أهلا وسهلا بك إلى المسافر السياحة و السفر.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، يسرنا ان تسجل معنا في اكبر مواقع السفر للتسجيل اضغط هنا

تنشيط السياحة الداخلية من جديد

2007-07-23
الصورة الشخصية
عدد المشاركات: 757

تنشيط السياحة الداخلية من جديد
لهيب أغسطس على الأبواب. نعم، لقد جاء الصيف وطار الناس زرافات ووحداناً إلى كل بلاد الأرض هروباً من الحر الشديد ورغبة في ممارسة هواية السياحة في الأرض ومتعة السفر التي لا يخفى على أحد أنها الهواية السعودية الأولى. لكننا في هذا العام لا ندري أين نذهب فالسفر للولايات المتحدة الأمريكية يحتاج لفيزا تكاد تكون مستحيلة في ظل توجس وريبة يشعر بها الناس من كل من يحمل جواز السفر الذي نحمله، وبريطانيا العظمى التي كانت تلوم الأمريكان على ردة فعل مبالغ فيها والتي كانت عاصمتها لندن تستقبل فلول العرب بكل ترحاب، قد تغير حالها وبدأت – كصاحبتها – تنظر لهم بعيون الريبة والشك والخوف أن يسحق المد الأصولي هويتها وكل القيم التي سفكت دماء غزيرة للحصول عليها، أصبحت تخاف من كل مسلم بعد أن تبين لها أنه حتى من ترقى في العلم والمعرفة وأصبح طبيباً يداوي الناس يمكن أن يكون إرهابياً يقتل المدنيين بدم بارد. فرنسا لا تختلف كثيراً عن جارتها ومعارك المطار لن تمحى بسهولة من الذاكرة الجمعية للفرنسيين الذين بدأوا بدورهم يخافون على مبادئ الثورة الفرنسية ودماء جنود (روبسبير) أن تذهب سدى، تلك التي ذهبت في سبيل الحرية. فعادت أذهاننا وخريطتنا مشرّقة قافلة، كان بودنا أن نغني مع فيروز (لبيروت.. أنت لي أنت لي.. لحن بحار قديم) لكن الوضع السياسي المتدهور والذي يوحي بانفجار في أي لحظة يجعل سفر الإنسان إليها نوعاً من المخاطرة التي قد لا تحمد عواقبها ولا تسبر أغوارها عن بعد ولا ندري هل سيقف الحد عند نقل العائلات السعودية بالحافلات إلى الشام، أم إن الوضع قد يسوء أكثر. سوريا هي الأخرى تبدو وكأن الدنيا برمتها على كف عفريت بالنسبة للسائح ولا يجد هذا الخيار محبباً لنفسه خصوصاً مع ما يدور بين الناس في المجالس عن سوء معاملة السائح السعودي هناك ولا أظن الشباب سيرغبون بالذهاب هناك بعد خبر الـ60 معتقلاً سعودياً في السجون السورية والذي تناقلته الصحف ووكالات الأنباء منذ فترة قريبة. تبقى مصر خياراً لمن يعشق البلد الذي لا ينام أبداً والرحلات السريعة للحسين مع الفجر، متحملاً المخاطرة مع الأضرار البيئية ومشكلة اللحوم المتسممة والتي قد تودي بالحياة كما نقرأ في الصحف المصرية بين الحين والآخر.
لكننا بحق لدينا بديل أفضل لو اشتغلنا به وعليه بشكل أفضل وأكثر جدية. بإمكاننا أن نطور شيئاً سكتنا عنه في الفترة الأخيرة أو لنقل إن الحديث عنه لم يعد بذلك الزخم، ألا وهو السياحة الداخلية. المنطقة الجنوبية والطائف مناطق تمتاز بالجو البديع المريح للنفس إلا أنهما تحتاجان لبذل المزيد من الجهد لإغراء السائح السعودي والخليجي أيضاً. الباحة منطقة جميلة جداً لكنك تواجه هناك إشكالية الطعام، فلو أن هذه المنطقة الجميلة فتحت أبوابها للشركات العالمية الكبرى لتفتح فروعاً لها هناك بحيث تتنوع المطاعم في المنطقة وتتنوع الخيارات لكان هذا أمراً إيجابياً جاذباً يضاف للإنجازات التي حققتها المنطقة في المجال السياحي. تنشيط السياحة بشكل عام مرتبط بوجود عقول تجارية تعرف ماذا يريد الناس وكيفية توفيره لهم مع روح منفتحة وعصرانية. المنطقة الجنوبية بكاملها منطقة جميلة جداً لكن الأمر يبدو لي وكأنه يحتاج لمزيد من تمدين المنطقة وتوفير السكن الحديث المريح للسائح، حتى لا يضطر لاستئجار المنازل العادية، بأسعار معقولة بعيداً عن تلك الأرقام الفلكية التي يدفعها من يستأجر شاليهاً في المنطقة الشرقية أو في جدة. مع الأسف الشديد السائح يدفع مبالغ ضخمة كأجرة يومية لسكن بسيط هو نفسه سعر السكن في فندق أربع نجوم في أي مدينة أوروبية. مشكلة الغلاء هذه يمكن أن تحل بالتسعير بحيث يلزم أصحاب الشقق المفروشة بأسعار معينة تتناسب مع مستوى جودة السكن والخدمات التي يقدمها تماماً كما يحدث مع الفنادق في كل مكان في العالم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، ماذا عن الترفيه في سياحتنا الداخلية؟
ما العيب أو العار من وجود المهرجانات الغنائية والإكثار منها في هذه الفترة التي هي فترة إجازة وراحة من سنة عمل؟ما هو الخطأ في أن يفرح أطفالنا بالذهاب لدور سينما سعودية في مصايفنا وفي بلدنا بدلاً من قطع المسافات البعيدة لمجرد أن يرى الطفل دار سينما؟ إلى متى ستظل أموال السعوديين تذهب للجار والشقيق والصديق بلا مبرر حقيقي سوى الخوف من التغيير؟ خوف ساذج وليعذرني من يمسه هذا الكلام. كل الفعاليات التي أفردت لها صحفنا الصفحات وقنواتنا البرامج والتغطيات الصحفية تبين منها أن سياحتنا تدعم التفكك الأسري. فقد تم تخصيص الفعاليات للرجال والأطفال فقط ونسوا أو تناسوا ” الأم ” وإذا اجتهدوا قاموا بترتيب فعاليات نسائية خاصة، أين الفعاليات العائلية التي يخرج لها الأب والأم والأطفال مع بعضهم البعض كعائلة؟ هذا من جانب ومن جانب آخر، ماذا عن المناطق الأثرية في السعودية؟ هل يعلم السعوديون أن لديهم منطقة أثرية تعود عمارتها لما قبل القرن الثاني الميلادي شاهدة على حضارة عربية تليدة لهذه الأرض – ألا وهي مدائن صالح – التي أهملت فانسحبت الأنظار لجارتها ” بتراء ” برغم أنها لا تقل عنها كشاهد كبير على حضارة العرب؟
أعتقد أننا بحاجة لمراجعة حقيقية حول هذا الجانب وأعتقد أن تنشيط السياحة الداخلية يمكن أن يكون مشروعاً كاسح النجاح وإنجازاً كبيراً للوطن عندما يستعيد قدراً أكبر من الفلول المسافرة في الصيف إذا أخذنا في الاعتبار تلك النقاط واستمرار محاولة التطوير الذي نأمل من هيئة السياحة السعودية مواصلة المسيرة فيها وما زال يحدونا الأمل.

*كاتب سعودي
خالد الغنامي

انشر هذا الموضوع