مقهى ومطعم «تاء مربوطة» في بيروت
2007-02-11استطاع مقهى «تاء مربوطة» من إحداث خرق في
شارع الحمرا في بيروت النابض بالحياة ليلا ونهارا
والذي شكل منذ الخمسينات ملتقى المثقفين،
مستعيدا بذلك هوية الشارع بعد أن بدأت صورته
تتلاشى شيئا فشيئا في ظل غزو الطابع الغربي
معظم المطاعم والمقاهي التي فتحت أبوابها حديثا،
وتمكن أصحابه الذين درجوا على ارتياد مقاهي الحمرا
منذ يفاعتهم، من العودة بذاكرتهم إلى سنوات خلت
تركت بصمة مميزة في ذاكرتهم، كما أضفت المكتبة
الخاصة التي ألحقت بالمقهى وتركت وقعاً إيجابياً في
نفوس الرواد جوا خاصا ميز «تاء مربوطة» عن المقاهي
الأخرى. اسم المقهى، التاء المربوطة، أحد حروف
الأبجدية العربية، كان عاملا رئيسيا لنيله شهرة واسعة
في بيروت بعد حوالي ثلاثة أشهر من افتتاحه، ولا سيما
في أوساط الشباب الجامعي الهارب من سطو الثقافة
الغربية على حياته، بعد أن قرروا محاربتها متمسكين
بثقافتهم العربية والشرقية. بعد طول عناء رسا أصحاب
المقهى كما قال أحدهم بلال الأمين لـ«الشرق الأوسط»
على هذا الاسم في مواجهة أسماء المقاهي الأخرى
المنتشرة في لبنان والتي يعتقد أصحابها أن الاسم
الأجنبي يلفت نظر الزبائن ويضاعف عددهم، «لكن تاء
مربوطة كان كفيلا بجذب الزبائن من دون اللجوء إلى
حملات إعلانية خاصة بالمحل. أما جو المقهى الذي
يجمع بين الماضي والحاضر فشكل عامل
جذب آخر وأساسيا ميزه عن غيره».
موقعه في آخر شارع الحمرا في مبنى فندق «بافيون»
البعيد عن الطريق العام لم يعق رواجه، ولم يكلف أصحابه
بدل إيجار مرتفعا، ما انعكس إيجاباً على أسعار وجباته
وكل ما يقدمه من مشروبات أما المأكولات المقدمة
في «تاء مربوطة» فترتكز بالدرجة الأولى على الوجبات
اللبنانية من التبولة والمازة واللحوم…. التي يعدها
طباخون محترفون، إضافة إلى السندوتشات على اختلاف
أنواعها. رواد المقهى الذين ينتمي معظمهم إلى فئة
الشباب ممن يخطون أولى خطواتهم الثقافية، تجمعهم
جلسات يناقشون فيها مواضيع متنوعة وينجزون دراستهم
وأعمالهم بسهولة في قاعة منفردة أعدت خصيصا لهذا
الهدف وجهزت بكتب مختلفة يتبرع بها رواد المقهى
ويتضاعف عددها يوما بعد يوم. كذلك تلعب خدمة الانترنت
المجانية التي تقدم في المقهى لمن يحضر معه
«الكومبيوتر الخاص» في تأمين الراحة للزبائن حيث
يجمعون في جلستهم بين العمل والتسلية وتمضية
الأوقات مع زملائهم في لعب الورق وطاولة الزهر على
وقع الموسيقى الهادئة.
جلسة «تاء مربوطة» لا تشبه مثيلاتها، ويلعب ديكور
المقهى دورا أساسيا في هذه الخصوصية، فهو يتميز
بلمسة هندسية بسيطة وجذابة اعتمدت الطابع الشرقي
ولا سيما المقاعد المريحة وكراسي القش والجدران
التي تتغير بين فترة وأخرى وتتنوع بين صور فوتوغرافية
لأدباء وفنانين عرب ولبنانيين وأعمال تشكيلية لرسامين
شباب ومحترفين إضافة الى صور مشاهد الحروب اللبنانية
والعربية التي ثبتت على جدران المكتبة حيث الإضاءة
مسلطة على الطاولة المستديرة التي تعتمد بناء على
طلب بعض الجمعيات أو التجمعات الشبابية لتنظيم ندوات
وحوارات ثقافية واجتماعية بشكل أسبوعي.
ورغم إجماع الرواد على جمالية الجلسة باختلاف أوقاتها،
يحبذ بعضهم الهدوء الذي يطغى على الأجواء خلال النهار،
ويفضل البعض الآخر زحمة المساء وضجيج تجمعات
الشباب وحيويتهم.
ويقول الأمين إن الباب مفتوح للهواة لعرض أعمالهم الفنية،
خاصة أن العديد منهم قاموا بهذه الخطوة وعرضوا أفلامهم
أمام الرواد للإطلاع على آرائهم وردود فعلهم قبل الانتهاء
من التصوير. وأصبح هناك ناد خاص لأصدقاء «تاء مربوطة»
يتواصلون عبر البريد الالكتروني ليعلموا بعضهم عن كل
النشاطات التي تقام في المقهى. وتجدر الإشارة إلى
أن حرب يوليو (تموز) 2006 أخرت موعد افتتاح «تاء مربوطة»
من 18 يوليو 2006 إلى 13 سبتمبر (أيلول) الماضي.
لكن هذا السبب لم يحل دون إقفال أبوابه، بل على العكس،
تحول المكان إلى مركز للإغاثة خلال الحرب، حين اذ كان
يجتمع فيه أعضاء جمعيات اجتماعية تعمل لتقديم المساعدات
الغذائية والعينية الى النازحين.
التعليقات