بسيارتك هذه أيها الكيوي!!، وأيضا ولا تنسى أن لدينا سيارات... ولديها كفرات أيضاً !! وبدأت أحدثه واسهب في الحديث وماكان منه إلا الإندهاش بعد كل معلومة يسمعها، حتى علت تأوهات دهشته أخيراً بعد مشاهدته لصوراً جهزتها مسبقاً في جوالي ليطَّلع عليها من هم على شاكلة هذا الرجل، عندها توقف بسيارته أمام المنزل رقم تسعة في نهاية شارع الويلنجفورد..
    - هذا المنزل ياسيدي..وأرجو أن تدفع فقط نصف الحساب الظاهر أمامك.
    - فقط ستة دولارات !!

    فقد كنت مستعداً لدفع ثلاث عشرة دولار كما أخبرتني فال مسبقاً عن أسعار التكاسي، ولكن يبدو أن صاحب التاكسي شعر بشيء من تأنيب الضمير لجهله بمعلومات أهم بلد نفطي حول العالم !!، ولكن شيء جميل أن الشخص يكسب ستة دولارات فقط خلال خمس دقائق تحَّدث...ياترى كم سيكون الربح عند تحدثي ثمان ساعات يومياً لمدة شهر ؟!!



    دمتم بود

    فنادق عطلات


  17. #77
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اضواء المدينة
    http://www.arabtravelersforum.com/tr...04/#post965104

    :101: هلا اخوي الايام كل عام وانت بخير



    :109: هههههههههههههههههههههههههه:109:

    ما امداني انزل هالتعليق الى انت منزل الحلقه:109:

    مشالله عليك عيني عليك باردة:106:

    والاهم انك ابدعت بهاذي الحلقه

    والاجمل فيها حركة خويك بالبثر

    فنادق عطلات


  18. #78
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    والآن مع الصور...




    طبيعة..


























    في أحد الجولات




    في أحد الميادين




    صورة قديمة للساموراي الحقيقي...وكما تلاحظون السيفين !!




    من فلم اللاست ساموراي..










    ودمتم

    فنادق عطلات


  19. #79
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أول شيء : العيد مبارك بعد الزحمة

    أدخل باستمرار لأجد أنني أعود بخفي حنين ! وأنك تستأذن في التأخير( فيس معصب جداً )
    صحيح أنني أغضب ، ولكنني رجل أعشق الجمال ، ولقد وصفت لك امتعاضي من قصة أخونا راعي حريملاء ( الغالي محمد ) عندما توقف لأسباب النشر مع مكتبة العبيكان.

    خرجنا كثيراً بخفي حنين بعد الزيارات المتتالية والشبه يومية ، وكنت ضمآن كثيراً للقراءة.

    وربنا فرجها علي اليوم ، ودخلت ولقيتك ما قصرت

    أمضيت أوقات جميلة بصحبة الشاهي لقراءة ماسطرته أناملك .









    الأيااااام....
    لا عدتمك يالطيب



    في إنتظار المزيد ..
    إتاوي

    فنادق عطلات


  20. #80
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    عبدالإله

    ترى جاك يعجبك


    إتاوي
    ستجد الدنيا تقترب منك عندما تتحلى بطولة البال ...

    لا عدم ولا خلى



    الأيام

    فنادق عطلات


  21. #81
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الأخ الأيام
    أنت كاتب روائي مع مرتبة الشرف
    وأتمنى منك تستثمر إبداعك القصصي في كل المجالات وليس في ذكريات السفر وحدها
    نريد منك مواضيع للواحه العامه تسجل لنا فيها بأسلوبك القصصي مشاهدتك في مدينتنا الحبيبه الرياض
    وأنا متأكده أنها لن تقل روعه عن رائعتك(ذكريات على جدران روتوروا-----)

    فنادق عطلات


  22. #82
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    السلام عليكم

    احبتي المتابعين...

    كما أخذتموني فجأة من مقاعد جامعتي لمعشوقتي روتوروا...

    وامتعتموني بإستعادة تلك الذكريات معكم ...

    وأيضا فجأة ... هاهي بدورها مقاعد الجامعة تستعيدني مرة أخرى..

    معلنةً بداية أختباراتي (مع مطلع هذا الأسبوع) والتي ستستمر حتى نهاية الأسبوع القادم...

    استغليت هذا اليوم لأدخل وأحيطكم علماً بهذا الظرف الطارئ...

    وبعد ذلك بإذن الله...

    سأنطلق مجدداً في إكمال ماتبقى من خربشاتي على جدران روتوروا...


    كما قلت في أعلى الصفحة رقم واحد من هذا الموضوع...

    أحتاج نفس طويلة من سادتكم...


    إلى اللقاء مع رد آخر ..


    محبكم

    فنادق عطلات


  23. #83
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء



    أتمنى من المشرف...حذف هذا الرد

    آسف فقد رفع ضغطي إتصال الدايل أب...بعد أن أغمى على خدمة الدي أس أل مؤقتاً... كعادتها تلك الشركة

    لأضغط على كلمة إرسال عدة مرات متتالية (بعصبية رغم برودي المعتاد)

    أكره أن أملك الشيء ويتحكم فيه غيري..

    مجرد فاصل لأكثر ولا أقل..

    فنادق عطلات


  24. #84
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء



    dona1

    أولاً...
    شكرا على هذا الإطراء ...

    ثانياً ..
    تشرفني الكتابة في أي جزء من هذا الصرح العظيم ..

    أما ثالثاً..
    فمهمة المذكرات هي شغلي الشاغل الآن ... طبعاً بالإضافة إلى الإرتباطات العائلية والدراسية ( خاصة أني في مرحلة إنتقالية في واقع الأمر..فأنا أحاول هذه الأيام جذب إلكترونات المجموعة الثامنة..فهي طريقي للإستقرار!!)

    دعواتكم أن يكتب الله لي الخير في أمري...

    "واقدر لي الخيرُ حيثُ كان...ثم أرضني به"




    شكراً أختي dona

    فنادق عطلات


  25. #85
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة The Days
    http://www.arabtravelersforum.com/tr...45/#post975445

    السلام عليكم

    احبتي المتابعين...

    كما أخذتموني فجأة من مقاعد جامعتي لمعشوقتي روتوروا...

    وامتعتموني بإستعادة تلك الذكريات معكم ...

    وأيضا فجأة ... هاهي بدورها مقاعد الجامعة تستعيدني مرة أخرى..

    معلنةً بداية أختباراتي (مع مطلع هذا الأسبوع) والتي ستستمر حتى نهاية الأسبوع القادم...

    استغليت هذا اليوم لأدخل وأحيطكم علماً بهذا الظرف الطارئ...

    وبعد ذلك بإذن الله...

    سأنطلق مجدداً في إكمال ماتبقى من خربشاتي على جدران روتوروا...


    كما قلت في أعلى الصفحة رقم واحد من هذا الموضوع...

    أحتاج نفس طويلة من سادتكم...


    إلى اللقاء مع رد آخر ..


    محبكم





    هلا اخوي الايام حياااك الله

    وبالنسبة لكلامك والله الدراسة اهم من هالتقرير وانا اخوك( اجتهد وذاكر ولما تخلص تعال وكملة





    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة The Days
    http://www.arabtravelersforum.com/tr...56/#post975456



    أتمنى من المشرف...حذف هذا الرد

    آسف فقد رفع ضغطي إتصال الدايل أب...بعد أن أغمى على خدمة الدي أس أل مؤقتاً كعادتها تلك الشركة

    لأضغط على كلمة إرسال عدة مرات متتالية (بعصبية رغم برودي المعتاد)

    أكره أن أملك الشيء ويتحكم فيه غيري..

    مجرد فاصل لأكثر ولا أقل..





    هههههه ( والله من جد شركة بايخه (تسدء بالله) ان الظهر عندي وقبل المغرب ما يشتغل :108: الدي سي ال

    والله من جد بياخه :105:


    ولاه مزود الخدمة حدث بلا حرج:112:

    على العموم

    انا والشباب في انتظار ابداعاتكم:24:

    ودمتم بحفظ الله
    اخوك عبدالاله:101:

    فنادق عطلات


  26. #86
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    السلام عليكم
    جمال كلماتك وروعة عباراتك تخلب الألباب.....ماشاء الله
    ولاأدري هل نيوزلندا تجعل الشخص أديبا أم أن المميزين اشتركوا في حب نيوزلندا؟؟؟!!!!!:114:
    (محمدفي أوراق طالب سعودي) :113: وأنت في(ذكريات على جدران روتوروا):113:
    ورحلةyaser.:113: .....أريد تفسيرا...؟!!!!!!!

    فنادق عطلات


  27. #87
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    H a b
    تواجدك رائع أخي العزيز ...
    رب صدفة خير من ألف ميعاد

    ولن أفسر لك .. إلا عندما نتقابل أنا وأنت في عمق نيوزيلندا

    آسف على تأخري بالرد أخي الفاضل

    فنادق عطلات


  28. #88
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    السلام عليكم أحبتي..

    آسف على تأخري الطويل..وقد حسبت الأيام الماضية بالعدد لأجدها طويلة..ولكن هي الدنيا التي أشغلتني رغماً عن أنفي ...والأسباب ذكرتها في ردي السابق

    هذا هو الجزء الثامن قد جهز..وآسف لأنه سيتم تأجيل الصور الجميلة وجمعها مع الجزء التاسع...فهذا الجزء متعب للقلب بدون صور ... فكيف سيكون الحال مع الصور

    مما أخرني في هذا الجزء .. هو محاولتي للإتصال بشخصياته ..وجس نبضهم حول ماسأكتبه...

    ولكن تبقى المصلحة العامة فوق كل شيء .. فالمقصد ليس المتعة فقط بحد ذاتها..ولكن هو طرح المشكلة ضمن سياق النص..

