[b]كنتُ في أيَّـامِ الشَّبَاب أعمَـلُ في إحدى المناطقِ في الدَّعوةِ والإرشَـادِ , وتعرَّفتُ على شابٍّ كثير التنفُّـلِ وحسَـنِ الأخلاقِ , وطيِّـب المعشَـرِ , وعرفتُ منهُ أنَّـهُ من أهل الجِـدَة والثَّـراء , ووالدهُ أحد العشَـرة المتصدِّرين قائمة أثرياء المملكة اليومَ.!
لم يجعَل اللهُ في نفسي حُباً للمالِ فأتزلَّفُ لأثرياء , ولم تكُن علاقَتي بهذا الرجل مختلفةً عن علاقَتي بغيره من طلبة العلم والخَدَم والجيران فلا أتصنعُ لهُ ولا لهم والحمد لله , ولكن كنتُ أُكبِرُ فيه جداً حرصَـهُ على الخَير , وتبسطهُ لي ولكل النَّاس , وبعدَ سنواتِ تنقُص عن العقد بقليل جمعني وهذا التاجرُ مسجدٌ أدَّينا فيه فريضةً من فرائض الله , وتجاذبنا الحديثَ ولم أفقد فيه التواضع وحسن الخلق والبشاشة التي كنتُ أعرفُها فيه يوم التقيتهُ أول مرة.
ولما هممنا بالخُروج من المسجد لتحمِل كلاً منا دابَّـتُـهُ قال لي يا شيخُ فُلان: أرجو أن تُشرفني غداً بالعشاء معي في البيت , ولم أكن دخلتُ بيتهُ قطُّ رغم طول سنوات الصلة بيننا ووشائج المحبَّـة , فقلتُ له: سأحاول , قال: أنا سأزوِّجُ ابنَتي , ويشرفني حُضورُكَ.!
انصرفتُ وانصرفَ , وبقيتُ أحاورُ نفسي هل الجُملة الأخيرةُ مما قالهُ لي التَّـاجر , أم خَيالٌ خطَر بذهني .؟
فلانُ التاجر بن فلان التاجر بن فلان التاجر يزوج ابنتهُ في البيت.!!!!
حان الموعدُ , وجئتُ للدَّار ودخلتُـها فإذا به يستقبلُني مهلياً ومُرحباً ومُمسهلاً ومُبتسماً , وأدخلني المجلسَ , سلَّمتُ على الجَميع ومنهم أبوهُ وأبو العَريسِ , فكانت المُفاجأة أن والد العريس أيضاً قطبٌ من أقطاب الثراء في المملكة ولا أعرفُ اسمهُ قبل هذه الليلة إلا في الإعلانات التجارية.!!
جلستُ مع النَّاس الذين لم يزيدوا عن عدد بسيط من أفراد العائلتينِ لا يبلغ مجموعهم الأربعين رجلاً فقط.!!
دُعينا إلى المأدبة فتوقعتُ أن أرى مأكولاتِ نسمع بها ولا نراها (كبد الحوت - لحوم الغزلان ... الخ) قُدمت إلينا التبولةُ وأخواتُها , ثم بعضُ قطع السمك والروبيان , ثم بعضُ الأرز واللحم عليه , وشربنا عصيراً وكأس ماء , بخَّرونا بالعُود بعد ذلك وشربنا قهوتنا وغادرنا جميعاً.
جافاني النومُ ليلتي تلك , وبدأتُ أستعيد شريطَ الذكريَات المؤلم , والذي فتحَ عليَّ مُشاهدات ليالٍ موجعةٍ لبعضِ أقاربي وأصحابي ومعارفي ممن يعجزُ واحدُهم عن لقمة عيشهِ , ويعجزُ أبوهُ وأمه وأخوهُ وفصيلتهُ , ولكنَّهم يتكلفون في زواجاتهم الثلاثين والأربعين والستين ألفاً في ستة ساعات هي مجموع ساعات ليلة الزواج.!
وتذكرتُ بعضَ متوسطي الحالِ الذين يُنعم الله عليهم فما يفتأ الواحدُ منهم يتفنَّـنُ في السرف والتبذير والبذخ , ليكون من مجموع ذلكَ منزلةً عند الناس , وهو يزدادُ في أعينهم ضعةً وصغاراً إذْ يأكلونَ طعامهُ ويذمُّونه - حينَ جُشائهم -على إسرافه وتبذيره.مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- استفسار
- موقع رائع لحفظ القرآن
- كيبــــــــــــــووورد
- صيام التطوع و فضائله الله لا يحرمنا اجر الصيام و يدخلنا الجنة من باب الريان يا رب
- ويلاه ضاق الصدر
- لـيـش حــاطــيــن بــاب لـلـحـمــــام
- أكبر نعمة في الدنيا
- فندق الجبل الساحر
- سوالف من و عن جدتي
- السفر الى اسبانيا وفرنسا وايطاليا ام اسبانيا وفرنسا فقط!
- هواة التصوير في الحمم البركانية
- جبال الذنوب وسيل الغفران
- الفلفل الاسود والفلفل الابيض
- اجمل واحه في العالم
- فيلم أزمة السكن برؤية سينمائية المحور الاقتصادي لأزمة السكن
- قصة أشهر صورة على وجه الأرض
- ما الذي ستغيره في حياتك؟
- فيديو شوفوها هذي السعودية
- ما أجمل القدس ليلاً صور ساحره
- نقاش ابني عنيد
المفضلات