أم الرصاص

أم الرصاص في محافظة مادبا

إعداد وتصوير عبدالكريم أحمد الخلايلـه

17 / 7 / 2012 م

عندما نتجهُ نحو الجنوب الشرقي من مدينة مأدبا ، وعند إشارة المرور المقابلة لكنيسة الرسل ، الموجودة على الشارع الشرقي الواصل ِ بين مدينة ِمأدبا ومدينة ذيبان ، سيأخذنا الطريقُ يسارا ً إلى عدةِ مناطقَ هي نتل والزعفران ثمَّ…ثم َّ… إلى أم الرصاص الواقعة ِعلى الطريق الذي كان يسمى قديما ً” الطريق السلطاني ” الرابط ِ بين بلاد الشام ِ والحجاز ، وبذلك نكونُ قد قطعنا مسافة 30 كم إلى مركز زوار أم الرصاص حيث ُ يستقبلك شباب ُ ” الشرطة السياحيه ” الذين يتمتعون ببشاشة الوجه فيرشدونكَ إلى الأماكن المطلوبُ زيارتها …….. وبعد قطع مسافة حوالي 500 م مشيا ً على الأقدام ِ نـُشاهد الكنائسَ الأثرية الموجودة في أم الرصاص وعددها 14 كنيسة حيث تشيرُ المعلوماتُ إلى أن إنشاءها يعودُ إلى القرنين الخامس والسادس الميلادي ، أما أهم الكنائس فهي كنيسة ” القديس أسطيفانيوس ” والتي تم تشييدها سنة 785 م أثناء فترة الحكم العباسي ، وسنشاهد في ما تبقى من هذه الكنائس عدة َ متبقيات ٍ أثرية ٍ منها : المداخل ، الأبواب ، النوافذ المُهدّمة أجزاؤها ، الأقواس ، الجدران الحجرية المكونة ِ من الحجارة الكلسية ، بعض آبار المياه ، الممرات والسراديب ، المذبح ، الأروقه والأفنية ، الفسيفساء الرائعه والزخارف الفسيفسائية التي يظهرُ فيها بالحروف اللاتينية أسماء بعض المدن ، وقد تطورَ إستخدامُ الفسيفساء أثناء الحكم الروماني ثم الحكم الأموي . ومن هذه الكنائس أيضا ً كنيسة القديس ” سيرجيوس ” ، ثم بعد أن ننهي زيارتنا لتلك الكناس الأثرية نتوجه ُ نحو البرج ِ الواقع في الجهة الشمالية من الكناس ، وهو برج ٌ يرتفع ُحوالي 15 مترا ً ، يـُذكر ُ أنه كان يُستخدم ُ، قديما ً ، للرهبان لغاية العزلة والتأمل ، ولذا يسميه البعض ُ ” صومعة الرهبان ” . وفي روايات تاريخية وردَ أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام مر َّ فيها عندما كان يأتي للتجارة مع بلاد الشام ، قبل أن يـُصبح نبيا ً ، والتقى مع ” الراهب بحيرا ” في أم الرصاص والتي كانت تسمى آنذاك ” ميفعـه ْ ” حيث ُ أشار َبحيرا ومن خلال معالمَ معينة ٍ إلى أن هذا الفتى هو محمدٌ الذي بشـَّرت به ِ المسيحية على أنه رسول الله القادم للبشريه ْ .

أما تسمية ُأم الرصاص بهذا الاسم فيذكر أنه ُ جاء من جانبين , إما من خلال المعاجم العربية التي تـُرجعُ الاسمَ الى الفعل الثلاثي رصَّ أي بمعنى وضع الحجارة فوق بعضها البعض بقوةٍ ومتانةٍ وبالتالي أصبحت ِالمدينة ُذات الحجارةِ المرصوصة ِإلى أن أطلـِق َ عليها ” أم الرصاص ” , وهذا هو الاقربُ الى الصحة , أو من خلال ما ذكره المستشرقون عن هذه المنطقـه ِ عند زيارتهم لها خلال القرن التاسع عشر( 1807 م ) مثل النـّص الذي أوردهُ سيتزن بأنها مدينة … كاملة بطرقها وبيوتها ومعابدها , وأجملُ ما فيها جدرانها المبنية بالحجارة ِالمربعة مع استخدام مادة الرصاص كمونةٍ بين الحجارة أو مثل النصوص الأخرى التي ذكرت هذه المدينة من قبل مستشرقين آخرين مثل ما ذكره ُبالمر عام 1870م بــ ” أنها مدينة ذات شأن في العصر العربي المسيحي ” و ذكرها ترسترام في عام 1872 م بـ ” أنها مدينة مربعة واسعة قوية البناء من أكمل المواقع .. .. ” ويرى الدكتور مفلح الفايز في كتاب ٍ له ” أن قرية أم الرصاص كان إسمها ” كاسترون ” ــ ميفـعـه ” ، ونظرا ً لأهميتها التاريخية فقد تم َّ تسجيلها في منظمة ِ اليونسكو ضمن َقائمةِ لجنة التراث العالمي وذلك في عام 2004 م .

[ url=http://www.gulfup.com/?9qszXX][/url]