    الأيام

    فنادق عطلات


  29. #89
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الجزء الثامن






    بَزَغت شمس روتوروا صباح ذلك اليوم بإستحياءٍ من خلف تلك المروج الخضراء...
    لتُلقي بدفء خيوطها الذهبية على أرجاء المدينة..
    وماكان من تلك المنازل الخشبية إلا أن تنفضَ عن كاهلها بقايا صقيع البرد المتناثرة...
    ذلك البرد..الذي كان يزداد بتقدم ساعات الليلة المنصرمة حتى وصل أوَّج مراحله...
    غادرت أعشاشها تلك العصافير..
    فقد بدأ لتوه يوم جديد في حياتها...
    لتحلق متحررة بأجنحتها من جميع أشكال جاذبية نيوتن..
    فُتحت ستائر تلك المنازل مرحبةً لعلها تستقبل يوماً أدفء من سابقه...
    رسَمتْ تلك الأشعة الدافئة طريقها لتخترق ماتبدى لها من أجزاء منزلنا...
    كان حِراك الشارع لا يقل عن حِراك المنزل كماً ومضموناً، فعطلة نهاية الأسبوع هناك تعني الفائدة والمتعة معاً، فماثيو..كان يجَّهز نفسه بذلك اللبس الرياضي، فهذا اليوم من كل أسبوع يذهب برفقة والده إلى ملاعب كرة القدم العامة، فهناك تجتمع المدارس لخوض المباريات فيما بينهم، أما جاك..همس لي عند مروره من أمام غرفتي ليقول " سأذهب للجِّيم مع فال بعد قليل وداعاً"، فقد كان هو الآخر أيضاً يذهب لناديه الرياضي في هذا اليوم من كل أسبوع، أما فال كانت ستوصل جاك ومن ثم تذهب للتبضع كعادتها، لكن مع روشيل..فالأمر يختلف.. كانت تغط في سبات عميق فهي لم تأتي إلا في ساعات متأخرة من الليل، في الواقع لم أجد مفر من قبول دعوة ماثيو، فهو في نفس هذا اليوم من الأسبوع الماضي كان قد طلب مني الذهاب لرؤيته وهو يلعب كرة القدم (لعلمه بما يدور في حواري الرياض من تحديات)، فتعذرت منه بأعذار واهية ذلك الأسبوع ولكن هذا الأسبوع كان الوضع يختلف، نزلت للمطبخ بعد أن طمئنت ماثيو أني سأذهب معه، "روجر"..ذلك الرجل الأربعيني صاحب الوجه الشاحب، فقد كان صديق رسَّل الأب المقرب، بعد رؤيتي له أحد الأسابيع الماضية بمحض الصدفة ولفترة وجيزة قررت عدم الأقتراب منه!!، قد يكون شكله البشع ولبسه المتهالك وألفاظه النابية هي ماقادني لإتخاذ هذا القرار المصيري، ولكن ماذا عساي أن أفعل ؟!! فهو الآن أمامي بينما أنا جالسٌ أتناول إفطاري في أحد زوايا المطبخ، فقد قادته أقدامه هذا الصباح لمنزل صديقه رسل ليقضيان بعض الوقت معاً..
    - ماذا قلت لي اسمك ؟؟
    - رايد .. وانت مااسمك ؟؟
    - روجر .. هل ستذهب معنا لحضور مباراة ماثيو ؟؟
    - بالطبع .. رغماً أني تركت متابعة المبارايات منذ أن غادر الفيلسوف (15) المستطيل الأخضر..
    - اتراهن على فوز فرق ماثيو ؟؟
    - فكنا بس ..فورقيت ات..

    أتجهت للكراج بعد أن سبقني ماثيو ورسل..فجأة علا صوت فال العجوز من خلف ظهري (بالقرب من حبل الغسيل)..
    - رآآيد
    - نعم فال
    - ستذهب هكذا بهذا اللبس ؟؟
    - لا بأس فشمس هذا اليوم ستدفئني..
    - أي شمس ياولد التي تتحدث عنها بالقرب من القطب الجنوبي ؟!! أنتظر قليلاً..

    بينما كنت واقفاً أتأمل منظر جاكيتي المبتل على حبل الغسيل بعد أن تم نشره..أنطلقت فال نحو الخزانة الإحتياطية للملابس القابعة في تلك الزاوية وعادت وبيدها جاكيت سبورت ضخم!!، شكرتُ فال وأخذتُ ذلك الجاكيت دون أدنى مناقشة !!..فلفحات البرد في واقع الأمر كانت تداعبني لحظات إنتظاري..مشيرةً لوضع أسوء لو لم أخذه !! ضحك روجر من شباك السيارة على منظري بذلك الجاكيت الكبير ليشير بيده "أوكي ليتس قو"، ركبت سيارة الأب رسل التي بالكاد أخذتنا..أدار محرك سيارته البرتقالية ( ليس لوناً بل صدأ)...أشارت فال بيدها مودعةً أيانا...لننطلق عندها على صدى قهقهات روجور الأشعث من كراج المنزل متوجهين للمباراة، عبرنا شوارع روتوروا ذلك الصباح المشرق بخروج الأهالي من منازلهم، تخطينا وسط روتوروا باتجاه أحد ضواحي المدينة، نبَّهني ماثيو وأشار بيده قائلاً " أنظر رايد...تلك هي ملاعب كرة القدم لقد وصلنا"، دخلنا عبر أحد المداخل بسيارتنا..لعلنا نجد الموقف المناسب بين هذا الكم المتراص من السيارات على شكل صفوف متتالية، عندها أوقف رسل "المازدا الأثرية" التي لا ينقصها سوى "عوامة السباكين"..فتحتُ الباب وفي ذات الوقت كنت أتأمل ذلك المنظر الجماهيري المنظم، انطلق ماثيو من بين أيدينا ليعبر صفوف السيارات بتجاه الملاعب، علت ضحكة روجور للمره الألف بينما كان يجر خطاه المتثاقلة أمامنا، كانت مساحات شاسعة..خُططت ورُسِّمت على شكل مستطيلات متجانبة، كل مستطيل بالطبع كان يمثل ملعب..وليس أي ملعب..فمساحته كانت تجعلني أرءف على هؤلاء الصغار..لأكتشف في الآخر أنه لو أني أحتفظت برأفتي لنفسي كان أفضل، فهؤلاء الطلاب اللذين لم يتخطوا الخامسة عشر كانوا يلعبون بحماس ولياقة في واقعها كانت عالية، اصطف فريق ماثيو بالقرب من المرمى برفقة مدربهم (أو بمعنى أصح مدرس التربية البدنية في مدرستهم)، كنتُ أترقب الوضع من ذلك الكرسي الخشبي القريب، أحاول التمعن والتأمل بهذا المنظر الغريب بإزعاجه الهادئ !!، رفعتُ بصري نحو الجهة الأخرى من الملعب..فرأيت أصحاب "التي شيرتات" الصفراء يتقافزون..يبدو أنهم دخلوا بحماس أكبر، فعوائل الصُفر (العدو) وعوائل الحمر (ماثيو ورفاقه) كانوا منتشرين بكراسيهم على حواف الملعب..مهمتهم تشجيع أبنائهم ودفعهم للفوز، لا أخفيكم فقد كان مشهد فريق ماثيو مضحك حتى الإغماء !!، فأشكالهم غير متناسقة البتة..أحدهم كان طويل جداً..أما الآخر كان قصير جداً..والثالث متكور..والرابع بنظَّارات طبية..والخامس ذو سحنة هندية..السادس كان مصاب بمتلازمة داون...إلى آخرة من العاهات المستديمة والغير مستديمة (رفع الله عنا وعنكم)، والحقيقة الأشد مرارة هي استمرار قهقهت ذاك السكيَّر (روجر) طوال الوقت..وقد كان يحاول إستفزاز ماثيو بأنه لن يفوز !!، أنطلقت صافرة المبارة وانطلق ماثيو صاحب الرقم خمسة ( قلب الدفاع الفاشل) نحو الوسط..ليفتتح الفريق الأصفر المباراة بأسرع هدف بسبب خطأ صديقنا ماثيو....ضحكتُ وضحكتُ وأشرت لروجر أن ما قاله سيتم بمشيئة الله، حاول رفاق ماثيو اللعب !!، ولكن أي لعب ؟؟!!..فالكرة لا تلبث أن تلامس أقدامهم حتى تُقطع وينطلق بها لاعبوا الفريق الأصفر، أما المشهد المثير للشفقة هو أن أهالي الفريق الأصفر تضايقوا بشدة (رغم تقدمهم بهدف) !!..فالمباراة الآن أصبحت بعيدة عن أعينهم..لأن الفريق الأصفر انتقل بطاقمه للجزء الآخر من الملعب (حيث ماثيو ورفاقه)!! بالتأكيد ذلك الضغط المستمر لم يكن عبثاً..فالأهداف كانت قاب قوسين أو أدني من هز شباك حارستنا (وليس حارسنا)، فالأول كان خطأ دفاعي والثاني كان مرتدة..والثالث "كوبري محترم" في الحارسة..والرابع في الزاوية تسعين بكل جدارة..أما الخامس من ضربة الكورنر..ازدادت أوراق الفريق الأحمر إختلاطاً (هذا إن كان هناك أوراق من الأساس)، حتى عَّمت الربكة أركان الفريق فسقط من سقط..وكُسر من كُسر..وطُرد من طُرد..لينتج الهدف السادس (بأقدام الأحمر على الأحمر)، فخُتمت المباراة..وعمت الفرحة جهة..وخرجت الجهة الأخرى منكسرة حزينة، تندب حظها في ذلك اليوم المشؤوم، ماهي إلا دقائق حتى خطى ماثيو بخطواته نحونا..فالمشهد في وجهه كان كُله بؤس وشقاء..وفوق ذلك كان يهمهم بأن ليته لم يأتي بي ولا بروجر الأبله، حاولت إسكات ذلك المسمى بروجر لعله يخفف من وطأة تعليقاته الساخرة على ماثيو ورفاقه..لكن دون فائدة !!..فوجدتُ أن الإبتعاد والضحك في تلك الزاوية من بعيد هو أنسب حل ، أهتزت السيارة بعد أن ركبنا فوق مقاعدها، عندها انطلق رسل بعد أن أمرنا بربط الأحزمة (إن وُجِدت)، بينما كنتُ منصتاً لأصوات "أذرعة" سيارة رسل المتهالكة علا صوت طنين جوالي معلناً عن وصول رسالة جديدة...

    " هلا رايد .. جَّهز نفسك الساعة خمسة ونص المغرب..عندنا مشوار مهم وفله..ولاتنسى دولاراتك.."

    أعدتُ قراءة الرسالة مرة أخرى، لعلي أجدُ الشيء المفقود بين جنبات سطورها، ولكن للأسف لا فائدة فهذا هو نص الرسالة الغامض دون كلمة زائدة !!، لم يأخذني فضولي تلك المرة (ولأول مرة) للرد برسالة أخرى لأسأل ناصر عن نوع المشوار !!، (تم مسح الرسالة والعودة للقائمة)...تأملت في صورة خلفية الشاشة قليلاً.. لأجدني بعدها أُعيد هاتفي الخلوي لمكانه المعتاد بهدوء وصمت..على الرغمِ من أن ضوضاء سديم في تلك الخلفية كان يطغى على كل شيء من حولي حتى إرهاصات روجر المزعجة اختفت تلك الثواني، كانت شمس روتوروا تلك الظهيرة أجبرتني على وضع الجاكيت جانباً، وصلنا كراج المنزل لنجد سيارة فال قد توقفت لتوها..
    - جاك صديقي وأخيراً رأيتك..
    - أهلا رايد..هل كانت مباراة ماثيو ممتعة ؟؟
    - ممتعة ومضحكة في نفس الوقت (بعد أن نظرت لماثيو مطأطأ الرأس نحو درج المنزل)
    - لم تقل لي .. هل ستذهب اليوم لـ"فات دوق" الساعة الخامسة والنصف ؟!!
    - الخامسة والنصف !! وفات دوق ؟!!
    - نعم هذا مطعم في وسط المدينة.. يجتمع فيه طلاب "ريلا" كل أسبوع..بعيداً عن جو الدراسة وقريباً من جو الأكل..والضحك..
    - بالطبع سأذهب مع ناصر (بعد أن عرفت مغزى رسالة ناصر)

