واد مرتيل أو واد المحنش*: الگابوس المخيف الذي * يزحف على المدينة و شواطئها
2007-09-19تطوان* : الأحداث المغربية
كشفت مجموعة من المصادر المعنية مباشرة،* بقضية واد مرتيل،* وحالته الحالية* عن تهديد حقيقي* للإنسان والبيئة بفعل الوضع الكارثي* الذي* وصلته حالة واد المحنش أو واد مرتيل،* كما* يصطلح على تسميته،* الذي* يخترق مدينة تطوان،* ويشطرها نصفين،* والذي يحمل كميات من المعادن الثقيلة والعضوية،* القادرة على تهديد سلامة الإنسان والحيوان والزرع*. الواد الذي* يصفه البعض بـ* «الواد الميت*»،* أصبح قنبلة موقوتة وقابلة للانفجار في* أي* لحظة،* فإضافة لكونه* يهدد سلامة المجاورين له،* وحتى المدينة ككل خلال فترات الفيضانات والأمطار الغزيرة،* التي* تتكرر تقريبا كل موسم،* وتكون قوية في* بعض المواسم،* هناك التهديد البيئي* المباشر،* والخطير جدا،* الذي* يتهدد تطوان ومرتيل،* بفعل الحمولة التي* يضمها الواد من مياه عادمة،* وغيرها من المواد الناتجة عن ذلك،* والملقى بها دون معالجة،* بعضها سام وخطير*. واد المحنش تاريخ تليد* يفخر به التطوانيون وإذا كان للواد وضع تاريخي* واعتباري* لدى السكان،* خاصة السكان الأصليين للمدينة ممن عايشوا الفترة التي* كان فيها الواد* «نظيفا*» أو ممن اطلعوا على تاريخه فعرفوا عظمته ومجده،* حيث كان* يستقبل السفن،* وعلى جنباته نمت حضارات قديمة،* وكان أيضا منتزها للأهالي* في* مختلف المراحل،* حيث لم تبدأ معالم تلوثه إلا خلال السنوات الأولى من سبعينيات القرن الماضي،* أي* قبيل بناء سد النخلة بقليل،* حيث ساهم في* النقص من المياه العذبة المارة عبر الواد*. * الأستاذ الحبيب الخراز،* وهو مهتم بالجانب التاريخي* يقول في* هذا الشأن إن هذا الواد كان* يسمى سابقا بواد* «تامكنة*» أو واد* «تمودة*»،* وكان له دور اقتصادي* واستراتيجي* كبير،* وعبره تمت مجموعة من الغزوات والهجمات التي* قادها المغاربة قديما،* وكان أيضا محجا وممرا لكبريات السفن،* في* الفترة الرومانية وغيرها،* لكن بدأ في* التدهور مع النصف الثاني* من القرن الماضي،* خاصة بعد بناء سد النخلة،* وتوجيه المياه العادمة مباشرة في* اتجاهه*. وفي* صور* غير قديمة،* التقطت نهاية الستينيات،* يبدو وجه واد مرتيل نظيفا،* وأشبه بلون مياه البحر في* زرقته،* يمتد على ضفاف حقول،* فيما* يظهر الناس* يتنزهون على جنباته،* وكانت أشجار منتزه تمودة أكثر وفرة،* إلا أن صورا أخرى لنهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات تعطينا وجها آخر لهذا الواد،* خاصة في* الشق الثاني* منه،* الممتد من مدخل المدينة* حتى مصبه عند شاطئ مرتيل*. لأنها تفرغ* مياهها العادمة به* .. مرتيل تقاضي* تطوان * أهالي* مرتيل* يعتبرون أنفسهم ضحية المياه العادمة لتطوان،* وكان رئيس الجماعة الحضرية لمرتيل قد عبر بشكل رسمي* عن نية جماعته رفع دعوى قضائية ضد تطوان،* بسبب ما تصبه من مياه عادمة