أهلا وسهلا بك إلى المسافر السياحة و السفر.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، يسرنا ان تسجل معنا في اكبر مواقع السفر للتسجيل اضغط هنا

روائع الأسحار

2010-03-12
الصورة الشخصية
عدد المشاركات: 170

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني وأخوات هذا جزء من محاضرة قيمة للشيخ إبراهيم الدويش أقدمها لكم راجيا أن تحظى بالقبول وراجيا دعوات مباركة من إخواني وأخوات بظهر الغيب فأنا كما قال الشيخ(أحوج ما يكون إلى مثل هذه الكلمات خاصة قيام الليل…) والآن مع هذا الجزء
أيها الأخوة والأخوات..
قيام الليل من أفضل الطاعات وأجلّ القرابات بعد الصلاة المفروض كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل). كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة

وقد أقر عيني سفر جميل وقفت عليه منذ سنين جمع صاحبه أخبار المتهجدين وحكم وأحكام القائمين.. فألفيته بستان للعارفين مليء بالأزهار والأفانين..
والليلة أقطف لكم بعض الثمار والأزهار من حلية الأسفار رهبان الليل..
جزى الله صاحبه خير الجزاء وجعلنا وإياه من مفاتيح الخير..

والحديث عن قيام الليل والأسحار لا يكون له وقع وآثار إلا إذا كان من الكبار أهل العزائم والاستغفار.. كما قال ابن القيم رحمه الله:
“أما السابقون المقربون فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولاً من وصف حالهم وعدم الاتصاف به بل ما شممنا له رائحة ولكن محبة القوم تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم…” إلى آخر كلامه رحمه الله..

هذا ابن القيم رحمه الله يقولها تواضعاً واتهاما للنفس وهو من هو في التهجد والتقرب بأنواع الطاعات..
أما أنا فيعلم الله بين نارين.. إن سكت عن الاعتذار فقد لبست ثوباً ليس لي وإن تكلمت وأحسنتم الظن وقلتم تواضعاً واتهاما للنفس..
فوالذي نفسي بيده ليس هذا ولا ذاك.. فأنا أحوج ما يكون إلى مثل هذه الكلمات خاصة قيام الليل.. ورياح الأسحار ففاقد الشيء لا يعطيه..
وكنت سأقصرها على نفسي لولا اصرار بعض المحبين وتحريج الجادين ثم إني تذكرت أجر التبليغ والتذكير وأنه قد يجبر التقصير..
وأنست بقول الحبيب : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
فأقبلوها مني فإني أحب لكم يعلم الله ما أحب لنفسي..أسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه..

يا حبيب القلوب أنت حبيب أنت أنسي وأنت مني قريب
يا طبيبا بذكـره يتـــداوى كل ذي علة فنعم الطبيــب
طلعت شمس من أحبك ليــلاً واستنارت فما تلاها غروب
إن شمس النهار تغرب بالليل وشمس القلوب ليس تغيــب
فإذا ما الظلام أسبل ستــــــراً فإلى ربهــا تحـــن القلـــوب

الأسحار: جمع سحر وهو آخر الليل قبيل الصبح.. وقيل هو ثلث الليل الأخير إلى طلوع الفجر..
وقيل السحرة هي الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة.. نسأل الله الكريم الجنة

قلت لليل هل بجوفك ســـــر عامر بالحديث والأســــــرار
قال لم ألقى في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحار

قال القاسمي في محاسن التأويل إن الزمخشري قال في أساس البلاغة:\”إنما سُمي السحرة استعارة لأنه وقت إدبار الليل وإقبال النهار فهو متنفس الصباح\”..
الأسحار.. وقت سكون الليل وخلو البال يجتمع فيه القلب وتسمو فيه الروح وتصفو في النفس ويهدأ فيه الصوت..
الأسحار.. أفضل الأوقات للتطوع بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه وهي وقت الذكر والصفاء وفتح أبواب السماء واستجابة الدعاء ووقت الشوق والحنين..ورفع حوائج المسلمين لمالك يوم الدين وهي وقت نزول الرحمة وحضور الملائكة..ووقت التنزل الإلهي..