    أفترقت عن جاك أمام درج الصالة، لأصعد لغرفتي فأصلي الظهر وبعدها أغير ملابسي وأرتب أغراضي، شربت بعض العصير برفقة ماتوفر من "البرينجلز"، فهؤلاء لا يعترفون بوجبة الغداء كغيرهم (التي هي رئيسية بالنسبة لنا)، أتجهت لفال فأستأذنتها بإيصالي لبيت ناصر بعد أن تفرغ من أشغالها، بعد نصف الساعة تقريباً أنهت فال مابيدها..لنركب بعدها السيارة ونتجه لجاكسون ستريت حيث يقع منزل ناصر، وصلنا الموقع فودَّعت فال وأتجهت لناصر فقد كان ينتظرني أمام منزله...
    - السلام عليكم ..
    - وعليكم السلام..هلا رايد.. أخباارك ؟؟
    - الحمدالله..بس يوم شفتك ضاق صدري..تذكرت غزاة روتوروا..
    - أسكت بس..الظاهر أنهم أحتلوها الحين..
    - وشلوووووون ؟!!
    - كنت بالسيارة قبل شوي عند دوار جاكسون ستريت..وشفت واحد منهم يكلم بالجوال وسط الدوار..
    - عاد وسط الدوار ..ضاقت الأماكن ؟!!
    - وقبل شوي قابلت واحد منهم..الظاهر أن "الهوم ستاي" حقه قريب من هينا
    - وش قالك ؟؟
    - سولفنا شوي .. من كلامه عرفت أنه يدَّور شارع تفحيط حولنا !!!
    - وطلعوا صغار ؟؟!
    - والله يارايد أشكالهم صغار ومايتعدون الـ 17 سنة..
    - عجيب أمرهم صراحة .. الله يستر من آخرتها

    كان الهدوء يعم وسط روتوروا عندما أقتربت أنا وناصر من موقع المطعم، فغداً يبدأ الدوام من جديد ولا يخرج الناس في هذا الوقت إلا للمطاعم، فالمحلات معظمها قد أُغلق كالعادة مع غروب الشمس، وقفنا أمام واجهة المطعم الزجاجية، كان الزبائن كُثر في الداخل، تساءل ناصر " ياترى في أي طاولة أجتمع طلاب ريلا"، لمحت في تلك الزاوية جاك متحمس في النقاش..دخلنا وأتجهنا حيث طاولة جاك وبقية الطلاب، التفتَ الجميع من مقاعدهم لنا، رحبوا بنا بعد أن قطعنا عليهم ضحكاتهم الجماعية، كان على رأس الطاولة المستطيلة "سارة المعلمة" العجوز الأمريكية، تتبادل أطراف الحديث مع بقية الطلاب، أخذنا أنا وناصر مواقعنا على الأريكة المجاورة حيث يجلس بقية الطلاب، كان جو المطعم جميل للغاية مما أضفى على تعليقات الطلاب شيء من المرح والضحك، بدأت أخرج من جو "السوالف" لحقيقة وجودنا في هذا المكان، فالمكان عام للجميع فلماذا هذا المطعم بالذات ؟! عندها لم أجد تفسيراً إلا أن مالك المطعم له علاقة بكريس (هذا طبعا إن لم تكن كريس الشرسة بذاتها صاحبة المطعم)، وزاد إصراري على هذا التفسير بعد أن قال لي ناصر، أن هناك (أي في المعهد) لوحة معلقة ومكتوب عليها " لا تنسى .. كل أحد ..الساعة السادسة..في فات دوق"، ولكن بالطبع كانت الفائدة موجودة، فهاهم طلاب المعهد مجتمعين يحاولون بناء جملهم المتعمقة بعيداً عن جمل الإنجليزية السهلة في المعهد...ذكية أنتِ ياكريس !!، في الحقيقة كنت أنا وناصر مستمتعين بتلك الجلسة وخاصة أنها أنستنا هَم من سنلاقيهم غداً، لمسني ناصر من جنبي فجأة وقال...
    - شف شف من اللي داخل المطعم هناك..
    - هذي المدرسة ربيكيا وش فيها ؟!!
    - لا يابن الحلال.. شف اللي جنبها..هذا اللي "ناشبـلي" وخلاني مثل الجني بلحالي في البيت..
    - هههههه قصدك البوي فريند...ألا وش أسمه قلتلي ؟؟
    - جون ... خلاص أقلب إنجليزي لا يشَّكون الناس ..

    أقبلتْ ربيكيا برفقة صديقها جون..حتى أستقرا بالقرب من ناصر ومني، كان جون يوزع ابتساماته هنا وهناك، تحدثتُ معه قليلاً بعد أن عرَّفني ناصر إليه، طبعاً كان ذلك الشاب الوسيم يخطط للزواج من ربيكيا، وكيف لربيكيا أن ترفض المركز الإجتماعي والشكل الجذاب ؟!!، فصديقنا جون متخرج من أحد الجامعات النيوزيلندية ويعمل حالياً مهندساً في أحد الشركات...ويتقاضى مرتباً يعد عالياً بالنسبة لمعلمةٍ متواضعة في معهد تجاري عادي، ألتَّفتُ لناصر تلك اللحظة ولسان حالي يقول (هروباً من التحدث بالعربية أمامهم)..
    "تبغا ربيكيا تجلس في البيت أجل ؟!!..أيه هين مادام خشم جون يشم الهوا"
    عندما أقتربتْ الساعة من الثامنة مساءً، أخرجتُ هاتفي الخلوي لأرسل رسالةً لفال لعلها تأتي لإلتقاطي من المطعم..فتجربة التاكسي قررت أن لا أكررها مرة أخرى إلا عند الضرورة !!، ماهي إلا دقائق حتى تفرق الجميع جماعات وفرادا ، توقفت أمام المطعم بعد أن ودَّعت ناصر لأنتظر فال...لفحات البرد وهدوء الشارع أبطأت من عقربا الثواني والدقائق معاً، لمحتُ بريق أنوار سيارة فال من بعيد...ماأن توقفت بجانبي حتى قفزت راكباً هروباً من الأجواء الباردة... ليركب جاك (الذي أتى من حيث لا أعلم) معي لننطلق بعدها لمنزلنا...عبر تلك الشوارع الخالية من المارة وتحت ضوء القمر الخافت، أطفأت أنوار غرفتي مودعاً هذا الأسبوع بما فيه من أحداث.

    أستيقظت صباح الأثنين على نغمات منبه جوالي، انصدمت بتاريخ اليوم على شاشة الجوال، ياإلهي كيف أنقضت الـ 21 يوماً الماضية دون أن أشعر؟!..عندها طُرق باب الغرفة فإذا بجاك يفتح الباب بعد أن أذِنتُ له..
    - صباح الخير رايد ..
    - صباح الخير جاك .. أتصدق ؟! لقد مرت ثلاثة أسبايع منذ وصولي هنا ولم أشعر بها ؟!!
    - شيءٌ طبيعي ياصديقي..فالمكان الجديد دائماً يضيعُ وقتك فيه دون أن تشعر..لأنك تسعى لإستكشافه..ولكن ستأتيك اللحظة التي ستمل فيها..وتشعر بكل دقيقة وساعة مثلي (بملامح حزينة)..
    - صدقتْ..فأنت هنا منذ فترة طويلة... ويبدو أنك أشتقت لهونج كونج وللياليها (ضاحكاً)..

    أنطلقنا مع بداية الأسبوع الدراسي الجديد نحو معهد كريس، كانت فال تقترب بسيارتها من المعهد وكنتُ في تلك اللحظات ألمح حركة وتجمع غريب في فناء المعهد...لم يطمئن قلبي لتلك الحركة والتجمع ؟!!...لأجِد كلمات ناصر ليلة البارحة (عن القروب الجديد) نزلت على مخيلتي كالصاعقة..
    ألتقطتُ شنطتي لأنزل من سيارة فال..
    لقد كانوا يتصفحون ملامح وجهي بينما كنت أقترب منهم لحظة بلحظة...
    لا أخفيكم...فقد كانت مظاهرهم لا تمت بكل التفاصيل السابقة بصِلة...
    ولكن ليس هو المظهر الذي يعبر عن الفكر والسلوك في جميع الأحوال..
    عبرتُ من بينهم دون إكتراث .. بعد أن..
    سلَّمت..نعم ألقيت السلام دون إبتسام..
    أكملت طريقي نحو الكومون روم، لأجدني أفتح الباب واتجه لآلة القهوة مباشرة..لعلها تطرد آثار النوم من حولي، أخذتُ ذاك الكوب البلاستيكي...لأتجه بنظري وجسمي تلك اللحظة لآخر طاولات الكومون روم الدائرية...بدأت بجر خطاي نحو تلك الطاولة الأخيرة..كان البعض منهم خارجاً...والبعض الآخر هاأنا أتجاوزه عن يميني وشمالي...جلستُ لأرتشف ماتبقى من قهوتي...كان هو آخر من تخطيته منهم..فتقاسيم وجهه من المؤكد لم تكن بعيدةٌ عن ذاكرتي !!..لأقرر أن أتفحصه مجدداً بعد جلوسي..وقفتُ فجأة وأتجهت نحوه بسرعة..ياإلهي كيف سوت لها ذاكرتي ونسته ؟!!!
    - مو معقول .. أبو ريآآض
    - هلا والله بخوي هونج كونج..
    - وش الآخبار..والله لك وحشة..وبعدين وش اللي جابك معهم ؟!!
    - خلها على ربك بس