وملوثة في* الواد مباشرة،* وهي* نفس المياه التي* تلقى مباشرة في* الشاطئ،* فيتضرر السكان من الروائح الكريهة،* والتلوث الخطير للمياء وللمجاري* المجاورة،* حيث* يتم ذلك بشكل عشوائي،* ويؤثر بشكل كبير حتى على مستوى المدينة سياحيا،* ويضيع عليها مجموعة من فرص الاستثمار*. * ويذكر محمد أشبون رئيس بلدية مرتيل* أن هناك مشروعا للوكالة الدولية منذ* 1993،* عبارة عن مخطط ودراسة كلفت أزيد من مليون دولار،* لأجل تهيئة واد مرتيل،* ووضع مخطط لتصفية الماء العادمة،* كل الدراسات* – يقول- تمت وسلمت للجماعة الحضرية،* مؤكدا أن هذه الدراسة موجودة،* ونسخ منها سلمت لولاية تطوان،* كما أن هناك مشروع لتمويل كورنيش واد المحنش من طرف بلدية براشلونة* والوكالة الحضرية وشركاء آخرين.* هذه المشاريع – يقول المتحدث- لا* يتم تتبعها،* وتضيع علينا بكل بساطة*. ويرجع مصدر من مدينة مرتيل سبب وفاة الواد،* الذي* كان هو الشريان النابض للمدينة،* لبناء سد النخلة من جهة،* الذي* اتهمه بحبس المياه عنه خلال بداية السبعينيات،* ثم المسمار الثاني* في* النعش،* كان سنة* 1977* حينما بدأ* يتلقى الصبيب الكبير من المياه العادمة،* حيث تم إغلاقه على مستوى المصب وتغيير مجراه في* اتجاه آخر،* مما تسبب في* الذراع الميت لهذا الواد*. الوضع الحالي* للواد،* في* رأي* الكثير ممن استطلعت «الأحداث المغربية*» آراءهم* هو نتيجة لتراكمات عدة مشاكل،* وعلى رأسها البناء العشوائي،* الذي* يتسبب دائما في* الفيضانات والخسائر،* فالفيضانات ما كانت لتكون،* يقول أحد الباحثين،* لو قمنا بدراسة وقائية،* فبناء السد،* كان الهدف منه تزويد المنطقة بالماء،* وبالتالي* فقد هناك أخطاء في* التصور العام،* وفي* التجهيزات والبنيات المنجزة معه،* حيث لا* يتم الاهتمام بالصيانة لتكلفتها الباهظة،* ومن تم* يخلص للقول إن السد كان سببا في* موت النهر،* وهو ما أدى لتعويض الماء الجيد الحلو بالماء الحار*. مصادر طبية وعلمية:أخطار قاتلة تحيط بالواد وتهدد البشر والحيوان عبر ستين كلمترا تقريبا،* يمتد مجرى واد* مرتيل،* أو واد* المحنش،* منها* 40* كلمترا* يقطعها قبل وصوله لأول المنازل التابعة لتطوان،* ليمتد بعد ذلك ملتويا على* مسافة تزيد عن* 20* كلمترا في* اتجاه شاطئ مرتيل.* ويوضح أستاذ متخصص في* علم البيئة بكلية العلوم بتطوان أن جودة المياه في* المستوى الأول تعتبر جيدة جدا،* إلا أنه بعد دخوله المدينة تتغير الأمور من خلال مجموعة من أنواع التلوث تقاس بمعايير دولية،* ومعنى ذلك في* رأي* المتحدث أن ما* يلقى من مواد عضوية ستكون خطورتها عالية عن المقاييس الدولية* «المسموح بها*». القنبلة التي* فجرها بعض المختصين في* مجال الصحة والبيئة،* هو إفصاحهم صراحة عن الأخطار الصحية المباشرة التي* تسببها مياه واد المحنش،* حيث إنه بفعل ذلك* يصبح محملا بالمعادن الثقيلة خاصة الزئبق والرونيوم والرصاص،* وهو ما* يطرح مشكلة كبيرة،* حيث