نحن الذين إذا أتانـــا سائـــــــــل نوليه احساناً وحسن تكرم
ونقول في الأسحار هل من تائب مستغفر لينال خير المغنـم

روائع الأسحار.. حديث عبير كلماته من نسيم السحر وأريج ألفاظه من أنفاس المتهجدين..
من روائع الأسحار.. يصورها لنا القرآن، قال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع، أيها الشباب والفتيات، أيها الآباء والأمهات..
إن قيام الليل ولحظات الأسحار هو الزاد الذي نحتاجه في مثل هذا الواقع، هو الدواء للقلوب القاسية الجامدة ولو لبضع ركعيات، ودقائق ولحظات، فهي علامة الخير وبداية الطريق ليتعود الناس على الصلة بالله..
أين أنتم أيها المحرومون يا من حرمتم أنفسكم روائع الأسحار، وجعلتموها مرتعاً لهتك الأستار، ومقاربة الحرام، تأملوا حال الناس في صلاة القيام في رمضان، وفي جلسة الاستراحة بالذات، فهذا يقرأ القرآن يرتله ترتيلا وهذا رافع يديه يدعو ربه ويرجوه، وآخر تجاهد عيناه الكرى، ورابع قبع في زاوية المسجد يبكي ويتضرع وكأنه قتل قتيلا، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا يتأسف على فوات مطلوبه، وذاك يعاتب نفسه على التقصير، وآخر يتفكر في هول المصير، وهكذا فهم في غاية الأنس وفي منتهى السعادة وفي منتهى اللذة، يعيشون في جنة الدنيا، يتفيأون ظلالها ويستنشقون نسائمها، نعم.. سل الليل عن الأحباب فعنده الخبر، وسل الأسحار عن الأسرار تظهر ما ستر، فأخبارهم أرق من نسيم السحر..
إذاً شتان بين البطال والأبطال، أيها الساهر على الخنا والغناء.. اسمع لروائع الأسحار، فقد ذكر الإمام أحمد في الزهد قال: \”تمثل محمد بن نافع في السحر ببيت من الشعر، فرفع هرم بن حيان، رفع عليه هرم السوط وجلده على الظهر، قائلاً له: أفي هذه الساعة التي ينزل فيها الرحمن ويستجاب فيها الدعاء، تتمثل بالشعر؟!\”..

رحمك الله يا هرم بن حيان، فكيف لو رأيت أهل هذا الزمان، وهم يقلبون قنوات الشيطان في وقت نزول الرحمن وعلى مسمع من القريب والجار فما من ناصح ولا منكر، فأين أنت وأين صوتك وأين هؤلاء ممن يتلحفون بظلام الليل ويستترون عن أعين الخلق في التمتع بالمحرمات، بالمحرمات واللذات، فلا تهنأهم الشهوات إلا بالظلمات، ولا يطيب لهم اللقاء مع السُمّار إلا في الأسحار..
في ليلة عرضت وطال زمانهـــــــا فالكل من أقطارها متباعــد يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون)..

المضاجع في الليل تدعو الجنوب للرقاد، وللراحة وللذة النوم، ولكنهم هجروا الفرش خوفاً وطمعاً فيأتي فضل الله وكرمه (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، جزاء بما كانوا يعملون)..
لكن كما قال ابن عباس:”الأمر أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره”، ويقول ابن القيم رحمه الله: “تأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس، وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقومون إلى صلاة الليل بقرة الأعين بالجنة”.. أسأل الله الكريم من فضله..

ومن روائع الأسحار.. قول أبي بكر ابن عياش، قال: سمعت أبا اسحاق السبيعي يقول: \”ذهبت الصلاة مني وضعفت ورق عظمي وإني اليوم أقوم في الصلاة فما أقرأ إلا بالبقرة وآل عمران\”..
لا إله إلا الله.. لما كبر سنه ورقَ عظمه لم يعد يقدر على القيام في الليلة الواحدة إلا بنحو أربعة أجزاء..!
وكان رحمه الله قد ضعف عن القيام فكان لايقدر أن يقوم إلى الصلاة حتى يقام، فإذا أقاموه فاستتم قائماً قرأ ألف آية وهو قائم..
همم الأحرار تحيي الرمم نفحة الأبرار تحيي الأمم

إن حياة النفس.. اسمعوها أيها الأحبة \”إن حياة النفس في السمو ونجاتها في العلو، ومثل القلب مثل الطائر كلما علا بَعُـد عن الآفات وكلما نزل احتوشته الآفات\” كما يقول ابن القيم رحمه الله..