    لقد أعاد أبو رياض مافقدتهُ بعد أن عُكِّر صفو مزاجي ذاك الصباح..تبادلت برفقته أطراف الحديث خلال الدقائق التي استبقت بدأ محاضرتي، لأجد بين جُنبات حروفه ماينم عن عدم الرضا بما حدث وسيحدث..لقد أسمعتَ لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي...لقد كانت تلك المجموعة تحوي مايقارب الأربع عشرة طالب، كان بعضهم يعرِِفُ بعض مسبقاً في الرياض...والبعض صادف تحركاتهم مثل أبو رياض وغيره..كنت ذاك اليوم اجدني احتك بهم على الرغم من محاولاتي لتجنب ذلك .. فمهما بلغ الوضع..يبقى بعضهم محايد ولا ناقة له ولا جمل فيما حدث من أحداث مشينة في المدينة السابقة..فهمُ مجموعة كبيرة...وجميعهم تحت السابعة عشر إلا تقريباً ثلاثة أو أربعة (منهم أبو رياض والمشرف)..وإن كان هناك ماسيحدث مِن مَن هم تحت الـ 17..فبالطبع سيكون نتاج لقلة خبرتهم..ومحدودية تفكيرهم..وبُعد عين الرقيب عنهم...ولكن يبقى السؤال الأهم..مسؤولية تشويه صورة البلد من يتحملها ؟!! هذا بالإضافة إلى أن بعضهم كان بعيداً كل البعد عن الإنجليزية !!..ومازاد الأمر تعقيداً أن هذا البعض لم يفكر مجرد التفكير في تعلم اللغة ؟!!..حزمتُ حقيبتي مودعاً هذا اليوم المليء بالتناقضات...لأتجه لمقعدي الخشبي المطل على الشارع.. فإنتظار فال في ذاك المكان...مفضلٌ لدي على الإزعاج الذي عم الكومون روم بسببهم !!
    لم يكن صباح اليوم التالي...إلا بداية لإنتشار تلك الآفة المعدية، وماكان من طلاب ريلا الغير سعوديين إلا "مسك الخدمة" !!، أستهل النشاط ذاك اليوم في الغرفة الصغيرة...التي كان الضحك والمزح فيها دون أدنى إزعاج..سواءً على طاولة البلياردو الخضراء أو على طاولة البينج بونج، ولكن الآن الوضع تغير !!..فالضحك بعد هجوم بعض السعوديين على تلك الغرفة أنقلب إلى قهقهات تجبر في أغلب الأحيان الإدارة على القدوم...أما المزح تحول إلى ضرب بالكور و"تشويت" بعصيان البلياردو، هذا بالإضافة إلى الجو الصادح بشتى مايُعزف في جلسات الإستراحات وفوق أرصفة شوارع الرياض !! لذلك ماكان من غالبية الطلاب الأجانب إلا توديع تلك الغرفة بلا رجعة..
    كانت الإدارة بقيادة كريس العجوز تترقب إزدياد المشاكل يوماً بعد يوم، ولكن إلى من تُوجه الخطاب واللوم ؟؟، فالمشرف الذي اكتشفت بعد تعرفي عليه..أنه لا يملك السلطة المطلقة، هذا بالإضافة إلى أن إشرافه كان تبرع شخصي دون مقابل يذكر !! وحتى لو كان هناك مقابل..فكيف ستتفاهم وتتعامل مع من كان يُطلق على (بعضهم) " أجسام البغال..وعقول العصافير"، لا يدري من أين يبدأ ذلك المشرف، هل يبدأ بجمع بقايا طعام بعضهم من فوق الطاولات..أم يبدأ بإطفاء أعقاب السجائر بعد أن تُرمى من قبل بعضهم فوق المسطحات الخضراء !! .. أو يبدأ بمسح تلك الأغاني الهستيرية التي زخرت بها جوالاتهم الفارهة ..أو يقوم بأخذ شعاع الليزر من يد أحدهم بعد وجَههُ نحو ذلك الطالب الفرنسي المسكين !!..أو يأمرهم بالإنصات ومحاولة تعلم شيء يفيدهم بين ردهات الفصول التي اكتضت بالضحك واللامبالاة بسببهم!!..
    كان الإداري ديفيد واقفاً يطل عبر شباك مكتبه على مايحدث في المبنى المقابل..
    أما ماكان يحدث هناك..
    فهو أن المشرف كان يعاتب بعض هؤلاء الطلاب لعلهم يجمعون ماتبقى من بقايا طعامهم ..
    التقى ديفيد بالمشرف بعدها بلحظات..لينطق قائلاً
    - أنا أعرف مدى تعبك من ملاحقة هؤلاء الطلاب..فأنت تحاول تحسين صورة بلدك..ولكن يبدو حالهم يختلف عن البقية..فنحن لدينا محمد وأصدقائه....وهم خير مثال لكم

    في الحقيقة لم يدري مشرف المجموعة بما يرد على ديفد، فالكلمات تاهت ولم تجد جملة لتصطنعها، فما كان منه إلا الرد بالشكر والعرفان..

    يبقى لكل شيء حد..
    رغم أن في عقول بعض هؤلاء ليس هناك حد لكل شيء !!
    هل يعقل أن منوال هذه المهاترات اليومية سيستمر دون وضع حد له ؟!!

    في صباح ذاك اليوم...خرج هذا القروب كعادته الساعة الواحدة ليركب "باص النقل الكبير" بإتجاه أحد الأنشطة الثقافية المجدولة لهم يومياً...أنطلق الباص العملاق نحو وجهته المقررة...ولم يلبث حتى بدأ الإزعاج يدب في نواحي ذلك الباص...كان يرافقهم ذلك اليوم ستيف...فجأة..بينما الباص لم يكمل العشرة دقائق الأولى من مشواره...وإذ بالدنيا أقتلبت رأساً على عقب في أحد زوايا الحافلة...فأصبحت تلك الزاوية أحدى حلبات الدبليو أف للمصارعة الحرة....فقد بدأت تلك المشاجرة بين أثنين من بني جلدتنا !!! ..علت الأصوات وبدأ الضرب واللكم بين المتشاجرين ...حاول بعضهم التفريق ومنهم "ستيف" فطاله ماطاله من اللكمات والصفعات !! .. أحمَّرت عينا ستيف وانتفخت اوداجه..ليلعن ذلك الحظ الذي جمعه بهؤلاء...
    ماهي إلا لحظات...
    حتى أدار سائق تلك الحافلة العملاقة المقود..
    بعد أن أمره ستيف بعصبية بالرجوع للمعهد...
    ذلك اليوم المشئوم حطت تلك المصيبة أوزارها فوق طاولة المداولات...
    لتقرر كريس وضع حد فاصل لهذا !!..
    رغم أنها كانت تجتمع بالطلاب السعوديين كل يوم في غرفة الإجتماعات..محاولةً تدارك الأمر..
    ولكن الإجتماع الأخير كان مصيري لدرجة أنه جعل الأحوال تتغير بشكل جذري !!...
    طلبت تلك اللحظات كريس القروب لإجتماع عاجل...أتجهوا لقاعة الإجتماعات كعادتهم ...جلسوا على مقاعدهم..
    أكتمل العدد..دخلت كريس بوجهها المتجهم لتقف أمامهم... كان الجميع ينتظرها تخرج من دوامة صمتها...
    دون مقدمات...بدأت بذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة بتصفح تلك الوجوه السعودية البريئة بمظهرها !!
    توقفت ببصرها عند ذاك الجالس هناك بجاكيته الأسود..
    بدأت بالتحديق في تقاسيم وجهه لثوانٍ معدودة..
    تحركت يدها فجأة !!.. لتشير بإصبعها على ذات الشخص...
    لتكسر حاجز الصمت قائلةً ..
    - أنت
    - أنا ؟!!
    - نعم أنت .... أنت مفصول.

    فقط هذا ماقالته..
    دون أن تتفوه بكلمة زائدة...
    لتدير بعد ذلك ظهرها وتتجه خارجاً..
    نعم لقد خرجت كريس بشموخ معهدها..
    الذي تخلص من ذلة نقود بعضهم...
    عم الصمت المكان تلك اللحظة...
    لتتجه أنظارهم إلى الصديق العزيز دفعة واحدة..
    عندها تبدلت أحوال تلك الوجوه المتواجدة حول الضحية...
    وعلت تلك الروؤس إستفهامات وتعجبات محيرة..
    فالجميع بدأ الآن "يحسبها صح" ولا يريد أن يكون مصيره مصير ذلك الصديق الذى رحل مطأطأ الرأس..
    مودعاً روتوروا وأيام الشقاوة وحيداً نحو المجهول..
    حيث لا صديق يؤنسه...ويبعد الهم عنه..

    أستعاد المعهد عافيته بعد تلك الحادثة..
    فذلك الهدوء الذي عم غرفة الإجتماعات بعد أن قالت كريس ماقالته...لم يفارق الطلاب السعوديون طيلة فترة بقائهم في ريلا...
    فالتفكير أرتقى..والعلاقات تطورت..والحال تحسن..
    وهكذا هي الحياة..
    في بعض الأحيان تُجبرنا على الأنصياع لأوامرها..



    ودمتم

    فنادق عطلات


  30. #90
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    هلاااااااااا و غلااااااااااا اخوي الايام:101:


    هاه بشر وش صار على الاختبارات:114: انشالله زينة بس:24:


    والله شكل (البزارين ) فشلوكم من جد :105:

    وبس وش تقول في اهلهم الي مطلقينهم

    فنادق عطلات


  31. #91
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    هلا أخوي عبدالإله..
    الحمدالله الإختبارات تمام

    ومثل ماقلت أهلهم مطلقينهم !!!

    وتسلم على تواجدك الدائم


    اخوك
    الأيام

    فنادق عطلات


  32. #92
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    بصراحه روايتك ابدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااع

    ما اقول الا ما شاء الله عليك

    ما ادري وش اقول لك , روايتك اكبر من اني اوصفها لك او اني اشكر لك مجهودك

    فنادق عطلات


  33. #93
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    شد بلد .. وإن شاءالله تظل شد بلد للأبد

    وجودك يكفي...

    العفو اخوي...

    فنادق عطلات


  34. #94
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    the days
    تحيه عطره لك ...فقد قرأنا قصتك المتسلسله ...ودخلنا في أجوائها المختلفه
    وتوثيق جميل بالصورالنادره
    أتمنى لك التوفيــق

    فنادق عطلات


  35. #95
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الصور بالطريق

    فنادق عطلات


  36. #96
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

    اخي العزيز ....The Days

    مرة اخرى نبحر بين سجل ذكرياتك الرائعه....بفوصولها وحركاتها ومواقفها الطريفة والمزعجة ...وحتى بوصفك الدقيق لا احداث تلك الايام ...

    حتى عشنا معك اللحظة باللحظة...فلله درك ....ولا حرمنا من كتاباتك وذكرياتك

    ودمت بود,,,

    محبك

    فنادق عطلات


  37. #97
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    هذي الصور وإن شاء الله تعجبكم




    RedWood





    Students in RedWood




    tourism center





    RELA Students




    KSA group




    بحيرة روتوروا




    Matthew's Room




    Me & Nasser












    الصحراء العربية...لوحة من محل تحف وهدايا




    بحيرة كبريتية




    هوم ستاي عزيز...هاوية رسم




    For u



    ودمتم

    فنادق عطلات


  38. #98
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    قد أكون مقصراً في مداخلتي من خلال موضوعك
    وأعلم أنك لا تحتاج إلى إطراء مني
    ولكن لتعلم أيه الجميل ( الأيام ) بأنني من متابعي كل حرف تسطره أناملك الجميلة








    إلى الأمام

    تحياتي

    فنادق عطلات


  39. #99
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    خرج ماثيو وعلامات الغرور تملأ وجهه..كيف لا وابن عمه دائما يخرج في دعايات الأطفال !!

    تصدق اني قعدت ساعه اضحك على هالجمله

    بصراحه اخوي انا ما اقدر اوصف لك روايتك لأني ولو اوصفها راح اكون ظالم لها

    لذلك ما راح اقول شئ

    فنادق عطلات


  40. #100
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    عبدالإله
    أكيد بإنتظار تعليقك يالغالي ... مانستغني

    إتاوي
    الجمال هو وجودك هنا..

    شدبلد
    هدفي هو أن يصل المتابعين لدرجة شعورهم بمشاعري ومشاعر من حولي..سواء كانت تلك المشاعر ضاحكة أو حزينة أو حتى مندهشة

    صدقني هناك لحظات تعجز الحروف عن وصفها...لذلك أجدني كلما أتذكرها اضحك لوحدي !!