إن هذه الأنواع من المعادن الثقيلة تمحو* كل مظاهر الحياة من الواد،* وتساهم بشكل كبير في* موت هذا الواد نهائيا*. * وتنامي* هذه المعادن* يؤدي* حتما لنقص كمية الأوكسجين من الماء،* حيث تصبح ضعيفة جدا،* ويؤكد مصدرنا* أنه عند الكلمتر* 8* قبل مصب الواد،* وهي* المنطقة الموازية للمنطقة الصناعية،* تسجل أكبر درجة من التلوث،* بسبب المواد العضوية واللاعضوية،* القادمة من مختبرات كلية العلوم،* التي* تلقي* بكل موادها العضوية مباشرة،* ناهيك عما تلقيه المنطقة الصناعية من مواد أخرى،* خاصة* أنه باستثناء مصنع* «طيمازا*» لا* يتوفر أي* مصنع على* محطة للتصفية تمكن من النقص من حدة التلوث*. ويكشف مصدر طبي* خطورة المواد العضوية التي* تلقى في* الواد،* وخاصة الزئبق،* حيث إن هذا الأخير* يؤثر على الجهاز العصبي* للإنسان كما للحيوان،* والخطورة تزداد إذا ما علمنا أن الواد* يشرب منه الكثير من الحيوانات والدواجن،* ناهيك عن سقي* الفلاحة منه في* كثير من المقاطع،* وهو ما* يجعل حياة الإنسان،* الذي* سيأكل لحوم تلك المواشي* أو الدواجن و أيضا المزروعات،* في* خطر شديد،* لا تظهر نتائجه إلا في* وقت متأخر*. وبوصول هذه المياه للشاطئ* يصبح المشكل أكبر،* فقد سجلت على مستوى مدينة مرتيل مجموعة من الحالات المرتبطة بواد المحنش،* حيث تبين أن عددا من أطفال المدارس أصيبوا بأمراض جلدية بسبب ذلك،* ناهيك عن أمراض الربو والتنفس والتسمم المزمن،* بل وأحيانا حتى الاضطرابات العصبية،* خاصة بالنسبة للأطفال الذين أمضوا جزءا من طفولتهم* يسبحون بالواد،* وهي* ظاهرة كثيرة،* على ضفاف الواد،* حيث* يسارع أطفال المناطق المحاذية له،* ومنذ أول إشراقة الشمس، للسباحة به،* سواء بتطوان أو مرتيل،* وهو ما* يعرض حياتهم للخطر بكل أنواعه،* فمن* ينجو من الغرق،* لن* ينجو مما* يشربه ويلتصق به من مواد عضوية ومعادن ثقيلة*. محطة التصفية وإعادة تأهيل الواد* : مشروعان قابلان للتحقيق* ووسط هذا الوضع السيء لوضعية واد المحنش بتطوان،* يجري* العمل في* بعض المستويات* من أجل النقص من حدة هذا الأمر،* وإن كانت الإمكانيات والوسائل المتاحة هي* أبعد حاليا عن التحقق في* أقرب وقت ممكن،* ومن ثم فالمبادرة العملية حاليا،* هي* التي* باشرتها شركة* «أمانديس*» صاحبة التدبير المفوض لهذا القطاع،* حيث* يجري* التهييء لإنجاز محطة لتصفية و مد قنوات لجمع المياه العادمة لمدينة تطوان ككل*. المشروع الكبير،* الذي* انطلق الشطر الأول منه،* يتعلق بإنجاز ما* يقارب* 5* كلمترات من القنوات الكبرى،* والتي* تمتد من عين خباز وتنتهي* قبالة المنطقة الصناعية بطريق مرتيل،* وهي* القناة المسماة* «قناة الإلتقاط الحضرية*»،* والمنتظر أن تصل تكلفتها لوحدها قرابة* 5* ملايير من السنتيمات. وحسب معلومة من مصدر مقرب، فالمقاولات الثلاث التي* تنجز المشروع كلها مغربية*. وتعتبر القناة التي تم إنجازها* أحد أهم بنود كناش