القطاع السياحي السوري من أبرز القطاعات الاقتصادية نشاطا وربحية

لا تحتاج سوريا الى أي مؤرخ او عالم لتأكيد هويتها الحضارية العريقة فالشواهد الاثرية والاوابد تملأ الخارطة السورية من مختلف عصور التاريخ وعدا التجوال في دمشق القديمة او حلب او في المواقع المعروفة مثل تدمر والجامع الاموي وقلعتي صلاح الدين والحصن والمدن المنسية في ادلب تتناثر في سوريا مواقع اخرى هامة تبدأ من بصرى الشام في الجنوب مرورا بمعلولا ونواعير حماة وافاميا الى تل الحريرى وماري في الشمال . ولاشك ان زيارة سوريا لاتكتمل الا برؤية هذه المواقع والاماكن الاثرية حيث تبدأ الرحلة من الجنوب وتحديدا من بصرى الشام التى تمتلك ثروة من الاثار مثل المسرح الرومانى الشهير والكنيسة الكاتدرائية التى تعتبر اول كنيسة في العالم بنيت على شكل مربع كما تضم آثارا اسلامية تعود الى زمن الخليفة عمر بن الخطاب منها الجامع العمرى الذى بنى على انقاض معبد رومانى قديم, ويمر الزائر في طريقه من بصرى الشام بمدينة شهبا التى انجبت الامبراطور فيليب العربى الذى حكم الامبراطورية الرومانية وكان فيليب وفيا لمسقط رأسه حيث بناها صورة من مدينة روما. وفى الطريق الى الشمال مرورا بمدينة دمشق وجامعها الاموى الشهير وابوابها السبعة ومدينتها القديمة وقلعتها واسواقها العريقة تأتي بلدة معلولة المحفورة في الصخر تحكى تاريخ الاف السنين منذ العهد الرومانى فالبيزنطى الى ان اصبحت البلدة بدءا من القرن الرابع مركزا لاسقفية استمرت حتى القرن السابع عشر الميلادي. ولايحتاج الزائر لمدينة معلولا ان يستنطق الاحجار ليعرف تاريخ المدينة فيكفيه ان يقترب من احد الاهالى ويستمع اليه ليدرك ان التاريخ لايزال حيا يتكلم اللغة الارامية نفسها التى سادت المنطقة منذ القرن الاول قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادى وهى نفس لغة السيد المسيح التى تكلم بها وبشر فيها بتعاليمه السماوية. وفى انطلاقة السائح الى وسط سوريا لابد وان يكتشف مدينة افاميا الاثرية ومن ثم يمر بمدينة حماة لرؤية الطريقة القديمة لضخ مياه نهر العاصى في نواعير حماة الشهيرة وباتجاه الشمال الشرقى وقريبا من مدينة دير الزور على الضفة اليمنى لنهر الفرات تقف دورا اوربوس شاهدة على عراقة هذه المنطقة التى يعود تاريخها الى سلوقسنيكا تور احد قادة الاسكندر الذى شيدها فوق موقع حصن اشورى منيع عام 200 قبل الميلاد لتكون مستعمرة يونانية للدفاع عن الفرات وحماية الطرق الرئيسية. وعلى هذه الارضية من المعالم الحضارية والتاريخية التى يضاف اليها ما تتمتع به سوريا من مناطق طبيعية على الساحل السورى وجبال صلنفه وكسب والزبدانى وغيرها شهدت السياحة ازدهارها في السنوات الاخيرة وحقق القطاع السياحى نموا قدره 2ر9 بالمئة فيما بين اعوام 1990/1996 وهو اعلى من متوسط معدل الزيادة في العدد الاجمالى للسياح الوافدين الى منطقة الشرق الاوسط الذى بلغ 4ر3 بالمئة ومن المتوسط العالمى الذى بلغ 4 بالمئة خلال الفترة نفسها وذلك حسب دراسة اعدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا (الاسكوا) . ورأت الدراسة ان ايرادات السياحة تضاعفت خلال السنوات الاخيرة نتيجة الزيادة في تدفق السياح الى سوريا وتوقعت ان تحتل المرتبة الاولى في الدخل بعد خمس سنوات في حال تواصل السير في هذا الاتجاه. ويعتبر القطاع السياحى من ابرز القطاعات الاقتصادية التى استطاعت ان توظف مبالغ مالية ضخمة واجتذاب حركة استثمارية محلية واجنبية واسعة اخيرا نتيجة عوامل الاستقرار التى تتمتع بها سوريا الى جانب التنوع الحضارى والثقافى غير المستثمر عمليا وكونها لاتزال سوقا حديثة بالنسبة للصناعة السياحية. وانطلاقا من هذه الاهمية منحت الحكومة السورية في خطتها للترويج والاستثمار السياحى مزايا واعفاءات وتسهيلات متعددة للقطاع الخاص للاستثمار في مجال السياحة فصدر القراران 186 لعام 1985 و198 لعام 1997 عن المجلس الاعلى للسياحة ونصا على مزايا واعفاءات ضريبية للمشاريع السياحية التى تقام داخل المحافظة وخارجها وعلى سبيل المثال فقد اعفى المجلس المشروع السياحى اعفاء كاملا