انا واصدقائي من عشاق البادية لما لها من جمالية ومن هدوء وسكون..وكنا من قبل قد خرجنا في عدة رحلات اليها الى المناطق القريبة والتي تعتبر من تخوم البادية مثل الاندرين وغيرها..وكنا ننتظر بلهفة اخبار الطقس ونستبشر خيرا حين هطول المطر..بان السنة سنة خير ان شاء الله..وكنا قد خرجنا قبل ثلاث سنوات في رحلة مماثلة ..ولكنها كانت سنة محل..والحمدلله على كل حال ورغم هذافقد سررنا كثيرا بها وبقيت ذكرى جميلة..فالاساس في اي رحلة هو الرفقة..او الرفاق..فهم من ينجحون الرحلة او يفشلونها..وفي الرحلة السابقة نزلنا في سفوح جبال الخشابية..وهي تبعد عن مدينة تدمر حوالي 90 كم شمالا ..وتبعد عن مدينة حماة حوالي 150 كم..شرقا..وعن مدينة ادلب 200 كم باتجاه الجنوب الشرقي وهي منطقة جميلة وحولها عدة سدود تجميعية قامت الدولة بانشائها لتجميع ماء السيول كي تستفيد منه الاغنام في الشرب..
ولحسن الحظ اكثر..ان احد افراد الشلة يعمل بالحليب ومشتقاته..وقد قام بوضع مركزين في تلك المنطقة من اجل جمع الحليب وتصنيعه الى اجبان بالدرجة الاولى..ولذلك هو يسمى //جبان//بتشديد الباء..ومن زيادة التوفيق ان تلك المنطقة بالاخص هي الافضل من ناحية العشب والربيع في عموم البادية السورية في هذه السنة..وهكذا اتكلنا على الله وحزمنا امرنا واتفقنا على يوم الاربعاء الماضي للانطلاق..واتفقنا على العودة يوم الجمعة..وهكذاكان..اخذنا سيارتين سيارة شاحنة لحمل الاغراض واخرى سياحية للركاب..

توكلنا على الله وسرنا..وكان الجو مشمسا مع بعض الغيوم بين الفينة والاخرى..ومررنا بعدة قرى..حتى وصلناالى مدينة/ ابوالظهور/..وهي مدينة صغيرة جدا..وفيها شاهدت هذاالجامع وهذه الماذنة..والتي لفتت نظري بشكل عادي بداية ولكن حين انتبهت الى الصدا ولونه الاحمر البادي عليها فطنت الى انها مصنوعة من الحديد..سبحان الله طريقة سهلة ورخيصة وجميلة بنفس الوقت ..
صورة الجامع وماذنته الحديدية..واسف لتشويه الصورة بسبب الاسلاك الكهربائية الممتدة في كل جانب..
وبعد ابوالظهور بدات طبيعة ولون الارض بالتغير..والحقيقة لم نشاهد مايسرنا في هذه المنطقة..وكنا نظن ان الوضع افضل..واحسسنا بالكآبة..ماذا تجد هذه الاغنام المسكينة في هذه الارض..انما الرزق على الله على كل حال وهو المتكفل برزقها..الصورة..

وهذاالزرع هنا..ضعيف جدا..ولكن الله هو المصور والمتمم..وعلى كل حال هذه المناطق معظمها تزرع بالشعير..فاذا كان الزرع ليس خصبا فيقومون باطعامه للاغنام..ومعظم االي هذه المنطقة من مربي الاغنام..وبذلك تبقى الفائدة موجودة والحمدلله..

ثم بدات طبيعة البادية بالظهور..وكان هناك بعض الاعشاب الخضراء الصغيرة هنا وهناك..وطبعا مازالت الفرصة امامها موجودة لكي تكبر وتنمو اعشاب اخرى جديدة اذا هطل المزيد من الامطار..
بعد خروجنا من قرية الجاكوسية لاحظنا ان لون الارض بدا بالتحسن وان كان قليلا..ولكنه امر يدعوللتفائل..
وايضا لكي لاانسى توضيح حالة الطريق..الحقيقة ان الطريق كله جيد ..او افضل من جيد..ولكن من فترة لاخرى تاتي بعض المطبات..وبعض قطع الطريق الغير ممهدة جيدا..وبعضها يمتد لمسافات طويلة نسبيا..مثل هذاالجزء من الطريق والذي كان ممتازا من سنوات قليلة..ولكنه الان مليئ بالحفر المنتظمة..والتي فسرناها بمرور قافلة من السيارات الثقيلة عليه
واحيانا على الطريق كنا نشاهد بعض الاشجار الرعوية الصغيرة واليابسة..والتي هي من سنوات سابقة مضت..ولكن اعتقد ان الاغنام لاتاكلها ولذلك بقيت سليمة..
والان وصلنا الى منطقة جبال الخشابية

وجبال الخشابية هذه..اعتقد انها جزء مما يسمى سلسلة الجبال التدمرية الشمالية..ويقال ان اسمها الخشابية اتى من انها كانت في القديم مغطاة بغابات من الاشجار المختلفة والتي كان الناس ياتون ليحتتطبوا منها ..وياخذواالاخشاب..ولذلك على مايشاع ان اسمها جاء من الخشب..
اضافة لهذا لها شهرة قديمة بوجود الضباع والذئاب قديما بها..ويقال انه حتى الان يوجد بقايا للذئاب والضباع ولكنها اصبحت نادرة جدا..وقد شاهدت على جوال احد الاصدقاء صورة لذئب مقتول..قام بقتله الناس هناك من فترة قريبة..وايضا سمعت عن اصطياد ضبع هناك من فترة..
وبعد وصولنا الى الفاسدة سالنااحد الرجال فدلنا على مركز صديقنا..وكلمة مركز هنا اتت من انه يقوم بجمع الحليب من المنطقة التي حوله لمسافات قد تكون طويلة وثم ياتي بها الى هنا ليقوم بتصنيعها الى جبن وثم يقوم باخذ الجبن الى المدينة لبيعه..وهذاهو المركز..وتلاحظون خارجه الاوعية الكبيرة لاستيعاب كميات كبيرة من الحليب كما ترون الصفائح /التنك/الذي يعبا به الجبن قبل ترحيله وبيعه في المدينة..وبالنسبة للمركزهو بيت كاي بيت شعر عادي..ولكنه ليس من الشعر بل من القطن على مااعتقد او القنب..ويكون في داخله عدة عمال مع معلمهم ..والمعلم هنا هو الذي يقوم بتصنيع الجبن والعمال يساعدونه..وهو المسؤول الاول والاخير..اما دور صديقي فهو تلبية احتياجاتهم ودفع اثمان الحليب وثم بيع وتصريف الاجبان..

وعلى فكرة طريق تصنيع الجبن هي مازلت نفسها ربما من الاف السنين..صناعة يدوية تماما وبدون اي آلات…وسوف اعرض المزيد من الصور والشرح عن صناعة الجبن البلدي في الحلقة القادمة بعونه تعالى..
الى هنا نكون قد وصلنا الى نهاية حلقتنا المضاعفة هذه..والتي ارجوان تكونوا قد استمتعتم بها..وان اكون قد قدمت بعض الفائدة..