ومن روائع الأسحار أيضاً..
حديث أم سعيد بنت علقمة الطائية قالت: \”كان بيننا وبين داوود الطائي جدار قصير فكنت أسمع حنينه عامة الليل لا يهدأ، ولربما ترنم في السحر بشيء من القرآن، فأرى أن جميع نعيم الدنيا جمع في ترنيمه تلك الساعة..وكان لا يسرج\” أي كان يصلي في الظلام..
وهذا سفيان الثوري إذا أصبح مد رجليه إلى الحائط ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى مكانه من طول قيام الليل..
وكان يقول: \”إذا جاء الليل فرحت وإذا جاء النهار حزنت\”..

أتاك حديث لا يمل سماعــــه شهي إلينـــا نثـــره ونظامـــــه
إذا ذكرته النفس زال عناؤها وزال عن القلب المعنى ظلامه
أخي الحبيب..
رياح الأسحار لا يستنشقها مزكوم غفلة.. فابسط لسان الاعتذار وأكثر من الاستغفار.. ولن تجد لهذا أرق من نسيم الأسحار فروائع الأسحار في كل وقت وخاصة في رمضان، وفي مواسم الطاعات فنفحات الخير تناديك وترجوك لا تقتل الليالي ولا تفسد جمالي، واسمع لحديث حسن في الطبراني: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها.. تعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبكم منها لفحة لا يشقى بعدها أبدا)..
.. ومن روائع الأسحار..

الدعوات والنفثات والآهات التي تحملها رياح الأسحار وعبير رحيق الأزهار.. مناجاة المتهجدين لرب العالمين..
إليكم أيها الأحبة شيئاً منها، فكانوا يرددون ويقولون:

إلهنا بك تفرد المتفردون في الخلاوات، ولعظمتك سبحت الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلالة قدسك اصطفقت الأمواج المتلاطمات، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار والفَـلكُ الدوار والبحر الزخّار والقمر النوّار، وكل شيء عندك بمقدار، سبحانك يا إلهي إذا ذكرنا خطايانا ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وإذا ذكرنا رحمتك ارتدت إلينا أرواحنا..

اللهم إليك قمنا نبتغي ما عندك من الخيرات، قمنا نتعرض لجودك، فكم من ذي جُرم قد صفحت عن جرمه، وكم من ذي كرب عظيم قد فرّجت له عن كربه، وكم من ذي ضرٌ كبير قد كشفت له عن ضره، فبعزتك ما دعانا إلى مسألتك وقد تجرأنا على معصيتك إلا الذي عرّفتنا من جودك وكرمك فأنت المؤمل لكل خير وأنت المرجو عند كل نائبة..
إلهنا أحلى العطايا في قلوبنا رجاءك، وأعذب الكلام على ألسنتنا ثناؤك، ربنا ما أحكمك وأجودك وأرأفك وأرحمك، وأعدلك وأقربك، وأعطفك وأكرمك، وأخبرك وأعلمك، ربنا ما أجزل عطاءك وأجلّ ثناءك، ربنا ما أعلى مكانك، وأعظم سلطانك، ربنا ما أعز ملكك وأتم أمرك، ربنا ما أوسع رحمتك وما أعرض جنتك..

إلهنا.. أنت الذي خلقتنا وفي الأرحام صورتنا، وللإسلام هديتنا، إلهنا.. بأي قدم نقف بين يديك وبأي لسان نعتذر إليك، وبأي عين ننظر إليك وأنت قد علمت سرائر أمرنا، وختمت على ألسنتنا، وأنطقت جوارحنا، فيا من أظهر الجميل وستر القبيح، يامن لا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك بالستر، يا غياث المستغيثين، ويا قرة أعين العابدين، ويا حبيب قلوب المتهجدين، ها نحن جئناك تائبين منكسرين خاضعين، فاقبل توبتنا، واستجب دعوتنا، وارحم عبرتنا وأقلنا عثرتنا، بفقرنا إليك وغناك عنا، بقوتك وضعفنا، وبعزك وذلنا إلا رحمتنا وعفوت عنا..

من كان يخشى الله جلّ جلاله فليكثــــر العبرات في الخلوات
فلعله بعد التدثر والبكــــــــاء أبدلــــت له العبرات بالحسنات
وتخفف الأوزار عن منشوره يوم الحساب وموقف الحسرات

لا إله إلا أنت سبحانك إن كنا من الظالمين..
ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننا من الخاسرين..
ربنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت.. فاغفـر لنا مغفرة من عندك، وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم..

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

انشر هذا الموضوع