المسير نحو عمق الحرّة وبأتجاه جبل القدر
بعد أن انتهينا من زيارة لجبال القرة الحمراء كانت وجهتنا للولوج إلى داخل الحرة والى الغرب والوسط تماما كانت وجهتنا إلى ما كنا نراه واضحا ونحن في طرف الحرة وهو الجبل الأبيض السامق والمتفرد بلونه وسط تلك المعمعة السوداء التي كنا نجول فيها وهذا الجبل أحد جبلين بركانيين ذو مادة بيضاء غريبة وفريدة في صورتها بالنظر إلى ما حولها من جبال الحرة السوداء والنظر إلى تلك الجبال يدل على بساطة الوصول لها ولكن كوننا بوسط حرة وعرة أرضها عبارة عن حجارة متكدسة ومتنوعة الحجم ولا يمكن للسيارة أبدا أن تجد لها مسار سوى من سبقها من الطرق الملتوية والوعرة والتي تحد من سرعتنا ، فمعدل السرعة هنا 20 إلى 10 كيلومتر بالساعة ومع هذا الحرص فكان لنا مع البناشر قصة.
بداية الحرّة وحياة مستمرة رغم السواد والصعوبة ...
قهر الأرض والسير نحو الهدف لذلك الجبل الأبيض في أفق الصورة ...
تمزق أحد عجلات السيارة
لابد أن يكون للحجر سيادة وسلطة وأن يقول كلمته بأن المرور هنا له ضريبة ووسم يوسم كل مار ولحسن الحظ كانت سيارتي هي الضحية الوحيدة فأنشق احد العجلات الخلفية وتوقفنا لإصلاحه كان الوقت مبكراً لحصول ثقب بالعجل ولكنها إشارة للتنبه والسير بتؤدة فالطريق يحوي العديد من الصخور البارزة والحادّة والتي لن تتركنا نفوز باجتياز الحرّة إلا ولنا منها ذكرى إما بثقب أو بغيره ولكن الحمد لله على ما قضى .
ولكل أرض ضريبة وجزية وها نحن ندفع ثمناً لها ونسأل الله العون والعافية ..
تجمع وتعاون لجميع الحملة للمشاركة واستغلال الوقت والنهار ...
تمت استعمال (الجمبو جك) الرافعة العملاقة لصعوبة رفع العجل بالرافعة الاعتيادية ..
هيلا هوب وبحمد الله تم الأمر على ما نحب ...
وبسبب نزول العجل على الأرض فلم أستطيع وضع الرافعة بالمكان المناسب ولم أتمكن من حفر الأرض ولكن لوجود رافعة متخصصة كبيرة الحجم كنت أضعها للطوارئ وكان مناسبا إن أستخدمها في حالتنا اليوم مما سهّل لي إصلاح العجل ولوجود الإخوة حولي فلم تكن مهمتي سوى وضع الرافعة وإنزالها لمعرفتي بخصائصها وأستلم الإخوة بقية الأعمال من فك وربط واستبدال العجل المثقوب بالعجل الاحتياطي فما كانت سوى دقائق بسيطة حتى انتهينا من الموقف وأكملنا المسير نحو الوسط عبر طرق برية متعرجة ووعرة لا نرى حولها غير المساحات السوداء وقليل من أشجار الطلح والسمر وبعض شجيرات الحرمل في مجاري الشعبان ومما يميز أرض الحرّة أن حصى الشعبان التي اعتدنا رؤيتها بيضاء وأما هنا فهي سوداء وعبارة عن حصى بركاني مفتت يسيل مع المياه الجارية من وسط الحرة فكوّن هذا اللون الفريد وهي صورة أخرى من الغرائب في مسيرنا عبر الحرّة .
المنطقة الوسط لحرّة خيبر والمعالم الرئيسية بالحرّة
نفود الحرة السوداء (المطار) وفوهة بركان المشويّة 1914متر.