    هذه هي الذكريات الحقيقية...بما تحويه من أفراح وأتراح..تبقى شامخة مع مرور الوقت..نحاول نسيانها ولكن نجدنا ننسى أنفسنا ولا ننساها...

    الله يرزق الجميع بالذكريات الطيبة والسعيدة


    أخوكم .. الأيام

    فنادق عطلات


  41. #101
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    اعجز ان اوصف موضوعك بكل صدق ...
    هل نصح اخوي ان اكررتجربتك بنفس المعهد والمدينه ؟؟؟ وهل فيه افضل ؟؟
    وما رأيك بالسفر فترة فبراير 2007
    لمدة ثلاث الى اربعه شهور

    فنادق عطلات


  42. #102
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    عزيزي الايام كما قال المغامر
    ) عقوبة من يأتي متأخر أن يصاب بعمى العيون من طول القراءة .. ويحدودب ظهره من طول الجلوس

    والله اني مت من الجووووع وا قدرت اخلي تقريرك من دون ما اكمله

    الله يعيك الف عافيه فعلا كنت مثال لوطنك وخير تمثيل صورة ماثيووو

    محبك دارك

    فنادق عطلات


  43. #103
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    ميرندا المدينة
    المهم أنك تصادف اكبر عدد ممكن من الطلاب الأجانب...لأن فيه بعض الفترات يصير المعهد بارد لقلة الطلاب وخاصة المدن الصغيرة .. مثل روتوروا
    تقدر تراسل اي معهد وتسألهم عن عدد الطلاب المتواجدين الآن ..
    بالنسبة لروتوروا يوجد معهد واحد على مااذكر اللي هو rela

    لكن...
    اتوقع فيه مدن ثانية جودة معاهدهم افضل بكثيير ... لأن rela يعد متواضع جداً

    ولكن (أهم من لكن الأولى)..
    أنت بيدك الإستفادة سواء كنت في أي معهد .. وطبعا المعهد مو كل شيء .. لا تنسى أن عندك هوم ستاي تمضي معاه يومياً تقريباً 7 ساعات بالإضافة إلى الويك إند بالكامل يكون خارج المعهد

    حاول تكون عند هوم ستاي مجرب من قبل ناس تعرفهم .. علشان توفر على نفسك مسألة تغيير الهوم ستاي كل أسبوع .. حط شروطك إذا راسلت المعهد بشكل تفصيل ممل علشان يكون الهوم ستاي مفيد جداً لك ..

    Rela
    فيه هيئة تدريس رائعة جداً .. وعدد العرب قليل جداً جداً جداً جداً بالنسبة لمعاهد أوكلاند وكرايستشيرش .. يوم وصلتهم ماكان فيه إلا محمد وناصر وبس !!
    لكن خلال فترة دراستي لاحظت أنهم بدأوا يراسلون المكاتب السعودية .. واللي كانت أحدى نتايجها القروب السعودي

    أقرا في مواضيع المنتدى ولا تخلي شاردة ولا واردة ألا وأنت قاريها .. والمشرفين والأعضاء أبداً ماراح يقصرون معك

    فنادق عطلات


  44. #104
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    المغامر

    وجودك رائع .. ونقاطك أروع

    الله يثبتنا على أرهابنا

    أخوك ومحبك
    الأيام

    فنادق عطلات


  45. #105
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    دارك

    ههههههه شكل ماثيو سيطر على الوضع

    ولا يهمك غالي والطلب رخيض


    هذا هو .. بس قل بسم الله اول شي




    V
    V
    v



    سبب لي إزعاج هذيك الليلة على الكاميرا .. المشكلة أنها كاميرة جوال لا أكثر ولا أقل


    شكرا لتواجدك اخوي دارك

    فنادق عطلات


  46. #106
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    هلا اخوي The Days

    كيف حالك وش اخبارك ان شالله تمام:24:

    في الحقيقة والواقع

    فنادق عطلات


  47. #107
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    تقرير رائع ... و صور اروع ... تبدوا المدينة هادئة و مرتبة

    تسلمممممممممممممممممم يالغالي

    فنادق عطلات


  48. #108
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    أضواء المدينة...
    ماتشوف شر يالغالي ... بس لا تتأخر مره ثانية بالتعليق .. ترى متعود أشوف تعليقك أول واحد

    المستبشر
    الله يسلمك أخوي..وفعلاً المدينة هادئة

    فنادق عطلات


  49. #109
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    يعطيك العافية يالغالي على القصه الجميلة

    اسلوب رائع وسرد ولا اروع

    يعطيك العافية...


    بس بغيت اسئلك بالله كم كلفتك هذه الرحله تقريبا ؟

    وهل تنصحني بخوض مثل هذه التجربه في الصيف القادم

    فنادق عطلات


  50. #110
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    قال الوداع
    رسم تسجيل معهد 150 دولار
    رسم تسجيل هوم ستاي 150 دولار

    رسم أسبوعي للمعهد 370 دولار (طبعا فل تايم)
    رسم أسبوعي للهوم ستاي 190 دولار

    لا تنسى أن أول يوم راح تشتري كتاب سعره يتراوح بين 40 و الـ 90 دولار مع إستعادة المبلغ في نهاية الدورة ( أقل شي نصف البلغ لأن راح ياخذ الكتاب طالب غيرك)

    والباقي حسب مصروفك وخبرتك وأحتياجاتك وحالتك المادية


    وبالنسبة للنصيحة .. راجع الرد رقم 109 والرد 46 وأي شيء مو واضح حنا تحت أمرك

    أخوك
    الأيام

    فنادق عطلات


  51. #111
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    اخوي بإنتظار الباقي من يومياتك ...

    فنادق عطلات


  52. #112
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الله يعطيك العافية اخوي الايام وماقصرت يالغالي ...

    لكن بغيت اسئلك ايش الفرق بين الفل تايم وبارت تايم ؟

    فنادق عطلات


  53. #113
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    شد بلد
    الله يوفقني واقدر امتعكم بالجزء العاشر

    مافي أحد مرتاح
    الفل تايم..يكون يشمل فترة ماقبل الظهر من الساعة 8 إلى 12 بالإضافة إلى فترة مابعد الظهر من 1 إلى 3

    البارت تايم ..فقط فترة ماقبل الظهر .. يعني دوامك ينتهي الساعة 12 الظهر

    بغض النظر عن فرق السعر .. أنا أفضل الفل تايم لأن أساساً درس اللي من الساعة 1 إلى 3 يطور مهاراتك في المناقشة العامة .. لأن التيتشر كل يوم يفتح موضوع عام وجديد تقدروا تتناقشوا فيهم كلكم هذا بالإضافة إلى أن زملائك في الدرس الصباحي يختلفون عن زملائك في الدرس مابعد الظهر .. يعني تكون صداقات جديدة

    ولا تنسى أن فيه نشاطات بشكل يومي تبدأ من الساعة 3 ونص إلى تقريبا 4 ونص ..هذا النشاطات مرات تكون للريدوود (سبق ذكرها) أو الخيل (في الأجزاء القادمة) أو الزورب (في الأجزاء القادمة) أو السكاي لاين (في الأجزاء القادمة) أو القولف أو تمشية حول المدينة..الخ

    هذي النشاطات في بعض الأحيان إذا كنت فل تايم تروح لها مجاناً .. أما اذا كنت بارت تايم لازم تدفع مبلغ معين

    يوجي الياباني دوامه بارت تايم .. دايم بعد الظهر يكون فاضي .. علشان كذا دايم يستلم النت في الكومون روم


    أرق تحية
    الأيام

    فنادق عطلات


  54. #114
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    تسلم حبيبي الايام على التوضيح .... وربي يخليك ان شاء لله ....

    فنادق عطلات


  55. #115
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    [color="Navy"]ترى ... /ايسير كذا تعلق خلق الله ..................... وتمشي

    اشرايك يعني ابيع الكمبيوتر عشان ابطل استنى التكمله............







    كمل ,, ولاترى ::120: :120: :120: :120:

    فنادق عطلات


  56. #116
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    دارك..

    راجع رأس الصفحة رقم واحد :108:

    "ترى برسلك ماثيو يجنن فيك"


    الجزء العاشر لم يتبقى إلا القليل منه..
    ولكن سأضع ماأتممت كتابته..

    وخلال اليومين القادمين أكمل الباقي بإذن الله وبعد ذلك الصور...


    أوقات ممتعة

    فنادق عطلات


  57. #117
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    الجزء العاشر




    " ناصر.. يبدو أنه منشغل هذه الليلة، من المؤكد أنه سيخرج مع ربيكا وجون لمطعم فات دوق "

    هذا ماكنت أحاول أقناع نفسي به للمكوث هذه الليلة أثناء عيد ميلاد كونا، لكن يظل هناك شيء غير مستقر يدور في خلجات نفسي، ولكن فضولي..كان ذلك الفضول (ليس الزائد بل الطافح) هو مايجرني على المكوث، بالرغم من أن تقاليد أعياد الميلاد معروفة ومنتشرة في كثير من البلدان العربية وللأسف، لكن مع كل ذلك أخذت مقعدي في الصالة الصغيرة حيث أقنعت نفسي بأني سأحضر ولن أحضر!!، فالأحتفال سيكون في الطابق السفلي..وأنا في الطابق العلوي بعيداً عن المشاركة قريباً من المتابعة، ظهيرة الأحد أزدادت التحركات وأخذت تلك الزاوية تمتلاً بما تشتهي نفس كونا من الألعاب المقدمة من أقربائه، كانت تلك الألعاب وبالأخص الرخيصة منها لا تلبث حتى تنكسر إلى نصفين تحت يد ذلك الطفل الصغير، زُينت تلك الطاولة مع حلول العصر بأنواع مختلفة من الحلويات، التي في واقع الأمر لم أستطع مقاومة منظرها المغري بعدما أحضر جاك لي واحدة بينما كنت جالساً برفقة اللاب توب في صالة الطابق العلوي،

    هذا هو ابن عم ماثيو "ولد الدعايات" بشحمه ولحمه يمر من أمامي، أبتسمت له وقلت..
    - كيف حالك ؟
    - بخير (بدون نفس)
    - ماأسمك ؟؟

    لقد تغيرت ملامح وجهي إلى أبرد مايكون بعدما تجاهل سؤالي ذلك الطفل بنظرة غرورية !!،
    لم تكن تلك النظرات تمت بطفل لا يتجاوز الرابعة من عمره..فهي من الإستحالة أن تتلائم مع تلك البراءة، ولكن تلك المرة ولأول مرة أمام عيني انتكست تلك القوانين الحياتية، حاولت تجاهل الموضوع وكأن شيئاً لم يكن، المهم أنه ليس هناك شخص آخر ليضحك علي موقفي الغبي،
    يبدو أن العقاب كان سريعاً ليشفي مابصدري على ذاك المغرور الصغير،
    بينما كنت أعبث بالاب توب علت تآوهاته المصطنعة (من زود الدلع)، نظرتُ إليه من بعيد حيث كان يقبع بين مخزن الألعاب، يبدو أن أحد سياراته البلاستيكية أغلقت باباها على أصبعه!! ،
    لا لا لن أقوم لمساعدته حتى يبكي ( أنواع الحقد)،
    نظرتُ إليه ويده تتدلى برفقة السيارة لأبتسم أبتسامة ساخرة..
    وليتني لم ابتسم !!
    فتلك الإبتسامة جعلته يصرخ ليس ألماً بل قهراً !!،
    قفزت دون شعور ناحيته ..
    وماأن أقتربت منه حتى أخرج يده وسخر مني!!..
    تلك اللحظات عرفت معنى أرتفاع الضغط على "أصوله"..
    لا تعليق !!
    ومازاد الضغط إرتفاعاً إلا ذلك الروجور الذي كان قادم من الطابق السفلي، يبدو أني سأهرب من المنزل بأكمله مادام هذه النفس التي لم أرتح لها مطلقاً متواجدة،
    - أهلاً رايد .. كيف حالك؟! (قالها بعد أن قهقه كعادته ليسمعهُ من في المنزل)
    - بخير..ماهذه العلبة التي بين يديك ؟!!
    - ستضع هنا دولار يارايد..
    - لماذا ياصديقي !!
    - الليلة مباراة الرغبي العالمية بين أستراليا ونيوزيلندا..وسيشارك الجميع بتوقعاتهم وبدفع دولار ليأخذه في النهاية أحد المتواجدين .
    - ومادخلي أنا .. قلتها بعد أن رددت في نفسي " جعلهم يخسرون كلهم"
    - لا يضرك شيء (محاولاً أقناعي)
    - لا شكراً .. أذهب وإلا سوف أطالبك بإرجاع دولاري الذي أستلفته مني الأسبوع الماضي (بلهجة حادة)

    بعد الجملة الأخيرة ابتسم وسكت ليسحب نفسه بهدوء دون مناقشة !!،
    يبدو أن ذلك المعماري البنَّاء يعيش تحت خط الفقر ويحاول تجاوزه بأي طريقة،
    لا أدري مالذي أتى به إلى هنا هذه الليلة، فهو غير مرحب به من قبل العائلة جميعها..
    فروجر حتى الآن أعزب رغم تخطيه الأربعين أو مقاربته لها !! لكن الأب رسل يبدو أنه يرأف عليه لا أكثر ولا أقل،
    غربت الشمس وكنت أرقبها من خلال شباك الصالة، علت الأصوات أسفل مني..

    - ماهذه الجلبة في الطابق السفلي ياجاك ؟!!
    - يبدو ياصديقي أن الحضور أكتمل والمباراة ستبدأ بعد قليل..

    قررنا أن نستطلع الأمر أنا وجاك، ماأن نزلت مع الدرج حتى دُهشت من منظر الزحام الذي كان واضحاً في الأسفل!!، عبرت تلك الوجوه النيوزيلندية التي لأول مرة آراها، كانوا يشكلون مجموعات متفرقة، منهم من كان برفقة الأم فال والبعض كان برفقة الأب رسل، ومنهم من كانوا مجتمعين حول العجوز ساندي أم فال، وآخرون يسخرون من ماثيو !!، كانوا خليطاً من الأقارب والأصدقاء والبعض كان من الجيران القريبين، كنت أمشي والنظرات تلاحقني بعد أن لاحقت جاك (لأنه أمامي)، نبتسم ونمشي ولا ندري إلى أين، حتى عبرنا الصالة والمطبخ والجزء الخلفي من المنزل، كان روجور مشعلاً النيران في الفناء الخلفي بعد أن وعد رسل الأب بأشهى باربكيو، أستنشقنا رائحة الشواء قبل وصولنا لروجر، تنهدتُ بعد لحظات من التمعن في تلك الدجاجات المتقلبة على الفحم !!، لن أقاوم من المؤكد هذا العرض ولكن السؤال الذي ألتفتنا أنا وجاك في وقت واحد نحو بعض لنطرحه أيضاً على بعض ..
    " هل سيبقى شيئ لنا ياترى ؟؟"،
    عدنا أدراجنا نحو مقَّرنا في الطابق العلوي، بعد أن رأينا الجميع بدأ يصطف أمام شاشة التلفاز، علية القوم كانوا جالسين وماسواهم كانوا واقفين في الخلف أو "متَّربعين" في الأمام، لحظات حتى بدأ التشجيع يرتفع ليعكر صفو مزاجي بعد أن أبحرت برفقة جاك بين أمواج الأنترنت، كنا نتسلى لعل الوقت يضيع ويجهز العشاء، مع كل هجمة في تلك المباراة كانت هناك صيحة جماعية !!..
    حتى طفح الكيل بجاك ليقول " ليتهم يخسرون هؤلاء المزعجين "
    أخيراً هدأ الوضع، يبدو أن الشوط الأول قد أنتهى، فالضحكات علت وقرع تلك الكيسان عاود البث مجدداً،
    لحظات حتى آتانا نصيبنا من ذلك العشاء بعد قدوم ماثيو، لترتسم ملامح خيبة الأمل على وجوهنا، لا ندري قد يكون ماثيو قد ألتهم نصفه في الطريق!!، لذلك قررنا النزول سوية بعد أن شجعنا بعضنا، عدنا منتصرين ظافرين وفي ذات الوقت "مخربين" على ماثيو مخططاته، وصلتْ معدتي (ولله الحمد) لمرحلة الإستقرار بعد عدة أشواط متتالية مع تلك الصحون، فرغ جاك مما بيده ليتكئ على الجدار ويقول...
    - هل تعرف مالذي أتشوق إلى تجربة أكله يارايد ؟
    - لا أعرف .. ماهو ياترى ؟!!

    بدأ يسهب جاك في وصف تلك الوجبة، وأنا تلك اللحظات كُدت أن أستفرغ، تحدث عن ذلك الخنزير البري الذي وقع تحت يد عائلة المعلمة "روبين"، ليبدأوا بحفر حفرة متوسطة العمق، جهزوا ذلك الخنزير لينزلوه في الأسفل بعد أن أوقدوا النيران في أسفلها ..الخ
    كنت أردد في نفسي متجاهلاً حديث جاك...
    "يبدو أني سأخذك لمملكتي ياجاك..سأجعلك تذوق مايفوق طعم ذلك الخنزير بآلاف المرات وبنفس الطريقة..."

    قاطع حديثنا فتح باب تلك الغرفة (غرفتي سابقاً)، لقد خرج "ولد الإعلانات" وتقاسيم وجهه توحي بالغضب والبكاء، أتجه نحو الدرج ليقف وينظر لمن هم بالأسفل بحقد...ثم صرخ قائلاً..
    " أوقفوا هذا الإزعااااج.. أريد أن أنااام.. أوقفووه"
    وبدأ يشهق بالبكاء ويردد هذه الجملة حتى سمعنا صوت ميليسا من أسفل الدرج..
    " سأقول لهم أن يسكتوا.. لكن أذهب للنوم الآن ياتوني.."
    كنا ننظر لهذا المشهد أنا وجاك حتى تكرر عدة مرات أمامنا، وفي المرة الأخيرة أتى والده ليدخل برفقته حتى نام، وصل الإزعاج في الأسفل إلى أوجَّه، ضحك وسخط عم الطابق السفلي بعد فوز النيوزيلنديين على الأستراليين، مرت الدقائق والساعات حتى بدأ الوضع يأخذ مسار الهدوء والتوديع، يبدو أن الحفلة أنقضت لننزل بعدها أنا وجاك في جولة أستطلاعية لآثار الدمار والخراب اللذي خلَّفه هؤلاء الضيوف...عدت فوراً للطابق العلوي لأجد روجور يترنح حول الأريكة التي سينام عليها في حالة مزرية ، ما أن تخطيته حتى ناداني وقال !!..
    - أتريد من هذا ؟!!
    - ياألهي..ماهذا !!
    أنتابتني مشاعر الخوف بعدما رأيت تلك السيجارة الغير طبيعية (سيجارة الحشيش)، فهذا الأحمق المعربد يتحدث لعله يقنعني بما لديه من أفكار لا تقل حماقة عنه !!،
    ابتسمت ابتسامة أخفي ورائها مزيجاً من مشاعر الخوف والغضب والقهر لأقول له..
    " لا أستخدم هذا "
    مشيتُ من أمامه بعد أن ألقى بجسمه على الأريكة...
    تلك الأريكة التي تمنيتُ أن تكون في صباح الغد تابوتٌ يحمل جسده النجس..
    ذهبت لغرفتي وأنا أستغفر ربي العظيم الذي لا إله إلا هو،
    ربي أرحمني برحمتك التي وسعت كل شيء،
    على سريري كنت مستلقي لعل النوم يجد طريقه إلي،
    على جانبي الأيمن كنت أتجه ببصري للنجوم المتلألئة عبر الشباك..
    زاد همي بعد أن ألقت تلك الأفكار السوداوية بحملها علي،
    بدأ شريط تلك الثواني يتكرر في مخيلتي ولم أستطع نسيانه إلا بعدما عدت بمخيلتي للسعودية،
    تذكرت ذلك اليوم عندما ألتقيت بصديقي القديم علي، فقد فرَّقتنا ظروف الحياة مع نهاية المرحلة المتوسطة، لنلتقي مجدداً بين ردهات الجامعة، لم أصدق عيناي تلك اللحظات فقد كان من المقربين لقلبي، جلسنا سوية لنتبادل الذكريات القديمة، سألته عن أحوال أصدقاء الفصل، فمنهم من وُفق في هذه الدنيا ومنهم من كان هائماً على وجهه في وحل الحياة القذر...راشد كان من هؤلاء، بعد أن كان الفصل بأكمله يؤلمه بطنه من شدة الضحك على تعليقاته الساخرة، بعد أن كان المعلمين يأخذون وقت مستقطع من حصصهم لكي يظفروا بالضحك معه لينسيهم تعب الشرح، أصبح بعدها من أرباب السوابق يُصبح في إستراحة ويمسي في أخرى، يشتري ويشتري من تلك الممنوعات التي أفقدته خلايا عقله،
    "..والنهاية ستكون معروفة يارايد "..
    قالها صديقي علي بعد أن طأطأ رأسه على تلك النهاية البشعة،

    مسكينة أنتي يافال،
    كنتِ تحاولين أقناع المدخنين بترك سجائرهم للأبد،
    وكنتِ تحاولين إقناع بناتكِ على ترك التدخين وأخذهم لمصحات الإقلاع عن التدخين،
    ستنهار أحلامك أيتها العجوز بعد أن تكتشفي أن هذا الشيطان المريد يدور في جنبات منزلك دون حسيب أو رقيب،

    سأترك هذا المنزل بمن فيه بعد أن أخبرها بما حدث؟؟.

    حاولت صباح الغد البحث عن اللحظة المناسبة لإخبارها، بعيداً عن أعين الجميع وخاصة ذلك الأب الأبله، كنت جالساً في الصالة لوحدي حتى أتت فال وجلست لتتصفح جريدتها،
    - لدي خبر سأخبرك به حدث ليلة البارحة.
    - ماذا لديك يارايد ؟!!
    - لقد عرض علي روجر سيجارة عندما كنت في الطابق العلوي...ولم تكن تلك السيجارة إلا من سجائر الحشيش.
    - ماااذا ؟!!! (رمت الجريدة وقامت من مقعدها)

    هول صدمة الخبر كان جلياً على وجه فال، لقد تغيرت ملامحها لأسوء مايكون، وصعدتْ بسرعة للطابق العلوي وهي تتمتم بعبارات غير مفهومة و مسموعة، لا أدري ماذا أفعل سوى أكمال إجراءات تغيير الهوم ستاي غداً، خرجت لأتجول في حديقة المنزل محاولاً نسيان ذلك الخبر الذي فجعتُ به تلك العجوز المسكينة،
    ولكن..
    روجور من المؤكد لن آراه أبداً بعدما رأيت ملامح فال تلك،
    فهي بعيداً عن كل المفاهيم لن ترضى أن يُلغى أسمها من قائمة المعهد،
    ولن ترضى أن يشوه سمعتها طالباً من طلابها، فهي دائماً تسعى لأرضائهم ومساعدتهم على التأقلم،
    لأجدني بعد تلك الجولة أقرر المكوث مجدداً وإلغاء طلب تغيير العائلة غداً،
    ومن ذلك اليوم لم أرى وجه روجور بتاتاً البتة...
    أين ذهب ؟!!
    وماذا جرى له ؟!!
    وماذا دار بين فال ورسل ؟!!..
    كل هذا لا يهم..
    المهم هو أن يختفي هذا المخلوق من أمامي بلا رجعة..وهذا ماحدث بالفعل.

    وجدت نفسي بعدها أخرج كثيراً، متهرباً من الجلوس في المنزل لعدم أرتياحي، أتاني في اليوم التالي عزيز ضاحكاً، يحاول أن "يفرفش" الوضع دون أن يعرف ماجرى، ليعرض علي الذهاب سوية "للزورب"، كان القروب السعودي سيذهب بأكمله للزورب، كان الجميع يحاول وصف إثارة تلك اللعبة على مسمعي ، ولكن لم أشعر بطعمها حتى وجدتني أجربها، أستأجرنا ذلك اليوم باص الأجرة الصغير، ركبنا وأنطلقنا لنقطع مشوار العشرة دقائق ضاحكين وساخرين من بعض، وصلنا المكان المحدد، نزل الجميع وأتجهوا نحو الإستقبال، كنت برفقة عزيز متجهين لمكان تفرج الجماهير لكي يشرح لي من هناك ماسنقوم به،
    - شفت القمة اللي فوق يارايد ؟..
    - أيه وش فيها..
    - بنخليك تدخل داخل كورة بلاستيكية وبعدها يتم "دحدرتك" من الأعلى..(يضحك)

    دفعنا الرسوم ولبسنا التي شيرت والشورت بعد أن نزًّلنا ملابسنا في غرف تبديل الملابس، توقف القروب السعودي بتلك الملابس الموحدة على أهبة الأستعداد، هنا في هذا المكان ستنزل سيارة الدفع الرباعي من القمة لتلتقطنا وتأخذنا للأعلى، كنا ننتظر حتى ينتهي دور من هم قبلنا في الأعلى، تحركت سيارة "الجيب" نازلة بعد أن فرَّغت حمولتها من الأفراد، ، ابتسم السائق النيوزيلندي عند أقترابه بتلك السيارة المتهالكة والتي كانت أقرب مايكون إلى جيوب المتمردين الأفارقة، توقف أمامنا ليأمرنا بالصعود، قفز الجميع للداخل حتى أكتمل العدد، أنطلق بنا للأعلى وبدأت بطوننا "ترتج" فوق تضاريس الطريق الشرسة..
    عزيز: بدون إزعاج ياشباب..
    علي : ترى أنا وفهد وسلمان في كورة وحده..
    رايد : أنا وعزيز في كورة وحده ( قلتها وأنا مدري وش السالفة )..
    عبدالعزيز : وأنا معكم..
    هيثم : أقول شباب شوفوا شكل أبو رياض وهو تحتنا يضَّحك..
    فهد : أيوالله شكله صندوق أمانات..كل الشباب مخلين جولاتهم وكميراتهم معه في الجاكيت (يضحك)
    علي : وشكل سلطان يكسر الخاطر والله (سلطان كان وزن زايد وغير مسموح له)

    توقفنا أخيراً بعدما وصلنا للقمة، كان البرد قارساً في الأعلى، نزلت أنا وعزيز وعبدالعزيز أولاً، وضع ذلك النيوزيلندي تلك الكرة الكبيرة في محلها، كانت في حجم الغرفة الكبيرة، مسك النيوزيلندي "بهوز المياه" وبدأ بالرش داخل تلك الكرة عبر فتحة صغيرة، لحظات ثم قال.."هيا أقفزواً واحداً تلو الآخر عبر هذه الفتحة"، رجع عبدالعزيز عدة خطوات للوراء ثم ركض وقذف بنفسه على شكل الصاروخ ليدخل عبر الفتحة الصغيرة...

    ضحك النيوزيلندي وقال..
    " ممتاز هيا أفعلوا مثله لكي لا تتعلق أجسامكم في هذه الفتحة الصغيرة"

    رجع عزيز للخلف ثم أنطلق وقفز كالصاروخ، ولكن ذلك الصاروخ دخل نصف جسده وتعلق الباقي ؟!!
    سحبه عبدالعزيز من الداخل،
    لحقت بهم بعد أن قفزت كالتمساح وليس الصاروخ !!، لأكتشف بعدها أني فاشل في القفز بأنواعه، سقطت على أحد جدران تلك الكرة بعد أن ضحك علي عزيز وعبدالعزيز، في الحقيقة لم تكن كرة واحدة..بل كانت هناك كرة صغيرة في داخل الكرة الكبيرة، ونحن كنا بالطبع في الصغيرة التي بالكاد تأخذنا، المياه الساخنة كانت تغطي أرجلنا فقط،
    عزيز: يالله شباب لازم نوقف جنب بعض قبل مايفكون الحبل اللي ماسك الكورة..
    عبدالعزيز: ونخلي يدينا هينا علشان نمشي مع الكورة ولا نطيح..
    رايد: خلوني جالس..أحس أني مرتاح كذا..

    سمعنا صوت النيوزيلندي من ورائنا يعد العد التنازلي،
    وقفتُ بسرعة بجوارهما،
    ياألهي بدأت الكرة تتحرك نحو الأسفل !!
    أثبت يارايد وحاول أن تدور مع الكرة..
    خطوتين فقط مشيتها بالطريقة المطلوبة،
    أما الخطوة الثالثة...فقد أتجهتْ نحو بطن عزيز لأقذفه للجهة المقابلة من الكرة،
    سقط عزيز ليخطف بيديه دون قصد قدم عبدالعزيز..
    ليتشقلب عبدالعزيز متجهاً إليًّ بجسمه !!
    بدأت الكرة تزيد من تسارعها..
    وبدأنا نحن في التزحلق والتطاير بين جدرانها الضيقة،
    تارة يدي تصفق وجه عزيز،
    وتارة "كوع" عبدالعزيز في "جبهتي" !!
    لكمات من هنا وضربات من هناك..
    بعضها فوق الحزام.. وغالباً ماتكون تحت الحزام !!
    وتلك الكرة منطلقة نحو الأسفل بكل ماأوتيت من سرعة..
    متجاهلة كل صرخاتنا التي امتزجت بضحكاتنا المبللة بتك المياه الساخنة..
    أستمر الحال على هذا الوضع المزري حتى شعرنا بالتعب والإنهاك من شدة السرعة...

    أخيراً..
    بدأت الكرة تخفف من سرعتها..حتى توقفت ليتوقف تلك اللحظات صوتنا..
    لا تسمع تلك اللحظات ألا محاولاتنا لإلتقاط أنفاسنا بعد هذه الجولة المثيرة..
    فُتحت تلك الفتحة الصغيرة التي دخلنا منها في البداية..
    خرجنا واحداً تلو الآخر ليغطوا أجسادنا بتلك المناشف لعلها تحمينا من البرد القارس بعد خروجنا من تلك الكرة الدافئة..
    كنت أمشي..
    وأضحك..
    وأرتجف..
    حتى أفترقت عن عزيز عند غرفة تبديل الملابس..
    لبسنا ملابسنا لنخرج مجدداً..
    - وش رايك يارايد باللي صار قبل شوي ؟!! (يضحك)
    - والله خطيرة.. بس تراك ضربتني كم ضربة مالها داعي..

    لم تكن ضحكاتنا على بقية القروب الذي تدحرج بعدنا أقل من ضحكاتنا على أنفسنا...
    ماهي إلا لحظات حتى توقف باص الأجرة الأصفر حسب الموعد المحدد..
    أنطلقنا مودعين كرات الزورب المتدحرجة نحو وسط المدينة..ومن هناك أفترق الجميع كلٌ إلى منزله.

    دخلت المعهد صباح اليوم التالي لأجد عزيزي عزيز يبتسم..عندها تأكدت أن هناك مخطط "طلعة" هذا اليوم، لكن ياترى إلى أين ؟!!...
    - صباح الخير رايد..أقول ماودك تجرب ركوب الخيل ؟!!
    - أكيد هذا نشاط المعهد اليوم..
    - أيه...نمشي اليوم الساعة 3 العصر وماسجل من الطلاب السعوديين ألا واحد..


    على الموعد أجتمع الطلاب العشرة في الكومون روم، خرجنا لنركب الباص قاصدين وجهتنا، بعد عشرة دقائق من الأحاديث الجانبية في زوايا ذلك الباص وصلنا، نزلت برفقة عزيز وسلمان، كانت تلك الخيول المنتشرة في المزرعة لا ينقصها سوى الكاوبوي ليكتمل الفلم،

    المعلمة المرافقة: تأكدوا أن أغراضكم الشخصية معكم..لا تتركوا شيء في الباص..

    دخل الجميع في تلك الغرفة المتهالكة بالقرب من المزرعة، حيث هناك نستلم الخوذات ونستمع للتعليمات، بدأ يسرد علينا ذلك النيوزليندي بلهجته القروية التي لم أستطع ألتقاط منها سوى كلمتي "أوكي" و "بي كيرفول"، لم يكن وضع بقية اليابانيين والصينيين أقل سوءً من وضعي، لذلك طلبنا من المعلمة المرافقة بالترجمة من الإنجليزي إلى الإنجليزي !!
    بعد أخذ ورد للخوذات من الحاوية المخصصة..أستطاع الجميع إيجاد المقاس المناسب، نريد إلتقاط صور تذكارية ياصديقي بهذه الخوذات، صدقني فقد شعرت أن "عندي سالفة"،

    المعلمة المرافقة: مستعدين للرحلة ياشباب (بحماس)
    بقية الطلاب : نعم (بصوت واحد)
    عزيز : رايد شف الخيول بس .. أنت متأكد أنها خيول ؟!!

    خرجنا من تلك الغرفة بعد أن تأففت "ربيكيا" الكورية من تعلق رائحة الأعلاف بملابسها، وقفنا جميعاً خلف الحاجز الخشبي ننظر لهم وهم يحاولون جمع تلك الخيول في مكان واحد، هناك خلف تلك المزرعة كانت الغابة التي سوف ننطلق ناحيتها، يبدو أنها رحلة تحمل في طياتها الإثارة، بدأ الجميع بالإشارة بيده نحو اللون الذي يرغبه، وكان ذلك الولد الصغير (يعمل في المزرعة) هو من يُحضر الخيل واحدة تلو الأخرى، فقط أركب فوق هذا الصندوق عزيزي الخيال وثم أدخل قدمك هنا وأرفع رجلك للناحية الأخرى، وبعد ذلك أنتظر في المكان المخصص لكي ننطلق سوية، ركب ستيف الياباني أولاً ثم ربيكا ثانياً، أما الشخص الثالث كان ركوبه يحوي بالخيال المتمرس!!، أُعجب الجميع بذلك الركوب الأحترافي، لقد كان سلمان السعودي الوحيد معنا أنا وعزيز، والذي كان يصغرنا بسبع سنوات (والله فشيله)، كان له صولات وجولات في ميدان الخيل بالرياض، فقد وصل لمرحلة المشاركة بالبطولات رغم حداثة سنه، ترحمةُ على طريقة ركوب عزيز الذي تلاه في الدور، أم ركوبي فقد قرأت عليه الفاتحة عدة مرات، طبعاً تعذرت بأن سلم الطائرة (الصندوق الخشبي) كان قد تحرك عن مكانه قليلاً، ركب بقية الطلاب حتى أكتمل العدد،
    - صوت1: كذا يمين وكذا يسار.. طيب وشلون الريوس ؟!!
    - صوت2: أنتبه بس لا تطيح !!
    - صوت3: ماعليك أنت خل نفسك ريلاكس..لأن الخيل يحس فيك أساساً ( أكيد سلمان)
    - صوت2: شف خيلتك تقَّرب من خيلتي..أبعد شوي يابن الحلال..
    - صوت1: بس الصور اللي خذوها لنا وحنا فوق الخيل صراحة خطيرة..
    - صوت2: مسكينة ربيكيا شكلها تورطت مع خيلتها.. من اليوم وهي تشرب مويه ( يضحك)
    - صوت1: يالله الشباب حرَّكوا.. خلنا نمشي وراهم..
    - صوت2: وانطلقت الجياد على بركة الله (يضحك)..

    بالفعل فقد انطلقت تلك الخيول النيوزيلندية متتالية يتقدمها المزارع ومن بعده بقية الطلاب، شغلي الشاغل تلك اللحظات هو ضبط النفس، فوضعي في الواقع لم يستقر حتى الآن فوق خيلتي، خيوط الشمس الذهبية كانت تشع من خلف تلك الجبال الشامخة، دقيقتين قطعناها بإتجاه تلك الغابة الكثيفة، حيث هناك تبدأ الرحلة الحقيقية، أستقبلتنا زقزقة العصافير من فوق الأغصان، ضحكات الطلاب علت، يبدو أن الجميع الآن عرف كيفية التفاهم مع صديقه، توقف تدريجياً المزارع ليعرض خيلته بإتجاهنا...
    - الآن يأصدقائي سنمر عبر هذه الأغضان المتشعبة...ومن ثم سنصعد بالخيول مع هذا المرتفع نحو القمة
    تأكدوا أنكم ممسكين جيداً بالرسن..

    بدأت الخيول تمر عبر تلك الأغصان الشائكة تدريجياً، ومن ثم أمسكت بخيلتي جيداً مع صعودها لهذا المرتفع، كان عزيز يتقدمني بشخصين، أما سلمان فقد كان أمام عزيز مباشرة، كان كلٌ شخص يتحدث مع القريب منه، لحظات حتى علا صوت طلق ناري أفزعني ولكن لم يفزع خيلتي، لم أدري مالقصة حتى ضحك الجميع، عندها طمئنت نفسي بأن الأمور تسير على مايرام، ولكن من هذا المسكين صاحب تلك الخيلة ذات الصوت المجلجل...عندها كان عزيز يرفع يده معلناً أن خيلته هي المصدر..
    - أجل سويتها أنت وحصانك ياللي ماتستحون (بصوت عالي)
    - شكله مكثر بيبسي هالحصان !! (يضحك)

    توقف مرة أخرى المزارع بنفس الطريقة السابقة، عندها عرفنا أن هناك طريق وعر، ولكن ماهو ياترى..
    - الآن ياشباب سنمر عبر طريق وحل...تمسكوا جيداً حتى تمر خيولكم بسلام..

    أنطلق أمامنا وعبر رغم أن حصانه تعثر قليلاً، بدأت الخيل تمر تباعاً، وصلني الدور لكي أعبر هذا الوحل، زاد ميلان الحصان يمنة ويسرة مع تقدمه نحو نهاية الوحل، ماأن عبرت حتى علا صهيل أحد الخيول من ورائي،
    ألتفت بسرعة لأرى ذلك المنظر أمامي في وسط الوحل !!
    ياألهي أنه حصان ستيف الياباني كان متجهاً لا محالة للسقوط على جانبه الأيسر..
    مسكين أنت ياستيف فقد كنت ممن رفعوا يدهم عندما قالت المعلمة
    "من منكم تعد هذه أول مره يركب فيها الخيل؟؟ "
    ثوانٍ معدودة كانت تفصل بين سقوط ستيف وملامسته لتلك الأرض..
    ولكن لحظة،
    لم أصدق عيناي،
    رغم أن المسافة الفاصلة بين جسد ستيف والأرض أقل من العشرين سنتيمتر..
    فقد كان حتى الآن متشبثاً بحصانه بشدة..
    ليأخذه الحصان مجدداً برفقته لأعلى ..
    بعد أن جمع قواه لينهض من شبه سقوطه المريع..
    أرتفع الحصان وأرتفع..
    حتى عاود الوقوف مجدداً بشكله الطبيعي..
    ثوانٍ معدودة جعلت تلك التأوهات تقتلب إلى ضحكات عالية..

    تأمل الجميع في وجه ستيف المتصبب عرقاً، فهو ليس مصدقاً أنه حتى الآن فوق حصانه !!

    المعلمة المرافقة: واااو... كيف فعلت ذلك ياستيف..أنك مدهش !! (ضاحكة)

    أكملنا الطريق عبر تلك الغابة الخضراء، يبدو أن تلك الخيول مهضومة الحقوق في مزرعتها، فقد أتعبتنا لكثرة توقفها الفجائي، كانت أحياناً تقف لتتناول أوراق تلك الأشجار، وأحياناً تصادف وجود المياه بالقرب منها فتقف لتشرب، ما شد إنتباه الجميع هو ذلك الحصان الصغيروالجميل، فقد أنطلق برفقتنا دون خيَّال، تارة كان يتجاوزالخيل ويسبق الجميع، وتارة كان يعود للخلف، حتى أنه في بعض المرات كان يشاغب بقية الخيل !!،
    فجأة ودون سابق إنذار...
    أصبحت الغابة فقط عن يميني..
    والجهة اليسرى أصبحت وادٍ سحيق..
    ياألهي !!
    تسلل الخوف جميع الطلاب...
    حتى مررنا بسرعة دون مشاكل..

    لقد تعمد المزارع عدم إخبارنا بذلك...تلافياً لردات الفعل المفاجئة من قِبل الطلاب..

    كانت الدقائق تمر والجميع مستمتع بوقته عبر تلك الغابات النيوزيلندية، حتى بدأت تظهر مزرعتنا مرة أخرى أمام أعيننا، لم نشعر بتلك الثلاثون دقيقة فقدت مرت سريعاً،
    الجميع كان يود مواصلة الرحلة ولكن.. أنتهى الوقت ويجب على الجميع الآن التوجه إلى المعهد،
    دخلنا المزرعة لكي ننزل ونودع هذا المكان،
    حاولت الدوران بعيداً برفقة حصاني تضييعاً للوقت،
    نزلت لأسلم آخر خوذة كانت فوق رأسي...
    لنركب بعدها الباص مودعين تلك الخيول...
    تلك الخيول الأحوج في واقع الأمر لخيولنا العربية الأصيلة لتحسين نسلها...

    - والله جولة ولا أحلى منها..
    - من جد مدري وشلون مرة الثلاثين دقيقة بسرعة..
    - بس الطلعة هذي كلها قصة...وستيف وحصانه قصة ثانية (يضحك)

    وصلنا المعهد قبل حلول الساعة الخامسة بدقائق، نزلت واتجهت للكومون روم، رحب بي جاك وبدأ يسألني عن الأحداث، لحظات حتى رأينا سيارة فال لتوها تتوقف أمام المعهد، ركبت السيارة على نغمة ورود رسالة جديدة، فتحتها لأجد..
    " هلا رايد...ترى في الويك إند راح نجي لروتوروا وودنا نشوفك..."
    المرسل: رامي (ذكريات طيارة نيوزيلندا)


    يتبع..

    فنادق عطلات


  58. #118
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    ياعيني عليك ............The Days


    شايف اسلووووب جديد في هذا الجزء

    بس بصراحه احسن ما سويت في جاك اقطع عرق وسيح دم

    الاثاره في شرحك لعبه الكور بس ما فيه صووووووووووووووووووووووووووووووووور

    يعطيك الف عافيه


    محبك دارك

    فنادق عطلات


  59. #119
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    اسلوب اكثر من رائع اتمنى لك التوفيق

    فنادق عطلات


  60. #120
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    1,962,485

    رد: ذكريات على جدران روتوروا بقلمي للمايسترو وبقية الأعضاء

    هلا والله بأخوي الايام:101:

    كيف حالك ان شاء الله بخير:101:

    عسى ما اكون تاخرت بس؟

    مشاء الله الحلقه اليوم تحمل في طياتها ذكريات حلوة:24:

    بس حلوه عطاك اشكل راعي الدعياااات:109: تخيلتك قدامي وجهك متغير:36_1_19:

    بس يا ترا عددلي الكدمات الي صارت لك ونت بوسط الكره المتدحرجة

    فنادق عطلات


+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة الأديان بالصور بقلمي
    بواسطة Robot في المنتدى بوابة العرب المسافرون العامة
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-03-2015, 12:48 PM
  2. شكر وعرفان للمايسترو و جميع الاخوان ـ ـ مـ ع الهديه
    بواسطة Robot في المنتدى بوابة السفر الى نيوزيلندا New Zealand
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 01-31-2015, 05:29 PM
  3. مشرفينا شاعري و رحال عاشق وبقية الأعضاء
    بواسطة Robot في المنتدى بوابة السفر إلى السعودية
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 01-20-2015, 12:30 AM
  4. الى الشمالي الغربي وبقية الأعضاء
    بواسطة Robot في المنتدى بوابة السفر إلى الدول العربية و الاسلامية الأخرى
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-15-2015, 12:17 PM
  5. الفزعه ياحتشبسوت وبقية الأعضاء حاير جدا جدا
    بواسطة Robot في المنتدى بوابة السفر الى دول أوروبا الأخرى
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-15-2015, 04:16 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
X