التحملات،* وأحد مطالب المجتمع المدني* بتطوان،* خاصة المهتم بالبيئة،* حيث سيكون دورها الأساسي* هو جمع المياه العادمة الملوثة،* التي* كانت تلقى بواد المحنش،* عبر جمعها من قنوات مختلفة،* ومن ثم توجه لمحطة المعالجة،* التي* ينتظر أن تبنى خلال الشهور القليلة المقبلة،* بالفضاء المجاور للمنطقة الصناعية،* والتي* ستقوم بتصفية المياه،* وتقليل نسبة التلوث بها قبل قذفها في* البحر*. عملية القذف في* البحر بدورها لن تكون عشوائية،* حيث سيتم مد قناة أخرى لنقل تلك المياه في* اتجاه شاطئ سيدي* عبد السلام،* الموجود بين مرتيل وأزلا،* ليتم إنجاز قناة أخرى تمتد لحدود ثلاثة كلمترات داخل البحر،* حيث ستقذف المياه المتبقية بعد المعالجة،* بمنطقة* يتجاوز عمقها الثلاثين مترا،* كما أن اختيارها،* يقول المصدر،* جاء بناء على دراسة معقدة،* أكدت أنها صالحة لقذف تلك المياه،* لوجود تيارات هوائية دائمة مساعدة،* ستمكن من إدخال المياه المقذوفة،* و بالتالي* ضمان عدم تسربها للشاطئ*. تصل التكلفة الأولية* لهذا المشروع ككل في* حدود* 70* مليون درهم* (7*ملايير سنتم*)،* حيث سيتم جمع مياه مصطاف مرتيل والمضيق،* إضافة للمياه العادمة لتطوان،* عبر قنوات مختلفة،* توصل بالقناة الرئيسية،* حيث* يتوقع معالجة ما لا* يقل عن* 230 * ألف متر مكعب في* اليوم،* وهي* كمية كبيرة جدا،* بالنظر للطريقة التي* تلقى بها عشوائيا بداخل واد المحنش*. وسيتخلص واد المحنش أو واد مرتيل* من كميات هامة من المياه العادمة التي* كانت تلقى به،* وبالتالي* سيصبح من السهل على* أصحاب المشروع الثاني،* وهم جهة طنجة تطوان،* بتعاون مع جهة باكا الفرنسية،* ومجموعة من المصالح المعنية،* إعادة هيكلة واد مرتيل،* وهو المشروع الذي* انطلق الحديث عنه منذ أزيد من ستة سنوات،* وصادق الاتحاد الأوربي* على تخصيص ميزانية لإنجاز الدراسة،* فيما* يتوجب أن ترصد الإمكانيات اللازمة له حتى لا تبقى الدراسة حبرا على ورق*. ويهدف هذا المشروع* إلى إعادة الدور السياحي* والاقتصادي* لهذا الواد،* من خلال جعله الشريان الحي* للمدينة،* ومنتزها لساكنتها وزوارها،* من خلال تهيئة مجراه وتوسيعه،* والقضاء على البناء العشوائي* المجاور لجنباته،* وإقامة المنتزهات،* خاصة إحياء منتزه تمودة والكورنيش،* وعودة الزوارق والمراكب لحوضه،* خاصة ذات الطبيعة السياحية،* والتي* ستمكن من جلب السياح نحو قبلة أخرى،* كما هو الشأن بالنسبة لكبريات المدن الأوربية*. فهل* يتحقق حلم إعادة هيكلة واد المحنش،* أو واد مرتيل،* أم سيبقى كالكابوس الجاثم* على هذه المدينة من رأسها حتى أسفل قدميها،* خاصة أن الزيادة السكانية في* تصاعد مستمر،* واستعمال المواد العضوية السامة والقاتلة بدوره في* تزايد؟ ومع ذلك يبقى الأمل دائما وإن كان التشاؤم سيد الموقف لدى الكثيرين*.
* مصطفى العباسي
الاحدات المغربية
http://www.ahdath.info/article.php3?id_article=29830
التعليقات