من ضريبة الدخل لسبع سنوات اضافة الى اعفاء المشروع نفسة في مرحلة الانشاء من كامل الرسوم المالية والبلدية مع السماح باستيراد مايلزم من مواد في حال عدم وجود ما يماثلها من الانتاج المحلى وقالت مصادر الوزارة انه تم ترخيص 188 مشروعا خلال السنوات الخمس الماضية منها 101 ترخيص لمطاعم و87 لفنادق من مختلف المستويات والدرجات. كما تأسست في اطار تشجيع الاستثمار السياحى العربى (الشركة السورية العربية للفنادق والسياحة) التى تساهم في رأسمالها الى جانب سوريا السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة وليبيا وتمتلك الان فندقى سفير معلولا وسفير حمص وتدرس الان عددا من المشاريع التى يمكن ان تساهم فيها مع جهات سورية اخرى. ومن الشركات التى تم تأسيسها شركة (باب الفرج للفنادق والسياحة) بحلب برأسمال قدره مليار ليرة سورية مساهمة بين بلدية حلب وغرفتي التجارة والصناعة في حلب والشركة السورية السعودية للفنادق والسياحة بمشاركة وزارة السياحة ومحافظة دمشق والامير الوليد بن طلال برأسمال قدره 95 مليون دولار يساهم الامير طلال بـ 65 بالمئة اى 62 مليون دولار والدولة بـ 35 بالمئة كمساهمة عينية مقابل تقديم الارض وستقيم فيها الشركة فندقا من مستوى خمس نجوم وهو فور سيزن على ضفة بردى وسط دمشق. يقول عبدالمعين فتراوي مدير الهيئة العامة لتنفيذ المشاريع والسياحة في وزارة السياحة ان المشاريع الاستثمارية شهدت في الاونة الاخيرة زيادة ملحوظة نتيجة التسهيلات والامتيازات التى اعطيت بعد صدور القرارين المذكورين انفا وبلغ عدد المشاريع السياحية في سوريا 340 مشروعا سياحيا ابرزها بناء فنادق خمس نجوم. واكد ان خطة الوزارة بدأت بتمليك المستثمرين اراض واسعة لاقامة مشاريع سياحية ومعظم هذه الاراضى تتمركز على الساحل السورى وتتجاوز 5 الاف و600 هكتار بالاضافة الى عدد من المواقع الاخرى في دمشق وحلب وحمص على ضفاف بحيرة الاسد ومدينة الثوار بالرقة ومواقع اخرى لينابيع المياه المعدنية التى ستنشأ عليها مراكز استجمام وسياحة. واشار الى ان عدة مشاريع ساهمت في انشاء ثلاثة فنادق رأسمالها نحو 400 مليون دولار لافتا الى الاهتمام الذى توليه سوريا للسياحة نظرا للدخل الذى تؤمنه ويسهم في تخفيض البطالة وقال نحن نجهز بلدنا للسياحة بشكل متوازن لتجنب السلبيات التى اورثتها السياحة لعدد من المجتمعات الاخرى. ولفت الى ان السياحة العربية مهمة جدا وتشكل مابين 75 و85 بالمئة لذا فان من اولويات السياحة السورية الاهتمام بالسائح العربى ومنحه التسهيلات الكاملة ويحق لأي عربي ان يدخل سوريا بدون تاشيرة والتجول في انحائها دون قيود على الاقامة كما يمنح تسهيلات للتنقل بسيارته وامتعته فالعربي في سوريا في بلده الثانى. وسوريا التى تسعى لمزيد من الاستقطاب السياحى تحتاج لفنادق جديدة لاسيما والفنادق الحالية تكتظ في مواسم الاصطياف بالسواح لذلك تشجع الدولة حاليا المستثمرين على بناء فنادق ومدن سياحية ضمن خطة طويلة الاجل لتشجيع السياحة والاصطياف وتدرس حاليا جملة مشاريع تقدم بها مستثمرون عرب لاقامة فنادق خمس نجوم منها عرض خاص من شركة هلتون الانجليزية بعدما وافقت على تأسيس فندق (فورسيزن) وسط العاصمة دمشق على مساحة تقدر بنحو 13 الف متر مربع والذى سيكون الفندق السادس من نوعه في منطقة الشرق الاوسط ضمن فروع السلسلة العالمية لفنادق فور سيزن التى يملك الامير طلال 25 بالمئة من اسهمها. ووافقت وزارة السياحة على عرض المستثمر السعودى حسين بن لادن لاقامة مركز سياحى في دمشق في موقع متميز من العاصمة بكلفة اجمالية قدرت بنحو 7ر629 مليون ليرة سورية كما وقعت عقدا مع شركة (ستار وود) العالمية لمنطقة افريقيا والهند والشرق الاوسط لاستثمار فندقى شيراتون الجديدين في كل من حلب وصيدنايا. وتمثل مدينة دمشق محورا للسياحة في سوريا وتستقطب نحو 39 بالمئة من طالبى الاقامة في الفنادق من السياح لذلك تسعى الوزارة بالتعاون مع القطاع الخاص المحلى والعربى والاجنبى لاقامة مجموعة من الفنادق الجديدة لاستيعاب عدد السياح المتزايد

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: