كان هناك شيخ قبيله وله ولد شاب اسمه محمد , وكان هذا الابن
شابا قويا في جسمه قويا في شخصيته قويا في اندفاعه الى تجارب الحياة
ولم يشعر والد محمد في يوم من الايام الا بخبر سيء يزف اليه هو ان
ولده محمد قتل أحد افراد القبيلة خطأ .. وكان هناك قانون متعارف عليه
ان من يقتل شخصا خطأ عليه أن يجلو عن قبيلته الى بلاد الغربة لمدة
سبع سنوات , وذلك خوفا من أن يحدث من وجود القاتل بين اظهار القبيلة
مزيدا من سفك الدماء وتطور الاحداث الى ما لا تحمد عقباه بين الأفراد .
وكان الشاب محمد يعتز بمركز والده ويعلم ان كلمته مسموعة بين أفرادها
ولذلك كان واثقا مطمئنا الى ان والده سوف يجد حلا سلميا تجاه هذا الحادث.
إلا ان الوضع بالنسبة الى الوالد كان وضعا دقيقا حساساً , وهو يعلم مايترتب
على اختراق القوانين من عواقب وخيمة قد تؤدي الى الفتن والتفكك وتلاشي
الثقة بتلك القوانين وما ينشأ عن تلاشي تلك القوانين من فوضى وهرج ومرج
ليست في صالح الجميع .
ولهذا فقد شغل الحادث فكر الوالد وحصر تفكيره في الخروج منه بسلام
أنه يحب ولد ويرغب ان يبقى بجواره ولكن كيف؟
ان لا يستطيع ان يخالف تلك القاعدة المتعارف عليها وهي جلاء ولده لمدة
سبع سنوات !!!
الا ان هناك حلا سلميا هو ان يقبل اهل المقتول الديه , وبهذا تنتهي
المشكلة ولكن الوالد تجاهل هذا الحل لانه يعرلف ان اهل المقتول لن يقبلوه
مهما تضاعفت الديه ومهما زادوا في الإغراء .
واذا فلا حل الا جلاء محمد عن قبيلته لمدة سبع سنوات حتى تزول عقابيل
الجريمة ويلتم جرحها وتذهب آثارها من النفوس .
وقال الوالد لولده محمد والحزن يحز في نفسه : ارحل عن الحي يا محمد
حسب تقاليد القبيلة !
وقال الشاب لأبيه الا يوجد حل غير الرحيل والجلاء ، فأجاب الوالد بأنه لا حل
الا الرحيل وعرف الشاب من لهجة والده العزم والتصميم على هذا القرار ,
فلجأ الى والدته واستثار تخوتها وعطفها وطلب منها ان تتباحث مع والده
لايجاد حل غير الرحيل !
وذهبت الوالده الى زوجها وخلت به وأفضت اليه برغبتها في البحث مع في
موضوع الجريمة التي ارتكبها ابنهما والتماس حل غير الرحيل !
فأجابها الوالد بأنه لا مجال للبحث في هذا الموضوع فأهل القتيل لن يقبلوا
الدية مهما ضوعفت والاخلال بما تعارف عليه القبائل يقدح في الشرف ويسيء
الى السمعة كما انه من ناحية ثانية قد يكون مصدر لحزازات واشتباكات
ليس من صالح القبيلة حدوثها .
ورأى محمد انه لا مندوحة له عن الجلاء والغربة فأخذ قربة صغيرة ملأها ماء
واخذ قليلا من التمر وسار في الصحراء مهاجرا تاركا مضارب قبيلته هائما
على وجهه متجها الى الجنوب .
وصار محمد يتنقل من حي الى حي حتى وصل الى مضارب قبيلة في اقصى
الجنوب وحط رحاله لدى تلك القبيلة وصار راعيا للإبل عند أحد افرادها بأجر
سنوي معلوم وانقضت سنة وسنتان وثلاث وهو صابر مثابر على عمله يجمع
مايحصل عليه من اجر ويوفر كل مايستطيع توفيره للسنوات المقبلة وكان يشغل
باله أمران :
الاول ان يعود الى اهله وقبيلته والثاني ان يمتلك فرسا ، تكون له عونا في
مستقبله وجمالا وعزا في حياته وسئم محمد من رعي الابل ودفعه هذان
الغرضان الى ان ينهي اعماله وان يشتري راحلة ثم يسافر من اهل ذلك الحي
ضاربا في كبد الصحراء متجها الى غير هدف معين .
وانتقل محمد من حي الى حي حتى وصل ذات يوم الى قبيلة في كبد الشمال
وسار على راحلته بين مضارب ذلك الحي ورأى بيتا كبيرا من بيوت الشعر
وبجواره فرس مربوطة ونظر الشاب الى تلك فاعجبته وكرر اليها النظر فاذا
هي الفرس التي كان يتمناها ويرغب في امتلاكها ونظر الى بيت الشعر الذي
ربطت بجوار تلك الفرس واذا بعموده الاوسط قد قوض علامة المصيبة وقصم الظهر !
وسار الى بيت في طرف الحي نفسه وأناخ راحلته بجواره ورأته صاحبة البيت
فعلمت انه قد استضافها فهلت به ورحبت وقدمت له اواني القهوة والحطب
فأوقد النار وعمل القهوة لنفسه وقدمت له المرأة ماتيسر من طعام .
ثم جاء الليل فقدمت المرأة لضيفها العشاء ونام افراد الحي كلهم وضرب السكون
بجرانه عليهم , أما محمد فانه لم ينم بل بقي في فراشه يتقلب من الجنب
الايمن الى الجنب الايسر ومن الجنب الايسر الى الجنب الايمن مترقبا الفرصة
المناسبة لتنفيذ ما هم به وشغل باله , ولما علم محمد بأن جميع افراد الحي قد
راحوا في سبات عميق تسلل من فراشه برفق وحذر واتجه الى البيت الذي
ربطت بجواره الفرس وصار يمشي ويلتفت يمينا وشمالا ليتأكد من خلو الطريق
ووصل الى مربط الفرس دون ان يراه احد ووثق بالفوز والظفر وضرب بيده
الى رباط الفرس ليفكه ولكنه وجد ان في يديها قيدا من حديد مقفل .
وجعل محمد يعالج الحديد ليكسره أو يفتح القفل وفي اثناء محاولته كان يصدر
من الحديد صوت قرقعة ولكنها خفيفة , لا توقظ نائما ولا تلفت نظر مستيقظ .
وبينما كان محمد في محاولاته هذه لم يشعر الا بيدين من حديد تقبضان على يديه
من وراء ظهره ثم تحملانه الى جهة البيت دون ان يستطيع حراكا او فكاكا
ونادى الشخص الذي يحمله قائلا: "يايمه" أي يا أماه وجاءت عجوز تسعى
مسرعة فقال الشخص المنادي أوقدي النار فاوقدت النار ووضحت الرؤية .
ونظر محمد الى الشخص الذي قبض عليه وحمله بين يديه فاذا هي فتاة
في عمر الزهور ونظرت اليه الشابة فقالت انت محمد !
فدهش الشاب وقال اني لست محمد فقالت بل انت محمد وخجل الشاب
خجلا عظيما وتضاءل عند نفسه .
ان الذي قبض عليه لو كان رجلا لهانت المصيبة ، ولكنها امرأة انتصرت عليه
ولم يستطع تجاهها ان يعمل شيئا وألجم الخجل لسان محمد فسكت ولكن المرأة
لم تسكت فقد قالت لمحمد لقد جئت في الوقت المناسب لن والدي مأسور عند
القبيلة الفلانية وهو يرسف عندها في القيود والأغلال منذ وقت بعيد واني أريد
منك ان تخلصه من الاسر وتكون الفرس لك مقابل عملك هذا .
فذهب بعض خجل الشاب عندما رأته أهلا لهذه المهمة التي لا شك انها عسيرة
واستعاد بعض ثقته بنفسه وقال للشابة : اني مستعد ولكني أعزل لا سلاح معي
فقالت الشابة ان كل ماتطلبه من السلاح موجود فاطلب جميع ماتحتاجه .
فطلب محمد منها سيفا ورمحا وخنجرا ثم ركب على الفرس وذهب متجها الى
مضارب القبيلة التي اسر عندها والد الفتاة وسار جاداً في سيره مواصلا ليله
بنهاره حتى قرب من الحي فانزوى في مكان منخفض وقيد فرسه لترعى وترتاح
وذهب إلى الحي , وتجول فيه حتى عرف البيت الذي فيه الأسير ثم عاد
ليرتاح بجوار فرسه !
وعندما جاء الليل بدأ محمد يستعد للبدء في مهمته وفي أواخر الليل عندما نامت
العيون وضع السرج واللجام على فرسه ، وجعلها جاهزة للهرب وأخذ سلاحه
الخفيف والخنجر والسيف واتجه الى البيت الذي فيه الاسير ، ولم ير في طريقه أحدا
واستمر في سيره حتى دخل البيت المقصود فرأى الأسير مكبلا بالحديد وقد التحف
شمله ونام على طرفها الايمن عبد ونام على طرفها الايسر عبد آخر .
وكان الأسير مستيقظا فرأى هذا الشخص الذي جاء لينقده فأشار اليه بأن يبتعد
وبأن لا يقوم بالمحاولة تلك الليلة ولكن الشاب تجاهل هذه الاشارة وتقدم حتى قرب
من الفراش فلاحظ ان العبدين قد استغرقا في النوم وفكر في الطريقة التي
يزيح بها هذه الشملة عن الأسير ،
ولكنه لا يستطع رفعها لأن أطرافها مشدودة .
وفكر محمد قليلا ثم وضح له الطريق فأخرج خنجره ثم شق الشملة في وسطها
وألقا طرفيها يمينا وشمالا ولم يتحرك العبدان وقد كان محمد مستعدا لقتلهما لو تحركا
وحمل محمد أسيره على ظهره والحديد في رجليه وخرج به من البيت يسير في تؤدة ورفق .
فلما خرج من بين البيوت أطلق لرجليه العنان حتى وصل الى الفرس فركب بعد ان وضع
الاسير على قطاة الفرس ثم اطلق لها العنان فسارت بهما تطوي الارض طيا
وكانا يلتفتان الى الوراء ما بين وقت واخر خوفا من طلب الاعداء
والتفت الشيخ الاسير ذات مره عندما ظهرت له تباشير الصباح فرأى غبارا من عن بعد
ولاحظ ان هذا الغبار يقترب منهم شيئا فشيئا فعلم انه غبار خيل قد لحقت بهم
وصمم محمد على ملاقات القوم والدخول معهم في معركة ولكنه أراد ان يختار الارض
المناسبة للطراد ، فاستمر في هربه حتى توسط في ارض مستوية صالحه للدخول مع
هؤلا الفرسان في معركة فاصلة .
فأوقف فرسه وأنول الأسير من فوق ظهرها ثم علا على ظهرها وصرفها الى جهة الفرسان
الذين لحقوا به واطلق لها العنان فاتجهت اليهم كالريح العاصف وشق الخيل نصفين
واطاح الى الارض منهم قتيلين وخرج من القوم حتى ابتعد عنهم قليلا ثم صرف فرسه
وانطلق اليهم ثانية !
كانت الضربة الاولى قد زعزعت ثقة القوم بأنفسهم ودب اليهم الخوف وهذا اول بوادر
النصر وهجم هجومه الثاني فجندل منهم فارسين لحقا بمن سبقهما .
وبقي في الميدان فارسان فحاولا الهرب ولكن لا هرب , ان الفارس محمد لا يريد ان
بعود من الفرسان احد ولحق باحدهمها حتى ادركه ثم جندله صريعا ثم لحق بالاخر والاخير
فألحقه برفاقه وأخذ محمد افراس القوم واسلحتهم ثم عاج الى الاسير ففك قيده وأركبه على
أحدى الجياد واقتاد الباقي معه .
واتجهوا الى الحي الذي يقصدونه فلما اقبلوا على الحي ، رأى محمد ان اعلام الزينة والافراح
قد انتشرت في الحي ورأى حركة غير عادية استراب منها وظن ان هذا الحي غير الحي الذي
يقصده وقال لرفيقه الأسير لقد رحل حيكم من هذا المكان وحل محله قوم آخرون لاني أرى
الان اشياء ماكنت رأيتها عندما كنت بين اظهرهم منذ ايام .
فقال الشيخ ان هذا هو الحي ولكنه قد ازدان واقام معالم الافراح انتظارا لقدومنا .
وتقدم الفارس بالامير حتى قرب من الحي فاستقبل الاثنان استقبالا عظيما ومشى محمد على فرسه
بين بيوت الحي وثيابه لا تكاد تسعه فقد انقذ شيخ قبيلة من الاسر وملك فرسا أصيلة لا تجارى ولا
يكاد يدركها الطالب او يفوتها الهاب واستعاد ثقته بنفسه بعد أن اذلته تلك الشابة وقبضت عليه
فلم يستطع حراكاً .
وأقام القوم حفلة كبيرة على شرف شيخ القبيلة ، وبعدها قال الشيخ لمحمد اطلب مني ماتشاء
فقال لقد طلبت ان امتلك الفرس نظير انقاذك وها قد اصبحت لي ، فقال له الشيخ لا اطلب شي
اخر غير الفرس فقال محمد ان اطلب منك ابنتك أن تزوجنيها على سنة الله ورسولة .
فقال الشيخ لك ماطلبت ، وتزوج من الفتاة واقاموا حفل الزفاف زفة العروس له ، وفي صباح
اليوم التالي قال له شيخ القبيلة ان لك حرية البقاء بين أظهار قبيلتنا او الرحيل من هنا .
وفكر الشاب فيما عرضه عليه الشيخ فرأى ان بقاءه بين افراد تلك القبيلة امر غير ممكن
مع ما قوبل له من اعزاز وتجلة واحترام واذا فلا بد من الرحيل ولكن الى اين ؟
ان قبيلته لا تريده الا بعد مضي سبعة اعوام ولم يمض منها الا أربعة وبقي ثلاثة ، والايام
اذا عدها الانسان وترقب زوالها طالت عليه ، وأحس بشوق ولهفة للعودة الى قبيلته
ففكر مليا بالموضوع ولم يجد حلاً الا العودة الى قبيلته .
وأخبر الشاب والد زوجته بانه سوف يرحل بزوجته ويذهب الى مضارب قبيلته
فوافق الشيخ على هذا الرأي مكرها وأعطى محمد كثيرا من السلاح والخيل والابل
وشد محمد الرحال بما معه متجها الى قبيلته .
وعندما قرب من مضارب الحي المقصود حط رحاله وضرب خيامه ورتب امور عائلته
ثم لبس سلاحه وركب حصانه ثم شق طريقه بين مضارب الحي متجها الي بيت والده
الذي يجتمع عنده في مثل ذلك الوقت كبار افراد الحي ومن لهم الحل الربط والرأي
في كل معضلة تتعرض لها القبيلة افرادا او جماعات .
وتقدم محمد على جواده وهو شاكي السلاح حتى وقف على رؤوس القوم وقال لهم
جميعا اسمعوا يا أفراد قبيلتي الأعزاء لقد صبرت على الغربة صبر الكرام وقد نفد
صبري الآن وبدافع الحب والشوق أتيت اليكم وسوف اعيش بينكم كفرد منكم مهما
كلفني هذا الامر من مشاق حتى لو كلفني ذلك حياتي .
فمن كان منكم أيها القوم يعارض في قراري هذا فليرفع يده ونظر محمد الى كبار رجال
قبيلته فلم يرد احدا منهم رفع يده للمعارضة في هذا القرار.
وأراد والد محمد ان يتكلم فقال له ولد اسكت ياوالدي معززا مكرما ، فاني اريد ان يتكلم
غيرك او يعترض على قراري غيرك ، ولاذ القوم كلهم بالصمت فأردف محمد قائلا :
اني افهم من هذا السكوت عدم المعارضة ولهذا فاني سوف آتي بعائلتي وأفراد حاشيتي
وسوف انزل في طرف من اطراف الحي وسوف افتح باب بيتي على مصراعيه فمن
أراد إكراما وكرما فأهلا به وسهلا ومن أراد غير ذلك فأني على اتم الاستعداد لمقابلة
الشر بالشر والبادي اظلم والله على الظالمين خير معين .
وبعد ذلك عاش محمد بين أفراد قبيلته رفيع المكانة محبوبا من الكبير والصغير وملجأ للضعيف
والفقير لا ينازع في شرف ولا يعارض في أي أمر يصدره في أي شأن من شئون القبيلة .
وهكذا انتهت الاحوال بالشريد الطريد الى ان يكون السيد لا المسود وسبحان مدبر
الامور وجاعل العبر في تقلبات الايام والدهور .
وبالنهاية اشكر للجميع حسن المتابعة واعتذر اذا كان هناك اخطاء لغوية
المرجع : الجهيمان .
مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- مـاذا يحدث إذا كنت بلا قلب ؟؟
- عندما نريد أن نستخرج فيزا شنغن فما معنى شنغن
- هل يمكن ان تكره من عشقت ؟؟
- ·¸`·¸ صور منوعة من الصين ¸·´¸·
- حركهوايدين يسوونها
- مواطن ينحر جملا باحثا عن ريالا في معدته
- مهاوشة على قول أخوانا السعوديين
- الله يعفو عنا توي سمعت الحديث وحبيت انقله لكم
- العقل اهم من المال
- لمآآذا الأذن لا تنــآآآم
- هل توجد فائدة لبذور العنب؟؟؟
- ماهو العكبر؟
- ياااابحر
- هندوسي أسلم بسبب عطر الشيخ محمد العريفي
- ياناس حتى في هذا احترافية
- لقطات مذهلة للبرق
- بدانه الاطفال والالم النفسي ،،
- مراحل إنتهاء الصداقه بين الناس
- هل تعلم ماذا يفعل لك القران عند موتك ؟
- كن داعياًبالخفـــــــــاء
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولدسدير
المفضلات