من اغرب ما رأينا تلك المنطقة العجيبة وتسمى المطار لعل سبب تسميتها كونها مكان مميز لنزول طائرات الاستكشاف للجيلوجيين والجغرافيين بالمنطقة وأشبهها بالنفود التي أعتدنا عليها وهي ذات رمال حمراء أو صفراء كنفود الدهناء أو النفود الكبير ولكن هنا هي شيء آخر فهي سوداء وبتفحص حصواتها الصغيرة البركانية الخفيفة الوزن ووجدتها عبارة عن فتات جرانيتي من صخور بركانية قد تناثرت بشكل تلال وسط أرض صخرية قاسية وهي ليست بذات الاتساع وقد زرنا احد الأماكن المميزة فيها وهي لمحبي التطعيس (ركوب الرمال بسيارات الدفع الرباعي) ووصلنا لبركان (المشويّة ) فما كان من أخونا أبو صالح الزعاقي إلا أخذته النشوة للانطلاق بسيارته الشاص عبر سفح هذه الأرض العجيبة وإمتاعنا بمهارته في صعود ونزول فوهة البركان الخامد المسمى المشويّة وقد أخذت له بعض الصور الجميلة ، أن ارض مشويّة لها رونقها وجمالها وتعد من غرائب أرض الحرّة لتكوينها الغريب ويحدها من الغرب جبل القدر ويحيطها باللابة السائلة والمتحجرة إلى الجنوب من مشويّة فيكون سدّاً من الجدران المنيعة لتكون تمازج فريد في أرض غريبة في تكوينها وشكلها يصعب أن أصفها كما يليق بحجمها وروعتها وقد تعطي بعض الصور شيئا من التصور ولكن الحقيقة تختلف اختلافا بيّنا عن الصور فكم شاهدت من صور وقرأت عنها ولكن حينما زرتها في رحلتي هذه اختلف التصور اختلافا كبيرا وأصبح انطباعي عنها مبنياً عن ملامسة وشعور لم يكن أبدا في مخيلتي .
من أجمل المناظر وأمتعها في براري الجزيرة العربية ذلك الجبل الأبيض والغريب والنادر وسط مساحات هائلة لسواد مستمر لحرة خيبر
منظر لأعلى جبل بحرة خيبر جبل الابيض 2200متر وندرة لونه وسط السواد الاعظم
حجارة البوزلان في جزء من حرة خيبر والذي يستخدم لصناعة الاسمنت وكميات مهولة منه ...
تغوص القدمان في حجارة البوزلان الصغيرة ...
صورة مقربة لحجر البوزلان والذي يتجمع في منطقة المشويّة بين القدر والابيض..
استعراض من أخونا صالح الزعاقي لأسمح منطقة في الحرّة وهي منطقة مشويّة المكسوة بحجارة البوزلان ...
أخونا الزعاقي في حافة فوهة بركان مشويّة وخلفه جبل البيضاء بخلفية رائعة ....
صورة تاريخية تشملني مع أخي أبو عبد الرحمن الغفيلي قائد الرحلة ونحن فوق مشويّة وخلفنا جبل الأبيض ..
التقدم والمسير من مشويّة وحتى جبل القدر ونحن نحاذي لابة الصهارة الآتية من جبل القدر...
ارتقاء جبل القدر بارتفاع 2028متر.
لن ولا أستطيع إعطاء وصفاً يليق بأرض الحرة ولكن ما أعطاني ربي من ملكة بسيطة سأضعها لكم مع بعض الصور والتي حتماً ستساعدني في إبراز هذه المناظر والمشاهدات التي تزداد غرابة وأزيد اندهاشا لجمالها فسبحان من خلق وسبحان من أبدع وصوّر.
استعداد لارتقاء جبل القدر ....
وجبة من المصابيب اللذيذة قبل الارتقاء لقمة جبل القدر الذي يرتفع نحو 2092متر عن سطح البحر..
بداية المشوار الذي أخذ منّا ساعتين للارتقاء وساعتين للنزول ...
تكوينات جميلة لصهارة تجمدت وبقيت بأشكالها الرائعة فسبحان الخالق ..
المفضلات